عاد التراشق مرة أخري بين مصر والجزائر عبر "النت" بعد أن هدأت توابع الزلزال الكروي أشعلت السينما المنافسة بينهما، حتي إن البعض اعتقد أننا بصدد مباراة ثأرية ثانية تجري أحداثها النهائية يوم 27 مارس 2011 في لوس أنجلوس عند إعلان اسم الفائز في مسابقة "الأوسكار" ولم يدرك الغاضبون أن مصر والجزائر من بين حوالي 60 دولة يتصارعون علي جائزة الأوسكار ويمثلان العالم العربي، أتحدث عن جائزة أحسن فيلم أجنبي وهي المسابقة الخاصة للأفلام غير الناطقة بالإنجليزية في "الأوسكار".. المؤكد إننا كعرب نتوق إلي الفوز بها لأول مرة. بمجرد الإعلان عن ترشيح الفيلم المصري "رسائل بحر" لداود عبد السيد" للأوسكار وفيلم "خارج علي القانون" لرشيد بوشارب الجزائري اعتقد البعض أننا بصدد مباراة ساخنة أخري تجدد أحزاننا علي ما آل إليه الواقع العربي من تناحر مقيت لا يليق أبداً بنا كبشر نعيش القرن الواحد والعشرين؟! كان فيلم "بوشارب" قد عرض في مهرجان "كان" السينمائي في دورته الأخيرة التي أقيمت في منتصف شهر مايو الماضي وشعرت بأن "رشيد بوشارب" بهذا الفيلم لا يمثل الجزائر وحدها لكنه يمثلنا كلنا كعرب.. واجه الفيلم رفضا عالي الصوت من اليمين الفرنسي وبدأت مظاهر الغضب تعلن عن نفسها حتي قبل أن يبدأ المهرجان وفي صباح يوم عرض الفيلم في المسابقة الرسمية أحاطت المظاهرات الفرنسية قصر المهرجان ورفع العلم الفرنسي في تحد سافر وذلك لأن الفيلم يدين مرحلة الاستعمار الفرنسي للجزائر ويؤكد علي تواطؤ فرنسا في مذبحة للمدنيين العزل حدثت عام 1945 التي راح ضحيتها مئات من الجزائريين الوطنيين الذين لم يرفعوا السلاح ولكنهم كانوا فقط يتظاهرون ويطالبون بالحرية فانهالت عليهم طلقات الرصاص الفرنسي! كل العرب من النقاد والإعلاميين الذين حضروا المهرجان لديهم نفس الحماس، نريد لفيلمنا العربي أن يقتنص أهم جائزة في "كان" وهي "السعفة الذهبية" ونؤازره ضد الغضب الفرنسي!! ما يجري الآن في "الأوسكار" لا يعني مواجهة بين فيلمين عربيين ولكن مسابقة أفضل فيلم أجنبي يشارك فيها عادة عدد من الأفلام العربية كل عام.. مثلاً قبل عامين كان لدينا كل من فيلمي "مسخرة" الجزائري و "في شقة مصر الجديدة" المصري وكنا جميعاً نتمني أن يفوز فيلم عربي أياً ما كانت جنسيته مصري أم جزائري كنا ننتظر الفرحة العربية ولم يحدث أي قدر من تلك الحساسية!! لم تستطع السينما العربية أن تصل إلي ترشيحات الخمسة أفلام التي تعلن يوم الحفل إلا مرة واحدة عام 2006 مع الفيلم الفلسطيني "الجنة الآن" لهاني أبو أسعد.. صحيح أننا في النهاية لم نحصل علي الجائزة ولكننا حققنا هذا الإنجاز مرة واحدة خلال 80 عاماً هي عمر الأوسكار. أثبت ما يجري بعد إعلان ترشيحات الأوسكار أن الخلافات الجزائرية المصرية لم يتم وأدها بعد، برغم أنه علي المستوي السياسي تبدو العلاقات بين الرئيس المصري "حسني مبارك" والجزائري "عبد العزيز بو تفليقة" علي خير وجه، إلا أن الحقيقة هي أن بين البلدين لا يزال هناك بعض النوازع الغاضبة بين قطاع عريض من الشعبين تعلن عن نفسها بين الحين والآخر بل وتتحين أيضاً الفرصة، مثلاً بمجرد إعلان جوائز مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الذي