جامعة القناة تنفذ حملة توعوية حول التأمين الصحي الشامل ومخاطر المخدرات (صور)    بالأسماء.. حركة محلية جديدة تتضمن 12 قيادة في 10 محافظات    موعد التصويت في جولة الإعادة بانتخابات الشيوخ    انخفاض سعر الريال السعودي في 5 بنوك خلال تعاملات اليوم    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    مبادرة تخفيض الأسعار بدأت بعد إعلان رئيس الوزراء والجيزة تتوسع في أسواق اليوم الواحد    قانون الإيجار القديم قيد التنفيذ.. المطلقات والمعيلات أولوية في وحدات بديلة    استشهاد 8 فلسطينيين بقصف إسرائيلي استهدف غزة    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    خائفة من محمد صلاح.. صحفي إسرائيلي يهاجم "يويفا" بسبب أطفال غزة    الطلائع يواجه المصري بالدوري الممتاز    50 طالبا بالفصل في المدراس الحكومية للعام الجديد وتفتيش مستمر    ذروة الموجة الحارة اليوم| الحرارة تصل ل49.. وتحذير و3 نصائح من الأرصاد    تعرف على إيرادات فيلم "درويش" في أول أيام عرضه بالسينمات    «دوري المكتبات» يواصل فعالياته في ثقافة القليوبية    الصحة تشيد بتقرير وكالة "فيتش" عن إنجازات مصر في صناعة الأدوية والتقدم الملحوظ بالمؤشرات الصحية    سموتريتش يعطى الضوء الأخضر لبناء 3400 وحدة استيطانية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للموظفين وجدول الحد الأدنى للأجور    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد هبوطه لأدنى مستوى في 21 يومًا عالميًا    تفاصيل القبض على «أم ملك وأحمد» صانعة المحتوى    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    بسبب انتشار حرائق اليونان.. اشتعال مئات المركبات    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    أروى جودة تطلب الدعاء لابن شقيقتها بعد تعرضه لحادث سير خطير    موعد مباراة بيراميدز والإسماعيلي اليوم والقنوات الناقلة في الدوري المصري    بعد إحالة بدرية طلبة للتحقيق.. ماجدة موريس تطالب بلجنة قانونية داخل «المهن التمثيلية» لضبط الفن المصري    أزمة نفسية تدفع فتاة لإنهاء حياتها بحبة الغلة في العياط    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    «زيزو اللي بدأ.. وجمهور الزمالك مخرجش عن النص».. تعليق ناري من جمال عبد الحميد على الهتافات ضد نجم الأهلي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    "سيدير مباراة فاركو".. أرقام الأهلي في حضور الصافرة التحكيمية لمحمد معروف    كواليس تواصل جهاز منتخب مصر الفني مع إمام عاشور    بالقليوبية| سقوط المعلمة «صباح» في فخ «الآيس»    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    انطلاق بطولتي العالم للشباب والعربية الأولى للخماسي الحديث من الإسكندرية    نتنياهو: يمكننا قصف غزة كما قصف الحلفاء درسدن الألمانية بالحرب العالمية الثانية    تفاصيل استقبال وكيل صحة الدقهلية لأعضاء وحدة الحد من القيصريات    محافظ قنا ووزير البترول يبحثان فرص الاستثمار التعديني بالمحافظة    سعد لمجرد يحيي حفلًا ضخمًا في عمان بعد غياب 10 سنوات    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    تحديد هوية