· مجموعة مسلحة بقيادة سمسار تستولي علي الشقق المغلقة في عمارات صقر قريش "في عز الضهر"والأمن يرفض ضبط الجناة · انتشار الخوف والجوع والتسيب الأمني يخلق مناخا آمنا لتحصين الفاسدين وظهور العصابات المنظمة · القضاة تحولوا إلي أهداف منتظمة ومكشوفة للانتقام والعنف في قاعات المحاكم وبعضهم يؤكد: لا يوجد معنا عسكري واحد لحمايتنا المرتعشون لا يقوون علي تبديد الخوف..والمترددون لا ينجحون أبدا في كفاية من يعولون ذل الحاجة للأمن ولقمة العيش..وحكومة عصام شرف لم تعد تليق بمصر بعد تأكد سقوطها في الخوف والتردد معا. لم يعد مقبولا من حكومة أقسمت يمين ولائها في ميدان التحرير بين ثوار مصر الأحرار..أن تجلس في مكاتب مكيفة الهواء لتمضغ التصريحات وتبصقها في وجوهنا كل طلعة شمس..بينما تتضور مصر جوعا وخوفا في هذا الحر الذي لا يرحم. لم يعد لائقا بشعب الثورة أن يبلع غيظه من فشل حكومة شرف ويصمت للأبد..فقط لأنه صاحب قرار اختيارها..فقد تجاوزنا هذه العقدة البالية.."انتم اخترتم وتتحملون نتيجة اختياركم للنهاية".. فالديمقراطية لا تعني هذا الهراء..الديمقراطية التي رفعنا شعارها في ميدان التحرير تقول"نحن اخترناك ونتحمل مسئولية الاختيار حتي تنتهي مهمتك أو تقال بذريعة الفشل". حكومة شرف بجناحيها الأمني والاقتصادي تعاني فشلا وتعثرا لا أقل من ذريع.. ولا اكثر من ضروري لإزاحتها عن المشهد السياسي فورا.. فلا يعقل أن تدرك حكومة ثورة حقيقة أن فلول النظام السابق ومراكز القوي به تسعي لجر البلاد لفوضي بنشر الخوف والجوع والغلاء وشح الأقوات والفتنة، وتحدثنا ليل نهار عن الثورة المضادة، بل وتحذرنا من مخططاتها بينما لا تحذرها هي ، ويجلس وزراؤها هانئي البال علي ما رزقهم الله من كراسي بعد طول انتظار وكأن حال مصر لم ولن يتغير. ولنأخذ جانب الأمن مثلا..حيث ترك وزير الداخلية منصور العيسوي" الضعيف باقتدار"المجال واسعا لمن يريد العبث بأمن البلاد،دون أن يدرك أن حادث بلطجة مهما صغر علي الطريق الدائري هو ضربة موجهة لأمن مصر القومي في هذه الظروف، وسرقة في وضح النهار لمواردها، بما له من تأثير قاتل علي السياحة والاستثمار المحلي والعالمي وصورة مصر في العالم..وليس اعتداء جنائيا علي المارة. فارق الإحساس بخطورة هذه اللحظة من عمر مصر عقل المسئول الأول عن أمنها، وعقل من جاء به وزيرا..فكان طبيعيا ان يزداد الانفلات الأمني، و"يطمع الذي في قلبه مرض" من هنا وهناك..ليجد الفاسدون ملجأ ومتكأ في هذه الفوضي لتحصين فسادهم..وهذا بالضبط ما يجري الآن في جمعية صقر قريش علي سبيل المثال. والجمعية غنية عن التعريف بما تعرضت له من نهب وإهدار للمال العام لسنوات طويلة في عهد النظام السابق وخاصة وزير الإسكان المحال للجنايات ابراهيم سليمان.. إلأ ان حالة الفلتان الأمني جددت أطماع الفاسدين بها..حيث وقعت بالأمس القريب حادثة لافتة في واحدة من الوحدات السكنية بعمارات صقر قريش..شقة مغلقة بعد وفاة صاحبها وغياب الورثة في العمارة 187 يتم اقتحامها في عز الظهر من قبل أحد السماسرة ويدعي «علي» بمساعدة ثمانية من البلطجية والمسجلين أمام أعين السكان والمارة، بدعوي ان الشقة مملوكة لهذا السمسار.. وعندما سأله السكان عن سند الملكية قال "اللي عنده عقد تاني يطلعه" في وقاحة يحسد عليها..