يبدو ان متخذى القرار لا يرون الاثار المدمرة على الاقتصاد الكلى لازمة السولار ويتعاملون معها من منظور ضيق وهو موقف اضرابات العاملين فى قطاع النقل فقط، وهو ما يؤكده قرار توفير السولار من خلال محطات وطنية التابعة للقوات المسلحه والتى لا تغطى كافة محافظات مصر. وبالرغم من احتمال الاقلال من اثر المشكلة بالنسبة لقطاع النقل، الا ان ذلك لا يحل مشكلة قطاعات اخرى مثل الزراعة والرى ومزارع الدواجن، والتصدير، وصناعات عديدة سنرى اثرها من ندرة وارتفاع اسعار خاصة بالنسبة للمواد الغذائية التى نستورد اكثر من 60% منها، والتى ليس لدينا النقد الاجنبى اللازم لاستيرادها، صرح بذلك احمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية فتطالعنا تصريحات للوزارات المعنية، في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية باخفقات كثيرة تصب في صميم الأمور الحياتية للمواطن ورجل الشارع المصري حتى اصبح معتادا لدى كل من يتعامل بالسولار أن يضع في اعتباره انه سيعاني حتى يحصل على ًحصتهً من السولار الكافي لتسيير أموره، فالسائق اصبح يقتطع من وقته ساعتين يوميا دون مقابل يحصل عليه وقوفا في طابور أمام محطة تموين سولار وهو ليس على يقين ما إذا كان سيحصل على ما يكفيه لكي يعمل بقية يومه ليرزق ما يكاد يكفي أو اقل بقليل قوته هو و أسرته يوميا، مما ادى لرفع تكلفة النقل على الصناعة والخدمات، وبالتالى على المواطنين. و في نفس المشهد تتعطل المصالح لتعطل المرور الناتج عن تكدس أمام المحطات، وهو ما يزيد من عدم كفاءة منظومة المرور، مما يزيد من المشكلة بسبب زيادة الاستهلاك اثناء هذا التعطل، وعدم قدرة المواطن على إنجاز عمله، مع مجموعة أخرى من التداعيات، هذا المشهد لا يترجم فقط في ضياع للوقت وإهدار للطاقات بل يعززه أيضاً ارتفاع في تكلفة النقل سواء للركاب أو البضائع يترجم في ارتفاع في أسعار سلع وخدمات أخرى، الى جانب اثرة على تكلفة التصدير، والادهى، عدم الوفاء بالتزاماتنا التصديرية لعدم وصول البضائع الى الموانئ مما سيؤدى لخروجنا من الاسواق الى جانب الخسائر الفادحة للمصدرين والاقتصاد المصرى ككل بسبب فقدان الموارد من العملات الاجنبية. وحصول الفلاحين على السولار ومشتقاته البترولية المستخدمة فى الرى والذى ادى الى تعطش الاراضى الزراعية ودمار المحصول، كما إن الأزمة ستتصاعد وستزيد حدتها، بسبب موسم الحصاد ، والذي تعتمد الألات والماكينات الزراعية فيه بشكل اساسي على السولار ،مما سيؤثر على توافر واسعار السلع الغذائية التى ارتفعت اصلا بنسب عالية هذا الشهر. فمثلا فقد اعلنت الشركة المصرية للسكر والصناعات التكاملية إحدي شركات القطاع العام ، من خطورة النقص الشديد في السولار المطلوب لتشغيل جرارات نقل قصب السكر ل8 مصانع تتبعها بمحافظات اسوان وقنا والإقصر والمنيا وسوهاج والتي تنقل قصب السكر من المزارع لمصانع الشركة، مما أثار حفيظة الفلاحين بمحافظات زراعة القصب لتأثيره علي مصدر رزقهم خاصة أنهم ينقلون 4 مليون طن قصب بالجرارات الخاصة بهم، وان المزارعين هاجموا مصانع الشركة للمطالبة بتوفير السولار اللازم لتشغيل جرارتهم. والمحافظات تعاني نقص شديد في السولار مما أعاق العملية الإنتاجية بالمصانع وهو ماقد يؤثر علي عملية توفير إحتياجات البلاد من هذه السلعه الإستراتيجية والتي يحتاجها 90 مليون مواطن مصري ولا تجد الوزارات المعنية آمامها سوا البحث عن متهم، فمرة يكون المتهم هو جشع اصحاب السيارات الأجرة أو السائقين أو شركات النقل، و مرة أخرى اصحاب محطات الوقود إلى أن وجدوا مبررا افضل له بريق تعلق عليه اسباب الفشل في توفير الطاقة التى أثرت أيضاً على محطات الكهرباء، و بالتالي الصناعة والتجارة ، إلا وهي اشاعة التهريب عبر المنافذ سواء عن طريق الحدود البرية أو عن طريق البحر، والتى ان صحت فهى شهادة بفشلها فى الرقابة على الحدود والمنافذ الجمركية دخولا وخروجا. أن المنهجية الحالية في التعامل مع الأزمات والمبنية على أساس إلقاء اللوم دائماً على طرف خارجي ، سواء كان ذللك المواطن نفسه عند الحديث عن نمط استهلاكه وسلوكه، أو التاجر أو الصانع و مؤدي الخدمة ويكون الحديث عن الجشع، أو يكون طرف خارجي غير معلوم. في الحقيقة أن هذا الأمر تكرر في أزمة الطاقة و السولار وأزمة الدولار، وارتفاعات الأسعار وأزمة اختفاء السلع و مكونات الإنتاج ..... و خلافه، لقد حان الوقت أن نعلن بصراحة أن كل هذه الإخفاقات هي مسؤولية إدارة المنظومة الاقتصادية داخل مصر، وان إفلاس الجهات التنفيذية يأتي عندما لا تجد مبررا لاخفاقاتها سوا أطراف خارجية، لابد من وقفة صريحة للتعامل مع الملف الاقتصادي بحرفية و رؤية ثاقبة وجراءة غابت عن قرارات الوزارات المعنية، والموقف لا يحتمل اكثر من ذلك تهاون أو تلفيق اتهامات، فالأمر يتطلب حلول عاجلة فورية للتعامل مع عجز الموازونة المتفاقم، و عجز ميزان المدفوعات، واختفاء العملات الأجنبية، و ارتفاع الأسعار، وانخفاض معدلات التوظف و الدخول وتراجع إلاقتصاد المصري بكل مؤشراته ، ارجو أن ينتبه الجميع إلى أن الأمر لم يعد ترفا ، ولا يتحمل مغامرات اكثر من ذلك.