المتهمين بمضايقة فتاة على طريق الواحات.. ومأمورية خاصة لضبطهم (تفاصيل)    شيخ الأزهر يدعو لوضع استراتيجية تعليمية لرفع وعي الشعوب بالقضية الفلسطينية    انتهاء تصوير «السادة الأفاضل» تمهيدًا لطرحه في دور العرض    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ياسين السقا يكشف تفاصيل مكالمة محمد صلاح: "كنت فاكر حد بيهزر"    الرياضية: بسبب أمم إفريقيا.. أهلي جدة يسعى لضم حارس سعودي    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا لتباطؤ يوحي بالتواطؤ.. لا لاستفتاء المشير طنطاوي
عبدالحليم قنديل يكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 13 - 03 - 2011

· إجراء استفتاء علي تعديل دستور مبارك.. ليس ترقيعا لايصح فحسب.. وليس احتيالا علي معني الثورة فقط.. بل إنه كإجراء استفتاء علي إعادة مبارك للرئاسة بشحمه ولحمه.. أو بشحم ولحم شخص آخر
· نعم.. ثقتنا عظيمة بالجيش المصري.. لكن ثقتنا أعظم بالشعب المصري.. ففي مصر مواريث غضب تكفي لصنع ألف ثورة.. وثقتنا بالجيش المصري شيء.. وآراؤنا في دور «المجلس العسكري» شيء آخر
تصوير: محمد أسد
قبل ستين سنة تقريبا، كانت ثورة الضباط الأحرار، والتي بدأت بانقلاب عسكري، ثم تحولت إلي ثورة، ونخشي أن تنقلب الآية الآن، وأن تتحول الثورة إلي انقلاب، أو إلي تعديل في موازين السلطة ذاتها، فقد أطاحت ريح الثورة برأس النظام وعائلته الفاسدة، وأطاحت بجماعة البيزنس ومليارديرات المال الحرام، وأطاحات بالبيروقراطية السياسية، وأطاحت بجنرالات الأمن الداخلي، ووقفت عند حدود الجيش، والذي بدا في حالة تصالح مع ثورة الناس الأحرار، تباطأ قليلا لأيام، وفي لحظة الحسم، قرر عصيان أوامر مبارك بإطلاق النار علي المتظاهرين بالملايين، وقرر تنحية الديكتاتور، كان اختيار الجيش جبريا، ومحكوما بتقاليد التاريخ المصري الحديث، فلم يدخل الجيش في معركة أبدا مع الشعب المصري، وكان دائما في حال من حالين: إما أن يشعل الثورات علي طريقة أحمد عرابي وجمال عبدالناصر، أوأن يساند الثورات، وعلي طريقة ما جري في دراما الساعات الأخيرة لرئاسة مبارك.
بدت المساندة ظاهرة في الأيام الأولي لنجاح الثورة، وبدا تعهد الجيش حاسما، وبدا الانتصار لشرعية الثورة ملحوظا في بيانات «المجلس العسكري»، والذي تحول إلي سلطة واقع بتداعي الظروف، فقد كانت الثورة هائلة، حركة المائة ألف في 25 يناير كانت علامة النهاية، كشفت الغطاء عن آبار غضب جوفي عميق، وراحت الملايين تنزح من آبار بلا قرار، وصنعت ثورة عظمي، وبمشاهد إلهام مليوني أسطوري، لكن الثورة بدت غريزية تلقائية إلي أبعد حد، وبلا قيادة مطابقة، وهو ما استدعي دورا لوسيط «المجلس العسكري»، وهو ليس قيادة ثورة بطبائع الأمور، ولا هو صانعها، ولا هو الأصل، ولا الأصيل في مجرياتها، بل بدا في وضع «الوكيل» عن «الأصيل» الذي هو الشعب، حمل الأمانة، وصنع ما يشبه «المنطقة العازلة»، بين قوة الثورة التلقائية وأنصارها من جهة،وبين ما تبقي من النظام القديم علي الجهة الأخري، تحكم حركته قوانين الفيزياء، تزيحه قوة الثورة فيندفع للأمام، وتسكت عنه فيتلكأ في المكان،وبصورة تكاد تضيع معها أهداف الثورة نفسها، وتبهت الملامح، وتختلط الصور.
