حينما أفتي الأزهر الشريف بعدم ظهور الأنبياء والصحابة في الأفلام السينمائية والمسلسلات الدينية كان ثاقب النظر.. وكانت له رؤية واضحة من خلال علماء أجلاء تميزوا بالعلم الغزير والرؤية الواضحة للأمور والفتاوي الدينية المرتبطة بالمجتمع.. فقد رأوا ان ظهور الأنبياء والصالحين في الأعمال الدرامية يأتي بنتائج عكسية علي المشاهد.. فكيف يتعامل المشاهد مع ممثل أدي دور صحابي جليل ثم يراه بعد ذلك يقوم بدور شرير يعاقر الخمر ويغازل النساء ويرتمي في أحضانهم؟.. طبعاً مشكلة كبيرة لأنه في هذه الحالة ستهتز صورة الصحابي القدوة في نظره.. ويسقط العمل الدرامي مهما حقق من نجاح.. وكان لهذه الفتوي أكبر الأثر في نجاح المسلسلات الدينية المصرية وغير المصرية التي التزمت بهذه الفتوي.. حيث تغلب العاملون فيها علي عدم ظهور الصحابة بأساليب فنية مبتكرة جذبت المشاهد للعمل ولم تنفره منه.. كان لابد من هذه المقدمة للحديث مرة أخري عن مسلسل يوسف الصديق عليه السلام.. والذي أوضح تماماً مدي خطورة إظهار الأنبياء والصحابة في الأعمال الدرامية الدينية.. لماذا؟ لأنها وببساطة شديدة تفقدهم قدسيتهم.. فظهور سيدنا يوسف عليه السلام وسيدنا جبريل عليه السلام وغيرهم يفقدهم قدسيتهم في نظر المشاهدين وخاصة الأطفال.. فالطفل حينما يشاهد ممثلا يؤدي دور سيدنا يوسف عليه السلام في مسلسل.. فإنه يتعلق بذهنه هذا الممثل.. وعندما يكبر ويقرأ ان سيدنا يوسف عليه السلام كان جماله لا يعادله أي جمال علي الأرض فإن الموضوع سيهتز في تفكيره.. وستهتز الصورة تماماً في ذهنه.. هذه نقطة والنقطة الأخري ان ظهور شخصية النبي أو الرسول أو الصحابي في الأعمال الدرامية كما ذكرت تفقده قدسيته.. فإذا ما فقد هذه القدسية أصبح مثل الأشخاص العاديين.. ومن الممكن ان تضيع رسالتهم بين البعض.. لأنها ستصبح في نظرهم بشرية ولا قدسية لها.. من كل ذلك.. ومع احترامي الشديد للتقنية الفنية العالية جداً والتي تتميز بها الأعمال الدرامية الإيرانية من إخراج وديكور وتصوير.. فإنني لست مع ظهور الأنبياء في الأعمال الدرامية.. وأتمني من المسئولين عن الأعمال الدرامية الدينية هناك أن يلتزموا بفتوي الأزهر الشريف.. وأنا علي ثقة من أنهم يستطيعون وكما يفعلون مع المسلسلات التي تدور عن حياة سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين ولا يظهرونهما في هذه المسلسلات ويستعيضوا عن ذلك بهالة من نور.. أن يفعلوا نفس الشيء مع الرسل والأنبياء.. وإلا تكن فتنة مقصودة.. هذا بالنسبة للأعمال الإيرانية.. أما بالنسبة للفضائيات التي تذيع هذه الأعمال فعليها ان تنتبه لهذه الأمور فالمسألة ليست في الأرباح التجارية فقط ولكن هناك أبعاداً أخري يجب ان تؤخذ في الاعتبار لمصلحة المشاهد والدين.. أما العناد فإنه يسيء أشد الإسادة لصاحب القناة.. ومهما كسب من أموال فلن تغنيه شيئاً حينما يقف بين يدي الخالق عز وجل يسأله عن عناده.