ثم اغلق الشقة ومضي، قبل أن تحضر مروة رشدي محمد ابنة صاحب الشقة الأصلي وتعمل طبيبة لتجد شقتهم بما فيها من أثاث قد فتح علي يد هؤلاء البلطجية.. الغريب والمستفز أنها كمواطنة متعلمة ووحيدة راحت تستغيث بالشرطة لتحرر بلاغا يثبت ملكيتها وإقامتها السابقة بالشقة لتفاجأ برفض النقطة تحرير المحضر وإحالتها لقسم البساتين الذي رفض بدوره تحرير المحضر، مدعيا ان هذه البلاغات من سلطة الشرطة العسكرية التي سارعت مروة لإبلاغها لكنها لم تحضر حتي هذه اللحظة. ليعاود السمسار وعصابته بعد علمه بهذه التحركات بالعودة للشقة واستيطانها بأحد أعوانه مهددا باستعمال القوة ضد من يفتح فمه من السكان.. واللافت أن هذه العملية تكررت في وحدات أخري من عمارات المنطقة بعد وضع المهاجمين أيديهم علي معلومات خاصة بالشقق المغلقة والتي سافر أصحابها من بعض أصحاب الورش الكائنة أسفل العمارات. وهي عملية نهب جديدة لوحدات صقر قريش في حماية الشرطة والجيش هذه المرة. بينما تفرغ القائمون علي الاتحاد التعاوني الإسكاني لتوزيع العطايا والمكافآت السنوية دون أدني اهتمام بتأمين الوحدات التابعة لها من عبث اللصوص بما لديهم من إمكانات وموارد. وقد فشل كل رجال الاتحاد ونجح ثلاث رجال في الوقوف بجانب هذه الأسرة وحمايتها تحية لهم وهم: المهندس حسن راشد، الحاج أحمد إمام حنفي والأستاذ ابراهيم عبدالمجيد. كل ما يشغل تفكير المسيري ورجاله الآن هو توزيع الفائض علي مجلس إدارة الاتحاد واهدار الأموال في تحكيمات وهمية أو التبرع لشراء أتوبيس للعاملين بجهاز رقابي مهم. وهو ما سنكتب عنه بالتفصيل بعد ذلك. سيناريوهات متقاربة في الزمن متلاحقة في المكان.. متشابهة لحد كبير في الهدف: ألا وهو نشر الفوضي والفزع وإسقاط مصر للأبد.. من حوادث سرقة سيارات "كيا" الجماعية التي تشي بوضوح بوجود عصابة منظمة خلفها فشل العيسوي وجهازه الأمني في القبض عليها أو وقف السرقات.. إلي البلطجة غير المسبوقة في الجامعات من جامعة القاهرة إلي عين شمس ، بل والمستشفيات كما حدث في قلب مستشفي المطرية. حالة الفوضي والعبث الأمني ولامبالاة الضباط التي يعاني منها المصريون حاليا، في الوقت الذي تفرغ فيه العيسوي لمكافحة رجال العادلي داخل الوزارة لتثبيت منصبه، امتدت لتغطي كل المرافق الحيوية في مصر ولا أهم فيها من القضاء. فأعمال الشغب والبطجة طالت أروقة المحاكم التي تحولت لساحات للمعارك بالأسلحة البيضاء والرصاص في أماكن متفرقة وسط غياب صارخ لأجهزة الأمن. واقع مؤسف تجسد في مصر الجديدة والاسماعيلية والمحلة الكبري وغيرها وحالة فوضي عارمة وضعت القضاة تحت تأثير الخوف من إصدار أحكامهم في القضايا التي ينظرون فيها. وأذكر ما حدث داخل محكمة المحلة الكبري عندما نطق القاضي حكمه علي أحد المتهمين بالحبس عشر سنوات فتدخل أقارب المتهم وحطموا القفص الحديدي وأخرجوه وقاموا بتهريبه خارج المحكمة ورجال الأمن غائبون أو عاجزون. تراخي أمني شديد داخل قاعات المحاكم يجعل القضاة يفكرون كثيرا قبل إصدار الأحكام حسب وصف المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة الذي صرح للصحف بأن الوضع السائد داخل المحاكم خطير وينذر بكارثة محققة ويترك آثارا غائرة في جسد العدالة والمجتمع علي حد سواء حيث إن غياب الأمن علي هذا النحو الصارخ يعطل تطبيق العدالة ويعرض القضاة لمخاطر محدقة ويضعهم تحت ضغط نفسي وعصبي في أثناء نظر القضايا ومباشرة مهام عملهم وتطبيق القانون كما لم تعد هناك خطط أمنية توفر قدرا كبيرا من الأمان الذي يشعر القاضي بأن حياته ليست في خطر اذا ما أصدر حكما في قضية منظورة أمامه. ما نراه الآن في المحاكم من غياب صارخ لعملية التأمين يزرع الخوف في قلب هيئة المحكمة ويجعلها تتردد في إصدار أحكامها الرادعة الأخطر في هذه الفوضي التي طالت المحاكم تحديدا انها تبدو كرسالة مضادة لمن يحثون الحكومة علي المضي في محاكمة رموز النظام السابق وعلي رأسهم مبارك..