مجموعة من المفاجآت فجرتها عبلة سلطان أستاذ التاريخ الإسلامي عن ابن عمها أدهم الشرقاوي الذي ارتبط في أذهان المصريين بالبطولة والانتقام من الانجليز والأغنياء لصالح الفقراء، أي أنه كان بمثابة «روبين هود» مصر، لكنه في نفس الوقت قيل عنه إنه مجرد قاطع طريق ونظرا لهذا الثراء كانت شخصية «أدهم» مادة خصبة للفلكلور والأغاني والحكايات الشعبية. تكشف لنا عبلة الكثير عن دخول أدهم السجن وهروبه وعلاقته ببدران ورأي الرئيس السادات فيه، وعلاقة عبدالناصر بالعائلة. أولي المفاجآت هي أنه عند دخوله السجن التف حوله المساجين والحراس، والجميع كان يعتبره «كبيرا» رغم صغر سنه، وأن عبدالرءوف أبوالحسن كشف له أنه قاتل محمود الشرقاوي عم أدهم، ولم يكن يعلم أن أدهم ابن شقيقه، وقرر أدهم الانتقام لعمه وبالفعل قتله بالأداة التي كان يقطع بها الحجارة في الجبل. وعندما وقف أدهم في المحكمة تدخل اثنان من زملائه المساجين وزعما أنهما شركاء معه في القتل فتم الحكم عليهم بالسجن 15 عاما، بعدها بعام نقل إلي سجن طره ووضع في زنزانة بمفرده، وكان سجانه عنيفا يضربه ضربا مبرحا وهو مكبل بالحديد وتمكن أدهم منه في إحدي المرات وأوقعه أرضا فقرر الأخير الانتقام منه، ودخل عليه زنزانته ليلا قاصدا قتله، إلا أن أدهم تمكن من قتله ثم أخذ مفاتيح الزنزانة وأطلق سراح المساجين.. ولأن الضابط النوتبجي كان مصريا وطنيا لم يبلغ مدير السجن الانجليزي بما حدث حتي تمكن أدهم من الهروب.. وتضيف عبلة أن هذا الضابط ساعد أدهم في عدة عمليات قام بها منها إمداده بالمعلومات عن القطار الحربي القادم من الإسكندرية إلي القاهرة محملا بالأسلحة والجنود، كما ساعده في الهرب من الانجليز، وفي تهريب السلاح للوطنيين الليبيين في مقاومتهم للمستعمر الإيطالي. وتضيف عبلة أن أدهم تمكن من الهرب إلي ليبيا عندما اشتد التضييق عليه، وأنه انضم إلي البطل الليبي عمر المختار لكنه لم يستمر طويلا في ليبيا فعاد وعاش مختبئا بين أقاربه. وتنفي عبلة بشدة أن يكون أدهم قد خالط المجرمين والخارجين عن القانون واتخذهم رجالا له هم أو مطاريد الجبل.. وتفاجئنا عبلة بما تقصه عن بدران صديق أدهم الذي رسخ في أذهان المصريين أنه «خان» رفيقه وقدمه للانجليز كما جاء في الموال الشعبي الشهير، مؤكدة أن بدران كان مقربا جدا من أدهم، وقويا في نضاله وتعرض للسجن عدة مرات بسبب تعاونه مع أدهم، وأنه لم يشي به، وقد توفي في الثمانينيات بعد أن ظهر في برنامج تليفزيوني مع المطرب الراحل محمد رشدي لأنه كان ينوي اقامة دعوي قضائية ضده لأنه شوه حقيقته في مواله.. وقالت عبلة إن القاتل الحقيقي لأدهم هو أحد رجال الشرطة السرية ويدعي «محمد خليل» وكان مكلفا بمراقبته متنكراً وراقبه إلي أن وصل إليه في إحدي المرات وكان نائما في حقل ذرة فقتله بثلاث رصاصات، بعدها فر هاربا خوفا من قتل أهالي القرية وعائلة أدهم وتم نقله للعمل بسجن طره وهناك لقي حتفه مقتولا علي يد بعض المسجونين الوطنيين انتقاما للشرقاوي. وأكدت عبلة أن حياة أدهم الحقيقية تعرضت لكثير من التزييف والتحريف من جامعي الفلكلور والدراما وحرموا العائلة من الفخر بابن من أبنائها، بل إن بعضهم أساء إليه في كثير من المواقف الدرامية ودسوا شخصيات دخيلة لا علاقة لها بالواقع تميزت بصفات وضيعة! وتضيف عبلة إن الرئيس السادات تأثر بأدهم الشرقاوي وذكر ذلك في كتابه «البحث عن الذات» وأن الرئيس عبدالناصر كان يكن احتراما خاصا للعائلة ورجالها واختار من بينهم المحامي فتحي محمود الشرقاوي وزيرا للعدل في الفترة من 1961 - 1964 وقبلها كان سفيرا في البرازيل وعضوا بمجلس الوحدة بين مصر وسوريا وعضوا بمجلس الأمة.