· هناك قائمة طويلة من المسئولين يمارسون أعمال السمسرة والنهب في أرض النوبة.. ومجموعات الفساد أقوي من الرئيس مبارك · دعوات الانفصال اتهامات باطلة يروج لها النظام ولا يوجد تنسيق بين النوبيين والأقباط.. ولا نسعي للاستقواء بالخارج أكد الناشط الأديب النوبي حجاج حسن أدول أن عام 2010 سيكون عاما حاسما في القضية النوبية بعد أن هدد الشباب النوبي بثورة عنيفة في الجنوب اعتراضا علي الاضطهاد الذي يتعرضون له علي يد النظام المصري، وهو ما دفعهم إلي الاستجابة للدعوة الموجهة إليهم من مجلس الأمن الذي سيناقش حالة حقوق الإنسان في مصر، حيث من المتوقع أن تصدر سلسلة من العقوبات الدولية علي مصر بسبب عملية السلب والنهب المنظم التي يتعرض لها منطقة النوبة علي يد مجموعة من رجال الأعمال والوزراء. أدول الذي جهز تقريرا كاملا للسفر به إلي أمريكا أكد لنا أن القضية النوبية صارت لغما ينتظر الانفجار في أي لحظة.. وإلي نص الحوار: كيف تم توجيه الدعوة للنوبيين لحضور مؤتمر مجلس الأمن؟ - وجهت لنا بعد أن قامت زميلتنا منال الطيبي بصفتها رئيس المركز المصري لحقوق السكن بإعداد تقرير بالتعاون مع القيادات النوبية تحدثت فيه عن القضية النوبية وحق العودة النوبيين إلي أراضيهم وقامت بارساله إلي منسق المؤتمر، والذين سيناقشون الوضع النوبي وإصرار الدولة علي عدم عودة النوبيين إلي أراضيهم التي سلبتها الدولة منهم وقد شكل النوبيون وفدا صغيرا للسفر إلي جنيف لحضور المؤتمر وعرض قضيتنا مدعمة بالمستندات والصور، حيث سيقوم بالسفر خلال الأيام المقبلة. ما الذي تحمله الأجندة النوبية هذه المرة؟ - المشاكل والآلام والصراع الذي استمر لأكثر من 50 سنة مع النظام في مصر، ولعل أهم المشاكل التي تحملها الآن هي مطالبنا للدولة المصرية بتخصيص دائرة انتخابية خاصة بنا يكون لنا فيها نائب يستطيع أن يدافع عنا ويقدم مشاكلنا ويعرضها علي المجلس، حيث كانت لنا دائرة قبل القيام بتغيير الأسماء فقط، وهو ما جعلنا نشعر بالإهانة من الحكومات المصرية لأنهم يعاملوننا كمجموعة منبوذة، رغم أن النوبة لم يظهر فيها خائن واحد، فهل جزاؤنا أننا مواطنون مصريون محافظون علي هويتنا، وعندما احتدم الخلاف فوجئنا بقولهم إن هناك وادي النقرة وهي منطقة بجانب مناطق التهجير وقالوا: لكم في ذمتنا 5221 مسكنا وحاولوا إجبارنا علي قبول الوضع بإنشاء عمارات شاهقة يكون لكل شخص شقة وهو ما رفضناه حيث طلبنا بناء مساكن أهالي وعندما اعترضنا قالوا لنا إن هناك وادي كركر وسوف نعطيكم هذه المنطقة، وكانت هذه أول هزيمة للنظام أمام النوبيين، حيث وافقنا بشكل مبدئي رغم اننا نصر علي حق العودة الكامل والذي يشمل الأراضي الممتدة من السد العالي إلي جنوب السودان. ما الذي حدث بعد ذلك؟ - طلبنا من مسئولي الحكومة أن يعاملونا مثل مهاجري السويس الذين تركوا بلادهم بسبب الحروب ثم أعادتهم الدولة بعدما سمحت لمن يريد أن يبني في السويس ويعيش أن يقوم بذلك، وهو نفس ما نريده من الحكومة أن تقوم بالتهجير وأخذها منا رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق وضمها لنفسه دون سبب ومن وقتها ونحن نعاني من هذه المشكلة لأننا أقلية عددية وبالتالي يفرضون علينا ما يريدونه إضافة إلي الخدمات المنعدمة، أما أهم أزمة لدينا فهي حق العودة وهو حق للشعوب الأصيلة في كل أنحاء العالم ممن يتمتعون بيئة معينة ولهم لغة خاصة وصار تكوينهم الثقافي مرتبطا بالموطن وهو الشعب النوبي، حيث كان الهدف من التهجير إبعاد النوبيين عن نيل المياه الموجود، وقد حاولنا إثارة مشكلتنا وقتها إلا أن الحكومة وقتها كانت تعاني من مشاكل عديدة خاصة بعد أزمة 1967 فقررنا تأجيل مناقشة الأزمة لسنين طويلة حتي لاحظنا أن هناك تجاهلا لنا