نجح الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى توحيد القوى الوطنية ضد جماعة الإخوان المسلمين وإعادة مناخ قيامه ثورة 25 يناير مجدداً فى ميدان التحرير، وذلك فى جمعة «عيون الحرية» التى كانت مخصصة للقصاص لدماء الشهداء وتحولت إلى جمعة لإسقاط حكم الإخوان والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسى! مطالب القوى الوطنية التى شاركت من جميع الاتجاهات والتيارات والمشارب تلخصت فى سحب الإعلان الدستورى الصادر مساء الخميس الماضى والذى جعل مرسى من نفسه فيه حاكماً مطلقاً وديكتاتورًا مستبدًا والذى احتقر فيه جميع مؤسسات الدولة الدستورية وفى المقدمة منها مؤسسة القضاء! وكان حل اللجنة التأسيسية للدستور وتطهير وزارة الداخلية التى أظهرت عن وجهها القبيح وعادت لأسلوب ما قبل الثورة من بطش وقمع وقنابل مسيلة للدموع، وتلفيق اتهامات للمتظاهرين بالبلطجة! كل المطالب التى كانت معدة سلفًا لجمعة عيون الحرية اختزلت فى مطلب واحد هو «ارحل» والمقصود محمد مرسى الذى زاد الطين بلة بعد الإعلان الدستورى الذى نصب فيه من نفسه إلهًا، وذلك بالخطاب المرتجل الذى ألقاه لحشود الإخوان أمام قصر الاتحادية والذى اتهم فيه، رموز القوى الوطنية بزعزعة استقرار البلاد، واتهم المتظاهرين بالبلطجة، واعلن انه يراقب رموز المعارضة ويرصد تحركاتهم! وتعالت الهتافات فى ميدان التحرير «يا تجار باسم الدين اسمعوا صوت الملايين» و«قلنا عدالة اجتماعية جابوالنا سلطة استبدادية». «يسقط يسقط حكم المرشد.. بيع بيع الثورة يا بديع.. الشعب يريد إسقاط النظام.. والله زمان وبعودة ليلة ابوكم ليلة سودة.. أنا مش كافر أنا مش ملحد يسقط يسقط حكم المرشد». وقال كمال أبوعيطة - رئيس اتحاد النقابات المستقلة - إن هذا ليس اعلانا ولا دستورًا انما هو انقلاب سافر على الشرعية ويجب على كل مصرى التحرك لمواجهته وشبه هذا الانقلاب بالعسل المغشوش وقال انه يرفض هذا الاعلان لأنه يقضى على شرعية من أصدره ولا يوجد حل أمام الرئيس سوى سحب هذا الإعلان وإلا سوف يتحرك الشعب إلى الميدان مرة أخرى والذى استمد منه الرئيس شرعيته تصرف على أنه مسئول عن جماعة تريد تقويض الشرعية والدليل أن الجماعة الإخوانية تحركه قبل ساعات من إصدار الإعلان ولا بديل عن سحب البيان وإعادة تشكيل التأسيسية وليس بالطريقة التى تم الاختيار بها فى المرتين السابقتين كما أكد يوسف عبدالجليل المستشار الإعلامى لحزب الغد وعضو الهيئة العليا أن الإعلان الدستورى يعد الانقلاب الثالث على الشرعية القانونية منذ توليه الحكم. وأوضح أنه بغض النظر عن الإدارة السياسية للمجلس العسكرى بما له وما عليه وليس من حق رئيس الجمهورية إلغاء الإعلان المكمل الذى جعل من القضاء الفيصل حلا للخلاف بشأن التأسيسية الدستورية.. كما أن إعلان المتظاهرين عن مطالبهم التى كانت:- 1- عدم التدخل فى صلاحيات القضاء وعدم الاستحواذ على السلطة القضائية وللمجلس الأعلى للقضاء وحده حق التصرف والاختيار. 2- حل الجمعية التأسيسية جملة وتفصيلا وإعادة تشكيلها من نخبة اساتذة القانون ونخبة ممن يمثلون جميع طوائف الشعب ويعبرون عنه على أساس الكفاءة وليس الثقة والولاء للفصيل الواحد. 