· تأكد بالدليل القاطع أن مرسيدس-بنز ليست الأفضل في العالم وأن مبيعاتها في مصر لم تكن سوي نتاج لممارسات غير شرعية رغم تأكيدات الحكومة أنها لا تتستر علي الفاسدين وأنها تحاربهم أينما كانوا وأياً كانت مراكزهم، لا تزال نفس الحكومة تلتزم الصمت حيال هوية المسئول الكبير الذي ورد ذكره دون الإفصاح عن إسمه في فضيحة رشاوي مرسيدس-بنز. الحكومة الأمريكية من جهتها قالت أنها لن تفصح عن هوية المسئول المصري ما لم تقدم الحكومة المصرية طلباً رسميا بذلك. وحتي اليوم لا تزال حكومتنا الرشيدة تلتزم الصمت المطبق حيال ذلك رغم أن الأمر هام وضروري لسببين أولهما التأكيد علي محاربة الحكومة للفساد بالأفعال لا التصريحات والثاني فتح تحقيق رسمي مع المسئول الكبير لمعرفة المزيد من التفاصيل عن الشق المصري المتعلق بتلك القضية. ويبدو عيباً كبيراً أن تتكشف ملابسات الفضيحة في كثير من دول العالم وتفتح تلك الدول تحقيقات ونظل نحن محلك سر رغم أن الأمر يعنينا في المقام الأول. كنا أول من ألقي الضوء علي تلك الفضيحة وسبقنا غيرنا بأسبوعين كاملين وربما فرضنا علي البعض الخوض في تفاصيل الفضيحة حرصاً علي مصداقيتهم. وكنا الوحيدين الذين حصلنا علي نسخة من المذكرة القضائية التي تكشف تفاصيل تلك الفضيحة. وواقع الأمر هو أن فضيحة الرشاوي كشفت عن الكثير من الحقائق التي تنفي زيف تصريحات مرسيدس-بنز مصر. فقد تأكد بالدليل القاطع أنها ليست الأفضل في العالم وأن مبيعاتها في مصر لم تكن سوي نتاج لممارسات غير شرعية. والطبيعي أن من يلجأ لمثل تلك الممارسات إنما يفعل ذلك لتغطية ضعف منتجه وسوء تصنيعه. أما تصريحات الشركة في مصر والتي قالت فيها أن الأمر لا يعنيها فيبدو مثيرا للسخرية والشفقة لأسباب عديدة وهي أنه علي حد علمنا تتولي الشركة استيراد سيارات الشركة من دايملر بنز حتي لحساب المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وإلا فما هو مبرر ودور فرع للشركة الأم في مصر، فمن غير المعقول أن يكون دور مرسيدس-بنز مصر هو تصنيع بضع مئات من السيارات سنوياً في مصر وإلا لكانت تلك الشركة قد أغلقت أبوابها منذ سنين طويلة. والمضحك أن نفي الشركة يأتي في الوقت الذي تقر فيه الشركة الأمة بذنبها تجنباً للإدانة أمام القضاء وما قد يترتب عليه من مزيد من الفضائح. أما الشركة المصرية، فوجدت أن أفضل السبل هو تحويل الأنظار عن تلك الفضيحة باختبار قيادة لسيارات الشركة في مصر ونفي هزيل نشرته بعض الصحف المصرية عن عدم تورطها في القضية. السليم في حالة مرسيدس-بنز مصر أن تقدم دليلاً قاطعاً علي براءتها من تلك القضية وليس مجرد تصريح هزيل لا يغني ولا يسمن من جوع، فالشركة المصرية، بعد اعترافات الشركة الأم، هي متهمة بالرشوة لحين أن يثبت العكس. ولن نقتنع من الآن فصاعداً أن مبيعات سيارات الشركة للجهات الحكومية في مصر، وهو أمر يمكن أن نلمسه بسهولة في الكم الهائل لسيارات مرسيدس-بنز التي يستخدمها كبار المسئولين، هي نتيجة لجودة منتجات الشركة فقط وليس لأسباب أخري حان الوقت للكشف عنها. وما دامت الشركة المصرية تصدع رؤوسنا ليل نهار بأنها تتبع الشركة الأم في كل شئ، فالأجدر بها أن تتبعها في الشفافية والاعتراف بالخطأ، لأن في عدم القياد بذلك استخفاف بشعب كامل لا يزال في انتظار معرفة الحقيقة بشأن المسئول الكبير وإلي أي مدي تورطت مرسيدس-بنز مصر في هذا الأمر. وفي هذا الأمر نؤكد أننا لا نلقي التهم جزافاً، ولكن يحق لنا أن نعرف التفاصيل المصرية لتلك الفضيحة لمحاسبة الفاسدين الذين سهلوا لمرسيدس-بنز بيع مئات السيارات من أموال الشعب المصري. المؤكد أن مرسيدس-بنز مصر لن تحاول مجرد تبرئة نفسها من تلك التهم بتقديم أي دليل علي نزاهتها لسبب بسيط وهو أن القيام بذلك سيدخلها في متاهات لا قبل للشركة علي الخوض فيها، فالنتيجة ستكون إضافة تهم جديدة للرشوة أبرزها الغش والتدليس وتضليل العدالة.