ولمشكلتنا دون سبب، حتي علمنا أن هيئة الأممالمتحدة أرسلت أكثر من مليار و300 مليون دولار لإعادة النوبيين إلي أراضيهم ولا نعرف ما هو مصير هذا المبلغ، في تلك الأثناء أعلن سمير يوسف المحافظ السابق إنشاء 18 قرية في المنطقة النوبية حول البحيرة باسم بشائر الخير وقال لنا إن هذه المنطقة خاصة بالنوبيين فقام بتوطين غير النوبيين بعد أن أنشأ ثلاث قري هي توماس وعافية جرف حسين وكلابشة، ووضع فيها غير النوبيين دون مبرر، وعندها اعترضنا علي ذلك باعادة النوبيين أولا ومن يريد أن يعيش معنا فالنوبة مفتوحة. هل وافقت الحكومة علي هذا الطرح؟ - لم نحصل علي موافقة صريحة بل وتضاعفت مشكلة النوبيين بعد أن ظهر عدو آخر إلي جانب الحكومة وتمثل هذا العدو في مؤسسة الفساد والتي ضمت رجال أعمال ووزراء ومسئولين يعملون في سمسرة الأراضي والذين تحولوا إلي أراضي النوبة وهم نفس المجموعة التي «لهفت» أراضي البحر الأحمر والقاهرة الإسكندرية الصحراوي والساحل الشمالي بملاليم لتكسب فيها مليارات حيث اتجهوا إلي أراضينا ليستولوا عليها، ويقوم مسئولون كبار نعرفهم بالاسم ونجهز لهم قائمة يقومون بشراء أراضينا والسمسرة فيها، فيكفي أن نعرف أن مسئولا كبيرا بالدولة لديه 83 ألف فدان استولي عليها من أراضي النوبة، ولا يستطيع أحد الاقتراب منه نحن لسنا ضد هذه المنظومة لكننا نريد حقنا، وما نطالب به أن يتم إتاحة الفرصة لعلماء مصر ليدخلوا إلي هذه المنطقة ويخططوا تخطيطات شاملة خاصة أن النوبة لها بيئات زراعية وصناعية وسياحية، لكن المسئولين ووزراء السمسرة لا يريدون للعلماء أن يدخلوا ليعملوا، بل يسهلوا الطريق للحرامية، لنهب أراضي النوبة وهو ما يظهر أننا نتعرض لنهب منظم علي يد مؤسسة الفساد التي تضم مسئولين رفيعي المستوي ووزراء ورجال أعمال رغم أننا نمثل بعدا للأمن القومي المصري في الجنوب، لأن منطقة النوبة هي الجسر الحقيقي بين مصر والجنوب الافريقي لوحدة اللون بيننا وبينهم، كما يمكن أن تكون النوبة «فرشة» ثقافية للعلاقات مع أفريقيا تستفيد منها مصر. هناك اتهامات دائما للنوبيين بأنهم دعاة انفصال فهل هذا صحيح؟ - هذا اتهام باطل تروج له الحكومة، لكننا ندعو إلي وحدة كاملة مصرية سودانية أساسها منطقة النوبة تستفيد منها مصر والسودان معا، إلا أن أعضاء مؤسسة الفساد يسعون دائما إلي إخراج «الفزاعة» للحفاظ علي تواجدهم في أراضي النوبية بالادعاء أن النوبيين يريدون الانفصال وأنا أتساءل: هل أنفصل عن بلدي فالنوبي هو أصل مصر وارجعوا للتاريخ لتعرفوا أن النوبي مصري حتي النخاع. هناك من يروج أن النوبيين يتعرضون لتطهير عرقي فهل هذا صحيح؟ - نعم، النوبيون يتعرضون لتطهير عرقي فعندما تكون هناك مجموعة من البشر يعيشون في منطقة معينة ويتمتعون بخصوصية معينة وتأتي الدولة وتجبرهم علي الخروج من أراضيهم، ألا يعد هذا تطهيرا؟، صحيح أنه ليس بالسلاح لكنه محاولة فصل النوبيين عن تاريخهم ومنطقتهم، كما أنها اتبعت معنا سياسة النصب، بأن أوهمت النوبيين بالجنة في النوبة الجديدة فذهبنا وراء الحلم الزائف لنكتشف الحقيقة، وعندما اعتراضنا علي ذلك هددونا بالاعتقال. هل تري أن الظرف السياسي المصري الداخلي يسمح باثارة القضية النوبية؟ - الجو ملائم من وجهة نظري وأتساءل لماذا لم تحل الحكومة هذه المشكلة، ولماذا لم يصدر قرار سيادي حتي الآن بأولوية العودة للنوبيين، فإذا صدر هذا القرار سندرك أن نية الحكومة تجاه النوبيين نية سليمة، ساعتها سنطلب إغلاق الملف النوبي فورا، بحيث نعطي هذه الأراضي لشباب الخريجين من النوبيين إلا أنني أدرك أن القرار لن يصدر مجاملة للمستثمرين الذين وقعوا عقودا بالفعل مع المحافظة ليستولوا علي أراضينا ليبكي النوبيون طوال القرن العشرين إلا أنني أعد مصر بأن تبكي طوال القرن ال 21 طالما أنها لن تحل القضية النوبية طالما أن أراضينا تذهب للوليد بن طلال ولغيره من رجال الأعمال أو السياسيين المصريين. البعض يتحدث عن تنسيق بين النوبيين والأقباط في هذا المؤتمر؟ - هذا كلام حكومي سخيف تسعي به الحكومة إلي تشتيت الانتباه عن القضية الأساسية، كما تسعي إلي إهانة كل من يطلب حقه ولعل البرادعي الذي تعرض لتشويه من جانب الحكومة خير مثال علي ذلك، وما نود أن نؤكد عليه هو أن قضيتنا ثقافية وليست عرقية، فالنوبة تضم عائلات عربية وكنوز مخلطين ولدينا 5 قري عربية لا تتحدث النوبية، القضية يا حكومتنا قضية ثقافية، فلو اغلقنا علي أنفسنا كما يتمنون فإننا نحكم علي أنفسنا بالانتحار وهذا لن يحدث. هناك اتهامات دائمة للنوبيين باللجوء للخارج؟ - نحن لا نلجأ لدول، بل نلجأ لمنظمات حقوق الإنسان خاصة أن مصر موقعة علي العديد من المواثيق الخاصة بحقوق الإنسان. وهو ما يعكس يأسنا من هذه الدولة ومن هذه الحكومة فالحكومات المصرية «بهدلتنا» منذ أكثر من 50 عاما. هناك اتهامات بأن النوبيين يشكلون جماعات ضغط في الخارج؟ - أتمني عمل جماعات ضغط مثل الأقباط حتي نحصل علي حقوقنا. هناك من يتهم النوبيين بالخيانة؟ - نحن مصريون حتي النخاع ومن يتهمنا بذلك فهو حقير وجبان وهي اتهامات مصدرها مسئولون مستفيدون من بيع أراضي النوبة ويريدون إثارة الذعر تجاهنا ويكفي أن نقول إننا نعاني من تجاهل تام فالتاريخ النوبي لا يتم ذكره في الكتب المصرية ولا وجود للغة النوبية. البعض يقول إن الدولة تسعي إلي تشتيت النوبيين؟ - الحكومة تريد تشتيتنا بالفعل لكننا لن نسكت علي ذلك وسنسعي إلي تدويل المشكلة أكثر وأكثر والتدويل لا مشكلة فيه، ولا يعني الخيانة فيكفي أن نعرف أن أول من قام بتدويل مشكلتنا هو ثروت عكاشة ولم يتهمه أحد بالخيانة. هناك من يتهم النوبيين بأنهم مثل الجنس الاري فما هو ردك؟ - اتهام زائف من الحكومة المصرية لتصوير النوبيين في وضع المتكبر لبث الفرقة بينهم وبين بقية أبناء الشعب المصري. لماذا يشعر النظام بالذعر من القضية النوبية؟ - لأنها تعلم أننا مضطهدون وقضيتنا قضية عادلة والرأي العام المصري معنا وهو سبب ذعر النظام منا، حيث سعينا إلي مخاطبة الرأي العام المصري ونجحنا. سبق وأن أصدر الرئيس مبارك قرارا بأولوية العودة للنوبيين فأين المشكلة؟ - المشكلة أن منظومة الفساد أقوي من الرئيس مبارك، فهي التي تسيطر علي البلاد وهم يريدون وضعنا في منطقة طبقية وفاشلة حتي يقولوا للرأي العام «انظروا اعطيناهم الأراضي وفشلوا في العيش فيها». ما حقيقة أن النوبيين قدموا خريطة للمناطق النوبية أطلقوا عليها خارطة الطريق؟ - لم نقدم خارطة الطريق، فكل ما قدمناه هو أننا طالبنا ب 14 قرية مجاورة لبعضها البعض نعيش فيها بحيث تكون في المنطقة الخصبة، والأغرب أن الحكومة قامت ببناء 3 مستعمرات داخل منطقة النوبة ووضعوا فيها أشخاصا غير نوبيين وهو نفس ما تفعله إسرائيل مع الفلسطينيين، حيث تقوم بتغيير اسم المنطقة وتغيير معالمها لإبعاد النوبيين ألا يعد هذا توطينا مثلما تفعل إسرائيل في فلسطين. هل أصبح النوبيون علي وشك الانفجار؟ - بالفعل صار النوبيون علي هذه الحالة، خاصة أننا نحمل همين: الهم الأول كوننا مصريين والثاني كوننا نوبيين، وأضاف: ما نخشاه هو شباب النوبيين المتهورين، فهناك مجموعة كبيرة متعصبة للقضية النوبية يسيطر عليهم العقلاء من الكبار الآن، إلا أن الاهانات المتتالية التي يتعرض لها النوبيون ستجعل الأمور تفلت منا. هل يعني هذا أننا سنري ثورة أو مظاهرة قادمة من منطقة النوبة؟ - الأرجح أننا سنراها العام القادم إذا لم يتم حل القضية النوبية فالدولة كممت أفواهنا نحن الكبار فانتظروا الشباب المتعصب.