نعم، ثقتنا عظيمة بالجيش المصري، لكن ثقتنا أعظم بالشعب المصري، ففي مصر مواريث غضب تكفي لصنع ألف ثورة، وثقتنا بالجيش المصري شيء، وآراؤنا في دور «المجلس العسكري» شيء آخر، فقد تصدي «المجلس العسكري» لدور سياسي، ومما يصح فيه النقد إلي حد النقض، كلف المجلس العسكري نفسه بدور الوكيل، ومن حق الأصيل- الذي هو الشعب- أن يراقب تصرفات الوكيل، وفيما نلحظه إلي الآن، ثمة تباطؤ - في أدوار الوكالة- قد يوحي بالتواطؤ.
فالثورة هي الثورة، الثورة تعني كنس نظام قديم وإقامة نظام جديد، وقد مضت أسابيع حتي تاريخه، ودون أن ينتهي النظام القديم، ودون أن تزهق روحه، بل مع بقاء الرأس معلقة، ودون أن تقطع الرقبة، فلم يحاكم مبارك وعائلته إلي الآن، علي جرائم الخيانة العظمي، وسرقة ثروة الشعب المصري، وحتي بعد إعلان بدء التحقيق، جري التعليق إلي إشعار آخر، وكأن الرئيس المخلوع له واسطة، أو كأنه صاحب خواطر عند جنرالات المجلس العسكري، وهو سلوك لايليق، ولانريد أن نقول أكثر، فقط نقول افعلوها الآن وفورا، فالتأخير أو التلكؤ مما يستدعي وضعا أسوأ، نخشي أن يأخذ من حساب الثقة بالمجلس العسكري، ويضيف لضيق تطفح به النفوس.
نعم، أيها المشير محمد حسين طنطاوي، نعم ياجنرالات المجلس العسكري افعلوها الآن، وحاكموا الديكتاتور القاتل السارق الخائن، والإجراءات معروفة، إخراجه من مخبئه في شرم الشيخ، وفرض «الإقامة الجبرية» عليه في القاهرة، وبدء التحقيق، والحبس الاحتياطي، والمحاكمة العلنية المفتوحة للجمهور، ورد كل مليم سرقه، أوسرقته زوجته «شجرة الضر»، أو سرقه ولداه علاء وجمال مع الزوجات والأصهار، فقد قال مبارك إنه يريد أن يموت في مصر، والشعب يريد له الإعدام في مصر.
محاكمة مبارك وتصفية جيب شرم الشيخ مهمة عاجلة، ولاتحتمل التأخير، فقد أدي التلكؤ إلي تضييع مليارات الدولارات، هربها الديكتاتور المخلوع إلي دولتي الإمارات والسعودية بالذات، وهرب مليارديره المفضل حسين سالم، والذي يدير محفظة ثروات العائلة، وتأخير محاكمة مبارك مما لايصح قبوله، فهو تواطؤ صريح في المحصلة، وأيا ما كانت الأسباب الخافية الظاهرة.
محاكمة مبارك- والآن - تعني إعلان نهاية نظامه، محاكمة مبارك- والآن- تسهل عملية كنس النظام، وإعادة مقرات حزب الرئيس المخلوع للدولة، وحل المجالس المحلية المزورة، وتفكيك جهاز أمن الدولة، وهو «الحزب السري» للثورة المضادة، وكأخطبوط بألف ذراع، فهو الذي يشعل الحرائق،ويثير الفتن، وينشر الفوضي، ويستفيد من خيانة «التفريغ الأمني»، والتي أمر بها مبارك ووزير داخليته، ولاتزال سارية، ويتباطأ- المجلس العسكري- إلي الآن- في إزالة آثارها المدمرة، ويتسامح مع بلطجة ضباط الشرطة، وإضرابهم المتصل عن العمل بغير مقتضي وظيفي، بينما الحل بسيط، وفي يد المجلس العسكري، والذي بوسعه إعطاء مهلة يوم واحد لعودتهم إلي العمل، وفي حال الامتناع، يجري طرد الممتنعين من الخدمة، وإحالة ذوي الجرائم إلي محاكمات عسكرية عاجلة.
