«شحاتة» المؤسسات الكبيرة حاليا أصبحت «مخجلة وحاجة تكسف» بالفعل!، أنت الآن تفاجأ في بنك من البنوك التي مازالت الدولة تملكها.. وبعضها عمره تجاوز المائة عام.. بأنه مطلوب منك أن تدفع ثلاثة جنيهات مثلا مقابل أن تصرف من حسابك الجاري لدي البنك ملبغا من المبالغ!، ويذكرون لك أن المطلوب هومصاريف أو تكاليف صرف المبلغ المطلوب لك!، وأنت تشعر أن هذا المطلوب منك عبارة عن تسول البنك الكبير منك وكل المارة علي فروعه ممن لهم حسابات جارية هذه الجنيهات الزهيدة التي لايليق طلبها منك في البنك العريق!، وعندما يبدأ الجدل بينك وبين صراف البنك يبدأ في التهوين عليك بالتعبير عن حقارة المبلغ المطلوب حيث أنه لايمثل شيئا لك!، بل ويكاد أن يصرح لك بأن هذا الطلب مجرد «دناوة» صادر بها قرار من مجلس إدارة البنك وأنت تبدي دهشتك للموظف من هذه «الدناوة» لامانع لديه من تذكيرك بالحديث النبوي الشريف «مانقص مال من صدقة»! كأن الموظف يعترف لك صراحة بعد أن هون من شأن المبلغ- أنه مجرد صدقة لاتبخل بها علي البنك الذي تتعامل معه كل هذه السنين الطويلة!، وقد أصبح في حاجة ماسة إلي مصاريف لمواجهة الاعباء التي زادت عليه!، وقد يكون من المفاجئ لك وقد أصررت علي عدم دفع الصدقة وتوجهت شاكيا إلي المدير أنه يردد لك نفس ما ردده موظف الخزينة!، مع عبارات من قبيل «موش عيب تبقي ملو هدومك كدة.. وجاي تشتكي من ثلاثة جنيه!» لا يقول لك هذا صراحة ولكنه لايتعفف عن قول عبارات تفيد بهذه المعاني!، بل ويتظاهر بأنه متفضل عليك وهو يبدي استعداده لدفع «الصدقة» نيابة عنك!، وهو ما تأباه أنت بعد اطلاعك علي «موديل» مديري هذا الزمان وبنوكه! فهذا المدير قد تحول إلي شخص مراوغ يعرف أن الاصل في فتحك الحساب الجاري لدي البنك أنك تدفع له مصاريف سنوية ترد في كل كشف حساب يرسله لك!، وصرفك أي مبالغ من حسابك الجاري هذا لايجوز للبنك أن يأخذ منك «حلاوة» ما تصرف!، ولايجوز لمجلس الإدارة أن يقرر هذه الشحاتة منك ومن غيرك وأن تعرف وتقرأ عن مكافآت ومرتبات وبدلات أعضاء مجلس الإدارة هذا وأن البنك يقدم قروضا بالملايين لحبايب يفرون دون السداد!، وإذن.. فالبنك لايعاني عسرا وهو يعلن أن احتياطي أمواله في نهاية كل عام قد بلغ المليارات!، ولكن البنوك قد أصبحت تقلد الحكومة في شحاتتها وتسولها من المواطنين عامة! حتي أنها تتاجر في أوراقها الرسمية كلما احتاج المواطن منها إلي ورقة!، وإعلانات التليفزيون والصحف لاتتوقف عن الإعلان عن «شحاتة» حكومية جارية أو مرتقبة!، فلماذا تتعفف البنوك عن هذا التسول إذا لاحت فرصة وهي علي دين حكومتها!، ولها أن تخترع من المسميات للشحاتة ما هو مضحك مثل المصاريف ووصفها بأنها «إدارية» تتكلفها في عد المبلغ المصروف لك!، وتوقيعك علي ورق يطبعه البنك وطباعته بفلوس! حتي لو جاء ذلك ومثله مؤكدا علي «دناوة» أولي بها المتسولون والشحاتون في الشوارع!، وما عليك أنت إلا أن تبحث لنفسك عن طريقة تشحت بها وتتسول!، ولن تمنعك الحكومة لأنها سبقتك إلي الشحاتة والتسول!.