فيما يبدو عملية عرقلة منظمة لتطبيق العدالة علي الفاسدين من هؤلاء.. وعلي حد قول الزند هناك محاكم لا يوجد بها مجرد عسكري واحد داخل القاعة يعين القاضي علي ضبط ايقاع الجلسة ما يترتب عليه حالة انفلات أمني وارتكاب سلوكيات عدوانية أو إجرامية من قبل أهالي وأقارب المتهمين تصدر بحق المحكمة والعصابات المنظمة. أليست هذه التعديات المقصودة علي القضاة والمحاكم من اكثر أهداف الثورة المضادة التي اعترف بها العيسوي وشرف وضوحا، ما يدفع قاضيا بقدر المستشار عزت عجوة رئيس محكمة أمن الدولة والجنايات ورئيس نادي قضاة إسكندرية للقول إنه علي يقين بأن هناك مشكلة حقيقية تواجه ضبط سير العدالة داخل المحاكم واحساس القضاة بأن حياتهم غير آمنة وفي خطر أثناء نظر القضايا وأن المشهد الذي نراه الآن داخل قاعات المحاكم لا يبعث علي التفاؤل ويضع القضاة تحت تأثير نفسي وعصبي شديد نتيجة افتقاد قاعات المحاكم للتأمين اللازم الذي يعينهم علي إصدار الأحكام في القضايا المنظورة أمامهم. فأعمال البلطجة والإرهاب، وغيرها من الممارسات غير القانونية التي تشيع في ظل غياب رجال الأمن وقدرتهم علي تحقيق الانضباط. كما يدفع رجلا كالمستشار عبدالمنعم السحيمي رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس نادي قضاة طنطا للتأكيد بأن استمرار الفراغ الأمني داخل قاعات المحاكم لا يمتد أثره فقط إلي القاضي وينعكس علي إصداره للأحكام وفق القانون، لكن خطره يمتد الي المجتمع ككل فعندما يجد المجتمع هذا الواقع المؤلم داخل قاعات الحاكم سيتسرب الي الناس الاحساس بأن هناك خطرا حقيقيا بات يهدد تطبيق العدالة، والعدالة هي الحصن المنيع الذي يحمي المجتمع من براثن الجريمة والانحراف. بينما يصور المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة الوضع في المحاكم بأنه الأخطر في مسيرة الحياة القضائية كون مرفق العدالة بات شبه معطل، قائلا: ما آل إليه الأمن داخل قاعات المحاكم يجعل من المستحيل استمرار القضاة في مباشرة أعمالهم،بعد شيوع ظواهر البلطجة والاضرابات وعدم تمكين القضاة من ممارسة أعمالهم، بل وفي بعض الأحيان خضوعهم للتهديد والوعيد في حالة إصدار أحكام الإدانة، قائلا: نحن أمام فترة عصيبة علينا تجاوزها دون تعرض ميزان العدل للخطر وإهدار قيمته، وهذا لن يتحقق دون توفير مظلة آمنة للمحاكم عبر خطة تأمين كافية تعين القاضي علي إصدار أحكامه في القضايا المنظورة أمامه إذ لابد من إعادة الشرطة لعملها علي صورة جادة والا فلن يستطيع القاضي إصدار حكمه في القضايا خوفا علي حياته. هنا تزداد قيمة الدعوة لحماية العدالة برجال امن جادين غير مرتعشين ، فإذا تركنا كل الأشياء في المجتمع ورفعنا عنها الحماية فإن الواقع يحتم استمرارها الي جانب رجال القضاء فتلك منطقة خطرة، والتعامل معها لابد أن يكون بمنتهي القوة والحسم..