يحمل رقم "26" وكانت الجزائر ممثلة بفيلم "حراقة" لمرزاق علواش وهو واحد من أهم الأفلام العربية التي سبق لي وأن كتبت أكثر من مقال مشيداً بالفيلم قبل أقل من عام عندما حصل الفيلم علي جائزة أفضل إخراج من مهرجان "دبي" نهاية العام الماضي ولكن خروج الفيلم الجزائري خاوي الوفاض من مهرجان الإسكندرية أعاد مرة أخري السؤال هل كانت هناك مقاطعة من الجمهور المصري للفيلم وهل تعنتت لجنة التحكيم ضد الفيلم ولم يكن هذا صحيحاً علي الإطلاق، كل ما حدث أن لجنة التحكيم انحازت للفيلم الفرنسي "مرحباً" وحصد الجائزة لأنه من وجهة نظر لجنة التحكيم التي رأستها المخرجة التونسية الكبيرة "مفيدة التلاتلي" يستحق الجائزة.. يجب أن نعترف بأننا مع الأسف لم نتجاوز أحداث "أم درمان" المأساوية التي شهدت انفلاتاً إعلامياً من الطرفين وبرغم أن لقاء الرئيس المصري والجزائي كان يبدو وكأنه ينهي الخلاف السياسي إلا أن الأمر بحاجة إلي حوار ثقافي أكثر دفئاً وحميمية بين مصر والجزائر لنعود إلي حالة الوئام التي ربطت بين الشعبين في كل الملمات التي جمعت بينهما عبر التاريخ ودعونا جميعاً ننتظر أن ينتصر الفيلم العربي في معركة الأوسكار سواء أكان مصريا أم جزائريا لا يهم يكفينا أنه فيلم عربي.. فهل أنا لا أزال أحلم؟! ************* التعايش السلمي مع الرشوة «عائلة ميكي» .. دعوة صريحة للتثاؤب · الفيلم سقط في مذبحة أفلام العيد وسيواصل مشوار السقوط بسبب هذه الشاشة البليدة لم يستطع فيلم "عائلة ميكي" الصمود طويلاً داخل دور العرض عندما دفع به موزعو السينما في أيام العيد لم يستطع أن يعبر هذا الحاجز أيضاً بعد العيد فلم يملك الفيلم قوة الجذب لدي الجماهير لكي تتماهي معه لتصدقه وتعايشه.. الفيلم ظلمه توقيت العرض، حيث إن جمهور العيد يشكل حالة استثنائية ولديه بالتأكيد نوعيات أخري يفضلها وهي تلك الأفلام التي تقدم له الضحك والرقص والغناء والتهريج و"عائلة ميكي" ليس كذلك كما أن الدعاية الفقيرة للفيلم لعبت دوراً سلبياً في التمهيد له إلا أن الفيلم يتحمل القسط الوافر من أسباب هذا الإخفاق! أحداث "عائلة ميكي" تجري في مدة زمنية لا تتجاوز يوم كامل من خلاله نتعرف علي أسرة تنتمي إلي الطبقة المتوسطة.. الأب "أحمد فؤاد سليم" ضابط في القوات المسلحة وصل إلي رتبة لواء.. الأم "لبلبة" تعمل في الشئون القانونية في إحدي الشركات الحكومية.. الأبناء الكبير ضابط شرطة في بداية مشواره والثاني طالب جامعي متعثر في الدراسة وفتاة في الثامنة عشرة يؤرقها أنها تبحث عن حبيب عن طريق "النت" والطفل الصغير المشاغب واسمه "ميكي" آخر العنقود ثم الجدة الضريرة "رجاء حسين".. الفيلم يقع في إطار الأفلام محدودة التكاليف أغلب أبطاله من الوجوه الجديدة ومن هم معروفون فإنهم أيضاً معروفون بتقاضيهم أجوراً ضئيلة.. الفكرة التي كتبها السيناريست الشاب "عمر جمال" قائمة علي التناقض بين المثالية والتنازل، الصورة المباشرة التي نعتقد أننا نعيشها وتجعلنا مثاليين علي الأقل في نظر أنفسنا بينما الحقيقة هي عكس ذلك تماماً.. الصورة التي التقطت للأسرة المثالية تنفيها كل مشاهد الفيلم التي تؤكد أنهم لا علاقة لهم بالمثالية فلقد تنازلوا عن أشياء عديدة