«التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 4 جمعيات في القاهرة والجيزة    «زي النهاردة».. وفاة قديس اليسار المصرى المحامى أحمد نبيل الهلالي في 18 يونيو 2006    جامعة المنيا تحتل المرتبة 641 عالميًا وال21 إفريقيًا بالتصنيف الأمريكي للجامعات    تعديلات قانون الإيجار القديم.. الحكومة: لن نسمح مطلقًا بترك أي مواطن في الشارع    تداول 11 ألف طن بضائع و632 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    أسعار النفط تواصل الصعود مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    أسعار الذهب في مصر اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 18 يونيو 2025    وزير الرى: التنسيق مع وزارة الإسكان لتحديد كميات ومواقع السحب لأغراض الشرب    استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران.. وترامب يدعو طهران للاستسلام غير مشروط    إيران تعتقل 5 جواسيس موالين للموساد فى لرستان    تعرف على تفاصيل مران الأهلي اليوم استعدادًا لمواجهة بالميراس    وسط إغراء سعودي ومحادثات حاسمة.. مستقبل غامض لسون مع توتنهام    بالأسماء، إصابة 12 شخصًا في انقلاب ميكروباص بالوادي الجديد    مجانا برقم الجلوس.. اعرف نتيجة الشهادة الإعدادية بالقاهرة    حملات مكثفة لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لعادل إمام    الموت يفجع هايدي موسى    سيطرة «كوميدية» على أفلام الصيف.. من يفوز بصدارة الشباك؟    "فات الميعاد" يتصدر المشاهدات وأسماء أبو اليزيد تشارك أول لحظات التصوير    صحة إسرائيل: 94 مصابا وصلوا إلى المستشفيات الليلة الماضية    نائب وزير الصحة تزور قنا وتشدد على تنفيذ برنامج تدريبي لتحسين رعاية حديثي الولادة    طريقة عمل بابا غنوج، أكلة خفيفة وسلطة مغذية    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025 ؟ قائمة أعلى شهادات الادخار الآن    كيف نجح الموساد في اختراق إيران.. وخطط ل«الأسد الصاعد»؟    9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    وكيل لاعبين يفجر مفاجآت حول أسباب فشل انتقال زيزو لنادي نيوم السعودي    "أدوبي" تطلق تطبيقًا للهواتف لأدوات إنشاء الصور بالذكاء الاصطناعي    من الكواليس.. هشام ماجد يشوّق الجمهور لفيلم «برشامة»    الرئيس الإماراتي يُعرب لنظيره الإيراني عن تضامن بلاده مع طهران    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    «رغم إني مبحبش شوبير الكبير».. عصام الحضري: مصطفى عنده شخصية وقريب لقلبي    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد قرية الطويل بمركز العريش    مؤتمر جوارديولا: كرة القدم ازدهرت في شمال إفريقيا وأعلم أين خطورة الوداد.. وهذا موقف جريليتش    السكة الحديد.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المدن والمحافظات الأربعاء 18 يونيو    "إنفجار أنبوبة".. إصابة 7 أشخاص بحروق واختناقات إثر حريق شقة بالبحيرة    إسرائيل تهاجم مصافي النفط في العاصمة الإيرانية طهران    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    التفاصيل الكاملة لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية، الأعلى للجامعات يستحدث إجراءات جديدة، 6 كليات تشترط اجتياز الاختبارات، خطوات التسجيل وموعد التقديم    «طلع يصلي ويذاكر البيت وقع عليه».. أب ينهار باكيًا بعد فقدان نجله طالب الثانوية تحت أنقاض عقار السيدة زينب    معدن أساسي للوظائف الحيوية.. 