سيظل شهر أكتوبر علامة فارقة في تاريخ العسكرية المصرية لأنه الشهر الذي واكب الافتخار والانتصار في حرب مجيدة أكدت علي عظمة وصلابة الجندي المصري الذي حطم وقهر الغرور والصلف الاسرائيلي.. شهر انطلقت فيه اسراب المقاتلات المصرية التي عبرت القناة وحققت الضربة الجوية التي مهدت لمعارك البسالة والصمود وقطعت اليد الطولي الإسرائيلية وكسرت الغرور الإسرائيلي بل وأحرقته ودمرته في ملحمة بطولية جرت علي أرض سيناء في عام 1973.. ملحمة عسكرية تدرس في المعاهد العليا العسكرية علي مستوي العالم لأنها غيرت مفهوم التكتيك والقتال العسكري الذي كان الهجوم فيه إما مع أول ضوء أو آخر ضوء.. ولكن جاء العقل العسكري المصري بمفهوم جديد بدأت معاركة في عز «النهار» والذي حقق الانتصار بعد حالة الانكسارومن ينسي الحزن والأسي الذي اعتري «موشيه ديان» وزير الدفاع الإسرائيلي الذي بلع ريقه بصعوبة وهو يقول إن حرب أكتوبر قد أظهرت أننا لسنا أقوي من المصريين وأن هالة التفوق والمبدأ السياسي والعسكري القائل بأن إسرائيل أقوي من العرب وأن الهزيمة ستلحق بهم إذا اجترأوا علي بدء الحربو أضاف ديان : هذا المبدأ لم يثبت ولقد كانت لي نظرية هي أن اقامة الجسور ستستغرق منهم طوال الليل واننا نستطيع منع هذا بمدرعاتنا ولكن تبين لنا أن منعهم ليست مسألة سهلة وقد كلفنا جهدنا لإرسال الدبابات إلي جبهة القتال ثمنا غاليا فنحن لم نتوقع ذلك مطلقا.. هكذا تحدث «ديان» في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم 9 أكتوبر 1973 وبعد بدء الحرب بثلاثة أيام.. بل إنه قال ايضا أن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له اسرائيل وأن ماحدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون وأظهر لنا مالم نكن نراه قبلها وأدي كل ذلك إلي تغيير عقلية القادة الإسرائيليين، كانت هذه هي شهادة وزير الدفاع الإسرائيلي ثم من يتناسي ما قاله «زئيف شيف» المعلق العسكري الإسرائيلي.. قال بالنص عن حرب أكتوبر بإنها أول حرب للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنودا كثيرين مصابين بصدمة القتال ويحتاجون إلي علاج نفسي لأن هناك من نسوا أسماءهم وهؤلاء كان يجب تحويلهم إلي المستشفيات.. وهكذا لقن المقاتل المصري العدو الإسرائيلي درسا لن ينساه ليس بالصفعات ولكن بالضربات الجوية وطلقات الرصاص والصواريخ ودانات المدافع بالهاونات والدبابات ومن خلال خطة قتالية هجومية وببسالة وفدائية .. فتحية للشهداء والأبطال الذين سطروا للأجيال أروع انتصار وبكل الجدية والإقتدار .