مابين إحالته لنيابة الأموال العامة العليا، وإقالته من رئاسة شركة الخدمات البترولية و البحرية واستقالته من عضوية مجلس الشعب، أصبح محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق مادة خصبة وثرية للمفاجآت ومحورا لجدل لا ينقطع في جلسات النميمة بين أوساط النخبة السياسية ورجال البيزنس، باعتبار أن القصص المحيطة بقضيته. تبدو هي الأهم والأكثر سخونة بين الأحداث التي تعتلي السطح. وباعتبار أن سليمان لم يكن مجرد وزير عادي دخل الحياة العامة من بوابة الحكومة، وخرج من بوابة المغضوب عليهم دون أن يصاحبه أي ضجيج، لكنه أثار جدلا واسعا سواء وقت أن كان يعتلي كرسي الوزارة أو بعد خروجه منها. فهو بحكم منصبه كان يمتلك تحت يديه ثروات وأراضي هي بطبيعة الحال مستقبل أجيال هذا البلد، وأتاح له ذلك امتلاك مفاتيح أخري وسلطان أكثر للمنح والمنع، وبجرة قلم من أصابعه كان يستطيع أن يضيف بضعة أصفار لأرصدة المحظوظين من رجال الاعمال والمقربين من دوائر صناعة القرار والمتصلين بأصحاب النفوذ وكل هذه الأمور، ضاعفت من نفوذ الوزير السابق وأثارت الدهشة، عندما بدأت الاحاديث تتناول البدء في اجراءات محاكمته. وما تبع ذلك من صخب بشأن رئاسته لشركة الخدمات البترولية والبحرية وجميعها مشاهد دفعت لطرح التساؤلات وقطعا يأتي في مقدمتها: هل النظام يريد أن يغسل يديه من الكثير من الأمور التي علقت به لتهدئة الرأي العام الغاضب، من تنامي ثروات بعض رجال الأعمال الذين حصلوا علي أراض وخلافه من المميزات الأخري التي ساهمت بشكل أو بآخر في نهب ثروات هذا البلد،أم أن ما يجري مع الوزير السابق، ليس سوي زوبعة سرعان ما تمر دون أن يمسه شيء، وخاصة أن محاكمة سليمان لن تكون له وحده فهي محاكمة لممارسات وأساليب عصر بأكمله، لم يكن فيه الوزير السابق سوي شخص مسئول يقوم بتنفيذ تعليمات وتوجيهات من هم أكبر وأقوي منه. فالأنباء المتسربة حول ما يحيط بالتحقيقات الجارية في نيابة الأموال العامة العليا تشير إلي أنه سيتم استدعاء الوزير السابق للاستماع إلي أقواله منتصف الشهر الجاري، بعد الانتهاء من إعداد التقارير النهائية الخاصة بالاتهامات التي وجهها له عدد من النواب ودعمتها تقارير الرقابة الإدارية، وقد حملت تلك الأنباء ما يفيد أن هذه الاتهامات هي نفسها التي سبق التحقيق فيها بمعرفة جهاز الكسب غير المشروع، وانتهت بعدم الإدانة، لكن لم تتوقف الأنباء عند ذلك الحد، فهي حملت معلومات مثيرة وتحوي العديد من المفاجآت. مفادها أن ما جري من اجراءات تخصيص للأراضي التي حصل عليها رجال الأعمال، لم يكن فيها تفاوت في الاسعار وانها نتيجة لتعليمات عليا، وأن البلاغات المقدمة، قد انتقت بعض شركات الاستثمار العقاري دون غيرها من بقية الشركات الأخري. وأنه لا دخل للوزير السابق باجراءات تقييم الأراضي من قبل البنوك لمنح القروض أو الدخول في مشاركات لأن هذه الأمور تخص المستثمرين والبنوك. الدائرة القريبة من الوزير السابق، تفيد أنه لا توجد وثائق إدانة له وأن المخالفات التي حدثت لا ترقي لدرجة ارتكاب جرائم فساد وهي محصورة في تخصيص أراض لأفراد أسرته شأن العديد من كبار المسئولين والوزراء وأنه