7 أطعمة غنية بالماغنسيوم    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    مسؤول إسرائيلي: ننتظر قرار أمريكا بشأن مساعدتنا فى ضرب إيران    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    الجبنة والبطيخ.. استشاري يكشف أسوأ العادات الغذائية للمصريين في الصيف    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    «الربيع يُخالف جميع التوقعات» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء    العدل يترأس لجنة لاختبار المتقدمين للالتحاق بدورات تدريبية بمركز سقارة    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    أمين الفتوى يكشف عن شروط صحة وقبول الصلاة: بدونها تكون باطلة (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق الشناوي يكتب:حرب أهلية في الوسط الفني
نشر في صوت الأمة يوم 27 - 02 - 2011

· الدولة كانت تنظر إلي المثقفين والفنانين ولاعبي الكرة باعتبارهم خطوط الدفاع الأولي عن السلطة فهم يروجون لأفكارها
· الصداقات التي توطدت بين هؤلاء النجوم ورجال الحكم حققت لهم نوعا من الحماية الأدبية فأصبح الوضع السياسي القائم والقادم أيضاً في ظل دعم «جمال مبارك» رئيساً خلفاً لوالده هو ما يحقق لهم الأمان الأدبي والمادي
عندما سألت الزميلة هناء عبد الفتاح "شعبولا" عن موقفه قال: غنيت لمبارك وسوف أغني لثورة 25 يناير ولو الإخوان مسكوا الحكم هاقرأ قرآن.. أغلب نجومنا مع الأسف تنقصهم صراحة "شعبان" لا أحد سوف يعترف بأنه كان لا يري سوي مصلحته وسحقاً بعدها للبلد.. أغلبهم كانت مواقفهم معلنة يدافعون عن "مبارك" الأب لو أراد تمديداً ويرحبون بمبارك الابن لو أراد توريثاً - أكرر أغلبهم وليس جميعهم - ولهذا فإننا نري ونسمع بجلاء شديد طبول الحرب وهي تدق بكل صخب وعنف في كل جنبات الوسط الفني بعد أن أصدر قطاع كبير من شباب ثورة 25 يناير قائمة سوداء ضمت عددا وافرا من الفنانين وألحق بهم أيضاً قطاع من الإعلاميين ولاعبي الكرة..
صرنا أمام فريقين في الوسط الفني من أيد الثورة ومن أيد "مبارك" من تظاهر ضد "مبارك" في ميدان التحرير ومن خرج في مظاهرة مضادة إلي ميدان "مصطفي محمود" التي تم التخطيط لها من خلال فلول الحزب الوطني التي استعانت بعدد من الفنانين بقيادة "أشرف زكي" نقيب الممثلين الذي استطاع أن يحشد عشرات من النجوم رداً علي النجوم الذين توافدوا علي ميدان التحرير منذ يوم 25 يناير وواصلوا البقاء حتي بعد رحيل الرئيس السابق "حسني مبارك"!!
