· الدفاع يحول وزير المالية إلي «متهم» ويطالب باستدعائه لمحاكمته ويستند إلي تصريحات الرئيس ومضابط مجلس الشعب هبة جعفر علي وقع هتافات الأنصار والمؤيدين ووسط حصار جنود، ربما لا يعرف غالبيتهم حقيقة ما يدور وبين لافتات حملت عبارات تعبر عن الغضب في وسط كل هذه الأجواء، دارت رحي «المعركة القضائية» التي أرادها يوسف بطرس غالي وزير المالية والتي ينازل خلالها «صوت الأمة» ممثلة في رئيس تحريرها وائل الإبراشي، وإحدي صحفياتها «سمر الضوي»، واللذين تحولا إلي ممثلين للفقراء في مواجهة غالي وضرائبه. فعلي سلالم دار القضاء العالي وداخلها دارت أولي الجولات والتي لم يغب عنها أحد. وأمام المحكمة اصطف العشرات من الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان والبسطاء من الناس ومحامون جميعهم وقفوا في مواجهة المئات من جنود الأمن المركزي المدججين بالعصي والدروع وخلفهم ضباط أصدروا أوامرهم بمنع الكم الأكبر من المتضامنين من دخول القاعة. حين دقت الساعة الثامنة استقبلت سلالم دار القضاء العالي في وسط القاهرة العشرات من المتضامنين مع الإبراشي اصطفوا حاملين لافتات كتب عليها «لا لمحاكمة الإبراشي» و«حاكموا مصاصي الدماء» وعلت الهتافات مرددة «يللا يا وائل قول الحق.. يللا قول للظلم لأ» و«يسقط بطرس غالي وتسقط ضريبته»، ولم يقتصر الهتافات علي البسطاء الذين جاءوا ليعلنوا وقوفهم ضد «جرجرة الصحفيين إلي المحاكم» وإنما تلاقت حناجرهم مع نشطاء حقوق الإنسان ونواب في مجلس الشعب وأعضاء في مجلس نقابة الصحفيين، كان من بينهم محمد عبدالقدوس وعبير سعدي ومصطفي بكري وكريمة الحفناوي، وقبل حلول التاسعة كثف الأمن من وجوده ليصل تواجده إلي قاعة جنايات الجيزة والطرقات المؤدية إليها وحتي أبواب دار القضاء العالي وشدد الأمن من إجراءاته واستوقف كل من سعي لحضور الجلسة التي ترأسها المستشار إميل الحبشي رئيس الدائرة 19، وطلب الأمن من الحضور تقديم تحقيق الشخصية ولم يستثن من ذلك الصحفيين ومندوبي القنوات الفضائية ليتكهرب الجو وتحدث مشاحنات بين الإعلاميين ويتطور الأمر إلي حد الاشتباكات والتي اسفرت عن سقوط محمد عبدالقدوس علي الأرض بفعل التدافع. ويرفض الإبراشي دخول القاعة حتي يسمح الأمن للإعلاميين بالدخول، ويظل واقفا أمام باب المحكمة لفترة طويلة. وحضر مع «صوت الأمة» المحامون كمال الاسلامبولي وعصام الاسلامبولي وحافظ أبوسعدة وطلعت السادات وحمدي الاسيوطي وأعضاء في الشبكة العربية لحقوق الإنسان. وبدأت الجلسة بسؤال الإبراشي عن الاتهامات المنسوبة إليه وقال في رده علي المحكمة: أنا ابديت رأيي مثل أي مواطن مصري وكذلك مثل الرئيس مبارك الذي صرح للصحف بأن القانون به ملاحظات تحتاج للنظر ولم نقصد تضليل الرأي العام أو اجباره علي عدم دفع الضريبة المستحقة عليه كما أننا في «صوت الأمة» لم نحرض المواطنين علي حمل السلاح والنزول إلي الشارع لمنع تنفيذ القانون وإنما وضحنا الصورة للمواطنين وأدينا وظيفتنا الصحفية بنقل آراء المواطنين إلي الحكومة عبر وسيلة صحفية محترمة ومن خلال آراء الحقوقيين والخبراء