الإحساس نعمة.. وأى نعمة .. إنها من أفضل النعم التى ينعم بها الله على الانسان فإذا فقدها تحول إلى واحد من أصحاب القلوب القاسية التى هى كالحجارة أو أشد قسوة فلماذا يكون أصحاب القلوب القاسية الذين فقدوا نعمة الإحساس أشد قسوة من الحجارة؟ يصف المولى عز وجل هؤلاء قائلا فى الآية 74 من سورة البقرة «ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة أو أشد قسوة» وآية «وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون» صدق الله العظيم.. فيا من تجلسون على كرسى السلطة وقست قلوبكم من بعد ذلك حتى أصبحت كالحجارة أو أشد قسوة منها اياكم ان تغتروا لأن المولى عز وجل ليس بغافل عما تعملون.. ليس بغافل عما تظلمون.. ليس بغافل عمن تفرقون بين الناس فهذا من أهلك وعشيرتك والآخر ليس منها فيستحق العقاب ويستحق العذاب.. عاقب من شئت وعذب من شئت واستخدم القوة المفرطة فى قتل من شئت! ولكن تذكر شيئا واحدا يا من تصلى وتتقرب إلى الله بالفرائض والنوافل وتحرص على أداء صلاة الفجر حاضرا وفى جماعة ثم تذهب وتجلس على كرسى السلطة وترى الناس يسحلون ويعذبون على أبواب القصر ويقتلون بدم بارد ثم تغمض عينيك وتغض الطرف عمن سحلوا وعذبوا وقتلوا، ان الله ليس بغافل عما تعمل.. فلا تكن فظا غليظ القلب وتذكر قول العلى القدير وهو يخاطب خاتم انبيائه ورسله فى الآية 159 من سورة آل عمران قائلا «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين»، صدق الله العظيم «لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك» هكذا خاطب المولى عز وجل نبيه المختار -فلماذا يا من نتجلس على كرسى السلطة لا تقتدى برسولنا الكريم.. تقتدى به فعلا لا قولا! هناك فرق شاسع بين الاقوال والافعال! ام ان الكرسى وبريقه والسلطة وهيلمانها يجعلونك تطبق المقولة الشهيرة دعهم يقولون.. يثرثرون ونحن نفعل ما نريد! واحد من الذين يجلسون على كراسى السلطة قال عن الشعب المصرى إنه كثير الكلام قليل الأفعال! السيد المسئول يريد ان يقول إن الشعب المصرى كما يقول المثل «فنجرى بق» لا أكثر ولا أقل! المسئول الذى قال هذا الكلام يبدو والله أعلم انه يعيش فى كوكب آخر أو يعيش فى بلد آخر غير مصر! هذا الشعب أثبت ومازال انه يفعل ولا يكتفى بالقول أو فنجرة البق.. عندما صدر القرار بفرض حظر التجوال على أهالى مدن القناة اعتبر الناس وكأن القرار لم يكن وكأنهم لم يسمعوا أو يشاهدوا مسئولاً فى البلد وهو يرفع اصبعه فى وجوههم وهو يقول لهم «هأناذا أفعل»! ففعلوا هم ما يريدون ونزلوا إلى الشوارع ولعبوا ورقصوا وغنوا وكأن شيئا وكأن قرارا لم يصدر وهؤلاء ايضا من هددوا بالعصيان المدنى ولم يكن تهديدهم مجرد «فنجرة بق»! ولكن اثبتوا بالفعل لا بالقول انهم قادرون على الفعل! وبمجرد ان بدأوا تحويل الأقوال إلى أفعال على أرض الواقع حتى تحرك الجميع وأولهم من يتهم الشعب المصرى الآن بأنه شعب يقول ولا يفعل! هل تعرف يا من تجلس على كرسى السلطة لماذا يفعل الشعب ذلك؟ يفعل الشعب ذلك لأن أجهزة التواصل والاتصال بينكم وبين الشعب مقطوعة والإحساس غير موجود أو هذا الانفصال أو الانفصام أو سموه ما شئتم ناتج عن فهم خاطئ أو وهم ان الوقت فى صالحكم وان الشعب سيمل أو ستخور قواه وسوف يتوقف عن مطالبه! من مات له ابن أو أخ لن يتوقف عن المطالبة بحقه! من يعانى قسوة الحياة وغلاء الأسعار لا يجد أى استجابة منكم أو ايجاد حلول لمشاكله وتواجهون ذلك بفرض مزيد من الضرائب الفقير فى عهدكم السعيد يزداد فقرا والمقربون منكم يتحدثون عن تخفيض قيمة الجنيه والرضاعة والتى تخون زوجها الذى يذهب لصلاة الفجر بينما هى تركت الفاحشة فى حقول القرية! الإحساس نعمة.. ناس تتحدث عن تخفيض قيمة الجنيه وناس تتوسط للتصالح مع رجال أعمال النظام السابق كم سيدفعون وما بين الأرقام التى ستعلن وبين الارقام الحقيقية هناك مكاتب تعمل وعمولات تدفع مرة أخرى الإحساس نعمة! الأيام تمضى والأوضاع تزداد سوءا! وكل يوم يمر تفقدون مزيدا من الخلان والحلفاء! خلان وحلفاء الأمس تحولوا اليوم إلى اعداء تتهمونهم باستغلال النفوذ! الناس يتحدثون عن مطالب مشروعة وعاجلة وعادلة وانتم ومن معكم تتحدثون عن الانتخابات التى ستجرى فى موعدها! الإحساس نعمة ولكنها للاسف مقطوعة ومرفوعة من الخدمة! ولن يتم التواصل واعادة الحرارة إلى الخطوط المقطوعة الا اذا استجبتم لمطالب الشارع المشروعة وكلها معلنة ومعروفة اما الإنكار والاستكبار والاصرار فهى كلها باختصار ستؤدى إلى الانهيار! ومرة أخرى الإحساس نعمة. نشر بتاريخ 25/2/2013 العدد 637