قالت مجلة "بيزنس ويك" الأمريكية، اليوم الأربعاء، إن معدل الاستثمار يتراجع فى مصر بسبب انشغال المواطنين المفرط بقضايا الأمن والدفاع عن أنفسهم فى ظل تعاظم معدلات جرائم القتل والسرقة والخطف، رغم تأكيد الحكومة المصرية على أن ملف الأمن يحتل صدارة جدول أعمالها. وتقول المجلة الأمريكية فى تقريرها عن الوضع فى مصر إنها رصدت ورشة بإحدى ضواحى العاصمة القاهرة، حيث يقوم مواطن مصرى يسمى حسين بتصنيع أسلحة بشكل غير قانونى والتى تنتشر كثيرا فى الشوارع حاليا. وتنقل المجلة عن حسين (45 عاما) الذى رفض الكشف عن اسمه كاملا خشية الملاحقة القضائية قوله إن الحرفيين الذين يصنعون قطع غيار الآلات يتحولون إلى مجال صناعة أسلحة مغشوشة بالليل. ويذكر أنه يبيع ما يصنعه من أسلحة عبر وسطاء فقط وأنه يجنى حوالى ثلاثة آلاف جنيه (435 دولارا) مقابل قطعة السلاح ما يشكل حوالى 20% من ثمن قطعة السلاح المرخصة قانونا. ويذكر حسين أن الشعور بالخوف يشكل نشاطا اقتصاديا كبيرا لأن المواطنين يقبلون على شراء الأسلحة بشدة لأنهم يريدون حماية أنفسهم. وتقول المجلة الأمريكية إنه "بعد مرور أكثر من عامين على سقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، فإن انتشار الأسلحة واندلاع موجة من عمليات القتل وشن هجمات العنف الجنسي، يتفوق على الأمل الذى أحيته الثورة فى نفوس المصريين". وذكرت أنه بسبب الجمود السياسى والركود الاقتصادى، فإن انهيار الأمن يهدد وضع حلولا بعيدة عن متناول الرئيس محمد مرسى. وتنقل مجلة "بيزنس ويك" الأمريكية عن عز الدين شكرى فيشر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة قوله إن عددا كبيرا من المصريين يشعرون أنه بمقدورهم تحقيق أهدافهم بواسطة العنف، ويكمن ذلك فى زيادة التوقعات والأمل لدى الشباب. كما تقول المجلة إنها التقت شابا مصريا اسمه عبد الرحمن ( 24 عاما) يبدو أنه أكبر سنا من ذلك، كما يبدو لون بشرته شاحبا بسبب تعاطيه حبوب الترامادول، كما أن رائحة الحشيش تفوح من قميصه. وأشارت إلى أن عبد الرحمن كان يعمل فى محل لبيع الهدايا بالقاهرة، موضحة أن خطيبته تركته وارتبطت بشخص آخر لديه أمل فى الحياة. وتقول المجلة إن المصريين الذين أعربوا عن الأمل فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية خلال الثورة، يواجهون مشاكل ارتفاع البطالة وغلاء الأسعار، مشيرة إلى أن المصريين اصطفوا فى طوابير للحصول على الوقود المدعوم ما أدى إلى اندلاع احتجاجات وإضرابات، ومشاجرات. وتنقل المجلة عن مايكل حنا، وهو زميل بارز فى مجموعة بحوث مؤسسة القرن فى نيويورك قوله إن الأوضاع الحالية لها "تأثير سلبى هائل وخطير جدا" على المستثمرين. وقال البنك الدولى إن صافى الاستثمار الأجنبى المباشر بمصر كان سلبيا للمرة الأولى فى عام 2011. ويقول صندوق النقد الدولى إن الاستثمار سيكون بنسبة 15.5% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2013، وهو أدنى مستوى منذ بدء الإعلان الرسمى عن هذه الأرقام فى عام 1980، وتتفاوض مصر حاليا مع الصندوق للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار. وذكر التقرير أن المستثمرين الأجانب هربوا من السوق المصرية، ما دفع إلى تراجع أسعار الأسهم والسندات فى مصر. كما تراجع المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية (إى.جى.إكس 30) الذى يضم أكبر 30 شركة مقيدة بالبورصة المصرية 20% منذ اندلاع الثورة المصرية فى يناير 2011 بعدما قفز 85% فى العامين السابقين على الثورة. كما ارتفع العائد على السندات الدولارية المستحقة فى عام 2020، والذى كان دون 5% فى أواخر عام 2010 إلى 7.17% مؤخرا. وتراجع سعر صرف الجنيه 11% إلى مستوى قياسى منذ بدء تقييد البنك المركزى الحصول على الدولار فى ديسمبر لحماية احتياطيات النقد الأجنبى التى تراجعت بأكثر من 60% منذ اندلاع الثورة. وقال الخبير حنا: "يؤدى التدهور الأمنى إلى إثناء المستثمرين المحتملين.. الأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية كلها مرتبطة ببعضها". وقال تقرير "بيزنس ويك" الأمريكية إن الركود الاقتصادى أدى إلى تآكل الشعور بالتفاؤل الذى أحيته الثورة وأنها تمثل بداية جديدة لحياة أفضل. وقال عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى بوزارة الصحة المصرية إنه فى الشهور التى أعقبت الثورة، شهدت مصر زيادة فى إقبال المتعاطين للمخدرات على طلب العلاج. وذكر عثمان أن المتعاطين اعتادوا القول إنهم يشعرون بوجود أمل فى الحياة وأن مصر تتغير. ورغم ذلك يقول المسئول المصرى إن عدد المتعاطين للمخدرات يتزايد حيث يسعى الجميع لإيجاد وهم للهرب من الواقع. وأشار التقرير إلى أن المسئولين الحكوميين المصريين يؤكدون أن توفير الأمن يأتى فى صدارة الأولويات، كما تعهد الرئيس مرسى بأن يتخذ إجراءات صارمة ضد الخارجين على القانون، مشيرا إلى الفرق بين الاحتجاجات والمظاهرات التى تتحول إلى عنف أو تهدد مصالح البلاد. وقالت وزارة الداخلية المصرية فى تقرير إن معدلات الجريمة شهدت ارتفاعا، حيث زادت جرائم القتل إلى 1885جريمة فى عام 2012، بزيادة قدرها 130%، كما قفزت حالات السرقة 350% وأعمال الخطف 145%. كما أعلنت الوزارة كذلك عن ارتفاع ضبط الأسلحة غير المرخصة والمخدرات، بما فى ذلك مداهمة ورش عمل الأسلحة بينما تحاول السلطات الحد من الجريمة. وأعلنت وزارة الأوقاف المصرية فى أبريل الماضى عن خطة للتوعية الدينية حول مخاطر المخدرات.