وجاء أكبر تنازل عندما دفعوا مقابلا للقناة الفضائية من أجل الحصول علي لقب العائلة المثالية ووافقوا علي دفع الرشوة وتنازلوا عن المقابل المادي الذي رصدته ا لمحطة وهو 100 ألف جنيه لصالح هيئة التحكيم!! ما قدمه المخرج من نقد اجتماعي لظاهرة تفشي الرشوة يدخل في إطار أهم، إنه غياب الدهشة قبل الرفض والممانعة وكأن المجتمع المصري صار يتعايش سلمياً مع الرشوة.. لم نر هذه الأسرة وهي ترفض ارتكاب هذا الفعل المشين بل هي سعيدة بالحصول علي لقب العائلة المثالية والمميزات التي تصاحب اللقب سواء علي الصعيد الشخصي أو المادي.. كاتب الفيلم "عمر جمال" هو شاب في مطلع العشرينيات من عمره سبق له وأن كتب فيلم "أوقات فراغ" قبل 4 سنوات تناول "أوقات فراغ" حياة الشباب دون العشرين الذي لا يدري ما الذي يختار ويقف حائراً بين رغباته وإمكانياته.. الفيلم حدثت بينه وبين الجمهور حالة من التماس إلي درجة أنه خلق تيارا سينمائيا اعتقدت بعض شركات الإنتاج أن السر يكمن في الاستعانة بالوجوه الجديدة لبطولة الفيلم وقدمت أكثر من عشرة أفلام بطولة وجوه جديدة لممثلين لا يعرفهم أحد ولم يسفر الأمر عن شيء، ظل "أوقات فراغ" فيلماً واحداً علي الخريطة السينمائية ولم يخلق تياراً موازياً كما كان مأمولاً وقتها. فيلم "عائلة ميكي" يلعب في مساحة أخري حيث تناول مشاكل الأبناء مع الأسرة ويجمع بين ممثلين يقفون لأول مرة أمام الكاميرا وأيضاً عدد من المخضرمين.. حرص الكاتب علي اختيار اللمحة - الروشة - في انتقاء كلمات حوار تميز بها الفيلم لأنهاصارت بالفعل لغة الشباب.. أحداث الفيلم تجري قرابة 50% منها داخل الشقة ولدينا أفلام عديدة كانت الشقة هي الملعب الرئيسي في الحالة الدرامية أشهرها "أم العروسة" الذي أخرجه "عاطف سالم" قبل نحو 47 عاماً لعب بطولته "عماد حمدي" و"تحية كاريوكا" كانت الشاشة التي أبدعها "عاطف سالم" عن سيناريو "عبد الحي أديب" وقصة لعبدالحميد جودة السحار تحمل نضجاً وإبداعاً خاصاً، الفيلم كان بكل المقاييس مغامرة إبداعية ومع الزمن صار وكأنه يقدم لنا وثيقة اجتماعية عن الأسرة المصرية قبل نحو نصف قرن من الزمان.. بينما هذه المرة مع "عائلة ميكي" كانت الشاشة كسولة إلي حد أنها تبدو كأنها في حالة تثاؤب دائم فلم يضف المخرج شيئاً في حركة الكاميرا أو حركة ممثليه.. المخرج "أكرم فريد" لجأ إلي اللعب بورقة الجدة الكفيفة "رجاء حسين" التي تستمع إلي صوت ولا تدري أين هو المصدر، رغم أن الشقة ليست قصراً فسيحاً فهي كما قدمها لنا المخرج في البداية أربع حجرات فقط وصالة ودورة مياه ورغم ذلك بعد أن صار بها اثنان من الغرباء حبيبة الابن الكبير الضابط التي أدخلها إلي الشقة ثم الابنة التي سمحت بتسلل شاب إلي البيت المسكون بهذا العدد الضخم من الأفراد، والدها ضابط جيش وشقيقها الكبير ضابط شرطة ورغم ذلك نري شاباً في غرفة نومها بدون أن تصبح هناك دوافع ولا حتي مخاوف من افتضاح أمرها.. مهما كانت المبررات الواهية فإن الأمر يبدو أقرب إلي حالة مسرحية شاهدناها في العديد من الأعمال التي يسيطر عليها ضيق المكان - وهو خشبة المسرح - فتصبح كل الشخصيات في نفس اللحظة علي خشبة المسرح والجمهور يتسامح مع هذه المفارقات بينما