ما أشبه الليلة بالبارحة».. بالأمس تفشى الفساد كل أرجاء المعمورة ونخر السوس فى كل مؤسسات الدولة وكاد أن يقضى على الأخضر واليابس حتى جاء طوفان 25 يناير الذى زلزل الأرض تحت أقدام الطغاة والمستبدين وخلع نظاما ديكتاتوريا فاسدا انحاز لرجل الأعمال والمستثمرين والأغنياء على حساب السواد الأعظم من أبناء هذا الشعب.. وكنا نظن أن الفساد ذهب بلا رجعة إلا انه وللأسف الشديد مازالت جذوره تمتد وتنتشر فى أغلب المؤسسات وأعوانه يمارسون نفس ممارساتهم السابقة والعبث بمقدرات الشعب دون رقيب أو حساب رغم علم الدانى والقاصى بفسادهم، أحد الأمثلة الصارخة على ذلك امبراطورية السيد محمد أبوالقمصان الشهير ب«سيد أبوالقمصان» مستشار وزير الصناعة والتجارة المهندس حاتم صالح ورئيس قطاع التجارة الخارجية فى عهد الوزير الأسبق الهارب رشيد محمد رشيد والذى يهيمن على القرار داخل وزارة التجارة معتمدا فى ذلك على قلة خبرة وعدم دراية الوزير الحالى فمخالفات أبوالقمصان وتجاوزاته فاقت كل حد منذ عهد النظام السابق وأشهرها بل وأهمها قضية الاغراق الخاصة بحديد التسليح لرجل الأعمال المسجون أحمد عز والذى تم تمكينه بفرض رسوم الاغراق على الحديد المستورد لاحتكار السوق المصرية بالكامل وزيادة أسعار الحديد التى مازالت رهن تحقيقات النائب العام. أبوالقمصان أو «الأخطبوط» كما يطلق عليه البعض له أزرع تمتد فى كل مكان داخل أجهزة ومؤسسات الدولة استخدام نفوذه وسلطاته فى دخول رسالة لحوم جاموسى مجمدة إلى السوق المصرية فى عيد الأضحى الماضى طبقا لما ورد فى الشهاد الجمركية رقم 13265 منشأ الهند بموجب صور شهادات اتضح فيما بعد أنها مزورة ولا تتطابق مع الأصل والتى تم الكشف عنها بعد الافراج عن تلك الرسالة حيث تبين من خلال الشهادات الأصلية التى قدمت بعد ذلك أن تاريخ الذبح تم فى شهر ابريل فى حين كان تاريخ الذبح فى الصور المزورة فى شهر مايو وأن لجنة التظلمات التى سمحت بسير اجراءات الرسالة وادخالها إلى الأسواق المصرية يترأسها سيد أبوالقمصان ولأنه «الآمر الناهي» يفعل ما يريد بالمخالفة للوائح والاختصاصات ودون حساب وقد اكتشف مؤخرا أنه كان يعطى الموافقات بتأشيرة منه لاستخراج شهادات خبرة للشركات وبأكثر من لغة بعد اعتمادها من الوزارة ومن الخارجية كسابقة أعمال واعتماد القوائم المالية لها مثل شركة أوراسكوم وشركة أبناء مصر للتعمير «أبناء حسن علام» بالمخالفة لاختصاصات الوزارة وادارة المجالس التصديرية وتنظيمات رجال الأعمال وبذلك حصلت تلك الشركات على مناقصات ومشاريع كبرى خارج مصر. أبوالقمصان كان أحد أهم رجال بطرس غالى وزير المالية الأسبق الهارب خارج البلاد حيث كان أبو القمصاص يرأس صندوق تنمية الصادرات عندما كان بطرس وزيرا للتجارة الخارجية وهذا الصندوق كان منوطا به تدعيم شركات رجال أعمال النظام السابق بمليارات الجنيهات ومنها شركات حصلت على مبالغ مالية طائلة دون وجه حق ومازال هذا الملف قيد تحقيقات النيابة وأشهرها شركة «ليزند». الغريب فى الأمر أن بطرس غالى قرر وقتها طبقا للقرار رقم 155 لسنة 2003 تخصيص مبلغ 5 ملايين دولار من موارد الصندوق للترويج لشعار القطن المصرى خارج البلاد على أن تتولى ذلك إحدى الشركات العالمية المتخصصة فى هذا المجال على أن يقوم مجلس ادارة الصندوق برئاسة أبوالقمصان بتحديدها والتى يقال إنها تتبع عائلات بطرس غالى فى الخارج. ملف قضية صندوق تنمية الصادرات مازال حبيس الادراج بالجهاز المركزى للمحاسبات ونأمل أن يحركه المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز إلى النائب العام فى أقرب وقت. ولقوة ونفوذ أبو القمصان تم التجديد لسائقه الخاص محمد مدنى الذى خرج لسن المعاش منذ عدة سنوات بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 243 لسنة 2012 بعدم المد بعد سن الستين وقد تم التجديد له براتب أساس 990 جنيها بخلاف ما يتحصل عليه من جهود وحوافز ولجان تتعدى عدة آلاف علما بأن عدد السائقين داخل الوزارة أكبر من عدد السيارات. قرار التجديد للسائق الخاص لابو القمصان تم اعتماده من وزير التجارة الحالى المهندس حاتم صالح. نفوذ أبو القمصان وامبراطوريته التى بدأت فى عهد النظام السابق والرئيس المخلوع وامتدت حتى تصل لقمة جبروتها ما بعد ثورة يناير المجيدة حيث أصبحت المناصب القيادية داخل الوزارة وبصفة خاصة داخل قطاعى التجارة الخارجية والاتفاقات التجارية من المقربين له ومن تلاميذه الذين يدينون له بالولاء. أبو القمصان الذى تقلد مناصب كثيرة داخل الوزارة لا يمكن أن يتقلدها شخص واحد ومنها على سبيل المثال لا الحصر منصب مستشار وزير التجارة الحالى ورئيس لجنة التظلمات وممثلا للوزارة بمجلس ادارة بنك التنمية والائتمان الزراعى وعضو مجلس ادارة التجارة الخارجية وعضو مجلس ادارة هيئة تحكيم واختيارات القطن وعضو اللجنة القومية لقواعد المنشأ وعضو اللجنة الاستشارية وعضو اللجنة الدائمة لصندوق دعم القطن وعضو لجنة تنظيم البطاطس ومن ثم يحصل على مبالغ طائلة تتعدى الحد الأقصى الذى حدده مجلس الوزارء ولم يتم تفعليه حتى الآن.. ويكفى أن نشير فقط إلى أنه يحصل على 27500 جنيه «سبعة وعشرون ألفا وخمسمائة جنيه» شهريا من المعونة اللانمائية وحدها منذ الأول من يناير 2007 وحتى الآن. نشر بتاريخ 28/1/2013 العدد 633