القانونيين ولم نقصد تضليل الرأي العام. وبعد الانتهاء من الإدلاء بأقواله هتف عدد من الحضور والصحفيين داخل القاعة معربين عن سخطهم علي القانون. وقالت الزميلة سمر الضوي إنها لم تحرض المواطنين علي عدم الانصياع للقانون وأن ما قامت به هو نقل صوت المواطنين الرافضين والساخطين علي القانون مؤكدة أن ما جاء بالتحقيقات الصحفية كان معبرا عن رأي الناس ورفضهم تطبيق القانون علي البسطاء ورفعه عن الأغنياء. وفي مرافعته أكد المستشار كمال الاسلامبولي عضو هيئة الدفاع عدم دستورية المادة 177 من قانون العقوبات التي يحاكم بها الإبراشي والتي تنص علي أنه يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز خمس سنوات كل من حرض غيره علي عدم الانقياد للقوانين أو حسن أمراً من الأمور التي تعد جناية أو جنحة بحسب القانون، لافتا إلي أن «نقد القوانين هو ابداء للرأي وهو حق مباح ومكفول لكل شخص بمقتضي الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من قانونها الداخلي ووفقا للمادة 151 من الدستور». وقال المحامي ممدوح رمزي إن القانون كفل حرية الرأي لكن الوزير غالي لم يرتض ذلك كما أن مقدمة البلاغ منال حسين مساعد الوزير لم تتعرف علي القانون بشكل صحيح مما دفعها لتقديم هذا البلاغ ضد الإبراشي وجريدة «صوت الأمة». وشدد حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وأحد أعضاء هيئة الدفاع عن أن حق النقد يستند أساسا إلي نص دستوري مهم ألا وهو نص المادة 47 من الدستور والتي تنص علي أن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون والنقد الذاتي والنقد البناء وضماناً لسلامة البناء الوطني. أما عصام الاسلامبولي محامي جريدة «صوت الأمة» وأحد أعضاء هيئة الدفاع فتقدم بعدة طلبات جوهرية تتمثل في استدعاء كل من مصطفي بكري وطلعت السادات عضوي مجلس الشعب واللذين حرصا علي حضور الجلسة للإدلاء بشهادتهما في القضية باعتبارهما من أعضاء المجلس الذين حضروا جميع مناقشاته فيما يتعلق بقانون الضرائب العقارية الجديدة والمتضمنة آراء بأن القانون يضر المواطن ولا يصب في صالحه، فضلا عن حضور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية بصفته عضوا في مجلس الشعب، وطلب السادات مضابط الجلسات الخاصة بمناقشة القانون للتأكيد علي أقوال النواب الثلاثة. وطالب نبيه الوحش أحد المنضمين لهيئة الدفاع ببراءة الإبراشي وسمر مؤكدا أنه سبق وأقام دعوي قضائية ضد وزير المالية لانذاره بسرعة تحصيل الديون المستحقة كضرائب من الجهات والمصالح الحكومية والمؤسسات الصحفية القومية والتي وصلت أرقام مبالغها إلي المليارات «فلماذا يترك هؤلاء ويفرض الضرائب فقط علي الفقراء»، كما طالب بضمه للدعوي كمتهم لأنه طالب بعدم تطبيق القانون لأنه مخالف للدستور وأنه حرض المواطنين علي عدم تنفيذ القانون والامتناع عن تقديم الإقرار الضريبي علي حد قوله ورفعت الجلسة وبعد ما يقرب من عشر دقائق خرج أمين السر ليسرد قرار هيئة المحكمة والتي قررت تأجيل القضية لجلسة 19 سبتمبر المقبل للإطلاع وضم المستندات وإعلان الشهود.