بعد الاصرار الغريب والعجيب، علي اجراء انتخابات مقلة القصر العيني- مجلس الشعب سابقاً- لصاحبها ومديرها الحاج فتحي سرور، عين أعيان السيدة، ومجلس ادلعي يا زكية.. يا البسك قضية - الشوري سابقاً - لصاحبه الحاج صفوت الشريف وولده، قبل صياغة الدستور الجديد، رغم مطالبة الفقهاء الدستوريين والمثقفين والأحزاب بذلك، لم يكن بعض الكتاب والصحفيين يجدون غضاضة في تحرير التهاني والعزاءات وحضور مناسبات يرعاها جهاز مباحث أمن الدولة - كافطار رمضان السنوي بانتظام، بل اتذكر ان منهم من كان يدبج المقالات في ذكر مناقب بعض رجالات هذا الجهاز!، ويكتب المناسب في وداعهم عندما يودعون خدمات الجهاز لتصنعهم الدولة التي سقطت في مناصب المحافظين وإدارات الشركات وجهات الإدارة المحلية، فتكون التهنئة لهؤلاء حارة باعتبارهم قد حلوا في مناصبهم الجديدة المدنية «ليبلوا البلاء الحسن» فيها كما سبق لهم «البلاء» الإجرامي في جهازهم الذي تركوه!. وقد توقعت وانتظرت بعد حل جهاز مباحث أمن الدولة والكشف عن ركام من مخازيه وانشاء «جهاز الامن الوطني» ليحل محل الجهاز المنهار رعاية لمصالح الوطن وليس لرعاية النظام السياسي مهما كان فساده. توقعت أن أقرأ نعياً واحدا في رحيل مباحث أمن الدولة!، لكنني لم أظفر بعبارة واحدة من أي من اصدقائه ومريديه وخدامه طوال انتظاري هذه الشهور التي مرت علي انتصار ثورة الشعب!، عبارة مثل «ذكري الصديق تدوم للأبد» أو «لعل لنا نصيب في أن نري الجهاز يعود مرة أخري» فلم تقع عيني علي أي عبارة ترحم عليه أو سيرة لخدماته «الجليلة» للعباد والبلاد!، بل الذي حدث ولم اتوقعه عكس ذلك تماما!، ولا أظن أن هناك أيا من «أجهزة الدولة وآلياتها القمعية» قد نال كل هذا القدح وتحميله تلالاً من النقائص مثلما نال جهاز أمن الدولة! حتي الراشدين من الكتاب المنصفين - غير المنافقين والمأجورين والمنتفعين بالجهاز الساقط- لم يكن عند أحدهم كلمات مقال واحد ينصف هذا الجهاز بذكر أنه قد خدم البلاد بانقاذه لها في محنة من المحن! وألم يجد أي من هؤلاء كلمة واحدة تعبر عن اقتناعه بأن وجود مباحث أمن الدولة ضروري!، وأن نشاطها في التنكيل بالمواطنين والمظالم التي ارتكبتها عناصره من التعذيب إلي القتل وتلفيق الجرائم للناس وتسويغ اعتقال البعض والاختفاء القسري لآخرين.. كل ذلك لم يكن فيه أي خير - ولو علي سبيل التحوط- حتي تكتب النجاة لآخرين! أو كانت كل هذه النفقات الهائلة علي مباني هذا الجهاز وأفراده سوي وقد دفعها الشعب من ماله وعرقه!، جهاز «عجلان» مثل مباحث أمن الدولة ذهب بلا حسنة واحدة تذكر له بعد الرحيل ولو عملا بما تردده الناس عند رحيل أحد «أذكروا محاسن موتاكم» حتي لو كان هذا الذي ذهب واحدا من عتاة الاشرار، وانما راحت الوقائع تتري وتتوالي عن الذين خسروا أحلي سنوات العمر في غياهب الجهاز الرهيب الذي ستحل ذكري رحيله بعد شهور فلا يذكر بغير اللعنات واستمطار غضب السماء من كل من تعذب بوجود هذا الجهاز ومن اقاموه!، ليذهب الجهاز بكل من فيه إلي الجحيم!، أما الذين كانوا يخطبون رده ويتيهون بانتسابهم إليه من نخبة وغير نخبة، فهم الآن يترقبون لحظة «زواج متعة» يعقده عليهم جهاز جديد!.