بمشاركة نخبة من الخبراء في مختلف التخصصات.. كلية الطب بالقوات المسلحة تنظم المؤتمر الطبي الثاني    واعظات الأوقاف يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    «الوطني الفلسطيني»: غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية    «250 جنيهًا في الجرام».. انهيار مفاجئ في أسعار الذهب لليوم الثاني على التوالي    مدبولي: افتتاح المتحف الكبير سيسهم في المزيد من الحركة السياحية    شقق شركة مدينة مصر تبدأ بمقدم 140 ألف جنيه وقسط شهري 5 آلاف فقط.. تفاصيل المشاريع وفرص الاستثمار العقاري    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    البرلمان يناقش اتفاقية دعم الاقتصاد ب4 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي    محافظة أسوان تنفذ حملة لرفع 500 حالة إشغال ومراجعة تراخيص المحلات    محافظ الفيوم يتفقد المركز التكنولوجي بطامية ويوجه بتسريع وتيرة العمل في ملفات التصالح    زيلينسكى: مستعدون للسلام دون التنازل عن أراضٍ    الرئيس اللبناني: انتصرنا على الإرهاب بالمواجهة الفكرية والثقافية والأهلية    كروس مدافعًا عن فينيسيوس بعد مشادة الكلاسيكو.. مشاعر طبيعية    موعد مباراة أتالانتا وميلان في الدوري الإيطالي    حسم موقف آدم كايد من مباراة الزمالك والبنك الأهلي    رابطة الأندية: لا تأجيل لمباراتي بيراميدز.. وطولان لم يقدم برنامج إعداد المنتخب الثاني    «الأرصاد»: طقس خريفي معتدل خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر    صانع محتوى يدّعى تعرضه للسرقة لزيادة المشاهدات.. والأمن يكشف الحقيقة    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    هذا هو موعد عرض مسلسل كارثة طبيعية بطولة محمد سلام    تقترب من 19 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم «أوسكار عودة الماموث»    الإفتاء توضح الحكم الشرعي لتقنية الميكرو بليدينج لتجميل الحواجب    عشرات شاحنات المساعدات تغادر رفح البري متجهة إلى غزة عبر كرم أبو سالم    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    جراجات مجانية لأعضاء النادي في انتخابات الأهلي    "القومي للمرأة" يشارك في احتفال اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    استشهاد ثلاثة فلسطينيين برصاص الاحتلال بالضفة الغربية    رئيس جامعة سوهاج يعلن تكليف 1113 أخصائي تمريض لدعم المستشفيات الجامعية    3 وزارات تناقش تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    ذكرى رحيل عميد الأدب العربى طه حسين    جامعة القناة السويس تنظم قافلة شاملة بقرية أم عزام بمركز القصاصين    دراسة: زيارة المعارض الفنية تُحسن الصحة النفسية    ب«الشيكولاتة والعسل والتوت».. طريقة عمل ال«بان كيك» أمريكي خطوة بخطوة    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    صحيفة إسبانية: الملك فيليبى يشارك فى افتتاح المتحف المصرى الكبير    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع رقص ب«ملابس خادشة» في الإسكندرية    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    «بسبب فاترينة سجائر».. «أمن القليوبية» يكشف ملابسات مشاجرة بين طرفين في شبرا الخيمة    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان إيطاليا الاعتراف بدولة فلسطين    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    موعد مباراة بوروسيا دورتموند وآينتراخت فرانكفورت في كأس ألمانيا والقنوات الناقلة    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    الصين تحقق مع نائب برلماني تايواني للاشتباه في قيامه بالدعوة للانفصال    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    رابط حجز تذاكر دخول المتحف المصري الكبير    تأكد غياب رباعي الأهلي عن السوبر.. وموقف إمام عاشور (تفاصيل)    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    لترسيخ الانتماء الوطني.. انطلاق مبادرة «تاريخ بلادنا في عيون ولادنا» بالأقصر    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عرفة».. قصة مصرى تحول إلى ضحية حوت الأراضى عصمت السادات
نشر في صوت الأمة يوم 27 - 02 - 2013

هو واحد من الذين أكلهم الحيتان الكبيرة فى عهد النظام السابق.. وحين ظن أن الثورة ستخرجه من بطونهم.. فوجئ بنفس الحيتان تلتهم ما تبقى لديه من أمل فى مستقبل أفضل داخل هذا الوطن.