هناك بالفعل حالة من الغضب اشتعلت بين من ثار ضد "مبارك" وعهده ومن أيد "مبارك" وكان من مصلحته التمهيد لابنه وريثاً لحكم مصر من بعده.. وبين هؤلاء يظل لدينا الفريق الثالث وأعضاؤه كثيرون وأعني بهم الذين رقصوا علي الحبل.. في البداية أيدوا "مبارك" وطالبوه بعد الخطاب الذي أعلن فيه عن عزمه بعدم الترشح مرة أخري طالبوه بالبقاء رئيساً مدي الحياة ثم بعد ذلك انضموا للثائرين.. حالة من الارتباك أصابت عددا من أشهر النجوم "عادل إمام" ، "الهام شاهين" ، "غادة عبدالرازق" ، "نهال عنبر" ، "هالة صدقي" ، "أحمد عز" الممثل بالطبع وليس رجل الأعمال المحبوس و "لقاء سويدان" ، "طلعت زكريا"، "سماح أنور"، "عمرو مصطفي"، "نادية الجندي" ، "نبيلة عبيد" ، "تامر حسني" ، "حسن يوسف" ، "شمس البارودي" ، "روجينا" ، "محمد فؤاد" ، "زينة" حتي "يسرا" التي كانت في باريس وقت اندلاع الثورة قررت أن تحدد موقفها المؤيد لحسني مبارك في الاتصالات التليفونية التي أجريت معها، حيث إن من المعروف أن "يسرا" هي أكثر الفنانات اقتراباً من ابني الرئيس "علاء" و "جمال" ونفس الموقف تعرض له "أحمد السقا" الذي كان قريباً من ابني الرئيس السابق بينما "محمد هنيدي" تربطه صداقة مع "علاء مبارك".. وليس الأمر بالتأكيد قاصراً فقط علي الصداقة هناك ولا شك ما يمكن أن نعتبره قناعات لدي البعض بأن يبقي "مبارك" وأن يأتي ابنه "جمال" من بعده رئيساً لأن الصداقات التي توطدت بين هؤلاء النجوم ورجال الحكم حققت لهم نوعا من الحماية الأدبية فأصبح الوضع السياسي القائم والقادم أيضاً في ظل دعم "جمال مبارك" رئيساً خلفاً لوالده صار هذا هو ما يحقق لهم الأمان الأدبي والمادي.. ربما ليس الكل لديه تلك المصالح المباشرة ولكن قد يعبر الانحياز لأحد الاتجاهين اختيار بلا رؤية أو مصلحة مباشرة.. هناك بالتأكيد مواقف لعدد من الفنانين تدل علي قصر النظر السياسي.. تجد ذلك مثلاً في "حسن يوسف" وزوجته الفنانة المعتزلة "شمس البارودي"، حيث إن "حسن يوسف" هاجم الشباب في التحرير وأعلن تأييده لمبارك بينما زوجته "شمس" قالت إنها بسبب مظاهرات التحرير تخجل أن تذكر أنها مصرية رغم أن مظاهرات التحرير هي التي أعادت لنا الإحساس بقيمة وكرامة المصري، بل هي من وجهة نظري أعادت لكلمة الزعيم "مصطفي كامل" معناها "لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً".. كل من "حسن" و"شمس" تراجعا بعد ذلك عن أقوالهما ورأينا أحيانا تناقضاًً في المواقف داخل الأسرة الواحدة الزوج الفنان يؤيد "مبارك" وزوجته تؤيد الثورة والعكس أيضا صحيح!!
الأيام الطويلة التي استغرقتها الثورة حتي أعلن الرئيس "مبارك" الرحيل بعيداً عن السلطة وصار يحمل لقب الرئيس السابق.. هذه الأيام التي وصلت إلي 18 يوماً أدت إلي أن نري انقلابات وتحولات عديدة في الوسط الفني، من كان يؤيد "مبارك" صار يعارضه وهناك من انتظر حتي خطاب التنحي وأعلن معارضته للنظام ولمبارك وهناك من تنكر تماماً لكل مواقفه السابقة المعلنة بل والموثقة في تسجيلات.. لقد أدي الأمر إلي أن نري أصدقاء في الوسط الفني مثل المخرج "خالد يوسف" الذي كانت الشائعات تؤهله للزواج من "غادة عبدالرازق" وقدم لها أربعة أفلام آخرها "كف القمر" الذي لم يعرض بعد هذه الصداقة الفنية صارت نوعا من العداوة بعد أن أعلنت "غادة" في الصحف أنها قطعت علاقتها بخالد بسبب موقفه المؤيد للثورة وهو علي المقابل أكد أنه قطع علاقته بغادة بسبب موقفها المناوئ للثورة!!
