· هناك عشرات الأسئلة التي تحتاج إلي إجابات في حالة-لاقدر الله- انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير واضطرار الحكومة إلي غلق المدارس والجامعات لعدة أشهر · من هم المدرسون الذين سيتولون القيام بالتدريس في تليفزيون الحكومة؟ · وكم سيتقاضون من أجور؟! · ومن الذي سيتولي اختيارهم وتحديد رواتبهم؟! منذ أن أعلنت الحكومة عن تأجيل الدراسة لمدة أسبوع، واحتمال تأجيلها فيما بعد إلي أوائل العام القادم 2010 خوفا من تفشي أنفلونزا الخنازير بين التلاميذ ..والمصريون تلاميذ وطلاب وأولياء أمور يعيشون حالة من البهجة والارتياح.. فالتلاميذ والطلاب يرون أن الذهاب إلي المدرسة والجامعة أصبح بلاقيمة حقيقية.. فلا المناهج التعليمية ذات فائدة.. ولا المدارس والجامعات حالها يسر.. ولا المدرسون والأساتذة يشجعون الطلاب علي التعلم وحب العلم والتفوق.. حتي أصبحت المدارس والجامعات طاردة للطلاب أكثر منها جاذبة إليها..ويتمني الطلاب والتلاميذ تأجيل الدراسة عام أواثنين أو أكثر.. فالمسألة لم تعد تهم.. فهناك ملايين الخريجين بلا عمل أو وظيفة ويضطرون للجلوس علي المقاهي أو إدمان المخدرات. أما أولياء الأمور فسعادتهم بتأجيل الدراسة لها أسبابها، فهم سيتخلصون من عذاب توصيل الأولاد لمدارسهم وعودتهم، واستنزاف الأموال في المصروف المدرسي، وشراء الأدوات المدرسية وغيرها من المستلزمات المفروضة عليهم من المدارس والمدرسين.. وإن كان أولياء الأمور هنا ربما يلجأون إلي التوسع في الاعتماد علي الدروس الخصوصية، وهو ما قد يخرب بيوت المصريين. لكن هناك عشرات الأسئلة التي تحتاج إلي إجابات، في حالة -لاقدر الله- انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير،واضطرار الحكومة إلي غلق المدارس والجامعات لعدة أشهر.. وهنا أتحدث عن جزئية واحدة فقط أري مدي أهميتها، ألا وهي اتجاه الحكومة إلي استخدام القنوات التليفزيونية التعليمية الحكومية في بث المناهج للطلاب والتلاميذ وفق جدول لكل مرحلة. وهنا يطرح السؤال نفسه: كيف سيتم بث المواد الدراسية- علي سبيل المثال- للمرحلة الابتدائية، والتي تضم مدارس حكومية عادية، ومدارس حكومية تجريبية، ومدارس خاصة.. والمدارس الخاصة تنقسم إلي خاصة عربي- إنجليزي، وخاصة إنجليزية وفرنسية وألمانية.. هذا بخلاف الابتدائي الأزهري.. وكل له مناهجه المختلفة التي يستحيل توحيدها.. وماذا ستفعل الحكومة- أيضا- بالنسبة للمرحلة الإعدادية.. وكذلك الثانوية التي تنشطر فيها المدارس الحكومية إلي ثانوي عام، وزراعي، وتجاري، وصناعي عادي، وصناعي 5 سنوات، وصناعي مبارك- كول.. إضافة إلي الثانوي الأزهري، الإنجليزي والفرنسي والألماني.. وغيرها؟ أما بالنسبة للجامعات فالقضية أكبر وأوسع.. فهناك الجامعات الحكومية، والجامعات الخاصة، والجامعات الدولية.. وكل الجامعات لها فروعها وكلياتها ومناهجها التي تختلف شكلا وموضوعا عن الكليات المشابهة.. فطب الإسكندرية - مثلا- يختلف تماما عن طب القاهرة أو الأزهر أوعين شمس أو الجامعات الخاصة.. وهكذا. هل فكرت الحكومة عندما ناقشت إمكانية تأجيل الدراسة شهراً أو اثنين أو عاماً في كل هذه الأسئلة؟ لا أعتقد أن الحكومة أو وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، أوحتي وزارة الإعلام فكروا في مثل هذا الأمر، أو أن لديهم إجابة عن كل هذه الأسئلة التي تفرض نفسها بقوة. والمشكلة بصدق معقدة.. لكن المؤكد أنها ستتحول إلي بيزنس كبير، يستفيد منه كبار المسئولين عن التليفزيون ووزارتي التعليم والتربية والتعليم بملايين جديدة يضعونها في كروشهم وحساباتهم الخاصة في بنوك أوروبا. فمن هم المدرسون الذين سيتولون القيام بالتدريس في تليفزيون الحكومة؟.. وكم سيتقاضون من أجور؟!.. ومن الذي سيتولي اختيارهم وتحديد رواتبهم؟!.. هذه واحدة، أما الثانية فهي تتعلق بعدد القنوات التي ستقوم ببث المواد التعليمية لجميع المراحل التي سبقت الإشارة إليها «ابتدائي وإعدادي وثانوي وجامعات مع اختلاف تنوعها»؟!.. هل ستكفي ثلاث قنوات تعليمية أم أربع أم ربما يفوق هذا العدد بكثير؟!.. وهل ستستعين الحكومة بالقنوات الخاصة عن طريق استئجارها لبعض الوقت.. سؤال آخر: هل مسموح للقنوات الفضائية الخاصة الدخول في منافسة مع القنوات الحكومية والتي من المؤكد أن الخاصة ستستعين بأفضل المدرسين وأكثرهم شهرة وكفاءة، وتمنحهم أجورا كبيرة، لسحب البساط من تحت أقدام القنوات الحكومية، علي سبيل أنهما- أي القنوات الفضائية الخاصة- يحذون حذو الدروس الخصوصية؟! ماذا ستفعل الحكومة.. لا أحد يعرف.. لكن مالم يلفت انتباه معظم من ناقشوا ملف تأجيل الدراسة خوفا من أنفلونزا الخنازير.. أنه لم يتكلم أحد عن انهيار التعليم في مصر فالصحف التي تناولت قضية تأجيل الدراسة وأفردت لها مساحات كبيرة في صدر صفحاتها الأولي، كان الأولي بها أن تفتح - بهذه المناسبة- ملف التعليم.. لأنه بدون تعليم جيد لن ينصلح حال هذا الوطن ولو