· الفيلم يتوقع فوزنا علي الجزائر 1/2 والوصول الي 2010 «العالمي» حكاية ميلودرامية تنتقل بعد فلاش باك طويل إلي أرض الواقع، وتؤكد وصولنا إلي نهائيات كأس العالم، في مغازلة صريحة لحلم المصريين بالذهاب إلي جنوب إفريقيا. بعد أربعة أشهر، ربما تتحقق نبوءة فيلم «العالمي» ويصل منتخبنا القومي لكرة القدم إلي نهائيات كأس العالم 2010، رغم موقفنا المتأزم حاليا في التصفيات، وفي هذه الحالة سوف نظل أمام فيلم تقليدي لابأس به.. أما إذا حدث العكس- لاقدر الله- وخرجنا من البطولة العالمية، فإن صناع «العالمي» سوف يصبحون في مأزق حقيقي لأن فيلمهم ينتهي بواقعة غير حقيقية ولم تحدث .. مشكلة(!!). وقبل أن نتوقف أمام الفيلم نفسه، دعونا نحاول تفسير ، كيف جاء التفكير في أن ينتهي الفيلم بالمباراة الأخيرة بين مصر والجزائر، وأن نفوز فيها 2-1؟.. هل هي جسارة وأمنية من صناع الفيلم؟.. هل هي مغازلة لشعب يعشق كرة القدم؟.. هل هي فكرة تجارية لرواج ونجاح «العالمي»؟.. في تصوري الشخصي أن هذه النهاية جاءت نتيجة تأثر صناع الفيلم بالإعلام الرياضي في مصر، فقد كان تصوير الفيلم يواكب «قرعة» اختيار وتحديد الفرق الإفريقية للتباري في مجموعات، وقد أجمع كل من يكتبون عن كرة القدم في مصر أن «القرعة» قد جلعتنا في مجموعة كروية سهلة، وأن وصولنا للنهائيات أمر مفروغ منه.. وتم تصوير الفيلم وسط هذه الأجواء، ولكن بعد نهاية التصوير كان فريقنا القومي قد تعثر مرتين بالتعادل مع زامبيا في القاهرة، والهزيمة من الجزائر في الجزائر، ثم جاءت مباراة رواندا لتضميد بعض الجراح بعد تحقيق الفوز، ودخلنا في حسبة برما.. والمهم ما يعنينا هنا هو: هل تأثر عمل فني بما هو إعلامي استهلاكي من الافعال الابداعية الصحيحة؟.. والاجابة لا، والدليل أن عدم وصولنا لكأس العالم- لاقدر الله- سوف يجعل «العالمي» من النوادر التي يضرب بها المثل في عالم السينما! فقد انتقل مؤلف ومخرج «العالمي» من القصة الدرامية للاعب الكرة مالك «يوسف الشريف» الذي وصل إلي الاحتراف في اسبانيا بعد صراع عائلي واجتماعي ونفسي كبير، إلي أرض الواقع بالتحديد المباراة الأخيرة بين مصر والجزائر والبطولة التي نسعي للوصول إليها «كأس العالم بجنوب افريقيا» ومشاركة لاعبين حقيقيين في المنتخب القومي ثم متابعة المدرب حسن شحاتة بالكاميرا وهو يدرب الفريق!.. ومن هنا كانت المشكلة والمأزق. تدور أحداث الفيلم حول إصابة لاعب الكرة المصري الموهوب «مالك» في حادثة سيارة، عقب خروجه من ملهي ليلي مع مجموعة من الفتيات.. ويدخل المستشفي للعلاج ومن خلال عملية استرجاع «فلاش باك» نتعرف علي حياة هذا الفتي الذي يعشق الكرة، ولكن والده« صلاح عبدالله» يرفض احترافه، ويرغب أن يرث ابنه مهنته كصاحب مطبعة قديمة تعمل بطريقة لم تعد موجودة «الجمع الرصاص» وبالتالي تركه العمال، ولم تعد المطبعة تعمل، ويعيش الأب حياة محبطة ويتحول إلي سكير يتعامل مع اسرته بعنف وتسلط، وتكون النتيجة هي موت الابنة ملك «رحمة» وطرد الابن مالك، ورفض الأم «دلال عبدالعزيز» استمرار الحياة مع هذا الزوج السكير.. ويحترف الابن الكرة، ويترك حبيبته «أروي» التي يثير الفيلم أن هناك قصة حب بينهما، ولكننا لانكاد نشعر بها، ويسافر اللاعب الموهوب للعب في فريق فالنسيا الاسباني، ويصبح لاعبا معروفا، ويستعين به مدربنا للمشاركة في النهائيات، ثم يتعرض للحادثة ويتم شفاؤه ويحرز للمنتخب هدف الفوز. تقدم أحداث «العالمي» قصة لاعب آخر عمر «محمد الشقنقيري» الذي أصيب ايضا، وبعد أن كان ملء السمع والبصر، أصبح وحيدا وعصبيا وكارها لكل شيء خاصة أن حبيبته تركته وسقط من حساباتها مع سقوط نجوميته.. وهذه القصة لم يعطها كاتب السيناريو الجديد ياسين كامل ما تستحقه من اهتمام وركز علي كراهيته لمالك في طريق الاحتراف فقد تعامل السيناريست معها بمفهوم الشخصيات الثانوية.. لقد كان الاهتمام بالشخصيات التي تدور في دائرة حياة البطل «مالك» سوف يضيف للفيلم الكثير، لكن المؤلف فضل التركيز علي حياة لاعب الكرة بشكل اساسي. رغم هذه الملاحظات علي السيناريو تحديدا فإن فيلم «العالمي» جاء عملا مسليا، ويستحق التشجيع لأنه في مجمله عمل جيد يتصدي له مجموعة من الشباب، بداية من منتجه محمد حفظي، حتي مخرجه أحمد مدحت في ثاني أفلامه بعد «التوربيني»، وهو مخرج يجيد استخدام أداواته، وكانت اضاءة مدير التصوير أحمد جبر من جماليات هذا العمل سواء في المشاهد المعاصرة أو في مشاهد الفلاش باك، ومن مميزات الفيلم مونتاج شريف عزت الذي مزج بين المشاهد التي تم تصويرها في ملاعب الكرة «الحقيقية»والمشاهد الدرامية بمهارة، ايضا كانت موسيقي خالد حماد وديكور تامر إسماعيل فهناك جهد واجتهاد واضح في تنفيذ «العالمي» فنيا. وفي الاداء التمثيلي ظهر بقوة «محمد الشقنقيري»، حيث تعامل مع شخصية اللاعب الذي اقعدته الاصابة وهربت منه الاضواء بتفهم ووعي لافتين.. وكان يوسف الشريف موفقا في اداء شخصية مالك «وأقنعنا بأنه من الممكن أن يكون لاعب كرة «أما دلال عبدالعزيز ومحمد لطفي وأروي فهم ضيوف شرف هذا الفيلم.. ويبقي صلاح عبدالله الذي أدي دور «الاب» بشكل جيد في إطار الاحداث التي كتبت له. إن فيلم« العالمي» عمل تقليدي جيد، يقدم مجموعة من الشباب وهناك جهد واجتهاد في تحقيقه في ظروف السينما الحالية.. واتمني أن يصل المنتخب القومي إلي نهائيات كأس العالم حتي لايصاب هذا العمل بالسكتة الفنية والأدبية.