· محمود سعد يستعد للرحيل.. والأسواني وعيسي وأديب نالوا نصيبهم المبدئي من الغضب · النظام يؤمن أن الإعلام من السهل محاصرته فهو إما مملوك له أو يملكه رجال أعمال محسوبون عليه أو يسهل مضايقتهم · نحن الآن أمام بداية مشروعين سياسيين هما التمديد أو التوريث واللحظة الراهنة لا تحتمل مشاكسة أو شغباً · عادت أجواء سبتمبر من جديد بمفردات لا تختلف كثيرا عن الماضي.. بقي أن نتذكر أن حبس صناع الرأي العام في مصر عام 1981 كان علي خلفية طائفية لعله خريف غضب جديد..منذ 29 عاما اعتقل السادات 1500 مفكر وسياسي وناشط مصري في السجون.. كان الهدف المعلن من أتباعه(ومنهم زوجته في شهادتها لأحمد منصور) في تبريرهم للتصرف إن الرجل يريد إتمام عمليه السلام ويسترجع الأرض ثم يفرج عنهم جميعا، في تلك الأثناء كانت مصر ملتهبة بالفتن الطائفية، وتعلو أصوات المعارضة بشكل غير مسبوق منذ حركة يوليو، وأصيب رئيس الدولة بحالة من الغضب والعصبية لعل منبعها أن الرجل كان بطلا للعبور والتحرير وتصور أن تجرؤ الرأي العام عليه بمثابة عض ليد قاتلت وحررت وأعادت الأرض .. ومن ثم لا مجال للمعارضة. بقليل من التريث سنجد أن السادات في نوبة غضبه تصور أن هؤلاء المعتقلين وراء صناعة الرأي العام في مصر.. وهاهو يضع الرأي العام في الزنزانة.. وبقليل من "أوبريتات" العبور ، وأفلام مراكز القوي، سيمرر مشروعه بلا أدني صوت. في تلك الأثناء كانت الصحافة الحزبية ونقابات العمال وبقايا ساسة ما قبل الثورة إضافة إلي المشايخ والقساوسة هم صناع الرأي العام..ومن هنا تم إلقاؤهم وراء القضبان بتهمة غريبة وهي إشعال الفتن الطائفية. بعد ربع قرن من أحداث سبتمبر عرفت مصر ما سمي بربيع الديمقراطية، ازدهرت الصحافة الخاصة والإعلام الخاص الهارب من بيروقراطية الدولة ومفردات "الرجل الكبير" والحزب الواحد.. صبت روافد كثيرة في توسيع هامش المعارضة، ضغط أمريكي في فترة ما قبل أوباما.. تغلغل ثقافة الاحتجاج والاعتصام الفئوي لدي عمال المصانع المشردين والفئات المقهورة من موظفي الدولة.. لمعان أقلام ومقدمي برامج تميزوا بقدر كبير من الجرأة والمهنية.. رسخ في أذهان النظام المصري أن الرأي العام من السهل محاصرته.. فالإعلام إما تابع للحكومة أو لرجال أعمال هم جزء من النظام.. أو يرتبطون بشبكة مصالح من السهل الضغط عليهم من خلالها. اللحظة فارقة.. نحن أمام مشروعين تمديد أو توريث .. تميل الرؤية للمشروع الأول وتأجيل الثاني..لم يبق إلا أيام علي لحظة البدء.. انتخابات تشريعية يتوقع أن تكون الأسوأ في تاريخنا.. لن يتحمل أحد من النظام مشاكسة في لحظة ميلاد أي من المشروعين.. بدأ نتاج الغضب يطول الأصوات المشاكسة.. أطيح بإبراهيم عيسي من قناة ساويرس ثم الدستور.. وتعرض إبراهيم المعلم لخسائر اقتصادية و"تحرشات" صناعية بسبب مقالات علاء الأسواني، فأغلق مصنع للورق يملكه أكثر من مرة بحجج واهية، أسكت عمرو أديب، ورغم صلاته بأجنحة من النظام إلا أن الجناح "الجديد" لا يستسيغه ولا يحتمل قلقا شبيها بما أحدثه خلال الانتخابات البرلمانية الماضية.. عام 2005 . تحاصر صوت الأمة بتلال من القضايا.. يستعد محمود سعد للتصفية الإعلامية والإقصاء خارج التليفزيون في الغرب يعبر الإعلام عن اقتصادية واضحة.. هي بدورها تتبع لوبي سياسي واقتصادي.. يدعم المال الموقف السياسي.. ويدعم الناخبون الاثنين.. يقاتل أصحاب المصالح من أجل سياسييهم و إعلامهم، و تحمي صناديق الانتخابات حقوق الجميع .. في مصر الجميع يدور في فلك واحد. اللحظة لا تحتمل نزقا .. بلغت الحساسية مداها لدرجة إيقاف برنامج لعلاء صادق وجه فيه انتقادا أقرب للعتاب لوزير الداخلية علي خلفية اعتداء جماهير الترجي علي رجل أمن مصري باستاد القاهرة. هاهم صناع الرأي العام في الزنزانة الجديدة.. زنزانة مفتوحة وجيدة التهوية.. بعيدا عن سجن القناطر.. أطيح بمن أطيح به.. والرسالة وصلت لرجل الأعمال ممن يعرفون قيمة منطق "الإسناد المباشر" وهو الاسم العصري لذهب المعز.. كما يعرفون ثمن " تعطيل المصالح" و"المنع من السفر" ، وتوزيع السيديهات الجنسية. عادت أجواء سبتمبر من جديد بمفردات لا تختلف كثيرا عن الماضي.. بقي أن نتذكر أن حبس صناع الرأي العام في مصر عام 1981 كان علي خلفية طائفية.. وهاهو لحن الفتنة بدأ العزف منذ أيام قليلة.. وبقي أن نتذكر أيضا أن ما فعله السادات تحول إلي لعنة طاردته في قبره.. ولم يبق أحد من معتقليه في زنزانة.