3- التراجع عن القرارات الناشئة المستبدة التى اصدرت تحت مسمى مصلحة الشعب لتفعيل ثورة 25 يناير. 4- رفض كل ماحدث لتحويل انظار الرأى العام عن مصيبة سيناء وتمرير الدستور المعيب. 5- عدم اقحام وزارة الداخلية التى لاتملك القرار السياسى في الأحداث الجارية كى يتخذ منها كبش فداء أمام الرأى العام مما يضمن بذلك إبراء القيادة السياسية من المسئولية أمام الشعب وإن لم تنفذ هذه المطالب يعتبر الدكتور مرسى فاقدًا لشرعيته لإدارة البلاد وسيتم التصعيد لدور المجتمعات المدنية محليا ودوليا وستصدر المنظمات وثيقة فقد شرعية الدكتور مرسى باسم جميع المؤسسات الأهلية والحقوقية والتى هى قوامها حسب احصائية وزارة التضامن 33 ألف جمعية ومؤسسة اهلية مشهرة وعدد اعضائها حسب جداول الاشتراكات 6 ملايين و380 ألف عضو مشترك. وقال الناشط السياسى جورج إسحاق إنه يرفض قرارات مرسى التى تجعل هناك فرعون جديدًا يحكم مصر وهذه الطريقة التى يتبعها مرسى فى اتخاذ القرارات تعد نظامًا ديكتاتورًا ولابد من سحب هذا الإعلان قبل أن تستمر حالة من الغضب التى تسيطر على الشارع المصرى وتساعد على فقد شرعيته. وأكد خالد على المرشح السابق للرئاسة الناشط السياسى أنه يرفض القرار ويرفض هذا الأسلوب فى إدارة البلد وقال إذا كان هناك أى فصيل سياسى أصدر تلك القرارات كنا سنعترض عليه وكان الإخوان هم أول المعترضين! وقال خالد إن أسلوب الإعلان يطبق نظرية دس السم فى العسل وبالتالى لابد من الغائه والعودة إلى الحوار وأنه يؤيد إقالة النائب العام ولكن ليس بهذه الطريقة وكان يمكن إصدار قانون أو يجعل من حق المجلس الأعلى للقضاء اختيار النائب العام الجديد وأن السلطة تستخدم القوة فى فرض القوانين، ومن جهة أخرى قال المخرج خالد يوسف إن هذا الإعلان الدستورى يعتبر انقلابًا على كل السلطات وأضاف أن هذه القرارات تجعل مرسى الحاكم بأمر الله وأضاف أنه مع إقالة النائب العام ولكن ليس بهذه الطريقة التى تعد التفافًا على الشعب وتحديًا للقانون وطالب بسحب هذا الإعلان وبدء الحوار مع القوى السياسية للخروج من الأزمة. الأجواء فى ميدان التحرير أعادت للأذهان مشاهد قيام الثورة حيث ارتفعت لافتات «ارحل» لكن لمحمد مرسي، وكما سقطت مقرات الحزب الوطنى واشعلت النيران فى مقره الرئيسى حدث ذلك مع مقرات حزب الحرية والعدالة. وتعالت الهتافات ارفع رأسك فوق انت مصرى وارتفعت هتافات تقول: الليلة هنمشى مرسى الليلة وحياة شهداء أسيوط، ثوار أحرار هنكمل المشوار، وبعد سماع اقتحام مقرات الحرية والعدالة فى المحافظات، هما فين واحنا فين هما الخونة الفاسدين واحنا الشعب الثوريين، احنا السنة واحنا الفرض، قول ماتخفشى المرشد لازم يمشي، مصر دولة مدنية مش بالدقن ولا الجلابية، ياللى بتضرب فى القضاء بكره تحصل أبوعلاء، ياللى جاى بالانتخابات عد وشوف كام طفل مات. وتاعلت أصوات تهتف بسقوط الداخلية كما حدث أيام الثورة وصفق المتظاهرون لأحد الشباب عندما رفع خوذة أحد المجندين ورفع المتظاهر على الأعناق وهذا أيضاً كان يحدث من قبل سقوط الداخلية أيام