· محمود عاشور: كيف يجسد ممثل دور نبي؟!.. وجمال البنا: أرفض تجسيد الأنبياء حفاظا علي قدسيتهم · .. ومبروك عطية: الكمال لله وحده والرسل بشر كغيرهم إسلام الفار ما بين نسبة المشاهدة العالية في مصر والوطن العربي والجدل الواسع جداً والمساحةالكبيرة من الشد والجذب والاستحسان والاشادة والاستنكار والنقد اللاذع يطرح مسلسل يوسف الصديق الذي يعرض حاليا علي قناة «ميلودي» ويتناول السيرة الذاتية للبني يوسف عليه السلام نفسه جدلا لم يهدأ أبدا خاصة لارتباطه بشخصيات لها قدسية خاصة عند الناس وهم الانبياء وبالتالي كان طبيعيا إعادة طرح السؤال من جديد حول جواز تجسيدهم فنيا. يري الدكتور عبدالمنعم البري رئيس جبهة علماء الازهر أنه في القضايا العامة التي تمس الأمة كلها ينبغي ألا يكون الرأي فيها فرديا وإنما لهيئة من العلماء الكبار من الاتحاد العالمي للعلماء أو لأي هيئة من الهيئات الدينية العالمية المسئولة والمسألة في غاية الخطورة ولابد أن تعرض علي جماعة من العلماء الكبار ليقولوا فيها القول الحق سواء بالمنع أو بالاباحة وعلينا اتباع ما قاله أهل الحكمة بأن رأي الجماعة لا تشقي به البلاد رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها! وقال الشيخ يوسف البدري عضو مجمع البحوث الإسلامية إن الله تعالي خلق البشر وفضل بعضهم علي بعض ومن بين الذين فضلهم ذوات الانبياء فحرم تمثيلهم والدليل علي ذلك للذين يقولون إن التمثيل لم يكن معروفا علي أيام النبي أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تشكو الي رسول الله واحدة وقالت كانت تقول كذا وكذا وتقوم بتمثيل المشهد حيث حكت ما قالت السيدة لها بالصوت والصورة فقال لها الرسول يا عائشة إن الله نهانا عن أن نحكي بعضنا بعضنا أي أن يمثل بعضنا بعضا فهذا حكم عام لايجوز أبدا نقضه والتمثيل عموما حرام فما بالنا بتمثيل شخوص الانبياء وهم الذين كرمهم الله واصطفاهم علي سائر البشر، وقلت من قبل إن تمثيل الصحابة يأخذ نفس الحرمة لأن الصحابة هم من أيدوا وناصروا وأعانوا أنبياء الله في نشر رسالاتهم.. وعارضت قبل لك يوسف شاهين عندما مثل شخصية سيدنا يوسف في فيلم المهاجر ونقول الآن إن هذا المسلسل حرام شرعا وعلي كل من يفقه الحق أن يقاطع هذه الاعمال تماما كأقل رد اعتبار ممكن أن نقدمه لشخصيات مقدسة مثل الانبياء! أما الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الشريعة بجامعة الازهر فقال إن الانبياء والرسل ليسوا شخصيات كسائر البشر وإنما نوعية خاصة اصطفاهم الله عز وجل من بين البشر ليحملوا رسالاته للإنسانية ويشهد لذلك قوله تعالي: «إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين» وبالتالي ينبغي أن يتسم التعامل معهم بالحيطة والحذر لأن أي تصرف أو قول أو عمل أو تمثيل موجه لهم غير محسوب يكون من المحظورات وخادشا لقدسيتهم وإذا أمعنا النظر في سيرة الانبياء فإننا لانعثر علي صور شخصية لهم أو تسجيلات علي جدران أو ورق أو أي دليل علي ملامح وجوههم وبالتالي فإن تمثيلهم يقترب من الكذب عليهم بإدعاء أن الذي يمثله هو نفسه والكذب علي الرسل من أبشع ألوان الكذب إن لم يكن أبشعها علي الاطلاق بعد الكذب علي الله عز وجل وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : «إن الكذب علي ليس ككذب علي أحد فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» وفي ذلك تحذير من أن يقول أو يدعي أو يتقمص شخصيتهم أحد ولابد أن لا يغامر إنسان بها.. ولا توجد مميزات لهذه الاعمال لأن الاقتداء بالرسل ليس عن طريق التمثيل وإنما عن طريق التربية الدينية السليمة في الاسرة وفي المدرسة والمجتمع والثقافة الدينية التي يجب أن تدعم بالمتابعة وليس التمثيل.. أما المفكر جمال البنا فلديه تحفظ علي تمثيل الانبياء وإن كان لا يمانع تجسيد الصحابة أما الانبياء فلهم قداسة معينة يصعب جدا الحفاظ عليها في التمثيل وعلينا أن نحافظ علي هذه القداسة من السقوط ولا يتعامل معها فنيا اطلاقا وأفضل عدم تمثيل الانبياء.. ويري الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق إن الأمر لا جدال فيه بعد بيان مجمع البحوث الاسلامية والذي حرم ظهور تجسيد الانبياء والصحابة والمبشرين بالجنة في الدراما التليفزيونية أو السينما وغيرها، فالممثل مثلا لا يدري أن أعماله كانت صالحة أو غير ذلك ولا يجوز أن يقوم بدور نبي كريم ممثل منحل أو فاسق ليقوم بتجسيد خير الناس، ويقول الدكتور محمد المنسي رئيس مركز البحوث الاسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة إن الأمر أصبح واقعا وأن الذين يجسدون أدوار الانبياء مهما كان مستواهم الفني لايليق أن يكونوا مكان هؤلاء الانبياء المكرمين ومن باب سد الزرائع فإن الأمر لا يحترم قدسية الانبياء وسيكون من الخطأ علي الاطفال رؤية الانبياء علي الشاشة بهذا المنظر وسيستقر فيهم أن هذه الصورة هي صورة النبي الحقيقية.. وعلي عكس الاراء السابقة يري الدكتور «مبروك عطية» إن الكمال لله وحده فهو الذي ليس كمثله شئ وهذه هي القاعدة وما دون ذلك أشخاص ولذلك إذا كان هذا العمل لإيضاح سيرة هؤلاء الفضلاء فلا مانع من ذلك ودليلي هو أن جابر بن عبدالله سئل عن كيفية وضوء النبي صلي الله عليه وسلم فقام ومثل كيف كان النبي يتوضأ وهذه كانت الطريقة العملية لجابر ولكن المشكلة في كمال الشخصية كأن يتصور الناس ممثل هذا الدور بأنه يقوم بأدوار مختلفة وأنا أقول الافضل أن يسبق تمثيله بأن يقول كان يفعل رسول الله هكذا.