فاز الفيلم الجزائري "خارج عن القانون" بالجائزة الذهبية لمهرجان" دمشق" السينمائي الدولي كما فاز أيضاً بجائزة أفضل فيلم عربي بالمهرجان وكان قد سبق لهذا الفيلم أن عرض قبل نحو أسبوعين في افتتاح مهرجان "الدوحة".. "خارج عن القانون" بالتأكيد يستحق كل هذه الحفاوة وكان الفيلم قد رشح لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي وهو القسم الذي يشارك فيه أيضاً الفيلم المصري "رسائل بحر" فهل تواجه مصر الجزائر في مباراة ثأرية ثانية تجري أحداثها النهائية يوم 27 مارس 2011 في لوس أنجلوس عند إعلان اسم الفائز في مسابقة "الأوسكار" أم أن مصر والجزائر من بين حوالي 60 دولة يتصارعون على جائزة الأوسكار ويمثلون بلدان العالم العربي أتحدث بالطبع عن جائزة أحسن فيلم أجنبي وهي المسابقة الخاصة للأفلام غير الناطقة بالإنجليزية في "الأوسكار".. المؤكد إننا كعرب نتوق إلى الفوز بها لأول مرة. في مهرجان "دمشق" مثلاً انحازت "ساندرا نشأت" إلى الفيلم الجزائري وأعلنت ذلك في أكثر من حوار صحفي ولكنها رفضت التوقيع على نتيجة التحكيم بسبب أسلوب إدارة رئيس لجنة التحكيم المخرج الروسي "فلاديمير ميتشوف".. ورغم ذلك فإن عدد من مواقع النت تجد بها استهجان مسبق لموقف عضو لجنة التحكيم المخرجة المصرية "ساندرا نشأت" لاحظ إضافة كلمة "مصرية" إلى اسم "ساندرا" وكأنهم يريدون أن يقولوا لأنها مصرية فهي رفضت منح الفيلم الجزائري الجائزة.. رغم أن انسحابها لم يكن بسبب ذهبية الفيلم الجزائري ولا بسبب خروج الفيلم المصري "الوتر" الذي يشارك في نفس المسابقة بلا جائزة ولكن بسبب الأسلوب الديكتاتوري لرئيس لجنة التحكيم كما أشارت "ساندرا" من قبل وهذا هو ما دعا المخرج السوري "نجدت أنزور" إلى أن يعلن هو أيضاً انسحابه من لجنة التحكيم!! بمجرد الإعلان قبل نحو شهر عن ترشيح الفيلم المصري "رسائل بحر" لداود عبد السيد" للأوسكار وفيلم "خارج على القانون" لرشيد بو شارب الجزائري اعتقد البعض أننا بصدد مباراة ثأرية أخرى بين البلدين تجدد أحزاننا عما آل إليه الواقع العربي من تناحر مقيت لا يليق أبداً بنا كبشر نعيش القرن الواحد والعشرين؟! كان فيلم "بوشارب" قد عرض في مهرجان "كان" السينمائي في دورته الأخيرة التي أقيمت في منتصف شهر مايو الماضي وشعرت أن "رشيد بوشارب" بهذا الفيلم لا يمثل الجزائر وحدها لكنه يمثلنا كلنا كعرب.. واجه الفيلم رفض عالي الصوت من اليمين الفرنسي وبدأت مظاهر الغضب تعلن عن نفسها حتى قبل أن يبدأ المهرجان وذلك لأنه يدين مرحلة الاستعمار الفرنسي للجزائر ويؤكد على تواطؤ فرنسا في مذبحة حدثت عام 1945 التي راح ضحيتها مئات من الجزائريين الوطنيين الذين لم يرفعوا السلاح ولكنهم كانوا فقط يتظاهرون ويطالبون بالحرية فانهالت عليهم طلقات الرصاص الفرنسي؟! كل العرب من النقاد والإعلاميين الذين حضروا المهرجان كان لديهم نفس الحماس نريد لفيلمنا العربي أن يقتنص السعفة