أحمد حسين عرفة مستثمر بسيط ورجل أعمال تربى فى بيت العسكرية المصرية، فوالده اللواء حسين عرفة كان قائدا للشرطة العسكرية.. إلا أنه لم يشأ ان يوجهه أو يتدخل فى طريقه الذى اختاره لخدمة عائلته وبلده.. بالاستثمار السياحى وتنمية سيناء، ولم يتدخل من قريب أو بعيد فيما جرى له بعد ذلك، من معاناة، أشرنا إلى بعض من قصتها، فى العدد الماضى، مع ضرورة تصحيح أن الرجل لم تكن له علاقة من قريب او بعيد بودائع صفوت الشريف وأبنائه.
كان عرفة من أوائل المستثمرين الذين ولوا وجوههم نحو قبلة سيناء الغالية، ليعمروها، وينموها، ويجعلوها قبلة السياح فى العالم.. كان ذلك فى العام 86.. وبعد السماح بتملك الاراضى فى جنوب سيناء فى عام 88 اشترى قطعة أرض مساحتها 1675 مترا بخليج نعمة بتاريخ 26 نوفمبر 88، لإقامة مشروع خدمات مائية رياضية وغطس بعد عامين من تواجده فى المنطقة، لتقديم رياضة الغوص، فى وقت لم يكن بخليج نعمة سوى فندق واحد، هو مارينا شرم، الذى تم بناؤه خلال فترة الاحتلال الاسرائيلي.. وكان لاختيار هذا النشاط قصة عاشها عرفة، حين ذهب إلى شرم الشيخ، فوجد المنطقة خالية من اى مواصلات او اتصالات نهائيا، بينما اقتصرت الحياة هناك على السياحة الاسرائيلية، ونشاط الغطس الذى يديره اليهود، فتعلم الغطس، وبدأ إجراءات التسليم والتسلم من الغطاسين الإسرائيليين، وذهب بعدها إلي دمياط ليشترى مركبا، أحضره معه إلى شرم الشيخ، ليبدا رحلات الغوص المخصصة للأجانب حتى عام 88.
فى هذه السنة تسلم اللواء نور عفيفى منصب محافظ جنوب سيناء، وفكر عرفة فى أن يطلب منه تخصيص 1675 مترا لعمل قرية سياحية على البحر مباشرة، بعد ان اكتشف خلال عمليات الغوص، وجود ترابيرات وكراسى فى المياه، عرف أنها نتيجة سيل اجتاح الخليج وجرف ما عليه لأعماق البحر الأحمر فى المنطقة المحيطة بالخليج والتى تشبه حدوة الحصان، فأراد تطهير المنطقة بجهوده الذاتية، وتحويلها إلى مزار سياحى.
راقت الفكرة للمحافظ ، فرفع مساحة الأرض المخصصة للمشروع، بناء على طلب عرفة لتوسعة المشروع، بضم 2290 مترا مربعا، دفع صاحبنا قيمتها كاملة، عدا ونقدا فى حينه.
وبدأ المستثمر الجاد العمل بالفعل، فيما كانت هناك نقطة هامة تابعة للجيش وقوات حرس الحدود، تحت اسم المسطحات المائية، برئاسة العميد مصطفى خليل، وفى سبيل تقوية دعائم المشروع الواعد، سافر عرفة بصحبة المقاول علاء السيد، والذى أصبح بعد عامين من شراء عرفة للأرض، زوج شقيقته، «رحمها الله»، إلى مدينة ميامى بولاية فلوريدا ، فى الولايات المتحدة الأمريكية، ونجحا فى توقيع عقد مع سلسلة فنادق سونستا العالمية، لإنشاء فندق يحمل اسم المجموعة العالمية فى شرم الشيخ، وعاد عرفة ليستخرج الرخصة باسمه، بصفته رئيس شركة «بالمادى شارم» التى يملكها ونجلاه عمر وليال، وحدهم، بعد ضم قطعتى الأرض، اللتين دفع ثمنهما كاملا.