لقد بدأت التناقضات في النقابات الفنية مساء الخميس 27 يناير عندما وجه "خالد الصاوي" الدعوة للفنانين من أجل أن يتخذ الفنانون رأياً فيما جري قبلها ب 48 ساعة عندما اندلعت الثورة في ميدان التحرير ثم في كل ربوع مصر وأيد عدد كبير من الفنانين موقف المتظاهرين ورفض كل من نقيب الممثلين "أشرف زكي" ورئيس اتحاد النقابات الفنية "ممدوح الليثي" التوقيع علي البيان وبدأ الشرخ يتسع داخل كل النقابات وتقدم "أشرف زكي" باستقالته.. بينما في نقابة السينمائيين والتي كانت تبدو بعيدة عن تلك الصراعات اعترض عدد كبير من أعضائها علي موقف النقيب "مسعد فودة" المؤيد للدولة ولنظام "حسني مبارك" وقرروا إسقاطه من مقعد النقيب برغم أنه انتخب قبل بضعة أشهر وتفوق في عدد الأصوات علي منافسه المخرج "علي بدرخان" ويعتصم الآن الفنانون في النقابة للتخلص منه، وتواكب ذلك مع موقف مماثل من نقابة الموسيقيين التي يرأسها "منير الوسيمي"، حيث احتدم الخلاف بين "عمرو مصطفي" الملحن المعروف الذي هاجم الفنانين الثائرين بينما شاهدنا "شيرين عبد الوهاب" وهي تذهب للتحرير للغناء للثائرين بعد أن هاجمتهم وتقبل منها الجمهور هذا الموقف بينما عندما حاول "تامر حسني" أن يذهب إليهم ويعتذر لأنه هاجمهم احتجوا ولم يتقبلوا منه وأسقطوه من علي المنصة ورفضوا أغانيه التي قدمها للثورة وهو ما تكرر مع أغنية عمرو دياب الذي صمت ولم يتخذ موقفا حتي تأكد أن الغلبة للشباب فإنضم وغني لثورتهم فرضوه، بينما كان غضبهم أقل مع "أحمد حلمي" عندما ذهب إلي ميدان التحرير بعد تنحي مبارك لأن "مني زكي" كانت معهم من البداية!!
يجب أن نعترف أن جرحاً عميقاً قد حدث بين الفنانين وأن هذا الجرح قابل للزيادة مع الأيام وهذه هي المعضلة الكبري التي أري أنها سوف تواجه الحياة الفنية في مصر خلال السنوات القادمة ولا شك أنها سوف تخصم الكثير من قيمة الإبداع ونري فريقين كل منهما لا يشارك الآخر في أعمال فنية بدعوي أنه لم يكن ثورياً!!
إن القانون الذي يحكم مع الأسف الحياة الفنية هو أن الفنان ينحاز إلي ما يراه سياسياً لصالحه محققاً طموحاته وأغلب النجوم كانوا يعتقدون أن الرهان علي السلطة يحقق الأمان المادي والشخصي لهم ولكن لا يعني ذلك أن يتحول الآن الخلاف السياسي ليصبح خلافاً شخصياً بين من أيد ومن عارض!!
المؤكد أن الدولة كانت تنظر إلي المثقفين والفنانين ولاعبي الكرة باعتبارهم خطوط الدفاع عن السلطة ولهذا فإنها كانت تحرص في انتخابات النقباء في النقابات الفنية الثلاث علي أن مرشح الدولة هو الذي ينتصر تدعمه إعلامياً ومادياً وتحشد وراءه كل قواها في التأثير لأنها تدرك أن أمامها بعض المواقف التي تحتاج فيها إلي أن يستمع الناس إلي رأي الفنان والنقابات باعتبارها كيانا من الناحية الشكلية منفصلاً عن الدولة كانت تلعب دوراً مؤثراً في هذا الاتجاه وأصابع وزارتي الثقافة والإعلام ليستا بعيدتين عما يجري في النقابات الفنية وخاصة في تدعيم النقيب التابع للدولة.. ومن هنا مثلاً كان وزير الثقافة السابق "فاروق حسني" دائماً ما يستخدم تعبير "المثقفون في الحظيرة" لأن المطلوب هو أن المواقف المصيرية التي تعيشها الدولة تضمن ولاء المثقف والفنان لأن كلا منهما يعتبر بمثابة قائد رأي له معجبوه وجمهوره الذي سوف يتأثر لا محالة بتلك الآراء التي يستمع إليها من هذا الفنان أو المثقف أو لاعب الكرة ولهذا لا يمكن لنا أن ننسي موقف الكاتب الكبير "صنع الله إبراهيم" الذي رفض جائزة الرواية وقدرها 200 ألف جنيه لأنه لا يستطيع أن يقبلها من دولة ظالمة ولكن لا تتوقف أبداً ألاعيب الدولة فهي تجد عشرات آخرين من نجوم الفن والفكر يوافقون، بل ويسعون للحصول علي جوائزها تبعاً لقاعدة العصا والجزرة.. النجومية من المؤكد أنها تلعب دوراً في الترويج للأفكار والدولة تريد ولا شك أن تنتصر في معاركها وهكذا لعب الفنان في كثير من الأحيان هذا الدور سواء أدرك ذلك أم لا!!
