غابت حبيبته، ولم تترك له صورة فوتوغرافية لها، ولم يكن يجيد فن الرسم ليرسم لها من خياله صورة تعينه علي لوعة الفراق، فرسم لها صورة تنبض بالحياة بالوسيلة الوحيدة التي يجيدها.. «رسمها بالكلمات»!! قد ممشوق كالسيف.. ترتدي ثوبا رقيقا كالنسيم. يقبل الارض تحت قدميها في حنان، ويكشف عن زراعين يطل النور منهما، والوقت بعد الغروب وضوء السلم كليلة قمرية، وصدرها الناضج المكشوف. بارز للأمام في شموخ يحمل في اعزاز نهدين يطلان علي الناظرين في حرص واستحياء، وكأنهما طلبا بطبقة من الفسفور يشعان ضياء يشتت الظلام من حولهما..!! يكلل هذه الروعة عنق مرمري رائع جميل يحمل رأسا صغيرا تتجلي الروعة في قسماته، وكأنما أفني مثال عمره في تصوير ذلك النموذج الخلاب، يزيل من هنا قليلا ويضيف هناك. مابين شفاه ممتلئة مكتنزة، وأنف دقيق، وعيون .. آه من تلك العيون.. إنها كعيني فرس ناعسة ترتعش أهدابها فتغطيها وتكشفها فإن غطتها.. خلت النسيم مر بها فأسدلها في رقة، وإن كشفتها.. خلت بهاء الدنيا كله يطل عليك منهما، وشعر كالغلالات. يرتفع فوق رأسها وينسدل خلف كتفيها، ولو استدارت لعرف نهايته من ظهرها.. يتمني المرء أن يفقد أنامله للأبد. من أجل أن يمررها ولو مرة واحدة خلال هذه الانسجة الحريرية الناعمة..!! كل هذا فحصه بنظرة خاطفة والهة.. تمني ألا تنتهي وأن يظل هكذا واقفا أمامها بمثل سنوات عمره التي مضت..!! وتناهت إلي سمعه ضحكة خافتة، وكأنما اصطدمت يد فنان بأوتار كمانه فعزفت لحنا رائعا. كان نواة لسيمفونية خالدة.!! محمد الحو