بعد ان بدأت بشائر جهد الرجل وعرقه، تلوح أمام عينيه، وهم بأن يفرح بتنمية جزء عزيز من أرض بلاده، فوجئ بمن يقرر إيقاف المشروع، ويحلف بأغلظ الأيمان أنه لن يمكنه من بناء حجر واحد على الأرض التى دفع ثمنها على داير المليم.
ضرب الرجل أخماسا فى أسداس، فلم تفلح محاولاته لفهم ما حدث معه فجاة من الحكومة، وأكبر مسئول فى المحافظة، قبل أن يجد نفسه وجها لوجه، أمام أطماع واحد من الحيتان الكبار، وضع عينه على الأرض، فتحولت إلى قبضة يده، حتى من قبل أن يدفع فيها جنيها واحدا، بل ومن قبل أن تخرج من حوزة شخص آخر.
كان هذا الحوت الكبير هو محمد أنور عصمت السادات.!
وفى بلاغه الذى تقدم به أحمد عرفة بعد الثورة إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، يسرد بعضا من ملامح ما تعرض له فى رحلة المساومة على تبديد أحلامه، وإلقاء مشروعه المبشر فى سلة مهملات، وتضييع أمواله وأسفاره، لتحويل المنطقة إلى بؤرة سياحية نشطة ومزدهرة..
يقول عرفة فى البلاغ: «اشتريت مساحة أخرى ملاصقة للمساحة الأولى بعقد تكميلى بمساحة 2290 متراً، ونص العقد على أن الغرض هو إقامة قرية سياحية وقد وقعت عقدا مع شركة سونسيتا العالمية لإدارة فندق بنظام خمس نجوم، وقد استلزم ذلك إنشاء ورصف طريق بطول 950 مترا بالأسفلت، وإنشاء سقالة لرسو المراكب وموافق انتظار السيارات وتوسيع منطقة الجبل على نفقتنا الخاصة، كما هو موجود بالملف، وتم استخراج الرخصة، بتاريخ 26 مارس 91 واقدمت على خطوة تطوعية بدفع كامل الثمن، رغم مهلة الخمس سنوات منذ بدء التشغيل، وعلى أثر سداد كامل الثمن، اعدت الشئون القانونية اجراءات تسجيل عقدى البيع، وتم البدء فى البناء وتسوية الأرض، ما كلفنى أكثر من 600 ألف جنيه، وصدرت الأوامر بإيقاف المشروع بدعوى أنه يضر بالبيئة والتراث القومى، وتوقف المشروع دون إبداء أى أسباب قانونية، ثم اتصل بى اللواء ممدوح الزهيرى محافظ جنوب سيناء، فى ذلك الوقت، وفى المقابلة حلف بالإيمان أن هذه الأرض لن يبنى عليها أبدا، وإننى ظلمت».
ما لم يقله أحمد عرفة فى بلاغه، إنه سأل الزهيرى «حد حاطط عينه على الأرض؟» وكانت الإجابة بعد إلحاح «ايوه. واحد كبير احنا مش قده.. أنور عصمت السادات».