لا أعتقد أن الدولة انتظرت أن تدخل في معركة بهذا الحجم من الغضب الجماهيري.. كانت المعركة المرتقبة هي أن يتم توريث الحكم في شهر نوفمبر القادم من "مبارك" الأب إلي «مبارك» الابن وذلك بعد إجراء انتخابات ليبدو الأمر ليس توريثاً ولكنه إرادة جماهيرية.. كانت الدولة تتوقع ولا شك قدراً من الممانعة بين عدد من المثقفين والفنانين ولكن كانت الأغلبية قد تأكد من ترحيبها ولهذا كانت تقدم برامج تشير إلي معاناة المواطنين ولكنها تنتهي بسؤال للضيف النجم في نهاية اللقاء تكرر هذا السؤال في عدد كبير من البرامج وهو :"ما رأيك في أن يتولي جمال مبارك الرئاسة بعد والده؟" وكانت الإجابة التقليدية هي أن هذا لا يعد توريثاً لأنه سوف تجري انتخابات و"جمال" مواطن مصري من حقه أن يمارس حقه في الترشح!!
كانت هذه هي الخطة التي تم وضعها لتمرير توريث "جمال" للسلطة خلفاً لوالده ولكن كانت لإرادة الشعب المصري رأي آخر.
ويبقي أن أكثر ما يعاني منه الوسط الفني والثقافي حالياً هو تلك الفرقة والانقسام بين من أيدوا ثورة 25 يناير ومن أيدوا "مبارك" ومن لعب مع الفريقين وعلي الفريقين وتلك هي المعضلة التي تهدد الحياة الفنية، بل والثقافية في مصر بحرب أهلية!
************
حزب توريث «جمال» يسطو علي الثورة
هل تفرق معك إذا سرق "مبارك" وعائلته ملياراً واحداً أم 70؟ التقديرات المبدئية لثروة "مبارك" في الأيام الماضية كانت تصل إلي رقم 70 مليارا كما أشارت جريدة "الجارديان" البريطانية.. صارت الآن الثروة لا تتجاوز 3 مليارات كما ذكرت "نيويورك تايمز" الأمريكية.. وبالطبع فإن تحقيقات النائب العام سوف تقدم لنا إجابة قاطعة عن حقيقة الرقم الذي لو تعاملنا مع حدوده الدنيا علينا أن نعرف أننا نتحدث عن المليار الذي يساوي الواحد منه ألف مليون ويجب أيضاً ألا ننسي أننا نتحدث بالدولار الذي يقترب الآن سعره من 6 جنيهات مصرية، أي أنك لو حسبت ثروة "مبارك" وعائلته طبقاً لأدني التقديرات لوصلت إلي 18 مليار جنيه مصري.. تخيلوا أن الرجل الذي بدأ رئاسته قائلاً إن «الكفن ملوش جيوب» يحتفظ بهذا الرقم في أحد البنوك وأن زوجته التي حصلت عنوة علي لقب «الفاضلة» ذهبت في عز الأزمة إلي لندن من أجل ضبط الأوراق المالية وتستيف ما يمكن تستيفه في محاولة لا أتصورها قابلة للنجاح لإخفاء معالم الجريمة التي شاركت فيها الأسرة.. وكل المقربين كان ينالهم من «حلة» الفساد كبشة، كل حسب مقدرته علي الاقتراب من رءوس الفساد المتمثل في تلك العائلة التي استباحت رزق المصريين!!
أتفهم بالتأكيد أن يوجه الجيش في بيانه بعد تنحي مبارك الشكر إلي دور "مبارك" حرباً وسلماً إلا أنه بعد ذلك عليه أن يلتزم بالعدالة وألا يستثني أحداً من المثول أمام جهات التحقيق، خاصة أن كل من سقط وأمسكت به يد القانون سوف يفضح تورط العائلة الحاكمة في منحه التسهيلات!!
