· أول ما نصطدم به في فيلم «أحاسيس» هو تلك الشخصيات الكثيرة المتناثرة داخل الحدوتة والتي لم يجدالمؤلف والمخرج صيغة درامية تجمعها داخل حكاية «متماسكة» فشل هاني جرجس فوزي في أن يصبح منتجا متميزا مثل والده، فقرر تعديل المسار واتجه للاخراج، وخلال عامين قدم فيلمين هما:«بدون رقابة» في العام الماضي، ثم «أحاسيس» الذي يشغل بعض صالات العرض الآن.. وليته ما عدل المسار!! من البرامج التي تم استحداثها في الفترة الأخيرة في المحطات التليفزيونية والقنوات الفضائية نوعية تعتمد مادتها علي مناقشة القضايا الاسرية والمشكلات الجنسية، حيث تتم استضافة طبيب يقوم بالرد علي ما يطرح من مشاكل عن طريق الهاتف، وهي برامج حققت قدرا من الجذب الجماهيري مثلها مثل برامج التوك شو، وبرامج الفتاوي الدينية، حيث إنه ينقصنا ما يعرف بالثقافة الجنسية، وجهل البعض بمسألة اقامة علاقات عاطفية حميمية صحيحة ومشبعة!.. وعموما فإن هذه البرامج- رغم أنها لاتخلو من هدف تجاري- إلا أنها افسحت مساحة لنوعية من المشكلات المسكوت عنها، أو التي يري المجتمع أنه من «العيب» الخوض فيها، ولكنها ظلت في إطار إعلامي لايرقي إلي مستوي الثقافة الجنسية.. وما يعنينا هنا أن المخرج هاني جرجس فوزي التقط مع السيناريست اشرف حسني أكثر هذه المشكلات إثارة وقدمها فيلما. أول ما نصطدم به في فيلم «أحاسيس» هو تلك الشخصيات الكثيرة المتناثرة داخل الحدوتة والتي لم يجدالمؤلف والمخرج صيغة درامية تجمعها داخل حكاية «متماسكة» وتوهمنا بداية الفيلم أننا أمام ذكري قصة حب، ولكن الصورة أمامنا تؤكد أنها قصة علاقة جنسية، فالحبيب هنا لايتذكر ولايبقي في مخيلته من حبيبته سوي جسدها وهي بالمايوه ومياه البحر تحتضنه.. وهو يتذكرها لانعرف لماذا؟!.. فقد انفصلا منذ 7 سنوات.. فلماذا الآن؟!.. وعلي الجانب الآخر نجد أنها ايضا تتذكره، والاكثر من ذلك أنها تطلب الطلاق من زوجها الذي انجبت منه طفلين لتذهب للبحث عنه «علا غانم- باسم سمرة»!.. والفيلم لايقدم لنا أي شئ من بطلته «سلمي» سوي أن تمردها وطلبها للطلاق جاء بسبب أن علاقتها الجنسية بحبيبها القديم كانت أكثر حميمية واشباعا لها من علاقتها بزوجها، وقد اكتشفت ذلك الآن فقط، ليس بعد 7 أيام، ولا 7 أسابيع، ولا 7 أشهر، إنما بعد 7 سنين وطفلين. واذا كانت هذه هي أزمة «سلمي» فما هي أزمة إيهاب الحبيب القديم؟! إنه يعيش قصة جنس كاملة مع راقصة في كباريه «ماريا» ولكن يبدو أن السنين لم تنسه جسد حبيبته أو تجربته الجنسية الأولي!.. لقد قرر ايهاب أن يترك حبيبته منذ سنوات لانه يعاني من مرض سرطاني في المخ، والغريب أن هذا المرض ظل كامنا كل هذه السنوات من أجل صنع هذا الفيلم بالذات وعندما عادت حبيبته عاد المرض «وش نحس»!.. والمهم أن تكملة الحكاية هي موت «إيهاب» وطلاق «سلمي» ياعيني علي الميلودراما الاخلاقية. بقية شخصيات الفيلم تنويهات علي حكاية «سلمي» فأزمة عدم الاشباع الجنسي والقبول العاطفي التي تعاني منها «سلمي» هي نفس أزمة صديقتها داليا« مروي» وهذه الأخيرة وجدت حلا عبقريا هو الا تخسر حياتها الأسرية، لأنها أم وتعول فقررت أن يكون لها عشيق دائم إلي جانب الزوج!.. ومن ناحية أخري يبدو أن الست «سلمي» نفسها أنوثتها مضروبة لذلك يتخذ زوجها «ادوارد» من سكرتيرته عشيقة «ايناس النجار»!.. ويتجه الفيلم بعد ذلك إلي صديقه ايهاب «أحمد عزمي» الذي يعاني مثل «سلمي» من عدم اشباع زوجته «راندا البحيري» لرغباته فيعوض هذا النقص في علاقة مع الراقصة التي تعمل بالكباريه« دنيا عبدالعزيز» ولأن العلاقات كلها جنس في جنس، فنحن طوال الفيلم مطاردين باجساد هؤلاء النسوة وبشكل خاص علا غانم ومروي ودنيا. ما كل هذا الانحلال التي تعيش فيه كل شخصيات الفيلم؟.. وتشير ديكورات العمل إلي أننا أمام شخصيات ثرية وهاجسها الاساسي هو الجنس، ولكن اين المجتمع الذي تعيش فيه هذه الشخصيات التي تظهر طوال الفيلم بلا مهنة ولاطموح ولامشكلات أخري، وهذه صيغة لاتصلح إلا لأفلام البورنو!.. وبعد دعونا نسأل: ما هي مشكلة هذا الفيلم؟! .. إن هاني جرجس فوزي يطرح للمرة الثانية مشكلات جنسية قد يكون لها حالات مشابهة في المجتمع، وفي الفيلم الأول كانت مع الشباب في مرحلة ماقبل الزواج، أما في الفيلم الثاني فكانت مع شخصيات بعد الزواج، ولكن هذا يحدث من خلال معالجات شديدة السذاجة، وتروي علي الشاشة علي طريقة حكاوي القهاوي.. وأغلب الظن أن فيلم «احاسيس» استمد مادته من البرامج التليفزيونية وعلي طريقة مشكلة علي التليفون ، وليست هكذا تصنع الافلام بدون معالجات ولا احداث.. ولا رؤية. يبقي اسم الفيلم «أحاسيس» الذي لانجد له وجودا في شخصيات الفيلم، إنها شخصيات تحركها الرغبات الهائجة بمشاعر متدنية تخلو تماما من أي حب أو رومانسية أو احاسيس.. إنها هواجس جنسية بلا أحاسيس.