فى عقب هذا الاعتراف عرض الزهيرى للتخلص من الموقف، تخصيص قطعة أرض أخرى بمساحة 8500 متر مربع فى هضبة أم السيد، وكتب فى إلغاء قرار تخصيص الأرض الأولى، أن عرفة لم يلتزم ببنود تنفيذ العقد، ومن الطرائف أنه كتب فى عقد تخصيص القطعة الأخرى، إنه بناء على طلب الرجل، رغم أنه لم يكن تقدم بأى طلب، فكيف يمنحه أرضا أخرى إذا لم يكن ملتزما بشروط التخصيص فى الارض الأولى، لكنه التخبط، لستر الفساد، والمحسوبية، والتغطية على استيلاء الحيتان الكبار على خير مصر، ويقول عرفة: «فوجئت بأن خليج نعمة بيع كله للكبار من حسين سالم وأشرف مروان إلى جمال عمر مرورا بمحمد عصمت السادات، بعد تكوين اسم «شرم الشيخ» بواسطتنا نحن اوائل المستثمرين هناك، وبالفعل وقعت عقد الأرض الجديدة، فى يوم 12 يونيو 96، لكنى فوجئت بعد مرور ستة أشهر، أن أحدا ما يبنى على الأرض المخصصة لى بخليج نعمة،فذهبت للمحافظ ممدوح الزهيرى، فقال لى إنه مبنى صغير لمستشفى طب الأعماق لأنها ملاصقة للسقالة التى بنيت على نفقتى الخاصة، وبحسن نية صدقته، لكنى وجدت أن المبنى فاتحة مشروع ضخم، وليس مستشفى، فذهبت إلى المحافظ مرة أخرى، وسألته «ما هذا؟. فقال لى صراحة إنه فندق محمد عصمت السادات وانه مسنود ولا يستطيع عمل شىء معه ، ومازلت أذكر كلماته الصادمة لى: «السادات دا راجل جامد ومش هنقدر نعمل معاه حاجة»، حيث قرر تخصيص نفس الأرض رسميا باسم عصمت السادات بعد انتزاعها منى بشهرين فقط.
هنا اتخذ احمد عرفة موقفا مبدئيا امام هذا التلاعب ولعبة تقسيم كعكة ارض مصر، ونهبها فى وضح النهار، فرفض استلام القطعة البديلة، وقال للمحافظ إنه اولى الناس ببناء وتعمير تلك الأرض، وليس أحدا آخر.. ويتذكر عرفة تلك الأيام قائلا: كنت واهما فى أنى سأحصل على حقى بالقانون، فلم أستطع عمل اى شىء، ولا رد أى حق، حتى يومنا هذا، رغم تعرضى لتهديدات كثيرة، كما لم استرد مالى، حيث تكبدت ما يزيد على مليون و800 ألف جنيه بين عامى 88 و96.
فى تلك الفترة، وفى المقابل، حصل محمد عصمت السادات زعيم المناضلين الثوريين حاليا، والذى يطالب بتطهير مصر من الفساد، على 14 قطعة أرض، بالتخصيص، خلال فترة تولى الزهيرى محافظة جنوب سيناء، بلغت مساحتها الإجمالية 52644 متراً مربعاً بشرم الشيخ. وننشر هنا بعضا من تلك الأراضى والمساحات الهائلة من أراضى الدولة المخصصة للسادات، فى تلك الفترة فقط: 4439 متراً مربعاً فى منطقة خدمات نعمة عام 96 لإنشاء مطعم سياحى و1152 متر لإنشاء مطعم هارد روك و635 متراً مربعاً فى منطقة التاور لبناء فيللا و730 أخرى فى عام 97 فى نفس المنطقة لبناء فيللا ، وقبلها 16 ألفا و313 متراً فى 16 اكتوبر عام 95 بنى عليها 11 فيللا و36 وحدة فنديقة ، إلى جانب 20 الفاً و89 متراً مربعاً فى 14 يونيو 2006 بربوة نعمة خلف فندق روزيتا لبناء مبنى استقبال وناد صحى و33 مبنى وحدات سكنية وحمام سباحة.
