«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جسدت شخصيات الرسل والأنبياء
الدراما الدينية‏..‏ سيناريوهات خارج النص‏!‏

لا أحد ينكر ماتقدمه الدراما التليفزيونية الهادفة عامة والدراما الدينية خاصة من نشر للقيم والمباديء ومواجهة الفساد وحل مشكلات المجتمع‏,‏ ولكن أن تتعدي الدراما حدودها أو كما يقال الخطوط الحمراء‏,‏ فالأمر هنا يختلف‏. فقد تجرأت بعض الجهات المنتجة للدراما بالخارج علي إنتاج مسلسل تليفزيوني يذاع علي بعض الفضائيات‏,‏ حول قصة سيدنا يوسف وأبيه يعقوب عليهما السلام والطامة الكبري أن المسلسل جسد شخصية يوسف ويعقوب عليهما السلام‏,‏ وهذا مخالف ومرفوض جملة وتفصيلا مهما تكن الدوافع والأهداف‏.‏ دراما المسلسل لم تقف عند هذا الحد بل جاءت بسيناريو مخالف لما جاء في القصص القرآني وأتت بأحداث لم تسجلها كتب السنة ولا كتب السيرة مما يعد مؤشرا خطيرا علي فكر وثقافة المجتمعات الإسلامية بكل فئاتها‏.‏ الفكر الديني طرحت القضية علي العلماء والمفكرين في إطار من الموضوعية والحيدة التامة‏,‏ لدرء فتنة جديدة قد تطل علينا برأسها في الفترة المقبلة فكان هذا التحقيق‏..‏
تحقيق
خالد أحمد المطعنيفي البداية نتعرف علي الحكم الشرعي لتجسيد شخصيات الأنبياء والمرسلين وآل بيت النبي الكرام وكبار الصحابة في الأعمال الدرامية حيث يؤكد الدكتور علوي خليل الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر‏.‏ أن الاجابة تأتينا علي لسان فضيلة مفتي الديار المصرية الراحل الشيخ حسنين مخلوف عندما سئل عن ذلك في‏7‏ مايو عام‏1950‏ م فكان ملخص فتواه‏:‏ عدم التعرض لشخص الرسول ولا أحد من آله الطاهرين وخلفائه الراشدين بالصوت والصورة في الأعمال الدرامية أيا كان الهدف منها‏.‏ وقد جاءت فتوي مفتي مصر الراحل حول الحكم الشرعي في موضوع الفيلم السينمائي المقتبس من كتاب الوعد الحق فأجاب‏:‏ اطلعنا علي ملخص موضوع الفيلم المقتبس من كتاب الوعد الحق الذي اعتزمتم إخراجه دون تعرض لأي موقف للرسول الأكرم صلي الله عليه وسلم ولا لأي أحد من آله الطاهرين وخلفائه الراشدين بحيث لايظهر فيه صورة أو يسمع فيه صوت لأي واحد من هؤلاء البررة الأكرمين فلم أجد بعد هذا البيان مايمنع من إخراج هذا الفيلم من الوجهة الشرعية بل في اخراجه نشر لدعوة الحق وإيقاظ للتمسك به في وقت أحوج مايكون الناس فيه إلي ذلك‏.‏ يقول الدكتور علوي خليل يتضح من فتوي الشيخ مخلوف السابقة‏,‏ الموافقة علي التمثيل دون المساس بشخص الرسول أو صحبه وآله الكرام‏.‏
الشخصيات التاريخية العادية
وأشار الي أننا نري أن تمثيل الشخصيات التاريخية تصوير لحياتهم وحكاية لتاريخهم بالقول والفعل أي بالكلمة والحركة فإن كان صادقا شكلا وموضوعا ويستهدف غرضا شريفا أعطي حكم الخبر الصادق وهو الجواز‏.‏
وإن كان كاذبا في شكله كيفا أو كما أو في موضوعه قولا أو فعلا أعطي حكم الخبر الكاذب وهوالمنع‏,‏ ولا يباح هذا الكذب حتي لو كان الغرض صحيحا فهو ليس من الضرورات التي يباح من أجلها المحظورات‏.‏ وليكن التمثيل في حيز ضيق لايوجد غيره لأداء الغرض‏.‏
