· د. أحمد عكاشة:الاحتجاجات الفئوية البداية للثورة الشاملة. د. إمام حسين : الإضرابات «فضحت» هشاشة النظام الذي رضخ أمامها · كمال أبو عيطة : وزراء نظيف لديهم طائرات خاصة للهروب خارج مصرليقينهم بأن لحظة الانفجار اقتربت · د. أحمد يحيي : الشعب تمرد علي سياسة «المنع و المنح» واستعاد الذات المصرية لم يكن مشهد تسجيل الدكتور أحمد نظيف هدفا في مباراة استعراضية جمعت عددا من الوزراء والمسئولين احتفالا بأول عيد قومي للرياضة في مصر لم يكن هذا المشهد سوي انعكاس لمدي الاستهتار الحكومي الذي تتعامل به مع مشكلات المجتمع والمواطنين. لكن هذا الاحتفال و "البروباجندا" الحكومية لم تستطع اخفاء الهزيمة الكبيرة لها أمام الشعب بمختلف فئاته والتي هبت في اضرابات سجلت بها أهدافا حقيقية في مرمي هذه الحكومة. فواقع الحال يؤكد أن النظام والحكومة رضخا كثيرا في الأيام الأخيرة أمام مطالب المصريين الذين نظموا الاحتجاجات والاضرابات ضد تعسف هذه الحكومة. الهزيمة الحكومية تكررت في مواجهاتها مع الصيادلة والمحامين وسائقي النقل والمعلمين وموظفي الضرائب العقارية وغيرهم. لتكشف عن حجم الغليان داخل المجتمع بجميع طوائفه وفئاته. لكن الأمر يحتاج إلي تفسير وتحليل. يقول الدكتور أحمد عكاشة رئيس اتحاد الإطباء النفسيين العرب إن هناك تغيرا واضحا في سمات الشخصية المصرية أدي لتدهور القيم وتدني مستوي الحوار ليتحول إلي التعبير بالغضب. والاحتجاج هو الوسيلة المثلي لتحقيق الأهداف، فكما زاد الفساد انتشرت البطالة وارتفعت معها درجة الغليان بالشارع، وهو ما انعكس في صورة اضرابات، فالكل يطالب بحقوقه المهدرة والحفاظ علي لقمة العيش، وبالتالي فإن تلك الاضرابات تنذر بالخطر الحقيقي، فهي الآن علي مستويات شخصية محدودة وتحقق أهدافا لجماعة محدودة. ولكن ذلك سيؤدي لإحداث ثورة شاملة لدي الجميع.ويضيف عكاشة : كل الدراسات اثبتت أن الشخصية المصرية تميل إلي المزاج "النوابي" أي المتقلب بين النشاط تارة والسكوت تارة أخري. ويري الدكتور إمام حسين الاستاذ بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن الاضراب ظاهرة صحية لكنها تعطي انذارا مبكرا لقيام ثورة عارمة تطالب بالتغيير الكلي. وهي تعكس هشاشة النظام حيث إنه أمام كل اضراب يتراجع عن مواقفه وتشريعاته أو اجراءاته. أما أن تذهب الحكومة لتلعب مباراة كرة قدم استعراضية بالقرية الذكية فذلك دليل علي أنها لا تهتم بمصالح الشعب. وعندما يرتدي رئيس الوزراء والوزراء شورت وفانلة ويسجل هدفا من ضربة جزاء فهذا يعكس "بلادة" هذه الحكومة. يؤكد الدكتور أحمد يحيي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس أنه في ظل المتغيرات الجديدة التي حدثت بالمجتمع في بداية الألفية الثالثة، ونظرا لتقدم وسائل الاعلام، ولشعور المواطن بضعف الحكومة وعدم قدرتها علي مواجهة المشكلات، ولنجاخ بعض الحركات الاحتجاجية منذ سنوات في تحقيق مطالبها وأهدافها مثل اعتصام موظفي الضرائب العقارية، فإن كل ذلك شجع باقي الفئات لاتخاذ نفس الآلية وهي الاضراب، لإحراج الحكومة من ناحية ولتحقيق المطالب المرجوة من الإضراب