ولدت على باخرة، بعد خلاف والدها مع السلطات التركية، لتلتقي عند مولدها برائحة اليود، ونسيم البحر، على متن إحدى سفن الشحن اليونانية في مثل هذا اليوم عام 1917ينتقل أهلها إلى بيروت، ومنها إلى سوريا، فحياة اسمهان لم تعرف الهدوء، كان الترحال سيد الموقف حتى برغم مجيئها إلى مصر واحترافها للتمثيل. لم تكن عائلة " اسمهان " عائلة عادية، فبكونها أميرة درزية، لعبت أسرتها دورًا بارزًا في التاريخ لمقاومة الاحتلال الفرنسي، والذي كان على رأسهم السلطان "الأطرش" قائد الثورة السورية، أما والدتها فكانت فيها ما حملته ابنتها "الصوت الجميل" وبمكوث العائلة في مصر في حي الفجالة، لم تكن الحياة مستقرة كما كانت سابقًا خاصة بعد وفاة والدهم، ليكون مصدر رزق والدتهم الأميرة علياء الغناء في الأفراح لإعالة ولديها. يشق " فريد " طريقه نحو السينما والغناء، وتلحق به اسمهان أو "آمال" كاسمها الحقيقي قبل أن تلقب ب "اسمهان" كاسم فني سيرتبط بها حتى الوفاة، وحكاية هذا الاسم أن فريد أخيها كان يستقبل في المنزل الملحن "داود حسني " أحد كبار الموسيقيين في مصر، فسمع آمال تغني في غرفتها ليطلب إحضارها وسألها أن تغني، فغنت آمال، ولما انتهت قال لها "كنت أتعهد تدريب فتاة تشبهك جمالاً وصوتاً توفيت قبل أن تشتهر لذلك أحب أن أدعوك باسمها أسمهان" وهكذا أصبح اسم آمال الفني أسمهان. لتشارك اسمهان بعينيها الجميلتين ووجهها الرائق، وتغني فيظهر معها أن ذلك الصوت ليس دخيلًا على هذا المجال، ولكن تأتي الحياة بما لا تشتهي الأنفس، فالأميرة يجب أن تترك ذلك المجال، حين يأتي الأمير "حسن الأطرش" ليمنعها من العمل الفني، ويقع في غرامها، لتتزوج منه دون رغبة، وسرعان ما تنجب ابنتها الأولى "كاميليا" ولكن "أسمهان" لا تكمل زواجها، فتعود لمصر، لتشق طريقها الفني، فتمثل في فيلم "انتصار الشباب" و تتزوج بعده بأحمد بدرخان، ولكنه ينتهي كما سابقه. تمثل أيضًا "غرام وانتقام" والذين لم تمثل سواهم، ولكنها تغني عدد من الأغاني الخالدة بصوت ملائكي، قيل أنه الوحيد بين عصرهم الذي كان أشبه رغم رقته بصوت "أم كلثوم" القوي، تغني "إمتى هتعرف، و ليالي الأنس و يا حبيبي تعالى إلحقني ويا طيور والتي أصبحت من أهم مئة أغنية عربية" وقد لحن أغانيها عدة ملحنين كبار مثل "محمد عبد الوهاب، ورياض السنباطي، ومحمد القصبجي، وشقيقها فريد الأطرش وداود حسني. كذلك كتب أغانيها شعراء كبار مثل: أحمد رامي، ويوسف بدروس، والأخطل الصغير، ومأمون الشناوي، وبديع خيري، وبيرم التونسي. بسبب ما قيل حن حياة البذخ الذي كانت تعيشها، قال صديقها المقرب الصحفي المصري الراحل محمد التابعي عنها إنها كانت مدمنة على الشرب، حيث كانت تقول إنها لا تحب أن ترى الكأس مليئاً أو فارغاً، بالإضافة لتدخينها بشراهة. الفتاة التي كانت تبكي مع كل يوم ميلاد لها، ربما كانت تعرف أنها لن تعيش طويلًا لتموت وهي تبلغ 31 عامًا، في حادثة سيارة بعد أن كانت متوجه إلى راس البر، لتنحرف السيارة وتقع في ترعة الساحل، لتلفظ هي وصديقتها أنفاسهما الأخيرة، وينجو السائق، دون أن يعرف أحد مكانه حيث يختفي، ويختفي معها اللغز الأكبر في كيفية موتها، الغريب أن أسمهان كلما مرت أمام هذا المكان أعلنت قلقها حيث أخبرت الصحافي "محمد التابعي" رئيس تحرير "مجلة آخر ساعة" والذي كان يرافقها حيث تقول له: "كلما سمعت مثل هذه الدقات تخيلت أنها دفوف جنازة". أصابع الاتهام ذهبت سريعًا إلى المخابرات البريطانية، حيث يحكى أن لأسمهان علاقتها بالمخابرات البريطانية، وأنها كنات السبب في عودتها لزوجها الأمير "حسن" مرة أخرى، ، إذ أقنعت عشائر الدروز من خلال الأمير حسن الأطرش بالانضمام إلى الحلفاء، ولأنها تعودت على حياة البذخ فقد كانت تلك هي الحياة المناسبة لها، ولكن بعد خلاف آخر من زوجها انتهى كل هذا، ويقال أن توقفها بسبب رفضها للمهام التي طلبت منها حيث وجدت نفسها ستدخل سلسلة مطالب لن تنتهي. الاتهامات تعددت حيث تم اتهام "أم كلثوم" بأنها من قتلتها لتتخلص من منافستها، وهناك من أتهم الملكة نازلي، حيث قيل أن اسمهان كانت على علاقة بحبيبها "أحمد حسنين" رئيس الديوان الملكي، بل ذهبت الاتهامات إلى أخيها فريد نفسه، وبعيدًا عن التكهنات فيبقى أن الفناة الصغيرة لم تعش الحياة التي تمنتها، وتبقى حياتها القصيرة مثالًا على القصة التي برغم صعود نجم بطلها إلا أن النهاية لم تكن يومًا ما أراده.