ولا نجد سبيلا للتعبير عما جرى من النظام السابق مع أحد صبيانه، حين منحه أراض وخصص له مساحات هائلة من أملاك الدولة، ليثرى ويتربح، ويغتصب حقوق آخرين، فيما كان محكوما عليه بالإفلاس رسميا بحكم قضائى، لم يكن يعطيه اى حق فى ممارسة انشطة تجارية او استثمارية، إلا أن نذكر بمنطوق حكم محكمة القيم العليا برئاسة المستشار أحمد رفعت خفاجى فى حكمها التاريخي، عام 83، فى قضية الفساد الكبرى ضد أحمد عصمت السادات وأنجاله جلال أحمد عصمت السادات وطلعت أحمد عصمت السادات ومحمد أنور أحمد عصمت السادات وآخرين، حيث أكد الحكم فى حيثياته أن هؤلاء عصابة لصوص انقلبوا كالثعالب الضالة يتصيدون ضحاياهم ويمتصون دماءهم ويخربون اقتصاد مصر ويلتهمون خيراتها ويفسدون الحياة السياسية فى البلاد، لا همّ لهم إلا السطو والنهب وجمع المال والاستيلاء على الغنائم مسلحين بالجشع والأنانية وحب الذات ومتخذين الحيلة والنصب والوساطة والرشوة وفرض الإتاوات بالإرهاب والتهديد ركابا إلى إثمهم وعدوانهم بغرض الكسب السريع، دون اكتراث بأحكام القانون ودون النظر إلى أنهم بذلك يخرجون على مبادئ القيم ويخالفون أبسط قواعد الأخلاق، ذلك أنهم نفوس لهثت وراء الثراء فداست بأقدامها كل القيم الإنسانية والإنسان أيضا، مما يصدق عليهم وبحق أنهم عصابة المافيا التى ظهرت فى مصر ونشرت فسادها فى أرجاء البلاد.
وقالت المحكمة: فى الوقت الذى يعيش فيه أفراد الشعب تحت وطأة الحاجة، ظلت هذه الفئة الطفيلية تسرح وتمرح دون رادع إلى أن استطاعت بوسائلها الخبيثة تكوين ثروات طائلة تقدر بالملايين من الجنيهات بالنسبة لكل واحد منهم، كل ذلك بعد أن انقضوا على كل ما هو محرم، فارتكبوا من الأفعال الضارة بالمجتمع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، إذ تخشبت قلوبهم وتكلست ضمائرهم ولم يرحموا مصر وهى تشكو وتئن من اقتصاد مرهق يعيش أغلب الناس فيه تحت خط الفقر معتقدين أنهم بمنأى عن مخالب القانون وأنيابه وأنهم أسياد مصر وفوق المحاسبة متناسين أن الله يمهل ولا يهمل وأن يوم الحساب لا ريب فيه، فسطوة القانون قائمة ولا أحد فوق المساءلة ولا أحد فوق القانون. والغريب فى الأمر رغم هذا الحكم البين، أن أكثر من يتحدث عن الشرف هو ذاته الذى يكشف تاريخه اتهامه بالفساد والرشوة والابتزاز والضحك على الموكلين وسجلات النيابة العامة والمحاكم تعج بعشرات البلاغات من مواطنين بسطاء وشخصيات ورجال أعمال، من أمثال عصمت السادات، الذى يوهمك بأنه ضد النظام فإذا به أحد ابناء النظام المدللين.
ونعود بالتفصيل إلى الأيدى الملوثة بصفقة الغاز إلى اسرائيل عصمت السادات وعبدالخالق عياد وأبناء هيكل نعود الى بداية مشوار عبدالحميد ابوبكر، قبل كشف مفأجاة، حيث كان يزاول نشاط شركته ديلبكو من الدور الثامن فى 2 شارع قصر الدوبارة بجاردن سيتى، ثم أصبح رئيسا لشركة بتروجاز ثم شركة غاز مصر، ومارس عمله فى الشركات الثلاث من داخل هذه الشقة، ونقل إليها بعد ذلك أعمال شركته الخاصة «سيتى جاز».. لكن شيئا غريبا حدث بعد الثورة، وبدء سلسلة تحريات وتقليب فى ملفات فساد شركات البترول فى عهد النظام السابق، حيث احترقت الشقة المذكورة عقب الثورة بشهرين بما فيها من أوراق ومستندات، أتت عليها النار كاملة، ولم تترك منها شيئا للمحققين.