الذهبية في "كان"!! ما يجري الآن في "الأوسكار" لا يعني مواجهة بين فيلمين عربيان ولكن مسابقة أفضل فيلم أجنبي تشارك فيها عادة عدد من الأفلام العربية كل عام.. مثلاً قبل عامين كان لدينا كل من فيلمي "مسخرة" الجزائري و "في شقة مصر الجديدة" المصري وكنا جميعاً نتمنى أن يفوز فيلم عربي أياً ما كانت جنسيته مصري أم جزائري كنا ننتظر الفرحة العربية ولم يحدث أي قدر من تلك الحساسية!! لم تستطع السينما العربية أن تصل إلى ترشيحات الخمسة أفلام التي تعلن يوم الحفل إلا مرة واحدة عام 2006 مع الفيلم الفلسطيني "الجنة الآن" لهاني أبو أسعد.. صحيح أننا في النهاية لم نحصل على الجائزة ولكننا وصلنا إلى هذا الإنجاز مرة واحدة خلال 80 عاماً هي عمر الأوسكار وكان هذا الفيلم قد فاز أيضاً بجائزة النقاد الذهبية لأفضل فيلم أجنبي وكانت الفرحة عربية.. إلا أن ما يجري الآن قد أثبت بعد إعلان ترشيحات الأوسكار وبعد موقف "ساندرا نشأت" أن الخلافات الجزائرية المصرية لم يتم وأدها بعد برغم أنه على المستوى السياسي تبدو العلاقات بين الرئيس المصري "حسني مبارك" والجزائري "عبد العزيز بو تفليقة" على خير وجه إلا أن الحقيقة هي أن بين البلدين لا يزال هناك بعض النوازع الغاضبة تعلن عن نفسها بين الحين والآخر بل وتتحين أيضاً الفرصة مثلاً بمجرد إعلان جوائز مهرجان الإسكندرية السينمائي في شهر سبتمبر الماضي الدولي الذي يحمل رقم "26" وكانت الجزائر ممثلة بفيلم "حراقة" لمرزاق علواش وهو واحد من أهم الأفلام العربية التي سبق لي وأن كتبت مقال مشيداً بالفيلم قبل أقل من عام عندما حصل الفيلم على جائزة أفضل إخراج من مهرجان "دبي" نهاية العام الماضي ولكن خروج الفيلم خاوي الوفاض من مهرجان الإسكندرية أعاد مرة أخرى السؤال هل كانت هناك مقاطعة من الجمهور المصري للفيلم وهل تعنتت لجنة التحكيم ضد الفيلم ولم يكن ذلك صحيحاً على الإطلاق كل ما حدث وقتها أن لجنة التحكيم انحازت للفيلم الفرنسي "مرحباً" وحصد الجائزة لأنه من وجهة نظر لجنة التحكيم التي رأستها المخرجة التونسية الكبيرة "مفيدة التلاتلي" يستحق الجائزة. يجب أن نعترف بأننا مع الأسف لم نتجاوز أحداث "أم درمان" المأساوية التي شهدت انفلاتاً إعلامياً من الطرفين وبرغم أن لقاء الرئيس المصري والجزائي كان يبدو وكأنه ينهي الخلاف السياسي إلا أن الأمر بحاجة إلى حوار ثقافي أكثر دفئاً وحميمية بين مصر والجزائر لنعود إلى حالة الوئام التي نعرفها ودعونا جميعاً ننتظر أن ينتصر الفيلم العربي في معركة الأوسكار مصري أم جزائري لا يهم يكفينا أنه فيلم عربي.. فهل أنا لا أزال أحلم؟! دعونا ننتظر الدورة القادمة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي التي أتمنى أن أرى بين فعالياتها أفلاماً وضيوفاً من الجزائر الشقيق لنمحو كل شوائب الدورة الماضية من مهرجان القاهرة التي شهدت تلك السحابة السوداء في العلاقات الثقافية بين مصر والجزائر!!