في السينما، الجمهور لا يتسامح بسهولة مع ما يراه أمامه من تعسف في حركة الممثل ولا في فكرة الاختفاء القسري والظهور بعد ذلك لأنه يشعر أن المخرج يتعمد تلك الحالة المسرحية كانت الشاشة مثقلة بقدر لا ينكر من الافتعال والعبث الدرامي وكأننا بصدد لعبة الأطفال الشهيرة "استغماية" كل طرف لا يري الآخر لا أتحدث عن الجدة الكفيفة ولكن كل الأشخاص يشاركون في لعبة الاستغماية وعن سبق إصرار بل وإضرار!! المخرج "أكرم فريد" ارتبط في مشواره السينمائي بأكبر عدد من الأفلام التجارية مثل "عمر وسلمي" و "أيظن" و "حاحا وتفاحة" والتي كانت تقدم طبقاً لرغبات الزبون السينمائي وأيضاً لما يريده منتجها "أحمد السبكي" رغم أن بدايات "أكرم فريد" كانت تشير وتبشر بتوجه آخر منذ أن شاهدت فيلمه القصير "3 ورقات" الذي قدمه قبل نحو 10 سنوات إلا أن للسوق أحكاما وهكذا توجه "أكرم" بكل قواه إلي تقديم أعمال تجارية لا تحمل أي فكر ولا تملك أي طموح، حيث إن المطلوب هو تقديم - الإيفيه - الكوميدي الضاحك.. انصاع تماماً المخرج لرغبات السوق تحول من مخرج لديه شيء يريد أن يقوله إلي ميكانيكي أفلام يريد الإنجاز السريع حتي يرضي عنه المنتج ويمنحه فيلماً آخر.. يحسب للمخرج هذه المرة أنه أجاد توجيه ممثليه الجدد خاصة الطفل الذي أدي دور "ميكي" اسمه "محمد" وتوجيه الأطفال يحتاج إلي قدرة كبيرة من المخرج لكي يخلق مناخ المعايشة مع الطفل وكان أول أفلام أكرم باسم "فرح" أيضاً بطولة طفلة وذلك قبل أن يبدأ في تقديم سلسلة من الأفلام التجارية.. لا شك أن هناك عددا من الممثلين المبشرين بعضهم يقف لأول مرة مثل الوجه الجديد "دريني" الطالبة في معهد السينما التي وقع اختياره عليها بالإضافة إلي "عمر عابدين" الذي شارك من قبل في فيلمي "ماجيك" و "أوقات فراغ" يحسب له أيضاً حماسه لفكرة جادة لتقديمها للناس.. تألقت "لبلبة" في أداء دورها ونجحت في اقتناص لحظات التعبير بأستاذية وأيضاً "أحمد فؤاد سليم" في المساحات الدرامية الضئيلة التي أتيحت له ولكن يبقي أن الشاشة لم تمنحنا حالة من الألق والسحر الإبداعي، نجح المخرج في توجيه ممثليه ولكنه لم يصنع حالة سينمائية.. كان المخرج يبدو علي مستوي الرؤية مفتقداً الإيقاع الذي يضيف إلي مثل هذه الأفلام الكثير من اليقظة والسخونة ويشعر المتفرج برغبة حقيقية في المتابعة.. وبقدر ما كانت الفكرة محلقة هبطت درجة عندما أحالها المؤلف إلي سيناريو ثم هبطت درجات عندما صارت شريطاً مرئياً وهكذا سقط الفيلم في مذبحة أفلام العيد وسوف يستمر مع الأسف أيضاً في مواصلة مشوار السقوط بسبب تلك الشاشة البليدة!! *********** «هاني شاكر» وصواريخه المضادة للإسفاف · التيار المتردي لم ينج منه حتي سيد درويش عندما لحن «شفتي بتاكلني» لا يترك "هاني شاكر" الفرصة تفلت منه باعتباره أحد الحراس الكبار المخضرمين للأغاني الرصينة إلا وينهال تليفزيونياً وصحفياً بالهجوم علي أغنيات الفيديو كليب مشيراً إلي أن التردي في الذوق هو الذي صنع من أمثال "أبو الليف" ظاهرة يقبل عليها الشباب وكانت برامج شهر رمضان فرصة ذهبية لكي تتحول إلي منصة لهاني شاكر يطلق من خلالها صواريخه المضادة للإسفاف ودائماً ما يلقي "هاني" باللائمة علي الفضائيات باعتبارها هي الفاعل الأصلي للإضرار بالذوق العام! هل صحيح أن الفضائيات لعبت هذا الدور؟ لو تتبعت ما يجري في نحو 700 فضائية ناطقة بالعربية سوف تكتشف أن كل الأطياف متوفرة قنوات متزمتة تمنع المرأة من الحضور عبر الشاشة حتي ولو كانت منتقبة.. قنوات أخري لا تتورع أن تقدم أغنيات دأب البعض علي وصفها ب "البورنو كليب" ولا تخجل من ذلك حتي في شهر رمضان!! الذوق العام كان وسيظل هو نتاج كل ذلك، تستطيع أن تري انغلاقا في جانب يقابله انفتاح غير محدود علي الجانب الآخر.. لا يمكن أن تضع قيوداً مسبقة تمنع ما هو ضد قناعاتك وتبيح فقط ما يتوافق معك.. عبر التاريخ كان يوجد إسفاف وخلاعة وعلي المقابل هناك فن وإبداع يتصدي له.. الذي فعلته الفضائيات هو أنها فقط ساهمت في سرعة الانتشار للوجهين لكنها لم تخترع شيئاً.. والملاحظة الجديرة بالتأمل هي أن نسأل أنفسنا هل تنتصر الخلاعة علي الجدية وهل الخلاعة مقترنة بزمن دون آخر؟ إليكم إجابتي في مطلع القرن العشرين، كان الشارع المصري يغني عدداً من الطقاطيق الغنائية الخليعة مثل "ارخي الستارة اللي في ريحنا" و "ساعة العشا يحلي الهزار والفرفشة" وفي نفس الوقت يحفظ قصائد رصينة مثل "بحقك أنت المني والطلب" و "بلادي بلادي" و "قوم يا مصري".. التيار المتردي لم ينج منه حتي كبار الملحنين والمطربين.. "سيد درويش" لحن "شفتي بتاكلني أنا في عرضك خليها تسلم علي خدك".. و"أم كلثوم" غنت طقطوقة عنوانها "الخلاعة والدلاعة مذهبي" وهو ما دفع "أحمد رامي" لأن يكتب لها علي نفس الوزن "الخفافة واللطافة مذهبي" ومع الزمن بالطبع سقطت الأغنيات الخليعة التي انتشرت ورددها الناس في ذلك الزمن ولم يبق إلا "بلادي بلادي"!! الإسفاف الفني لا يمكن أن يصبح هو السائد.. أفلام "البورنو" في العالم كله لم تحقق إيرادات في شباك التذاكر تتجاوز مثلاً الأفلام الرومانسية والأكشن والخيال العلمي.. تصنف دائماً الأفلام "البورنو" بأنها درجة ثالثة ولها في العالم دور عرض وأيضاً في بعض الدول العربية مسموح بعرضها ولكن بإقبال ضئيل جداً لا يشكل أي ظاهرة. أين المطربات اللاتي ارتبطن بأغنيات الفيديو كليب المتجاوزة هل يتذكر أحد الآن بوسي سمير مطربة "السطوح" أو نجلا مطربة "الحصان" برغم ما حققتاه قبل بضع سنوات من انتشار.. تتبخر وتنتهي سريعاً هذه الأغنيات ويسقط من الذاكرة تماماً حضور مطربيها.. المطلوب من "هاني شاكر" ورفاقه أن يواصلوا تقديم أعمالاً فنية وليس تصريحات غاضبة.. الناس لديها مؤشر للاختيار وإذا استطاع الفنان الاستمرار والتمرد والتغير ليظل علي الموجة مع جمهوره فلا خوف علي الفن.. انحطاط الذوق يسود فقط عندما يرفع فنان ملتزم الراية البيضاء ويعلن اعتزاله في هذه الحالة فقط قل علي الفن السلام. لقد فعلها مرة "هاني شاكر" قبل بضع سنوات واعتزل احتجاجاً علي ما آل إليه حال الغناء ثم عاد ليقف في طليعة المطربين.. عليه الآن أن يواصل من خندقه إطلاق الأغنيات التي تعدل ميزان القوي في الساحة الغنائية وتجعله يميل أكثر ناحية كفة الإبداع.. أما إطلاق التصريحات التي تشجب وتنتقد فلا أتصور سوي أنها تبديد للطاقة لأن العملة الغنائية الجيدة هي الوحيدة القادرة علي طرد الرديئة!!