رأيت مشهدا في النادي أقل ما يوصف به أنه يضايقني ويصيبني بالألم وهو مشهد كثيرا ما تراه في النوادي الاجتماعية ويسمي"الرؤية" وهي ليست من "الرؤي" بالمفهوم الديني اي الحلم الذي يراه الإنسان لكنها الرؤية القانونية أو "قانون الرؤية": أفضل أن أطلق عليه "الرؤية المراقبة" (بفتح القاف) و هي أن يسمح القانون في حالة طلاق الأبوين أن يري غير الحاضن الابن في وجود الطرف الآخر أو الجد أو الجدة في أماكن عامة والتي حددها القانون بالحدائق العامة ومقار الأحزاب أو مكان محايد. و ما احزنني-بعيدا عن القانون- هو تجاهل البعد النفسي للصغير وأن أجد الطفل يتم التعامل معه كالدمية التي يمكن تحريكها كما يحلو لأبيه وأمه وأنا لا أنكر حرية كل إنسان وحقه في اتخاذ قرار انفصاله عن شريك حياته ومحاولة البدء من جديد مع شخص آخر ربما يجد معه حياة أفضل و يعيش معه أملا جديدا... ولكن بعد تجربتي الحزينة عندما رأيت عن قرب ام تحضر هذه الدمية واقصد هنا الطفل الذي لا حول له ولا قوة بينما ينتظر الطرف الآخر اي غير الحاضن في ترقب و حرص وربما في كراهية شديدة تتضح في تعبيراته وتصرفاته ويترصد له حتي ينتهي غير الحاضن من أداء مهمته تحت مراقبة متشددة من افراد الأمن الذين يقع عليهم مسئولية أداء المهمة في هدوء دون مشاكل بين الطرفين وربما تمتد مهمتهم ليقوموا بدور الدادة ومداعبة الطفل واقناعه باداء المهمة والذي يتم شحنه من الحاضن -هنا رأيت عن قرب طفلا يتعامل مع ابويه بطريقة آلية مجردة من المشاعر التلقائية وتنتهي المقابلة تحت مراقبة مشددة من افراد الامن .... هذه المشاهد اللانسانية تستفز انسانيتي و تدفعني ان اناشد كل أب و كل أم يفكران في الانفصال ان يتخليا عن انانيتهما وأن يضعا في الاعتبار مخلوق صغير له احاسيس وكيان ويتمتع بذكاء ربما يندهش له والداه فهو يتأثر سلبيا- وإن لم يبد ذلك للناظر- بتداعي الحصن الذي يحتمي به وهو الأب والأم معا وهكذا ينشأ مفتقدا للشعور بالامان وربما تهتز شخصيته ويختل توازنه النفسي...و ينشأ انسانا غير سوي. وقد اضطرتني هذه التجربة المؤلمة لمشاعري كانسان -بعيدا عن كوني امراة- الي التطرق الي هذا القانون البعيد تماما عن حقوق الطفولة وقد فوجئت برفع سن الحضانة الي 15 سنة و محاولة تفعيل قانون الاستضافة و الغاء قانون الرؤية و قانون الاستضافة يأخذ بالنظام الأمريكي في الاستضافة والذي يجعل لغير الحاضن وهو الأب في معظم الأحوال الحق في استضافة الطفل لمدة أربع وعشرين ساعة في الأسبوع..وفي أيام الأعياد الرسمية..ولمدة شهر في أجازة آخر العام الدراسي. بعد ان كان محددا ب 3 ساعات اسبوعيا وفي نادي وبعد منعه أن يأخذه لزيارة اهله وهو قانون يحاول تنفيذ مبدأ الرعاية المشتركة لأبناء المطلقين، و لكن في المقابل اثيرت مخاوف الأم حول تأثير الاب السلبي علي الطفل و تحريضه ضد الام وإغوائه علي السلوك المتناقض مع اسلوب تربيتها له وغيرها من المخاوف والهواجس التي تصب في النهاية في نزاع اكبر وخسائر نفسية لدي الطفل... ولذا لا يعنيني القانون بل السلوك الاسري في الاساس ولتفادي هذه السلبيات لما لا يتصرف الاهل باسلوب حضاري ومتزن فاذا قررا الانفصال فليكن قرارا متعقلا و لا يصح ابدا اغفال حق الاطفال في ان يروا الاب والام صديقين يجمعهما الاحترام والود فلا يتضاربان في الاقوال والافعال بل يتفقان في تربيتهم وحبهم ولا مانع ابدا ان يختلفا علي المستوي الشخصي في العادات والطباع فتستحيل الحياة بينهما في بيت واحد ولكن تستوجب مسئوليتهما كاباء ان يتناسيا الخلافات عند تربية الاطفال فهي في النهاية مسئولية مشتركة فليلتقوا في جو اسري دافيء يجتمع فيه الجد والجدة وأفراد العائلتين ويكون ذلك بصفة ودية وليتبادلا الاحايث باسلوب متحضر فربما توقفت علاقاتهما زوجا وزوجة ولكنهما مازالا أبا وأما يحملان رسالة تربية اطفالهما وما عليهما إلا حب ابنائهما والحب لا يراقَب؟!