وزير الكهرباء يبحث سبل دعم مشروعات الطاقة المتجددة بمحافظة الوادي الجديد    قصور الثقافة تكرم أفضل المواقع الثقافية لعام 2024 في احتفالية بروض الفرج    أول تعليق من السيسي على تصريحات ترامب بشأن سد النهضة    وزير البترول: 446 مليون دولار عائدات تنمية الثروة المعدنية خلال 2024-2025    مصر الرقمية تتصدر محركات البحث.. إليك كل ما تحتاج معرفته عن المنصة الحكومية الشاملة| فيديو    «الكرملين»: موسكو لم تتلق مقترحات من أوكرانيا بشأن الجولة الثالثة من المحادثات    حماس تنعى فرج الغول: كان مثالًا للعالم الملتزم والمقاوم الصلب    "هروب سياسي".. شوبير يكشف مفاجأة بشأن رحيل وسام أبو علي    كريم الدبيس: كولر أخلف وعده معي.. ومحمد هاني كان عارف إن زيزو جاي الأهلي    "سيغادر إلى إسبانيا".. إبراهيم عادل يستعد للانضمام لفريقه الجديد (خاص)    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر علي حريق كابل كهرباء بشبرا الخيمة| صور    محامي المجني عليه في واقعة «شهاب من الجمعية»: موكلي صوّر المتهم لحماية حقه    انتشال جثمان غريق من مياه كفر أبو حطب في الشرقية    السيسي: نقدر حرص ترامب على حل أزمة سد النهضة    حوار| بطرس دانيال: الدورة ال75 لمهرجان المركز الكاثوليكي استثنائية    ياسمين عبد العزيز تنشر فيديو من داخل استوديو التصوير    بعد 53 يوم.. أحدث أفلام كريم عبدالعزيز يحقق إيرادات 136.1 مليون جنيه (تفاصيل)    محافظ سوهاج يدشن انطلاق حملة 100 يوم صحة    الأرصاد: تغيرات مناخية متسارعة وراء سقوط الأمطار في يوليو    جهود قطاع «الأمن الاقتصادي» بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء15 يوليو 2025    "مخاوف من الزمالك ورحيل بلا قيود".. القصة الكاملة لأزمة أحمد عبدالقادر مع الأهلي    السفارة الأمريكية في بغداد تدين الهجوم على حقلي نفط بالعراق وتطالب بالتحقيق    إزالة 381 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالمنيا    بإطلالة أنيقة.. ميرنا جميل تتألق في أحدث ظهور (صور)    مدحت العدل يتصدر التريند بعد تصريحاته عن حفيدة أم كلثوم    قوائم انتظار مسابقات التعليم.. عبد اللطيف يشيد بمقترح "التنظيم والإدارة" وموعد التطبيق    القومي لحقوق الإنسان يعقد ورشة عمل حول العمال وبيئة العمل الآمنة    بعد محمد شكري.. شوبير يكشف حقيقة ضم الأهلي لصفقات جديدة    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن دون تفعيل صفارات الإنذار    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    ب181 مليون جنيه.. اتحاد المهن الطبية يبدأ صرف معاش يوليو ل127 ألف مستفيد    «مش كل الناس بتحب البحر».. أبراج تعاني من الضغط النفسي في المصيف    تحولات النص المسرحي المعاصر وتجارب الكتاب الجدد على مائدة المهرجان القومي للمسرح    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    الدفاع الروسية: إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 15 يوليو في بداية التعاملات    وزارة الدفاع الأمريكية تمنح شركات ذكاء اصطناعي رائدة عقودا بقيمة 200 مليون دولار    واشنطن تفرض رسوما جمركية بنسبة 17% على الطماطم المكسيكية    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    تنسيق الدبلومات الفنية 2024 دبلوم الزراعة نظام 3 سنوات.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    وزيرا دفاع ألمانيا والولايات المتحدة يناقشان ضرورة تنسيق خفض القوات الأمريكية في أوروبا    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    القانون يحدد عقوبة إقامة محجر على أراض زراعية.. إليك التفاصيل    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    «مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    أكثر أنواع السرطان شيوعًا.. تعرف على أبرز علامات سرطان القولون    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بنجامين بوتون» من رحم الأم إلي رحم الأرض!
نشر في صوت الأمة يوم 27 - 02 - 2009

كلنا نبدأ أطفالاً وننتهي أطفالاً نخرج من رحم الأم لندخل إلي رحم الأرض في تلك الرحلة التي تستغرق في المتوسط 80 عاماً يبدأ الطفل يحبو وينتهي عجوزاً يحبو أيضاً.