في حالة إدانة سليمان بارتكاب هذه المخالفات فهناك ضرورة لمحاكمة هؤلاء المسئولين، باعتبار أن القانون يسري علي الجميع، لكن لم يلتفت أصحاب هذا الرأي أن هناك إدانة سياسية بعيدا عن التحقيقات الجارية، لابد أن تلحق بالوزير السابق لانه استطاع خلال عشر سنوات، أن يصنع طبقة جديدة طفت علي سطح الحياة العامة، وحققت المليارات من الجنيهات، بجرة قلم منه، هي تأشيرة التخصيص. فمن أجل رجل الأعمال «عماد الحازق»، قام الوزير السابق بتغيير الخرائط واللوحات في مدينة القاهرةالجديدة لمنحه 80فدانا، كانت مخصصة كناد رياضي واجتماعي، هذه الأرض مطلة علي شارع 90مترا جري إنشاء منتجع للصفوة والقادرين علي هذه المساحة، كما منحه 5قطع أخري لإنشاء مسكن خاص لأسرته في حين أن لوائح وزارته تشير إلي أنه لا يجوز تخصيص أكثر من قطعة أرض للأسرة الواحدة. أما عن كبار المسئولين فحدث ولا حرج، حصلت شركة يمتلكها أحمد المغربي وابن خالته ياسين منصور شقيق وزير النقل السابق علي أراض من الدولة «3ملايين متر» وعندما تولي وزارة الاسكان، أشعل أسعار الاراضي، بابتكار المزادات فارتفعت أسعار الأراضي التي تمتلكها شركة عائلة الوزير الحالي. ومن المغربي إلي آخرين.. لم يكن غريبا أن يحاول إبراهيم سليمان، توسيع دائرة نفوذه بإرضاء الشخصيات المهمة والبارزة في الدولة. من بينهم كمال الشاذلي الذي حصل علي 5قطع من الأراضي في أرقي مناطق القاهرةالجديدة «غرب الجولف». وكذلك منح أحمد شفيق وزير الطيران المدني، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشوري ونجله، وتم الحصول علي هذه الأراضي وقت أن كان الشريف وزيرا للإعلام، ومحمود أبوالليل وزير العدل السابق، وشيخ الأزهر الذي حصل مع نجله وابنته علي 3قطع، أما إبراهيم سليمان نفسه فحصل مع أسرته، 4قطع، والعديد من كبار رجال الدولة حصلوا علي أراض من الدولة.. ومن بينهم فتحي سرور رئيس مجلس الشعب. قبل أن يتلاشي صدي إحالة إبراهيم سليمان لنيابة الأموال العامة، وبعيدا عن النتائج التي ستتوصل إليها نيابة الأموال العامة العليا قفزت أزمة جديدة جعلت الوزير السابق في بؤرة الضوء.. منذ صدرت بشأنه فتوي من قسمي الفتوي والتشريع بمجلس الدولة بعدم أحقيته في رئاسة شركة الخدمات البترولية والبحرية، لأن المنصب يتعارض مع قانون مجلس الشعب، الذي لا يجيز حصول النائب علي وظيفة من جهات الدولة، أو الشركات التابعة لها. فما كان منه إلا التقدم بالاستقالة من مجلس الشعب بعد إقالته من الشركة تطبيقا للرأي الذي انتهت إليه الفتوي وقد كان التقدم بالاستقالة يهدف إلي التمسك بمنصبه في الشركة. باعتبار أن العضوية عائق وهو ما يتم دراسته الآن في وزارة البترول التي تستعد - حسب المعلومات الصادرة من الوزارة ومجلس الوزراء - لإصدار قرار بتعيين سليمان عضوا بمجلس إدارة الشركة، ويعقبه إصدار قرار بتعيينه رئيسا لها. وسط هذا الصخب المتعلق بما يخص سليمان تقدم بكتابة شيك يتضمن المبالغ التي تقاضاها، بهدف ردها مرة أخري والمثير أن الشيك يحمل آخر رصيد للوزير السابق في البنوك، وهو ما يشير إلي أن رصيده قد تم سحبه. وهو ما أثار الأحاديث المتداولة حول هروبه مرة أخري.