الثورة مع وجود حالات فر وكر كلما زاد الغاز المسيل للدموع ثم الثبات والرجوع مرة أخري. ثم تعالت الأصوات «الشعب يريد ثورة تانى من جديد، ومن جميع الجهات من ميدان التحرير الشعب يريد اسقاط النظام، ارحل- ارحل. ويقول محمد مصطفى - عضو بالحزب المصرى الديمقراطى - القرار الذى اتخذه الرئيس مرسى ليس دستورياً بل يمكن الطعن عليه وللأسف لأنه يهدم اركان الدولة القانونية مما يؤدى إلى تدمير الدولة المصرية ومن المفترض أن أى قائد فى دولة عندما يصدر القرارات تجمع الشعب ولاتفرقه، وبالنسبة لتحصين التأسيسية والشورى إنه يعمل لمصلحة جماعته والمتحالفين معه مما يهدد منصبه، وعليه أن يرتد للحق ولايعرض الوطن للفتن والانشقاق والتفرقة. وبعد سماع بيان الرئيس محمد مرسى داخل الميدان، أبدى المتظاهرون استياءهم خصوصًا وصفه لهم بالبلطجية وتحذيره من المساس بمنشآت الدولة وإطلاق ذات التعبيرات التى كان يطلقها حسنى مبارك مثل «المندسين» والعناصر المندسة.. وهى لغة وزارة الداخلية التى لم تتغير حتى الآن. وقال جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان إن قرارات مرسى حولته إلى خليفة ولاينقصه سوى أن يضع صورته على النقود وللخطباء يدعون له فى المساجد، وأضاف عيد أنه سعيد بالميدان اليوم حيث أعاد له ذكريات الثورة بعد أن ظل مغطى بالمرشد وأبنائه فى الفترة الماضية. وقال أسامة الغزالى حرب القيادى بحزب الجبهة الديمقراطية إن الثورة المصرية قامت من أجل إقامة نظام ديمقراطى والتخلص من الديكتاتورية وما اتخذه الرئيس مرسى لا أعتبره إلا جنونًا وأضاف «حرب» قائلا إن جماعة الإخوان المسلمين مستعدة أن تحرق البلاد من أجل السيطرة على الحكم فى مصر وسوف تتخذ إجراءات تصاعدية بإسقاط الإعلان الدستوري، وقد نلجأ إلى الاعتصام ونحن على ثقة بأن الشعب سيقف بجانبنا. وقال الشيخ محمد عبدالله نصر إن المجتمع المصرى على حرب أهلية. وقالت منال الطيبى مدير مركز الحق فى السكن إن مشاركتها فى جمعة عيون الحرية للوقوف ضد قرارات مرسى الكارثية حيث إنه يحاول اختطاف الدولة من خلال جمع السلطات الثلاث، وأضافت الطيبى أن تحصين التأسيسية ودستورها العار يؤكد أننا سنكون دولة قاسية موضحة أن قرارات مرسى قد يكون لها أثر إيجابى أنها جمعت جميع القوى السياسية. بينما قال باسل عادل عضو مجلس الشعب السابق عن حزب المصريين الأحرار: هذا ليس إعلانًا دستوريًا وإنما قرارات رئاسية حيث إنه لايوجد إعلان دستورى يكتب فيه عزل فلان أو تعيين فلان وهذه القرارات غير شرعية ونحن نقول له اسحب هذه القرارات كما تعودنا منك وإذا لم تفعل سنعتبر أنك رئيس غير شرعي. وأضاف عادل: ومن الواضح أن ما يشغل بال الإخوان المسلمين وهدفهم الأول والأخير هو التمكين. وأكمل: الدكتور مرسى هو رئيس للإخوان المسلمين فقط بدليل وجودهم عند دار القضاء العالى قبل إعلان تلك القرارات وهذا يدل على أن شيئاً من اثنين قد حدث وهو إما أن مكتب الإرشاد لديه علم بالقرارات قبل صدورها أو أن مكتب الإرشاد هو الذى أصدر القرارات وأرسلها له فلا يأتى ويقول رئيسًا لكل المصريين. تم نشره بالعدد رقم 624 بتاريخ 26/11/2012