فتاتان توأم انفصل والدهما عن أمهما وهما في سن صغيرة.. تولت الأم تربية البنتين وأصرت علي مواصلة تعليمهما..وكلما مرت الأيام ازدادت الحياة صعوبة علي الأم والبنتين.. ورغم قسوة الحياة وظروف المعيشة.وصلت الفتاتان إلي الثانوية العامة وحصلتا علي مجموع كبير يؤهلما لدخول الجامعة. . طلبت الفتاتان من امهما أن يتوقفا عند هذا القسط من التعليم ويبحثا عن عمل بالثانوية العامة رحمة بامهما.. ولكن الأم أصرت أن يدخلا الجامعة حتي لو باعت «عفش» البيت لاستكمال دراستهما.. دخلت الفتاتان كلية التجارة والتحقتا بقسم المحاسبة..وتفوقتا تفوقا ملحوظا.. ومع كل عام دراسي يمر.. تزداد قسوة الحياة علي الأم.. وتضيق الظروف المعيشية القاسية الخناق علي الفتاتين.. كانت الفتاتان تذهبان إلي الجامعة سيرا علي الأقدام توفيرا للنفقات .. بينما تضيق طرقات الحرم الجامعي بسيارات علي أحدث موديل يأتي بها أولاد الذوات إلي الجامعة.. وكانت الفتاتان ترتديان زيا واحدا أو اثنين علي أكثر تقدير طوال العام الدراسي.. بينما فتيات أخريات ترتدين أحدث الأزياء العالمية.. ويتسكعن في طرقات الكلية.. ولايحضرن المحاضرات!.. ورغم كل هذه الظروف والصعوبات والتحديات.. واصلت الفتاتان دراستهما وتفوقتا علي اقرانهما من الفتيان والفتيات.. وصلت الفتاتان إلي السنة النهائية.. وحصلتا علي البكالوريوس بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف تنفست الفتاتان الصعداء.. وظنتا أن الدنيا ستبتسم لهما.. وستفتح البنوك والمؤسسات والشركات ابوابها لهما وستأخذهما بالاحضان.. وظنتا أن حصولهما علي البكالوريوس بهذا التقدير المشرف انهما ستودعان أيام العذاب والشقاء وتستريح امهماويردان إليها جزءا من جميلها عليهما.. فور التخرج بدأت الفتاتان رحلة طرق الأبواب بحثا عن عمل!.. وكانت هذه الرحلة اشد قسوة والما من رحلتهما الأولي!.. بدأت الفتاتان رحلة الآلام والاوجاع النفسية.. فالآلام النفسية واوجاعها تكون اشد قسوة وألما من اوجاع الجسد!.. ذهبت الفتاتان إلي أحد البنوك الذي أعلن في الصحف عن طلب محاسبين للعمل في البنك .. بعد أداء الاختبارات قال لهما المدير سوف نرسل اليكم فيما بعد ! واثناء خروجهما وجدا احدي زميلاتهما في الكلية تجلس علي أحد المكاتب! وعندما سألاها عن سبب وجودها في هذا المكان أخبرتهما بأنها التحقت للعمل في هذا البنك بعد اسبوع من حصولها علي البكالوريوس! ضربت الفتاتان كفا بكف! فقد كانت زميلتهما هذه تنجح كل عام وفي جعبتها مادة أو مادتين تنتقل بهما للعام الدراسي التالي! وحصلت هذه الفتاة علي البكالوريوس بتقدير مقبول.. تكرر المشهد في الشركات والمؤسسات الأخري..! بعد أن اعياهما التعب واللف والدوران بحثا عن عمل.. جلست الفتاتان في منزلهما تندبان حظهما وحال البلد المايل!.. تأثرت الأم بحال ابنتيها فهاجمها المرض! ولأن الرياح تأتي دوما بما لاتشتهي السفن.. فقد تصدع سقف الشقة التي تقيمان بها بسبب تسرب المياه من الشقة التي تعلوها!.. كرهت الفتاتان الدنيا واليوم الذي جاءا فيه إلي الدنيا!.. الأم اصابها المرض.. الشقة بلا اثاث بعد أن باعته الأم للأنفاق عليهما سقف الشقة علي وشك الانهيار بسبب تسرب المياه! فماذا تفعل الفتاتان.. رفعتا ايديهما إلي السماء وقالتا يارب نشكو اليك حالناوقلة حيلتنا ولأن الله وحده هو فارج الهم وكاشف الغم ويجيب دعوة المضطر.. فقد استجاب لدعائهما.. وقيض لهما من يخدمهما.. اقترح عليهما احد جيرانهما تقديم شكوي إلي وزيرة القوي العاملة السيدة عائشة عبدالهادي ذهبت الفتاتان إلي الوزارة ونجحتا بتوفيق الله في مقابلة معالي الوزيرة.. ولانها ليست جهة اختصاص بالنسبة لموضوع تصدع الشقة.. فقد تأثرت السيدة الوزيرة بحكايتهما.. وتحدثت مع اللواء سيد عبدالعزيز محافظ الجيزة بشأنهما.. وقصت عليه حكايتهما.. وأرسلتهما إليه بعد أن قدمت لهما بعض المساعدات استقبلهما السيد محافظ الجيزة في نفس اليوم.. انهارت الفتاتان وهما ترويان مأساتهما لمحافظ الجيزة.. هدأ المحافظ من روعهما..وخفف عنهما ببعض الكلمات.. وقال لهما انتما مثل أولادي ولن اتخلي عنكما حتي تحل كل مشاكلكما بإذن الله.. ولأن الله اراد أن يفرج عنهما كربهما.. وكما يقول الشاعر ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لاتفرج.. فقد بدأت نسمات الفرج تهب علي الفتاتين، إذ تطوع احد رجال الاعمال كان يعرض مشكلة علي السيد المحافظ بترميم الشقة.. وقدم لهما المحافظ الانسان بعض المساعدات المالية العاجلة.. ولأن الرجال يؤمن بأن تعلم من يسألك كيف يصطاد خير من اعطائه سمكة .. لذلك قام علي الفور بالاتصال بالمهندس محمود سلطان رئيس مجلس إدارة شركة جنوبالقاهرة لتوزيع الكهرباء وقص عليه حكاية الفتاتين..وطلب منه إن أمكن توفير عمل لكليهما أو احداهما.. وبالفعل استجاب المهندس محمود سلطان وألحق احداهما بالعمل بالشركة والأخري في طريقها للعمل بشركة أخري.. وبين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلي حال. هل تغير المناصب النفوس.. ولايتذكرون العيش والملح والصلاة في مسجد سيدي عبدالرحيم القنائي.. سؤال موجه إلي معالي الوزيرة عائشة عبدالهادي!! نجاح الصاوي