"مبارك" كان هو الأكثر حرصاً علي التوريث وأختلف تماماً مع من يؤكدون أن "سوزان" هي الأحرص.. بالتأكيد هي صاحبة مصلحة في أن تظل داخل البؤرة وتنتقل من مقعد زوجة الرئيس الفاضلة إلي موقع أم الرئيس الفاضلة.. هي لم تتصور ولو لحظة واحدة أن السلطة حتي لو غاب الرئيس عن المشهد من الممكن أن تخبو بعيداً عن العائلة ورغم ذلك فإن "مبارك" الأب كان يعلم بالطبع أن ملفات الفساد سوف تفتح جميعها في حالة غيابه وعدم صعود ابنه لسدة الحكم وأنه الآن - أقصد قبل 25يناير - يسيطر علي الحكم والكل خاضع له وأغلب من تراهم الآن وهم مستأسدون في الهجوم علي عصر الفساد وزعيمه "مبارك" هؤلاء كان قد تم الاتفاق معهم علي الانتظار حتي تأتي اللحظة، كانوا هم الخلايا النائمة متواجدين في عدد كبير من القنوات الخاصة والصحف الخاصة قبل الصحف والقنوات الحكومية ينتظرون ساعة الصفر لإعلان تأييدهم لمبارك الابن.. كانوا يرفعون شعار "أين أنت يانظيف" ، كان هذا الشعار هو الذي يصلون به إلي قلوب الناس وهي الشفرة السرية التي تستطيع من خلالها أن تكتشفهم!!
شروط اللعبة كانت تقتضي أن يحققوا في مرمي الناس قدراً من المصداقية عن طريق تبني مشاكلهم ومهاجمة الحكومة.. الخط الأحمر الممنوع هو الهجوم علي العائلة ولكن هجومهم الدائم علي الحكومة و"نظيف" يؤهلهم بعد ذلك للتغلب علي الرفض المحتمل بين قطاع لا بأس به بعد ترشيح "جمال مبارك" خلفاً لوالده.. كانت الخطة هي أن الصحف ومحطات التليفزيون الرسمية والمسيطر عليها بلا مصداقية بينما الإعلام الخاص والصحف الخاصة تحظي بقدر من الثقة عند الناس وعلي هذا فسوف تستخدم هذه الأسلحة في تلك اللحظة الحرجة عندما يبدأون في تنفيذ سيناريو التوريث!!
لو تتبعت تلك القنوات بدقة في أيام الثورة ال 18 التي اندلعت شرارتها يوم 25 يناير سوف تكتشف أنهم كانوا يبايعون في البداية دائماً الرأي الرسمي وكان سقف مطالبهم لا يتجاوز أبداً ما يريده الرئيس.. كان الرئيس يتنازل قطعة قطعة عن صلاحياته علي طريقة راقصي "الاستربتيز" وهم مع كل قطعة تنازل يطالبون المتظاهرين بالعودة لمنازلهم وعدم المطالبة بالمزيد.. كانوا هم خط الدفاع الأخير عن النظام ولكن بعد أن تأكدوا من سقوطه صاروا هم الأكثر شراسة في الهجوم علي "مبارك" والعائلة!!
لدي يقين بأن هذا التنظيم من الخلايا النائمة لم يكن يعمل عشوائياً وأن هناك أوراقا مسجلة ومصالح معلومة للكثيرين سوف تظهر في توقيت قريب جداً ونعرف جميعاً من هم أعضاء تنظيم "أين أنت يا نظيف؟".. المؤكد أنهم في سبيل تبرئهم من العهد الفاسد سوف يصبحون أكثر شراسة في مهاجمته وفي هذه الحالة من الممكن أن نري تلك الأوراق التي تثبت تورطهم في الفساد لأن رءوس الفساد سوف يهدمون المعبد علي الجميع!!
ولا أستبعد أن مليارات "مبارك" التي حار في تقييمها أعتي خبراء الاقتصاد، هذه المليارات كان لأغلب أعضاء حزب "أين أنت يا نظيف،"؟! نصيب معتبر منها.. أنا اعتبر أن هؤلاء هم الأكثر خطورة الآن لأنهم باعوا ضمائرهم في عهد "مبارك" من أجل خداع الناس وتمرير التوريث ويريدون الآن أن يخدعوا الناس باعتبارهم أبطال الثورة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.