وأوضح ان هذا كله في الشخصيات التاريخية العادية أما الشخصيات التي لها قداسة واحترام كالأنبياء الذين جعلهم الله للناس أسوة وكذلك الخلفاء الراشدون الذين أمرنا الرسول صلي الله عليه وسلم باتباع سنتهم فإن الكذب عليهم تضليل للناس‏,‏ وكغير الخلفاء من الصحابة وعظماء الإسلام الذين تكونت لهم عندنا صورة طيبة في أقوالهم وأفعالهم يكون الكذب عليهم إيذاء لهم وكل لك منهي عنه ففي الحديث الشريف من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار‏(‏ رواه البخاري‏).‏
وأوضح ان الكذب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم عام في كل ماينسب إليه من قول وفعل ووصف وتقرير حتي ولو كان التمثيل لشخصه بصورة هي في نظر الممثل أحسن من الحقيقة فهي أيضا كذب وذلك لأهمية الأسوة يقول صلي الله عليه وسلم‏.‏ لاتطروني كما أطرت النصاري المسيح عيسي بن مريم ويقول‏:‏ الله في أصحابي لاتتخذوهم غرضا فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله ومن آذي الله يوشك أن يأخذه‏..‏ ويقول تعالي في الإيذاء العام في سورة الأحزاب الآية‏58:(‏ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا‏)..‏ ويتساءل الدكتور علوي خليل هل يمكن لأحد مهما تبلغ قدرته علي التمثيل أن يتحري الصدق في تمثيل الشخصيات العامة فضلا عن الشخصيات المحترمة ؟ إن ذلك أمر لايحدث أبدا‏,‏ كما شهد بذلك خبراء التمثيل الذين أخرجوا أفلاما عن بعض الأنبياء‏.‏
عصمة الأنبياء
وقد وجه إلي دار الإفتاء المصرية سؤال عن حكم تمثيل نبي من الأنبياء أو زوجه أو ولده أو والده أو والدته فأجاب فضيلة المفتي الشيخ جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله بتاريخ‏1980/8/17‏ م بهذه العبارة عصمة الله لأنبيائه ورسله من أن يتمثل بهم شيطان أو أن يمثل شخصياتهم إنسان ويمتد ذلك إلي أصولهم وفروعهم وزوجاتهم وصحابة الرسول صلي الله عليه وسلم‏,‏ ثم فعل ذلك بالفتوي المصورة مع هذه الرسالة ولكني أوجز القول فيها‏:‏ إن الرسل أفضل البشر علي الإطلاق وإن تفاوتوا في الفضل فيما بينهم لقوله عز وجل في سورة الإسراء الآية‏55:(‏ ولقد فضلنا بعض النبيين علي بعض‏).‏
وهم بهذه المنزلة أعز من أن يمثلهم أو يتمثل بهم إنسان أو حتي شيطان‏,‏ فلقد عصمهم الله واعتصموا به فلم يزلوا لأن لهم عصمة تصونهم وتقودهم بعيدا عن الخطايا الصغار والكبار قبل وبعد الرسالة ويدلنا علي هذه الحصانة كما نسميها في تعبيراتنا العصرية الحديث الشريف الذي رواه أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم وآله قال‏:‏ من رآني في المنام فقد رآني حقا فإن الشيطان لايتمثل بي وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول‏:‏ من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو لكأنما في اليقظة ولايتمثل الشيطان بي‏(‏ متفق علي صحته‏).‏
ويؤكد الدكتور علوي خليل أنه إذا كان هذا الحديث الشريف يقودنا إلي أن الله قد عصم خاتم الأنبياء وسيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام من أن يتقمص صورته شيطان فإن فقه هذا المعني يحرم علي أي إنسان أن يتقمص شخصيته ويقوم بدوره وهذا الحكم ينطبق علي من سبقه من الرسل لأن القرآن الكريم جعلهم في مرتبة واحدة من حيث التكريم والعصمة‏,‏ فإذا امتنعوا بعصمة الله أن يتمثلهم الشيطان امتدت هذه العصمة إلي بني الإنسان فلايجوز لهم أن يمثلوا شخصيات الرسل‏,‏ واذا كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب كما جاء في القرآن الكريم فإن العبرة لاتستفاد إلا من الإنسان الذي اصطفاه الله واختاره لإبلاغ الرسالة وإنقاذ أمته وإني لأتساءل كيف تتأتي الاستفادة من تمثيل إنسان لشخص نبي‏,‏ ومن قبل مثل شخصا عربيدا مقامرا سكيرا رفيق حانات وأخا للدعارة والداعرات ومن بعد يمثل كل أولئك أو كثيرا منهم؟‏!‏
