منذ بضعة سنوات كانت الحرب التجارية بين آسيا وأوروبا علي أشدها وبدت ظواهر تلك الحرب واضحة في سوق السيارات الأوروبي حتي أن الشركات البريطانية كانت تقوم بشراء السيارات المنتجة داخل بريطانيا فقط بينما ظهرت حملات في إيطاليا للتشجيع علي شراء السيارات المنتجة محليا بينما اتخذت فرنسا اجراءات جمركية تستهلك الكثير من الوقت ضد منتجات الشرق الأقصي. بل وكانت مشروعات الشركات اليابانية ينظر لها بكثير من الريبة حتي أن أحد مسئولي بيجو ستروني الفرنسية شبه مشروعات نيسان التصنيعية في بريطانيا بأنها تشبه حاملة طائرات يابانية تقبع قبالة سواحل أوروبا. بالطبع خفف توسع الاتحاد الأووبي من تلك النزعة القومية وسهل ذلك من توسع الشركات اليابانية حتي ان منتجي السيارات اليابانيين باستثناء شركة واحدة صارت لهم مصانع ضخمة في أوروبا، بل وصار البريطانيون ينظرون لسيارات هوندا ونيسان وتويوتا علي أنها سيارات بريطانية وليست يابانية واليوم انعكس الموقف في آسيا، حيث بدأت بعض أسواقها ككوريا الجنوبية والصين والهند تقاوم السيارات الأجنبية لصالح السيارات المنتجة المحلية. وخلال الفترة الأخيرة تم التوصل إلي اتفاق للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية بعد مفاوضات طويلة، وبموجب هذا الاتفاق سيتم خفض الرسوم الجمركية بنسبة 10% علي السيارات المنتجة خارج دول الاتحاد، وبالتالي فإن الواردات القادمة من كوريا الجنوبية والتي يقل سعرها بالفعل عن المنتجات الأوروبية ستباع بأسعار أرخص أو سيجني مستوردوها أرباحا أكبر. والواضح أن ميزان التجارة بين الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية فيما يتعلق بالسيارات ليس في صالح الاتحاد ففي عام2007 بلغت واردات الاتحاد من السيارات المنتجة في كوريا الجنوبية نحو 700ألف سيارة من موديلات هيونداي وكيا وشيفروليه وسانج بونج علاوة علي موديلات أوبل انترا ورينو كوليوس. وفي المقابل لم تتجاوز واردات كوريا الجنوبية من السيارات الأوروبية 28ألف سيارة. والغريب أن ذلك يحدث رغم أن جمارك السيارات المستوردة في كوريا أقل منها في الاتحاد الأوروبي بحوالي 8% ولكن يشكو منتجو السيارات في أوروبا وأمريكا في وجود عوائق غير ظاهرة لن تتغلب عليها اتفاقية للتجارة الحرة فاللوائح الخاصة بإفرازات العادم في كوريا الجنوبية لا تتوافق مع اللوائح المماثلة في الاتحاد الأوروبي أو الولاياتالمتحدة ولا حتي اليابانية. وبعض اللوائح الأخري تتطلب إدخال تعديلات علي السيارات المنتجة حتي أن الأمر يبدو صعبا علي الشركات الأوروبية لإنتاج سيارات بمواصفات معينة وطرحها بأسعار أقل رغم انها تتكلف أكثر من قيمتها الفعلية. وربما العائق الأهم هو عنصر الكبرياء الوطني لدي الكوريين الجنوبيين الذين يفضلون منتجات بلادهم ورغم أن بعض الأثرياء يفضلون الموديلات الالمانية الفارهة غير أن هؤلاء تنظر لهم السلطات بكثير من الشك وتفرض عليهم رسوما ضخمة. في الوقت ذاته تزامن انحسار قوة الاقتصادات الأوروبية مع تدافع قوي من مجموعة هيونداي - كيا وهي الأكبر في كوريا الجنوبية حيث اتبعت النموذج الياباني وانشأت مصانع لها في الولاياتالمتحدة وأوروبا بل إن هيونداي التي تمتلك مصنعا في أوروبا سعت للانضمام إلي جمعية مصنعي السيارات الأوروبيين لكنها حتي الآن لم تحصل علي الموافقة وتوافق الشركات الاعضاء في الجمعية علي اتباع سياساتها منها دعم صناعة السيارات في أوروبا وقد نادت الجمعية بوجود فقرات للحماية في اتفاق التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية ان أسفرت إزالة القيود عن عجز في الميزان التجاري وقد يضع ذلك هيونداي في موقف صعب وقال رئيس الجمعية : ان صناعة السيارات تعد إحدي أهم الصناعات في أوروبا ولذلك لا ينبغي أن يكون الاتفاق المقبل في صالح كوريا الجنوبية علي حساب المصنعين الأوروبيين. والمتوقع أن تمثل الصين والهند مشاكل مقبلة للجمعية وكلاهما بدأ بالفعل في تصدير السيارات إلي أوروبا. وقد بدأت المفاوضات مع الهند بالفعل. ولكونها مصنفة كدولة نامية فإن الرسوم علي صادراتها للاتحاد الأوروبي تم تخفيضها إلي 5،6% بينما يتم فرض رسوم علي السيارات المستوردة في الهند تصل إلي 100% من قيمة السيارة. ولا تكتفي الهند بمجرد تصدير سياراتها ذات السعر المنخفض إلي أوروبا بل تقوم أيضا بتصنيع موديلات هيونداي I10 أو نيسان ميكرا وسوزوكي آلتو لكافة دول أوروبا وربما لهذا لم يكن من الغريب أن تطلب الهند استثناء صناعة السيارات لديها من اتفاقية التجارة الحرة التي تتم مناقشتها.