ما رأيكم لو أننا فكرنا أن نبدأ العكس طالما أن البداية مثل النهاية.. كانت هذه هي القصة التي كتبها "سكوت فتز جرالد" متخيلاً أن الزمن قد غير قواعده المتعارف عليها لطفل يولد بوجه عجوز تملؤه التجاعيد بجسد تتضاءل قدراته غير قادر علي الحركة لا أحد يعرف سوي أنه مخلوق في طريقه للنهاية إلا أننا نكتشف أنه في طريقه للبداية فهو يصغر مع الزمن وتمحي تجاعيد وجهه وتزداد نضارته مع الأيام لتبدأ بعد ذلك رحلة النهاية.. السيناريو أعده للسينما "إيريك روث" إخراج "دافيد فنشر".
يبدأ السيناريو بلحظة فرح لا تنسي وهي تلك التي نشاهدها مع نهاية أحداث الحرب العالمية الأولي 1918 إنه موعد بالفعل أسطوري للميلاد العالم كله يفرح.. كان الأمريكان يجوبون الشوارع رقصاً والسماء تملؤها الصواريخ المضيئة ونري الساعة في المحطة الرئيسية وكأنها تشير إلي الزمن الذي نحياه جميعاً وينتهي الفيلم بساعة أخري جديدة إيذاناً بإعلان البداية لحياة قادمة.. الأقدار هي التي تضعنا معاً في الطريق وهكذا يلتقي العجوز الذي يعيش بمشاعر طفل وملامح عجوز "براد بيت" مع "كيت بلانشيت" التي تعيش نفس المرحلة ولكن باتجاه صحيح لساعات الحياة.. طفلة، مراهقة، شابة، امرأة، عجوز.. الحياة يعيش فيها الاثنان لحظة الذروة وهي تلك التي يلتقيان فيها في المنتصف حيث يقترب كل منهما في اتجاه الآخر زمنياً هو بالاختصار وهي بالزيادة.. وتأتي ذروة اللقاء في المرحلة المتوسطة من العمر وبعدها يفترقان هي توغل في الكبر وهو يوغل في الصغر هو يتجه للنهاية ولكن جسده يصغر يعود طفلاً لكنه يعاني من الشيخوخة بينما هي تكبر في ملامحها وتتجه للنهاية الطبيعية.. اللقطة الأخيرة نراها وهي تحمله بين يديها وتنظر إلي عيني الطفل الذي ينظر إليها متأملاً تدرك هي أن هذه هي لقطة النهاية ولحظة والوداع.. وذلك لأنه كما شعرت قد تعرف عليها وعاد مرة أخري إليها.. إننا نري الحكاية من خلال سرد مزدوج "كيت بلانشيت" تروي لابنتها حكايتها بعد أن أصبحت عجوزاً و "براد بيت" يلتقط الخيط ليروي.. عندما يولد الطفل "براد بيت" تموت الأم يحاولون أن يمنعوا الأب من رؤية الطفل بتلك الملامح العجوز.. الخسارة مزدوجة في لحظة واحدة يفقد الأم ويجد أمامه طفلاً مشوهاً في لحظة غضب يحاول التخلص منه بإلقائه في النهر ثم يتراجع ويتركه بجوار بيت للمسنين تلتقطه مربية سمراء تعمل في البيت تقرر أن تحتفظ به تدعي أنه ابن شقيقتها وأن عليها أن ترعاه.. نعم هو عجوز غير قادر علي الحركة يعيش مع العواجيز أمثاله يلتقط رزقه بالعمل علي إحدي البواخر ويتعرف علي الجنس لأول مرة يكتشف هذه المتعة التي لم يكن يدركها إلا في بيت الدعارة.. هل يملك الإنسان مصيره أم أننا نلتقي لأن الأقدار تريدنا أن نلتقي.. لم تكن عبثاً مثلاً أن يزرع السيناريو في الجزء الرئيسي الذي تجري أحداثه في بيت المسنين حكاية هذا الرجل الذي ضربته الصاعقة 7 مرات في حياته في كل مرة نشاهد مأساة الصاعقة بروح أقرب إلي الكاريكاتير وهكذا الأقدار قد نراها تحمل قدراً من التكرار وهو أحد ميكانيزمات الضحك.. في المرة السابعة نري كيف يتوافق الإنسان مع قدره وذلك عندما يقول الرجل العجوز إن الصاعقة الأخيرة أتت علي إحدي عينيه ويديه متذكراً دائماً أن الله مد في عمره حتي يتذكر دائماً تلك اللحظة في الوقت الذي نري دائماً أن الحمار الذي يمتطيه والعربة التي يقودها لا تصاب بسوء والصاعقة تبدو وكأنها "تنشن" عليه.. الأقدار نفسها هي التي حرمت "كيت بلانشيت" من ممارسة المهنة التي تعشقها وهي الباليه وذلك في حادث علي الطريق لو تأخرت ثانية واحدة ربما يتغير القدر ولهذا وفي لحظة تمتلئ فيها بالغضب علي ما آلت إليه نشاهد بطلة سباحة عجوز تصر علي أن تحقق إنجازها الرياضي وهي في الخامسة والستين من عمرها.. التضحية أحد المحاور الرئيسية في هذا الفيلم الأب لم يستطع أن يتعايش مع طفله ولكن الممرضة السمراء التي شعرت بالمسئولية ولهذا فإنها هي أمه الحقيقية.. الفيلم يسخر من رجل الدين وهكذا رأينا رجل الدين يجبره علي الحركة ولكنه لا يستطيع وفي لحظة تبدو فيها وكأن المعجزة الإلهية قد حلت عليه نكتشف موت رجل الدين!!