إن كل الشخصيات التي تتصل بالأنبياء يأخذون هذا الحكم تبعا للأنبياء إن لم يكن لذواتهم التي كرمها الله وشرحها بالوحي‏,‏ فلاتمثل أصولهم ولافروعهم ولازوجاتهم بل أصحابهم الذين عاصروا الرسالة وأسهموا في إبلاغها‏,‏ فإن القدوة من بعد النبي في هؤلاء الأصحاب ويكفي أن نسمع أقوالهم من خلال أصوات‏.‏
رفض جماعي
ويشير إلي أنه من المعلوم أن المؤتمر الثامن لمجمع البحوث الإسلامية الذي عقد في ذي القعدة عام‏1397‏ ه أكتوبر‏1977‏ م قد أقر عدم إنتاج فيلم يتناول بالتمثيل صاحب الرسالة أو أحدا من أصحابه الكرام ولايجوز السماح بعرضه وذلك صيانة لشخصية الرسول الكريم وأصحابه الأجلاء من التعرض لما يليق بمنزلتهم المصونة‏.‏ كما طالب المؤتمر بمراقبة الأفلام السينمائية والتمثيليات قبل عرضها ومنع مايتعارض فيها مع تعاليم الدين الحنيف لذا فإننا ولكل ماسبق نقول ونؤكد أنه لايجوز مع أي تبرير تمثيل أحد الأنبياء أو الصحابة من لدن سيدنا آدم عليه السلام إلي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ورضي عن صحابتهم وحوارييهم أجمعين‏.‏
حجة مزعومة
وردا علي القول الزاعم بأن مايتم إنتاجه من دراما دينية حاليا تشتمل علي تشخيص الأنبياء والرسل وكبار الصحابة الهدف منها انتشار مبادئ الإسلام في الغرب الذي لايؤمن إلا بكل شيء مجسد والهدف منها التعريف بالشخصيات الإسلامية العظيمة‏..‏ يقول الدكتور عبدالغفار هلال العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر‏:‏ إن بعض الناس يطلقون لأنفسهم الحرية ويتوسعون فيها لتدخل في مجال المحظور‏,‏ فليس من حق إنسان الخروج علي العقائد والقواعد وثوابت الأحكام الشرعية‏.‏
وأشار إلي أن في الإسلام عقائد يجب الإيمان بها والتسليم بمضمونها وهي الإيمان بالله تعالي والإيمان برسله والكتب التي أنزلها عليهم‏,‏ وأيضا الإيمان بالملائكة واليوم الآخر والقضاء والقدر وأصول الشريعة الصحيحة‏.‏
وأوضح انه يجب الإيمان بأن الله تعالي اختار من عباده رسلا مبشرين ومنذرين منهم من قصهم ومن لم يقصص قال تعالي‏..‏ وإن من أمة إلا خلا فيها نذير‏(‏ فاطر‏24),‏ وهؤلاء الرسل بعثهم الله تعالي إلي الناس لهدايتهم وطبيعتهم بشرية ولكن الله اصطفاهم وخصهم بما شاء من الصفات والتكوين حتي أصبحوا أهلا لتلقي الشرائع الإلهية وأن يحفظوا مابلغ إليهم من غير زيادة أو نقص أو تغيير وهم في ذلك كله مبلغون من الله تعالي معصومون عن الخطأ فيما يبلغون عنه‏.‏
الإيمان بالغيب
ويجب الإيمان بهؤلاء الرسل كما أخبرنا الله تعالي عنهم مع أننا لم نرهم‏,‏ وهم غيب بالنسبة لنا لكنهم ليسوا غيبا عن أقوامهم الذين أرسلوا إليهم لأنهم رأوهم‏,‏ والإيمان بالغيب واجب وهو أعلي درجات الإيمان كما قال تعالي ألم ذلك الكتاب لاريب فيه هدي للمتقين‏,‏ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينقون‏1‏ 3‏ البقرة‏.‏
