كأنها البارحة.. مازلت أتذكرتفاصيل اليوم الأول لإنضمامي لكتيبة «صوت الأمة» في مقرها الأول بشارع الغزل والنسيج بالمهندسين. كنت خريجا حديثا لقسم الصحافة بكلية الآداب بجامعة سوهاج بصعيد مصر.. اغتربت بغية تحقيق مستقبلي وهدفي الأول في الحياة.. واجهت صدمات عديدة فيمن قصدتهم من قيادات بارزة في الصحافة المصرية لوضع قدمي علي الطريق.. فأغلبهم أعلن في وجهي سخطه وندمه للعمل بالصحافة ووصفها بأني أبحث عن السراب حديثهم المحبط حولته لوقود للإصرار علي تحقيق هدفي. وبدخولي «صوت الأمة» وفي الأسابيع الأولي تحطمت أمامي أصنام الواسطة والمحسوبية التي ملأوا بها أذاننا ووجداننا أيام الدراسة بأن السبيل الوحيد لمهنة صاحبة الجلالة هو الواسطة والمحسوبية.. أيقنت أن الكفاءة وحدها هي السبيل الوحيد للتقدم إلي الصفوف الأمامية في الكتيبة القتالية التي كان يقودها الأستاذ الكبير عادل حمودة وكان من حسن حظي انضمامي لهم في البداية الحقيقية لطريقي.. كنت رقم 13 في قسم الحوادث الذي شكله صحفي موهوب و«كتيب» بارع شكل موهبتي الكتابية والمبادئ الاساسية التي يسعي أي صحفي مبتدئ لتعلمها.. بالطبع أتحدث عن الاستاذ محمود السمان.. ما أطلق عنه الخطوط الحمراء ذابت أمام تحركات صحفيي «صوت الأمة» حطموا كل التابوهات التي أوهمت الحكومة بها الشعب أنها خطوط حمراء ممنوع الاقتراب منها.. كسرنا الخوف لدي المواطنين للإصرار والمقاتلة للاحتفاظ بحقوقهم حتي لو وصل الأمر للصدام مع الحكومة قضيت ثلاث سنوات تحت قيادة الأستاذ عادل حمودة تمكنت خلالها من تأسيس موهبتي الصحفية بشكل صحيح.. بداية من الحصول علي الخبر أو الموضوع إلي كتابته دون أن يمر علي ديسك، كان ذلك قضيتي الأولي في تلك الفترة.. وفجأة قرر «الرئيس» الرحيل ولم يتبق من الجيش سوي 10 مقاتلين فقط كان عليهم مواصلة المسيرة مع الاستاذين إبراهيم عيسي ووائل الإبراشي .. مر.. كان وقتها الشعور بالمسئولية يزداد.. وصل بنا الأمر للسهر مع رئيس التحرير وائل الإبراشي حتي الساعات الأولي من الصباح والعودة مرة أخري قبل الظهيرة لمواصلة العمل.. كان العشرة مقاتلين الذين تركهم عادل حمودة يقدمون كما من الموضوعات تكفي لثلاثة أعداد حتي نخرج بأجود ما فيها مازلت أتذكر يوما خرجت من الجريدة الساعة الواحدة بعد منتصف الليل متجها إلي سكني بميدان العباسية وقبل صعودي للشقة اتصل بي رئيس التحرير وائل الإبراشي وطلب مني العودة للجريدة لاستكمال موضوع في حملة البحر الأحمر فعدت مسرعا وكلي سعادة... في هذه الفترة ذقنا طعم النصر وردود الأفعال التي انهالت علي المواد الصحفية المنشورة مني ومن زملائي.. لم أنس يوما أول تقرير صحفي وضع عليه اسمي ب«صوت الأمة» بعنوان عطش ضابط شرطة يكشف قضية فساد حتي السطور التي أكتبها.. وكان لسياسة التحرير أوالمدرسة الصحفية التي تتمتع بها «صوت الأمة» لتحويلي إلي محقق صحفي دون أن ادري لمجرد أني التزمت بنهج العمل الممتع في البحث عن الأخبار والتفصيلات المختلفة وطريقة صياغتها وتقيد الوقائع وصناعة عنوان صادم وفي الطريق قرر إبراهيم عيسي الرحيل من أجل التفرغ لإصدار الدستور اليومي وسلم الراية للإبراشي لاستكمال المسيرة التي انضم إليها زملاء جدد بفكر جديد وبرحيل الاستاذ وائل الإبراشي لم يتبق من مقاتلين «صوت الأمة» الاساسيين سوي الزملاء حسام الدين مصطفي وأحمد ابوالخير ورضا عوض عادت لهم نفس المسئولية حتي لايتأثر الاصدار بغياب رئيس التحرير حتي تولي الزميل أسامة خالد الفترة الانتقالية بين الإبراشي وقدوم الاستاذ عبدالحليم قنديل بفكر جديد أكثر سخونة وأطلق العنان إلي آخره لافكار الزملاء وحتي هذه المرحلة كان قد مضي علي «صوت الأمة» ثلاثة مدارس صحفية مختلفة أثرت في محرريها وبرحيل عبدالحليم قنديل أضيف فكر آخر للصحيفة بتولي الاستاذ سيد عبدالعاطي رئاسة التحرير الذي أثر الجميع بإنسانيته.. ويبدو أن قرار الرحيل أصبح مكتوبا لرؤساء التحرير ب«صوت الأمة» ليعود الاستاذ وائل الإبراشي ليحمل الراية مرة ثانية.. 10 سنوات مضت من عمر «صوت الأمة» ومن عمري أثقلت خلالها ما تربيت عليه في مسقط رأسي بجهينة الغربيةبسوهاج..خضت أشرس المعارك مع المسئولين دون أن أراه.