مع قرب رحيل الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية عن منصبه، اشتعل الصراع على خلافته، تم طرح عدد من الأسماء أبرزها عبدالرحمن البر، أستاذ علم الحديث بجامعة الأزهر، وعضو مكتب الارشاد بجماعة الاخوان المسلمين والملقب بمفتى الجماعة، البر حاصل على ليسانس أصول الدين قسم التفسير والحديث بتقدير امتياز عام 1989، وعلى دكتوراة فى الحديث عام 1993 وارتقى الى درجة الأستاذية عام 2004 وأعير للعمل فى السعودية فى جامعة الامام محمد بن آل سعود عام 1996 حتى عام 2002، يعد البر المرجعية الفقهية لجماعة الاخوان ورئاسة الجمهورية، بعد تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة الجمهورية، وكانت آخر فتاوايه للدكتور محمد مرسى أن يجبر أحمدى نجاد على وقف سب الصحابة،حتى يحدث التقارب بين المذهبين الشيعى والسني، كما كان له فتوى أثارت جدلا كبيراً قبيل انتخابات 2010، حيث افتى بأن المشاركة فى الانتخابات البرلمانية جهاد والمتخلف عنها كالمتخلف عن يوم الزحف الأكبر، ورغم مكانة البر داخل الجماعة المتحكمة فى مفاصل الدولة، إلا ان هذا الانتماء الحزبى يعد من أصعب المعوقات التى تمنع البر من الوصول إلى هذا المنصب، فبمجرد طرح اسمه، أعلنت العديد من القوى السياسية رفضها لهذا الترشيح، كما أن هناك عائقا آخر أمام البر، يتمثل فى شرط أساسى من شروط اختيار المفتى، وهو «ألا يكون منتميا لأى تيار سياسى أو فصيل أو جماعة» . ورغم نفى البر نفسه سعيه للمنصب، إلا أنه مازال أقوى الأسماء المطروحة لتوليه ومن الأسماء الأخرى الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، والفقيه الذى ذاع صيته وأصبح له شعبية كبيرة مؤخرا، إلا أنه لا يلقى قبولاً فى الأوساط الاخوانية والسلفية، لما له من آراء تناهض بعض أفكارهم، وفتاوى يرون أنها لا تتسق مع صحيح الدين، ومنها اجازته لشرب البيرة، حيث قال «الهلالى» وقتها: «إن البيرة المصنوعة من الشعير، والخمر المصنوع من التمر، والنبيذ من غير العنب، فإنه يحرُم الكثير المسكر منه، أما القليل الذى لا يسكر فإن تناوله حلال، طالما أنه لا يسبب حالة من السكر وذهاب أو غياب العقل، مشيراً الى أن هذا الرأى هو رأى الإمام أبو حنيفة، ورغم تأكيد الهلالى اكثر من مرة على ان هذا الرأى وارد فى جميع كتب أبوحنيفة، إلا أنه لم يرحمه من انتقادات السلفيين له، واتهامه بالخروج عن سنة السلف، كما كان للهلالى رأى آخر تسبب فى توتر العلاقة بينه وبين أعضاء التيار الإسلامى، حيث عارض وصف الصكوك بالاسلامية، مشدداً على أنه لا يصح للمروجين لمشروع الصكوك الإسلامية الجديد أن يضيفوا لفظ «إسلامي» للمشروع، حتى يكسبوا تأييد بعض المتعاطفين مع الشعارات الدينية. كما يظهر فى الأفق رجل آخر لايقف أمامه عائق الانتماء الحزبى لجماعة الاخوان، كما هو حال عبدالرحمن البر، ولا معاداة التيار الاسلامى له كما هو حال «سعد الدين الهلالى»، وهو الدكتور «محمد مختار جمعة» عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة والذى كان من المفترض أن يتولى رئاسة جامعة الأزهر خلفاً لأسامة العبد الذى كان قد اقترب من وزارة الأوقاف، بعد ترشيحه من قبل شيخ الأزهر للدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، إلا أنه تم استبعاد العبد قبل ساعات من الإعلان الرسمى عن التشكيل الوزارى، وضاعت بذلك فرصة تولى، مختار رئاسة الجامعة لتتاح له الآن فرصة تولى منصب «مفتى الجمهورية». ورغم أن هذه الأسماء الثلاثة الأكثر بروزا لتولى المنصب، هناك إشارات بامكانية استثناء الدكتور حسن الشافعى رئيس مجمع اللغة العربية، ومستشار شيخ الأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء من شرط السن، ليتولى المنصب، وربما يرجع ذلك إلى الحنكة السياسية التى يتميز بها، وجعلته النجم الأبرز بعد الثورة داخل المؤسسة الأزهرية، بالاضافة الى قربه من جماعة الاخوان المسلمين حيث كان حلقة الوصل بينها وبين الأزهر فى الجمعية التأسيسية، لما له من مكانة بارزة لدى الطرفين، فالشافعى التحق بجماعة الاخوان منذ أن كان طالباً بالثانوية، حيث كان دائم التردد على المركز العام للإخوان المسلمين بالحلمية لحضور درس الثلاثاء للبنا المرشد العام للإخوان المسلمين، وتأثر به كثيرا، وربما كان هذا التأثر سببا فى اعتقاله أكثر من مرة، لما له من مواقف مناهضة للنظام انذاك، حيث تم اعتقاله لاول مرة سنة 1954م، وهو فى الفرقة الثانية بكلية دار العلوم،وخرج فى سنة 1960، ليكمل دراسته فى كليتين هما أصول الدين بالأزهر الشريف، ودار العلوم جامعة القاهرة وتخرج منهما معا سنة 1963 م،وحصل على مرتبة الشرف الأولى فى كلية دار العلوم، وتم تعيينه معيدا بقسم الفلسفة الإسلامية، ليتدرج بعد ذلك فى السلم الوظيفى حتى يصل الى منصب رئيس مجمع اللغة العربية نشر بتاريخ 11/2/2013 العدد 635