وأكد أن الرسل الذين اختارهم الله تعالي واصطفاهم وعصمهم فيما يبلغون عنه لايصح تناولهم بغير ماثبت لهم من الطهر والنقاء والعصمة في أداء الرسالة التي كلفوا بها ولايجوز لأي إنسان‏,‏ مهما يكن أن يقتحم ساحتهم‏.‏
وقد دأبت بعض الجهات التي تخرج الأفلام والمسلسلات علي إظهار بعض الرسل في صورة أشخاص في الروايات التي يقومون بتمثيلها وهذا الذي يفعلونه عمل غير لائق إذ إن الشخصية التي تقوم بتمثيل الأدوار لاتستطيع أن تتحلي بما تحلي به الرسول الكريم من الصفات‏,‏ كما لايمكن أن تكون نموذجا لها فلايوجد إنسان يحمل عصمة الرسول حتي يكون شبها له‏,‏ وهذا الممثل الذي يريد أن يمثل شخصية الرسول يظهر في أدوار أخري تتخطي حدود الفضيلة وتنطبع في أذهان الجماهير الذين يشاهدونه بصور متعددة ملونة بألوان من السلوك وهي لاتتناسب مع سلوك الرسل الكرام‏.‏ ويشير الدكتور عبد الغفار هلال إلي أن نوعية تلك الأفلام والمسلسلات تعطي سلوكيات لاتليق بالرسل في حال تمثيلهم لهم مما يتنافي مع جلال الرسل ورفعة أقدارهم‏,‏ فقد يصور بعض المخرجين صورة الخداع أو الكذب وهو مالايليق بحق الرسل‏,‏ وقد تصور الرسول بالانفعال والغضب في وجه الآخرين وهذا لم يكن من أخلاق الرسل‏.‏
ويتساءل‏:‏ من الذي يستطيع أن يكشف عن هيبة الرسول كيف كانت؟ وعن الملابس التي كان يرتديها وعن الطعام الذي كان يأكله‏,‏ وعن الشراب الذي كان يشربه وعن أزواجه وأولاده ماذا كان عليه وماذا كانوا عليه وعن المسكن الذي كان يسكنه وأدواته فيه من أثاث ومتاع وقد كانت للرسل حياتهم الخاصة التي لايصح اقتحامها ولكن يجوز الحديث عنه للذين لم يروها‏.‏
تشويه للرسل‏!‏
وأضاف أن مايعرض من نوعية تلك الأعمال الدرامية حاليا تشوه صورة الرسل الكرام وتخرجها عن حقيقتها للجمهور‏,‏ مخالفة لما كانت عليه في الحقيقة‏,‏ إذ كيف يجيد الممثل صوت النبي وهو لايعرفه ولم يسمعه لأن الأنبياء لايعرفهم إلا من عاصرهم الذين أرسلوا إليهم‏,‏ كما لايجوز لأحد أن يصف النبي بأي من وصف إلا إذا كان قد عاصره وشاهده‏,‏ وقد ورد ان عبد الله بن سلام وهو من اليهود وقد أسلم حينما قدم رسول الله الي المدينة مهاجرا من مكة حيث ذهب عبدالله بن سلام لرؤية النبي صلي الله عليه وسلم ومعرفة ماهو عليه من صفات جسمية وخلقية وكان قد قرأ في التوراة صفة النبي الكريم فوجد أن الصفات التي في التوراة تنطبق علي شخصية رسول الله صلي الله عليه وسلم تماما فذهب إلي خالته وأخبرها أن محمدا صلي الله عليه وسلم هو الرسول الذي وردت صفاته في التوراة تماما فذهبت معه إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وآمنا به عن بينة ورؤية مشاهدة‏.‏ لذا لايصح ولايجوز لأحد تمثيل الرسل الكرام لأن تمثيلهم لايحفظ لهم كرامتهم وقيمهم وقدسيتهم ولايصونها‏,‏ والذي يفعل ذلك يكون كهؤلاء الذين تحدث عنهم القرآن الكريم وذمهم لأنهم آذوا رسل الله كما قال تعالي يا أيها الذين آمنوا لاتكونوا كالذين آذوا موسي فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها‏(‏ الأحزاب‏69),‏ والذي يسيء إلي رسل الله يكون قد سلك مسلكا سيئا يستحق عليه الخزي في الحياة الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة قال تعالي‏:‏ والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم‏(‏ التوبة‏61)‏ وبدلا من تصوير الرسل تعرض أقوالهم الصحيحة من وراء حجاب وتلقي علي أسماع الجماهير لإعلامهم فيما أخبروا به عن الله عز وجل‏,‏ ولامانع ان تحكي أفعالهم كما حكت عنهم كتب السنة بتقرير أنهم فعلوا كذا وكذا مما يرضي الله‏,‏ وأنكروا كذا وكذا مما يغضب الله تعالي في سرد قصصي وإعلامي هادف بعيد عن إظهار الرسل في هيئة معلنة للناس‏,‏ فالرسل غيب عنا يجب احترامهم وإعطاؤهم مايستحقون من تعظيم وإجلال لكنهم لايجوز الخروج بهم تمثيلا أو تصويرا‏,‏ لذلك فإن القول بأن تجسيد الأنبياء والرسل والصحابة الكرام في دراما دينية بهدف نشر مبادئ الدين في الغرب هو قول مزعوم وحجته مدحوضة وذلك للأسباب التي تكلمنا عنها سابقا‏.‏
الأطفال أشد ضررا
أما الدكتورة سهير عبدالعزيز العميد الأسبق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر فتؤكد أنه يوجد بعد آخر لتلك المسألة الخاصة بتصوير الأنبياء والمرسلين في حلقات درامية‏,‏ وهو بعد غاية في الخطورة ويتمثل ذلك في التأثير المباشر علي فئة كبيرة من المجتمع المسلم وهي شريحة الأطفال التي تتشكل عقولهم من خلال مايرونه ويسمعونه ويشاهدونه في وسائل الإعلام المختلفة‏.‏
وتشير إلي أن الأطفال أكثر الفئات تضررا من تلك الأعمال الدرامية‏,‏ وذلك لأن جميع الأطفال والكبار أيضا كل واحد منهم قد سمع عن شخصية الأنبياء والرسل وكبار الصحابة وقد رسم لهم في مخيلته أبهي صورة لهم لايمثلها احد من البشر‏,‏ فإذا ماشاهد مسلسلا به شخصية لأحد الرسل مجسدة فإنه تنطبع لديه تلك الصورة وذلك الممثل دون غيرها من الصور الأخري التي كانت تدور في مخيلته لذلك الرسول‏.‏ وتوضح الدكتورة سهير عبد العزيز أن تلك الدراما سوف تخلف وراءها سلوكا وأفعالا وتقاليع سيئة بين الشباب والأطفال‏,‏ علي سبيل المثال لا الحصر مايرتديه ذلك الممثل الذي يؤدي دور أحد الرسل من ملابس فيستهوي الشباب ذلك ويخرج علينا أزياء تحت مسمي ملابس الأنبياء والرسل وكبار الصحابة علي خلفية ما يشاهد في تلك الدراما‏,‏ وذلك كما حدث ويحدث من تقاليع لبعض المسلسلات والأفلام ولاعبي كرة القدم وغير ذلك من الأمور التي تستهوي فكر وعقول الشباب والأطفال‏.‏ وتشير إلي أن السيناريوهات المكتوبة لتلك النوعية من الدراما أشد خطرا علي عقول وفكر فئات المجتمع المختلفة‏,‏ إذا انه من المعلوم أن عوامل جذب المشاهد تكمن في براعة كتابة السيناريو الذي عادة مايكون في تلك الحالات ممزوجا بالخيال والأكاذيب والافتراءات البعيدة كل البعد عن الأحداث الحقيقية والتي وردت في كتاب الله عز وجل أو في كتب السيرة حول قصص الأنبياء والصحابة الكرام‏,‏ مما يؤدي إلي إدخال معلومات خاطئة في أذهان الناس يحتاج محوها إلي اعجاز خاصة في ذلك الزمن الذي كثرت فيه الفتن وتضارب للآراء والفتاوي بين أدعياء العلم وأنصاف العلماء‏..‏ وطالبت بالتصدي لتلك النوعية من الدراما بكل الحزم من قبل جميع المسئولين في الدول الإسلامية والعربية‏,‏ لأن الأمر جد خطير ويحتاج إلي يقظة تامة قبل أن تستفحل ولايستطيع أحد ان يقف أمامها وحينئذ نجلس جميعا نبكي علي اللبن المسكوب‏.‏