من ناحية أخري. وأشار الدكتور يحيي إلي أن النظام المصري لم يستطع التصدي لأي اضراب أو اعتصام خلال الفترة الاخيرة، وحاولت الحكومة أن ترضخ لمطالب المضربين، وتعمل علي ترضيتهم متخذة في ذلك أساليب مباشرة وغير مباشرة، ومنها مثلا صرف الحوافز والمكافآت واتخاذ قرارات سريعة وغير مدروسة لمواجهة تلك المشكلات، وظهر ذلك واضحا في مواجهة عمال غزل المحلة. وتوقع د. يحيي اقتراب ثورة الجياع مؤكدا أن هناك مؤشرات قوية لذلك وأهمها عدم توافق سياسات الحكومة مع ما يعانيه الشعب ، ولذلك فإن النظام أحدث في الشعب خلال الثماني سنوات الاخيرة تغيرات اجتماعية خطيرة جدا، أفقد الشعب الاحساس بالذات المصرية خلال الفترة الماضية، مما دفع الشعب لاستعادة هذه الروح التي افتقدها متعمدا من النظام، كما أن النظام بسبب سياسة القمع والاضطهاد التي كانت أحد أهم أساليبه خلال العقود الثلاثة الاخيرة، أجبر الشعب علي تحويل ثقافة الاحتجاج اللفظي التي كان يعبر بها عن إنتقاده للحكومة، إلي ثقافة الاحتجاج العملي بالاضرابات والاعتصامات المتزايدة، خاصة في ظل تعامل النظام بتفاهة ولم تتعامل بها حكومات العالم من قبل، وذلك بقيامه بأداء مباريات رياضية، في ظل غليان الشعب المصري من الوضع الاقتصادي. أما صلاح عدلي رئيس الحزب الشيوعي المصري فأكد أن أسباب كثرة الاضرابات في الفترة الاخيرة يرجع إلي أن الحكومة تلجأ لاجراءات اقتصادية وقرارات وقوانين دائما ما تكون ضد مصالح الشعب بشكل صارخ، مما يؤثر علي حياته، كما أن أحد أهم الاسباب التي دفعت جميع الفئات المهنية للاضرابات، أن الشعب ترسخ لديه شعور بأن النظام بدلا من أن يخفف من معاناته جراء توابع الأزمة المالية العالمية، فإنه يحمله أعباء مالية إضافية لا يستطيع أي شعب تحملها، كما أن أحد أسباب كثرة الاضرابات أن المواطن أصبح لديه قناعة شخصية بأن العمل الفردي أو الشخصي أصبح لا يؤدي إلي نتائج، ولذلك بدأت الفئات المهنية المختلفة تتحرك بشكل جماعي لإحراج الحكومة أمام الرأي العام المحلي والدولي، ولتنفيذ مطالبهم، وترضخ الحكومة في المقابل وتنفذ مطالبهم حتي تمر الأزمة، مع أن وجود الحكومة في حد ذاتها هي الأزمة الحقيقية وأشار عدلي إلي أن عام 2008 شهد 300 اعتصام واضراب وذلك حسب إحصائية أعدها الحزب الشيوعي المصري، الأمر الذي يؤكد علي وجود دلالات خطيرة وترقب من الشعب بجميع فئاته والتصدي للحكومة أمام أي قرار تتخذه ضد مصالح الشعب. أما كمال أبو عيطة رئيس النقابة المستقلة لموظفي الضرائب العقارية فأرجع كثرة الاضرابات إلي سوء الاحوال الاقتصادية والاجتماعية، وفشل الحكومة في حل مشكلات الشعب وموجة الاسعار المتزايدة خلال الفترة الاخيرة مقابل دخول محدودة للمواطنين، جعل الشعب ينفجر في وجه الحكومة التي تغلق أبواب الرزق أمامه بدلا من أن يكون دورها تسيير أعمال الرزق، كما أن أحد أهم أسباب كثرة الاضرابات وصول أصحاب الاعمال إلي مراكز إتخاذ القرار، واحتلالهم للوزارات. المختلفة واغتصابهم بشكل علني لجميع حقوق الشعب بمختلف فئاته، مما جعل الشعب لا يحتمل السكوت أو الصمت أمام سرقة حقوقه بشكل لم يحدث من