كما يزداد الاحتياج لضرورة الاسراع بإنشاء شرطة متخصصة للقضاة كمطلب حيوي لحماية مرفق العدالة ومعاونته علي القيام بدوره علي نحو أكمل حتي نضمن عدم امتداد يد الارهاب والفوضي الي مرفق من أهم وأخطر المؤسسات في المجتمع. وينحاز المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة، الي الآراء التي تنادي بتعليق الجلسات في المحاكم لحين استقرار الأوضاع الأمنية داخلها وايجاد رؤية واضحة لتأمين قاعات المحاكم، قائلا : اذا استمرت الأوضاع الأمنية علي النحو السائد فلن تستطيع المحاكم القيام بدورها في تطبيق القانون ولن نترك حياة القضاة عرضة للخطر أو الاهانة علي أيدي البلطجية، ولن نتردد لحظة في اتخاذ قرار التعليق للجلسات، خاصة في القضايا الجنائية. وقد تبلورت فكرة تعليق الجلسات وفق رؤية جماعية ولن نتراجع عنها طالما بقيت الأوضاع الأمنية داخل المحاكم علي تلك الوتيرة التي تعكس غيابا شبه كامل لتأمين انعقاد الجلسات. ورغم ذلك لا يوجد إجماع من القضاة علي تعليق الجلسات حرصا علي الصالح العام، لما ينطوي عليه من قدر كبير من المخاطر وإشاعة الفوضي..المسألة تحتاج الي تدابير واجراءات جادة بشأن التأمين المحاكم والقضاة بعد دراسة وافية واتخاذه لا يتحقق إلا اذا فشلت الجهود في تحقيق مطالب الأمان. هل يمكننا توقع أسوأ من ذلك في مصر نتيجة تراخي اجهزة الأمن رغم الصلاحيات التي منحها لها المجلس العسكري في التعامل مع البلطجة..إغلاق المحاكم..! اكثر ما يزعج في هذه الحال هو حال حكومة عصام شرف التي أنجزت مصالحة فلسطينية بين فصائل متحاربة منذ ست سنوات في أيام قليلة بمنتهي البساطة والدأب..بينما تفشل في تطبيق أفكار بسيطة جدا لإنجاز الأمن في شوارع مصر،يرددها الجميع علي أسماعها ليل نهار. من هذه الأفكار ضرورة فتح باب التقدم بكلية الشرطة لأفواج من طلاب الكليات الأخري لسرعة سد العجز في عدد الأفراد الذي شكي منه العيسوي نفسه اكثر من مرة دون ان يفعل شيئا..وكأنه يتردد بينه وبين نفسه في كسر نظام انتقاء المتقدمين والامتيازات الممنوحة لأبناء الضباط وطبقات الحكم. الخبير الأمني اللواء فؤاد علام قال لي إنه لا يري في مصر نقصا في أعداد أفراد الشرطة، بل في مستواهم، فهو يري أن جهاز الشرطة لدينا من أكبر الأجهزة في دول العالم، فلدينا 115 ألف فرد بقوات الأمن المركزي، و250 ألفا قوات أمن نظامية وهو عدد ضخم ، ويضيف: لكن نحتاج لتحسين المستوي أسوة بما فعلناه قبل حرب أكتوبر حيث استعانت القوات المسلحة بحملة المؤهلات، وهو نفسه ما يحتاجه جهاز الأمن في مصر حتي نوفر النفقات الباهظة التي تصل لألف جنيه شهريا تكلفة إعاشة وتنقلات جندي الأمن المركزي الذي يجهل "الألف من كوز الدرة"..فضلا عن ضرورة استخدام الأجهزة الدقيقة والإلكترونية في أعمال المراقبة والرصد وتوفير طاقة الضباط وأفراد الشرطة، مقترحا عودة عسكري الدرك لأهميته القصوي في ضبط الأمن بكل شارع في مصر. ولا أدري..هل يعجز وزير الداخلية عن ضخ جنود الأمن المركزي في دوريات بالشوارع لإشاعة حالة من الشعور بالأمن والاستقرار ام أن وجودهم مرهون دائما بمطاردة المتظاهرين وتأمين مراكز الحكم. وأضيف لتلك الفكرة ضرورة ان يتولي وزارة الداخلية أحد قادة القوات المسلحة، وليس هذا مستغربا، فكما نستعين بقادة سابقين كوزراء ومحافظين ومسئولين في أعمال مدنية كثيرة، فلماذا لا نستعين في هذه اللحظة