الدراما الصحيحة
وحول كيفية الكتابة الصحيحة للعمل الدرامي الديني يوضح الدكتور عبدالفتاح عاشور أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم بجامعة الأزهر أن مادة النص تتم مراجعتها بمجمع البحوث الإسلامية وهو يقوم بهذا العمل دون مقابل مادي سواء كانت الجهة المتقدمة بالعمل الدرامي الديني حكومية أو خاصة‏,‏ حيث يقوم أحد اعضاء المجمع بكتابة تقرير شامل ومفصل عن مدي صلاحية تلك المادة وما بها من إيجابيات وسلبيات وله حق في تعديل وإضافة وحذف أي جزء يؤدي إلي الاستخفاف بالرموز الدينية أوفقرة غير صحيحة‏.‏ وأشار إلي أن المجمع له شروط يتم تطبيقها علي كل عمل درامي ديني يعرض عليه منها ان تكون الآيات القرآنية مكتوبة ومخرجة من المصحف الشريف ويشترط فيمن يلقيها أن يكون مجيدا لأحكام التلاوة ولغته العربية مستقيمة‏,‏ كما يشترط ان تكون الأحاديث مخرجة تخريجا صحيحا ومنقاة من الأحاديث الموضوعة والضعيفة‏.‏ وأكد انه لايجب التعرض في حلقات العمل الدرامي الديني إلي المسائل الخلافية المعقدة التي تحدث بلبلة بين الناس خاصة إذا كان لا طائل منها وهي أمور لايعلمها إلا المتخصصون ومكانها مجالس العلم‏.‏
شروط‏!‏
وأوضح الدكتور عبد الفتاح عاشور أن شروط المجمع تشتمل أيضا علي أن يكون العمل الدرامي الديني خاصة المتعلق بقصص الأنبياء وحياة الصحابة نابعا من كتب السنة الصحيحة والروايات الموثقة بعيدة كل البعد عن الروايات الموضوعة والإسرائيليات التي ليس بها سوي خرافات وافتراءات التي تؤدي إلي تضليل الناس في زمن العلم والتكنولوجيا الحديثة التي لاتؤمن إلا بكل ماهو صحيح ومستقيم‏,‏ مؤكدا ضرورة خلو تلك الأعمال من المشاهد الخادشة للحياء والإغراءات التي تؤدي إلي فساد عقول الشباب‏.‏ وشدد علي ضرورة التصدي بكل حزم من قبل المسئولين لتلك الأعمال الدرامية الدينية غير الصحيحة المعتمدة في سياقها علي أسانيد واهية غير موثقة‏,‏ وذلك لما تمثله من خطورة علي تشويش فكر وثقافة الناس خاصة النشء والشباب من الجنسين‏.‏ وأشار إلي أن هناك قاعدة فقهية تقول إن دفع المفسدة مقدم علي جلب المنفعة بمعني أن الحشو الزائد علي الحبكة الدرامية الدينية أو مايسمي بالخروج علي النص وإن كان مراد كاتبه زيادة عامل التشويق لدي المستمع والمشاهد‏,‏ فإنه في الوقت نفسه يجعله يتلقي معلومات غير صحيحة مما ينعكس سلبا علي سلوك وعقلية المتلقي‏.‏
تجرؤ
وأضاف أن تجسيد شخصيات الأنبياء والمرسلين وكبار الصحابة في الأعمال الدرامية يقلل من قيمتهم وقدسيتهم في عيون المشاهدين والمستمعين‏,‏ موضحا أنه قد مرت قرون عدة دون أن يتجرأ أحد علي أن يفعل ذلك‏,‏ فمن هذا الذي جرأ علي ذلك الفعل وعبث بحياة أفضل خلق الله تعالي‏.‏ وأستدرك الدكتور عبدالفتاح عاشور قائلا ك إنه يمكن أن يتم إعداد حلقات إذاعية وتليفزيونية حول حياة الأنبياء والمرسلين وكبار الصحابة لتعريف الناس بفضلهم وقيمتهم ودورهم في إعلاء كلمة الحق‏,‏ ولكن حين يأتي دورهم في تلك الحلقات يقال مثلا قال الرسول صلي الله عليه سلم كذا كما كان يفعل سابقا دون أن يقوم أحد بتجسيد شخصياتهم وذلك صونا لقيمتهم وقدسيتهم في عيون الناس ودرءا للفتنة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.