كان الرجل ضابطا فى القوات المسلحة، ثم عمل سكرتيرا عاما بهيئة قناة السويس، وفى عام 1983 أسست شركة غاز مصر «جيبتكو»، التى رأسها ابوبكر فيما بعد، وجرى المد له عشر سنوات، حتى يمكنه رئاستها، وباعت فيما بعد، جزءا من أسهمها لاولاد الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل، عن طريق شركة هيرميس المملوكة لجمال مبارك، والطريف أن تعلم أن هذا الجزء المتواضع بلغ 99 % من الأسهم، أى انه منحهم ملكية الشركة بالكامل.
وبدأ ابوبكر من شركة غاز مصر فكرة التربح من الغز الطبيعى، حيث عمل مقاولا من الباطن، برأس مال بدأ بما لا يزيد علي 36 مليون جنيه، وصل عند بيعها لأبناء هيكل، نحو3 مليارات جنيه، وطرح فكرة أن تتولى شركة من القطاع الخاص فرض اتاوة على جميع مناطق التنقيب والتنمية، وقت إنشاء شركته سيتى جاز فى عام 1997، فى عهد الوزير حمدى البنبي، وعبدالخالق عياد رئيس هيئة البترول وقتها، أكبر قوتين فى قطاع البترول كله. وصدرت الموافقة بإنشاء الشركة من الوزير حمدى البنبي، الذى ذهب للعمل معهم فى الشركة، بعد خروجه من الوزارة. تماما كما أنشأ سلفه الوزير عبد الهادى قنديل مع ابوبكر شركة غاز مصر، ومد له عشر سنوات فى رئاستها.
وعند خروج عصمت السادات وشقيقه عفت من السجن، ساعدهما عبد الخالق عياد وعبد الحميد ابوبكر فى بينزس البترول، بحيلة طريفة، حيث أسند لهما عمليات التخليص الجمركى لأعمال الشركة، من الباطن تحت غطاء شركة اخرى اسمها «ساس». ولم تكن هذه الشركة تملك اى معدات اوعمال فيما كانت تقوم بتشغيل شركة غاز مصر المملكوة للدولة، والتى كانت تقوم باعمال توصيل الغاز من الباطن. تحت سمع وبصر الجميع. ومما يدل على شبكة الفساد العائلى ان أحمد شقيق منى عياد زوجة عبد الخالق عياد هونفسه زوج دينا ابنة عصمت السادات.
ونعود لشركة جاسكوالخاصة التى رأسها تامر نجل ابوبكر بعد خروجه من منصب نائب رئيس هيئة البترول، والتى استفادت من قرار أصدره عبد الخالق عياد رئيس الهيئة ونائبه تامر ابوبكر قبل خروجه، وكانت اول شركة قطاع خاص تنشأ لتوصيل الغاز للمصانع ومحطات القوى «الكهرباء». حيث رفعا ربحية الشركة لدرجة غير مسبوقة، وكان أبرز المستفيدين من زيادة الربحية مجدى راسخ صهر علاء مبارك، من خلال شركته ناشيونال جاز، وذلك قبل تولى سامح فهمى وزارة البترول.
والمفاجأة أن الوزيرة السابقة فايزة ابوالنجا وضعت يدها على اوراق هذا الملف، ولم تنطق بكلمة ونسألها لمصلحة من السكوت عن هذا الهدر المتعمد لثروة مصر والعبث بمواردها؟.
وبعد خروج تامر ابوبكر وعبد الخالق عياد على المعاش، بدأ ابوبكر بيع اسهم شركة سيتى جاز وجيبتكوإلى احمد هيكل صاحب شركة القلعة المالكة لشركة طاقة «الشركة العربية للطاقة».
ومن باب التوضيح ان العلاقات بدات بهذه العائلة،منذ قيامه بشراء أسهم غاز مصر عن طريق شركة هيرميس المملوكة لجمال مبارك، عندما كان رئيسا لشركة السمسرة فى مجموعة هيرميس للأوراق المالية. بينما كان اخوه حسن هيكل مسئولاً عن ادارة صناديق حورس لشراء الشركات والاسهم والاستثمار والمملوكة لهيرميس ايضا.