نعم، كنس النظام القديم ممكن، وبجرة قلم علي مرسوم للمجلس العسكري، بدءا بمحاكمة الرئيس المخلوع، لكنه التباطؤ الذي يوحي بالتواطؤ، والذي نلحظه أيضا في سيناريو التقدم لنظام جديد، والخطوات معروفة في تجارب الدنيا كلها، ولاتحتاج لإعادة اختراع العجلة، فعام واحد يكفي، وعلي طريق مرسوم، يبدأ بإعلان دستوري يضمن الحقوق والحريات العامة، ثم إطلاق الحريات العامة خاصة حرية تكوين الأحزاب، ثم اختيار جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب مباشرة، تصوغ وتقر دستورا جديدا لمصر، ثم تأتي الخطوة الرابعة، وتجري انتخابات برلمانية بالقوائم النسبية غير المشروطة، ثم خطوة خامسة في الختام، وهي انتخاب الرئيس.
الخطوات مفهومة، وتمضي إلي مطار الإقلاع عبر طريق الأوتوستراد المباشر، لكن المجلس العسكري يفضل الطريق الدائري، ويضيع الوقت، ويستنزف الجهد العام، ويطيل مرحلة الانتقال إلي مرحلتين، مرحلة ترقيع وتعديل، ثم مرحلة تغيير للدستور، مع أن الثورة، وبأبسط معاني الشرعية، أسقطت النظام برأسه ودستوره ومؤسساته جميعا، ولايصح الاحتيال ولا التحايل، ولا إجراء أربع دورات استفتاء وانتخابات في ستة شهور، وفي أجواء التفريغ الأمني بنذره ومخاطره، وبالنظام الفردي بسوءات المال والبلطجة فيه، فوق أنه لايصح - من حيث المبدأ- إجراء استفتاء علي دستور نظام، سقطت وزالت شرعيته المفترضة، والتي لم تكن موجودة من أصله، فإجراء استفتاء علي تعديل دستور مبارك، ليس ترقيعا لايصح فحسب، وليس احتيالا علي معني الثورة فقط، بل إنه كإجراء استفتاء علي إعادة مبارك للرئاسة بشحمه ولحمه، أو بشحم ولحم شخص آخر.
وربما يتبقي أن نقول لا- جازمة- للتباطؤ الذي يوحي بالتواطؤ، ولا لاستفتاء المجلس العسكري، ولا لاستفتاء المشير طنطاوي.
قولوها والآن، وقبل أن يضيع دم الشهداء، وتتبدد ريح الثورة.
بحساب الأيام، نحن الآن في زمن مابعد ثورة مصر الشعبية العظمي.. وبحساب المصائر، تبدو الخرائط خليطا وزحاما من تضاريس ما قبل وما بعد، فما قبل ثورة 25 يناير لم يمت نهائيا بعد، وما بعد الثورة لم يقم بعد بالتمام والكمال.. فقد جري خلع رأس النظام، وبعدها بأسابيع جري قطع الجذع، ذهب مبارك إلي مهرب شرم الشيخ، وذهب رئيس وزارته الأخيرة أحمد شفيق إلي بيته، وجاءت وزارة الثورة الأولي برئاسة عصام شرف، وإن داخلت الصورة ظلال وشكوك وريب، يتعلق بعضها بأسماء لايصح أن توجد في أي وزارة ثورة، ويتعلق أغلبها بملابسات اللحظة القلقة، والتي تبدو فيها مصر كأنها في البرزخ، أو كأنها في عصف ريح، باحثة عن مصابيح تنير، وخائفة من ظلام يحاصر، فلا تزال الوجوه الكئيبة هي ذاتها، عند مفارق الطرق، وفي أجهزة الأمن، وفي منابر الإعلام، تصدمك أينما نظرت، وربما تسخر منك،ومن الثورة، ومن دم شهدائها، تدعي وصلاً بالثورة، وتشارك في احتفالاتها، وكأننا بصدد «ثورة بارتي»، وليس ثورة شعب، ومواعيد حساب، وساعة قيامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.