ما هي تحديداً العلاقة بين البطلين إنها رحلة رسمتها الأقدار كان ينبغي أن يلتقيا طفلة وطفل عجوز يؤكد لها العجوز أنه طفل مثلها يداعبها تحت السرير ولا ينسي عيونها ويمر زمن ويراها بعد أن أصبح يتجه عكسياً إلي عمره الزمني الحقيقي لتتوافق في لحظة الملامح مع العمر مع القدرة العقلية والجسدية في تلك المرحلة يلتقيان وينجب الطفلة كان متردداً وخائفاً من أن يري أمامه طفلة تعيد له حياته مرة أخري لكنه يجدها طفلة مكتملة إلا أن الزمن يمضي بينهما عكسياً هي تكبر وتراه يزداد شباباً بينما هي تكبر والتجاعيد تملأ وجهها.. في لحظة هي تعلم أنه سوف تصبح بمثابة أمه وهو سيصغر ليصبح ابنها.. كل منهما يصبح عبئاً علي الآخر يقرر الرحيل لأنه يخشي أن يجد نفسه وقد أصبح في عمر ابنته وهو ما حدث بالفعل بعد أن قرر أن يجوب العالم ويمارس أي مهنة ونراه في الهند وكان حريصاً كل عيد ميلاد أن يرسل لابنته خطاباً يوم ميلادها يتمني رؤيتها ولكن كيف؟! المرأة تتزوج من أرمل يصبح بمثابة والد لهذه الطفلة التي تدرك مع النهاية أثناء سرد أمها للحكاية أنها ابنة هذا الرجل الذي يزور أمها وكان في مثل عمرها!!
يحاول الإقدام علي الانتحار وتنقذه ينسي الأسماء والأشخاص ولا يبقي له شيء سوي أن ملامحه تصغر ليعود طفلاً ويغمض عيناه للمرة الأخيرة وهي تحمله بعد أن أصبحت في عمر جدته بينما هو في عمر حفيدها!!
والساعة في المحطة يتم تغييرها إعلاناً عن زمن جديد يأتي.. المخرج "دافيد فنشر" يقدم لنا فيلمه برؤية سينمائية نري فيها الأقدار تحيط بالأبطال بتنويعات علي كل الأنماط البشرية.. المحافظة علي الخطوط العامة تتوازي وتتقابل ثم تتحد.. الموت الذي يخطف الأشخاص يبدو وكأنه خيط ينسجه القدر كل شخصية تسلم للأخري مفتاح الحياة وترحل.. الأم تلد وينتهي دورها الأب يهرب وعندما يظهر قبل رحيله يوصي بثروته لابنه الذي لم يعد في حاجة إليه المربية بعد أن انتهي دورها وأصبح "براد بيت" في ذروة السعادة مع "كيت بلانشيت" ترحل.. كان ينبغي أن تظل هي صامدة وحتي النهاية لتحضنه طفلاً رضيعاً.. نستطيع أن نري مخرجاً يلجأ إلي حالة نادرة استثنائية جسدها باقتدار "براد بيت" حالة ضد الزمن البشري الذي نحياه ولكننا نري فيها كل حياتنا التي لم نعشها.. بالفعل هي لحظات نادرة لا يستطيع أحد من سكان العالم أن يتخيل هذه ا لحياة ولكن الصورة علي الشاشة هي بالضبط حياتنا.. نلتقط خيطاً أو لحظة زمنية عاشها "براد بيت" تصبح هي عمرنا في الحياة ونتحرك نحن لأعلي أو نهبط لأسفل لنتابع حياتنا.. نري في الفيلم بإحساس سينمائي كيف أن المخرج يختار تنفيذ مشاهد الرجل المسن في الضربات السبع للقدر وكيف أنها تقدم بحالة تذكرنا بأفلام عصر السينما الصامتة حيث تتغير سرعة حركة الكاميرا لتبدو الكاميرا والحركة ميكانيكية!!
التصوير والمونتاج والمكياج والمؤثرات السمعية والبصرية كلها عناصر لعبت أدواراً إيجابية في التعبير عن حالة الأبطال وتأكيد الجو العام.. هل يحصد هذا الفيلم جوائز الأوسكار خلال الساعات القادمة.. إن الترشيحات الثلاثة عشر مؤشر قوي بالطبع وعلينا أن نري بأنفسنا من يحمل في نهاية الأمر تمثال الأوسكار!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.