قبل. وأشار أبو عيطة إلي أذ الشعب كان في الفترات السابقة قبل اتخاذ اسلوب الاحتجاجا يتبع اسلوب شد الحزام علي بطنه وتخليه عن جميع الاشكال الآدمية في المعيشة. وكان الشعب المصري يتعامل بفلسفة التحايل علي الحياة، وكان يستغني عن وجبات اساسية، إلا أنه عندما وجد في الفترة الاخيرة، أن الحكومة تريد أن تحرمه من الحياة ذاتها. وعندما وجد الشعب أنه وصل إلي "الحديدة"، بعد أما لم يعد أمامه ما يخسره أكثر مما خسره بالفعل، علي أيدي حكومات متخصصة في قتل المواطن ولذلك إنتفضت بعض الفئات المهنية والعمالية، للاحتجاج علي حقها في المأكل والمشرب والحياة البسيطة، وليس للمطالبة بالحريات أو بالسلع الترفيهية، كما يحدث في كل بلدان العالم، التي يكون احتياج شعوبها متعلقا بالحريات، أو بتوفير سلع ترفيهية، إلا أن المصري تركزت احتياجاته، في المطالبة بالحد الأدني من حقوق الحيوان وليس الانسان والمتمثلة، في توفير الفول والعيش والملابس الرخيصة التي لا تعمل علي تدفئة الشعب في شتاء مصر. وفسر أبو عيطة قيام الحكومة بعمل يوم رياضي قومي وقيامها باداء مباريات تافهة في كرة القدم والطائرة وظهور وزراء مصر بمظهر الرياضيين، إلا أن الحكومة أكدت بذلك بأنها لا تشعر بآلام الشعب ولا تعمل علي تلبية مطالبه، بل تحقق مصالحها المادية في التربح، وتكنيز المليارات في بنوك سويسرا. وأكد أبو عيطة بأن الاضرابات والاعتصامات سوف تزداد في الفترة القادمة، ولذلك فإن جميع وزراء حكومة نطيف قاموا بشراء طيارات خاصة للهرب إلي خارج مصر في حالة حدوث انفجار شعبي أو ثورة شعبية أو عصيان مدني، وذلك لتأكدهم من أنهم يظلمون الشعب، وأنه لابد من أن يقوم الشعب بمحاسبتهم وطردهم في يوم ما.وأكد أبو عيطة: أن الاضرابات ستزيد في الفترة القادمة وذلك بسبب أن الوزراء خسروا المليارات بسبب الأزمة العالمية الاقتصادية، التي افقدتهم أموالهم في بورصات العالم أجمع، ولذلك ستحاول الحكومة تعويض أموالها عن طريق فرض جبايات جديدة علي الشعب، والتي سوف يقاومها الشعب بالمزيد من الاضرابات والاعتصامات إلي أن يصل إلي العصيان المدني. وقال الدكتور أحمد رامي - عضو مجلس نقابة الصيادلة -إن الشعب وجد أن الطرق الودية لا تثمر مع هذا النظام، و أن هناك طرقا فعاله وأهمها الاضراب. من جانبه أكد المهندس عبد العزيز الحسيني - القيادي بحزب الكرامة - " السبب الأول في تحرك المصريين يرجع إلي حركة كفاية التي رفعت سقف المعارضة. والاضرابات وإن لم تكن حلا نهائيا، إلا أنها تحقق انتصارا جزئيا مثل عمال المحلة وموظفي الضرائب العقارية، وهذا أكد عكس ماقاله الوزير غالي إن الحكومة "مبتجيش بلوي الذراع"، بل إنها لا تأتي إلا "بلوي الذراع". أما كمال خليل - مدير مركز الدراسات الاشتراكية - فقال "مستوي الاجور لا يكفي للمعيشة والنظام يحاول تحميل أزماته للجماهير لذلك بدأت وتيرة الحركة الاضرابية في التصاعد والتي ستزداد وحده مستقبلاً بسبب الأزمة المالية العالمية. ولكن ما نتمناه هو وحدة الاضرابات بين كل الفئات المتضررة حتي نصل إلي مرحلة الاضراب العام وهو الطريق الوحيد أمامنا لنيل حقوقنا ومطالبنا".