عاد بي الزمن إلي الوراء.. إلي الزمن الجميل.. زمن العزة والكرامة والأصالة.. استيقظت من نومي في الصباح ذات يوم علي صوت عبدالحليم يجلجل بحماس.. صورة.. صورة.. صورة.. كلنا كده عايزين صورة تحت الرايا المنصورة حنقرب من بعض كمان واللي هيبعد من الميدان عمره ما هيبان في الصورة.. وحين اشتريت مجلة «روزاليوسف» المحببة لدي في هذا الزمن وجدت علي غلافها صورة للشعب المصري بكل طوائفه وأجياله يلتفون حول البطل العظيم جمال عبدالناصر في صورة «هي صورة» عبدالحليم الذي صورها بصوته وكانت أجمل وأبهي الصور.. ولا أدري لماذا تذكرت هذه الصورة أو هذه الأغنية حين دخلت ميدان التحرير يوم الجمعة 8/7 ولكن الصورة كان ينقصها الزعيم.. نحن حقاً نفتقد الزعيم القائد.. ورغم خلو الميدان من رجال الشرطة والجيش تماماً إلا أن الأمن مستتب وكل شئ علي ما يرام والحب والود والحماس والنخوة تملأ المكان ورغم حرارة الجو الشديدة إلا أنها كانت برداً وسلاماً علي أهل مصر الشرفاء النبلاء صانعي أرقي وأروع الثورات.. فيا شباب وشابات مصر.. يا خير من أنجبت النساء الفاضلات.. أغنياء كنتم أم فقراء.. من الزمالك أو من بولاق.. أنتم جميعاً سواسية يجمعكم حب الوطن وتطهيره من السفهاء.. أحبائي الرائعين.. أمطرونا بطولة وعزماً وتصميماً.. علمونا فن التشبث بالأرض والوطن وحمايته من الشيطان الرجيم.. أغسلوا قبحنا وعارنا علي خنوعنا وذلنا وصمتنا.. وجوه شاحبة ومرهقة تحمل كماً هائلاً ومذهلاً من الإصرار والصمود في عيونهم.. صرخة تملأ الكون لن ولم نحيد عن حقنا في الثورة وحي علي الفلاح.. حي علي الفلاح هكذا أصبح وضع ميدان التحرير.. عظمة للمكان والزمان كرنفال للحب والمودة والكرامة والاصرار والصمود وحب الوطن، تعبت من اللف والتجوال في الميدان فجلست أرتاح علي حافة صور بجوار سيدة ترتدي السواد وتبكي بحرقة علي فقيدها الشهيد الذي مات في الميدان.. كنت تمسك صورته.. ولد في عمر الزهور.. مثل القمر.. قالت لي لن أغادر المكان إلا بعد محاكمة المخلوع وحبيب العادلي لأنهم هم السبب المباشر في قتل أبنائنا دون رحمة.. احتضنتها بقوة واختلطت دموعي بدموعها ودعوت لها بالصبر علي فراق شهيدها.. عدت أتجول في الميدان بكل فخر بناسه الطيبة المقهورة التي طفح بها الكيل.. دخلت الخيام لأطمئن علي البنات كيف سينمن آمنات وتأكدت أن المكان يسوده النبل والشهامة والأخوة وأخذت أوصي الشباب بأخواتهم البنات وهم جميعاً يسمعون لي بكل أدب واحترام.. ها هم أبناء مصر القادمة.. وتعجبت من أن البلد كلها بأمان ولم يحدث أي شغب أو غوغاء ولم نر سلاحاً أبيض أو أسود أو أي لون وهذا كله دون شرطة أو جيش أو حتي المنافقين وذيول الحكم السابق من الإعلاميين وغيرهم لم يأتوا لميدان التحرير، فقط يطلون علينا من شاشة التلفاز ملمعين محفلطين ونحن معرفهم جيداً ولهم نصيب في حركة التطهير.. فالمنافقون لهم أسفل الدرك وهم حثالة لابد من القضاء عليها.. ونداء أخير لأهل مصر الشرفاء أحذروا المنافقين الملونين كالحرباء وأنزلوا جميعاً لساحة الميدان ساحة الكرامة والشرف.. وإلي هيبعد من الميدان عمره ما هيبان في الصورة.. صورة ثورة 25 يناير التي تتعرض للسرقة والاغتيال والاجهاض من المنافقين وذيول الحكم السابق والبرجوازية أصحاب المصالح إنهم جميعاً أعداء الوطن.. يا أهل الضمائر اليقظة يا من تسجدون لله صباحاً ومساءً.. يا أهل النخوة والعفة.. يا محبي الوطن.. مصر كانت تدار ككباريه وكان المخلوع راعيه وحبيب العادلي كان الفتوه «وموافي» يعرف «وظيفته» الحقيقية وأحمد عز الطبال ونظيف قائد الأوركسترا «مصر» حزموها كل هؤلاء لترقص لهم عارية ويجمعون النقطة من أهل الخليج وخاصة السعودية ويهربون المال لحساباتهم الخاصة في بنوك أوروبا. فالمخلوع كان مظبط أموره جيداً معها لذلك هي تسانده وتحميه الآن.. من أراد أن يحيا في الكباريه لأنه مستفيد من الفرفشة والنعنشة وطظ في الوطن هو من يساند الحكم السابق ومن يريد أن يتطهر من هذا الإثم يلحق بنا إلي ميدان التحرير فوراً والصمود للنهاية وآسفة علي طولة لساني الذي اتهمني به أحد رؤساء التحرير ذات يوم ولكن يا سيدي النار لا تلفظ إلا لهباً.. يا أمنا لن نحيد عن حقنا أو نبيد فإن سقت شهيداً نادي فتوة للجهادي نريد محكمة ثورة سريعة لمحاكمة الفاسدين. نيرة الطبلاوي