وفى مفاجأة من العيار الثقيل، نكشف ان قطر توصل الغاز الى الهند بسعر 2.5 دولار، بصافى عائد يصل الى 1.5 دولار بعد خصم دولار مقابل تكلفة الإسالة، فيما تتم خطة حاليا لاستيراد الغاز القطرى عن طريق شركة القلعة المملوكة لاحم هيكل ابوبكر بسعر سبعة دولارات..!!
وفى سلسلة العبث عثرنا على خطاب بخط يد عبدالخالق عياد اثناء رئاسته للهيئة يقرر فيه تعيين تامر ابوبكر شقيق زوج ابنته هالة،مشرفا على نظام معلومات الهيئة، التى تحوى خزينة كل أسرار قطاع البترول، الى جانب عمله نائبا لرئيس الهيئة للتجارة، مما يكشف الى اى حد كان يجرى التلاعب باسرار ثورة مصر، للتربح منها، وتقسيمها على الكبار بمشاركة اجهزة ومسئولى النظام السابق.
ويقول نص خطاب عياد إلى نواب الهيئة «تكررت ملاحظات سيادتكم فى اكثر من اجتماع واكثر من مناسبة بان نظام المعلومات فى الهيئة فى حاجة الى مراجعة شاملة وتطوير كبير ليتلاءم مع التطور الحادث فى نشاط الهيئة ... ولما كانت ادارة المعلومات تتبع رئيس الهيئة مباشرة ولما كانت اعبائى الوظيفية فى الوقت الحالى لا تسمح بأن اتابع مباشرة هذا الموضوع الهام، فقد رأيت أن افوض احد السادة النواب السيد الدكتور تامر ابوبكر نائب رئيس الهيئة للتجارة الداخلية للاشراف على هذا النشاط، وعمل اللازم نحو وضع خطة شاملة بالتعاون مع الادارات المختصة والنيابات والشركات تكون اساسا للتطوير المطلوب وتنطلق بنظام المعلومات الهام إلى آفاق القرن القادم على أن تناقش هذه الخطط فى اجتماعات النواب تباعا لأخذ القرارات الخاصة. هنا وضع أبو بكر يده على كل تفاصيل وأسرار قطاع البترول حيث المعلومة هناك تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الجنيهات وأرجعوا إلى أسباب سجن عماد الجلدة وآخرين فى قضية البترول حيث كانت المعلومات تدفع فيها الملايين، خاصة اذا عرفنا أن أبوبكر استخدم كل كنور المعلومات عن قطاع البترول فى شركته الخاصة الذى أنشأها لهم حمدى البمب ثم ذهب ليعمل عندهم وذلك عبدالهادى قنديل حيث أنشأ شركة غاز مصر لحميد أبو بكر وطلع معاش مد له عشر سنوات.
يظهر من السابق ذكره أن قطاع البترول كان يدار عن طريق عبد الخالق عياد من مقر هيئة البترول بالمعادى، حيث كان يهيمن على جميع اعمال القطاع من غاز وبتروكيماويات وبحث واستكشاف وتعاقدات ...الخ، فى حين كان الوزير الاسبق حمدى البنبى فى واد آخر بمقر وزارة البترول بمدينة نصر جاهلا بجزء كبير مما كان يحدث من فساد ونهب بالهيئة إلى ان جاء الوزير المحبوس سامح فهمى فقام بتفتيت هيئة البترول المستشرى بها الفساد على يد عياد، الى شركات قابضة مثل القابضة للغاز والقابضة للبتروكيماويات والقابضة لجنوب الوادى لنقل مراكز الهيمنة المتجمعة فى يد عياد، على جميع اعمال قطاع البترول. فكيف نجد بعد ثورة قامت على الفساد والافساد أن الفاسدين والناهبين لثروات مصر مازالوا يتمتعون بحريتهم طلقاء محاطين بالحماية ؟.
العلاقة واضحة للعيان عندما نعرف أن صهر حوت البترول عبد الخالق عياد هوعصمت السادات الصديق الشخصى لعبد المجيد محمود «النائب العام السابق» فأى ثورة تلك، وهؤلاء يمرحون بما نهبوه محاطين بالحماية والامان.
نشر بتاريخ 25/2/2013 العدد 637


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.