· تجاهلت السياسة في البداية.. وطالبت بتفعيل دستور 1923 · دعمت الكفاح الوطني ضد الاحتلال وواجهت الفتنة الطائفية صدر مؤخراً كتاب «صحافة الأقباط وقضايا المجتمع المصري» للباحث رامي عطا صديق عن المجلس الأعلي للثقافة الكتاب عبارة عن دراسة أجراها الباحث. هي رسالة ماجستير مقدمة إلي كلية الإعلام جامعة القاهرة، تناولت الدراسة تاريخ الصحافة المصرية ورصد الصحف التي أصدرها الأقباط المصريون، خلال الفترة الزمنية من 1877 إلي 1930 بهدف القاء الضوء علي الأقباط الذين ساهموا في اثراء الصحافة المصرية. وخلصت الدراسة إلي أن هناك مجموعة من العوامل شجعت الأقباط علي اقتحام عالم الصحافة، مما أدي إلي مساهمتهم في اثراء النشاط الصحفي أولها بزوغ مبدأ المواطنة خلال القرن التاسع عشر مع تأسيس مصر الحديثة علي يد محمد علي «1805 - 1848» وخلفائه من بعده، خاصة سعيد باشا والخديو إسماعيل وما صحبها من نهضة مصر الثقافية والتعليمية ثانيها ميلاد الصحافة الأهلية المملوكة للأفراد اضافة إلي الأسباب الخاصة بالأقباط مثل اهتمامهم بالتعليم وانشاء مدارس خاصة بهم وساعدهم ذلك علي انشاء صحف عديدة ثقافية وأدبية ومنها صحيفة «الوطن» لصاحبها ميخائيل أفندي، وأصدرها في القاهرة 17 نوفمبر 1877 وهو أول قبطي يعمل بالصحافة، بدأت الصحف القبطية بشكل اجتماعي ثقافي لا علاقة لها بالسياسة ثم صرحت بالكتابة بها، كما ظهرت الصحف القبطية المتخصصة المهتمة بالشئون الثقافية والنسائية والمدرسية الطلابية والاقتصادية والرياضية والطبية والقضائية والحقوقية والدينية، سواء للأرثوذكس أو الكاثوليك أو البروتستانت، ومن أشهر هذه الصحف المؤيد، النسر المصري، قارون، العناية، المنير، نهر النيل، الائتلاف، النجمة الزهراء، الأخلاق، المدنية، الإنذار والمصري لسلامة موسي وانتشرت هذه الصحف بعد دستور 1923. كما أصدر الأقباط صحفاً كثيرة في الأقاليم في الإسكندرية، كفر الزيات، طنطا، ميت غمر، السويس، الفيوم، المنيا، طهطا، سوهاج. وكانت هناك مطابع خاصة يملكها الأقباط لطباعة صحفهم، مثل مطابع مصر، صادق، ومطبعة المجلة الجديدة، المفتاح، المحيط، رعمسيس، عين الشمس، الكرمة والشمس. واتخذ أصحاب هذه المطابع والصحف من الصحافة مهنة أساسية لهم، وكان من أشهر هؤلاء الصحفيين ميخائيل عبدالسيد، جندي إبراهيم تادرس شنودة، توفيق عزوز، عوض واصف، سلامة موسي، ميخائيل بشارة وبلسم عبدالملك. واشترك الأقباط والمسلمون مع شوام وسوريين في اصدار صحف ومنهم حنا سرور، الذي اشترك مع نجيب كرم وعز الدين صالح في اصدار جريدة الإقدام 1908، وتوفيق حبيب مع حبيب جاماتي في اصدار صحيفة «فرعون» 1930. وتركزت أهم الموضوعات التي تناولتها الصحف القبطية في طلب الاستقلال وتفعيل الدستور 1923 وانشاء الأحزاب السياسية. وانقسمت الصحف تجاه القضية الوطنية إلي تيارين الأول: أيده الحركة الوطنية بشدة، وتناولت ضعف الدولة المصرية، وطالب بضرورة النهوض الأخلاقي وتثبيت دعائم الاقتصاد للوقوف ضد الاستعمار الاقتصادي. ومنها صحف أيدت مصطفي كامل والتجربة الحزبية الأولي مثل التيمس المصري، الجوهر الساطع وظهرتا في الفترة من 1908 إلي 1911 وأكدتا علي الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين والوقوف ضد الفتنة الطائفية التي أثيرت في ذلك الوقت، وذلك عكس صحف أخري مثل الوطن ومصر اللتين أثارتا الفتن الطائفية كما أيد هذا التيار الوفد في التجربة الحزبية من خلال صحف النسر المصري والعناية ونهر النيل وفرعون وأسيوط فيما تأرجح التيار الثاني من الصحف في سياسته ما بين مهادنة الاحتلال البريطاني ومعارضته، مثل صحيفة الوطن التي عارضت الاحتلال في عهد رئيسها ميخائيل عبدالسيد 1877 - 1897 بتردد واعتدال وعارضت ثورة عرابي 1881 - 1882 كما هادنت الاحتلال بل ودعت له أحياناً. أما جريدة «مصر» لصاحبها تادرس شنودة المنقبادي 1895 - 1932 فقد عارضت الدولة العثمانية ورأت معاونة الانجليز ورحبت بإعلان الحماية البريطانية علي مصر 1914، ومع ثورة 1919 انضمت إلي الحركة الوطنية وطالبت بالجلاء. واهتمت هذه الصحف بقضايا تحرير المرأة والعمل الأهلي والخيري والتعليم كقضية وطنية لأن الانجليز لم يرغبوا في تعليم المصريين، لذا تبنت هذه الصحف انشاء الكتاتيب لنشر التعليم الأولي والتعليم الأهلي، ونشر الجامعات والتعليم العالي والعملي والحفاظ علي اللغة العربية، ونشر الدين المسيحي في المدارس، وتعليم البنات وعمل المرأة. وتوصلت الدراسة إلي أن الأقباط شاركوا في اثراء الصحافة المصرية، سواء كصحفيين أو كملاك للصحف أو كمواطنين مصريين وأن صحف الأقباط هي أولاً وأخيراً صحف مصرية أصدرها مصريون للقراء المصريون، وتناولت قضايا مصرية صرفة، سواء قضايا وطنية مثل جلاء الاحتلال والحركة الوطنية وقضايا مجتمعية مثل تحرير المرأة والعمل الأهلي والتعليم مما يدلل علي حدي انخراط الأقباط في المجتمع المصري في فترته الليبرالية.