على الرغم من الجفاف الشديد الذي شهدته كوريا الشمالية هذا العام إلا أن أسواقها الناشئة والمزارع الخاصة يمكن أن تقف حائلا دون حدوث مجاعة مثل تلك التي اجتاحت هذه الدولة الشمولية في تسعينات القرن الماضي. أودت المجاعة التي ابتليت بها البلاد بين عامي 1994 و1998 بحياة مئات الآلاف لكن الخبراء يقولون إن ظهور الأسواق على مستوى القاعدة الشعبية والاقتصاد غير الرسمي منذئذ يعني أن بمقدور سكان كوريا الشمالية الزراعة والتجارة على نحو مستقل من الدولة ما يقلل من خطر حدوث مجاعة على نطاق واسع. تشهد البلاد المنعزلة ما تصفه بأنه أسوأ جفاف تمر به البلاد منذ قرن من الزمن وحذرت الاممالمتحدة من احتمال حدوث ارتفاع حاد في حالات سوء التغذية. قال اندريه لانكوف الاستاذ بجامعة كوكمين في سول "أصبحت قبضة الدولة على الزراعة أقل وزادت الانشطة الخاصة عما كان عليه الوضع من قبل والمزارعون الذين يعملون لحسابهم يشتغلون بصورة افضل وبكفاءة أعلى". قال "ليس من المرجح أن تواجه كوريا الشمالية مجاعة أخرى مشابهة لما حدث في أواخر التسعينات". يطبق في كوريا نظام المزارع الجماعية التي تهيمن عليها الدولة من حيث الإنتاج والتوزيع ولم تكن تطبق في السابق حوافز كافية للمزارعين لتشجيعهم على الإنتاج. لكن نتيجة لمجاعة التسعينات تهاونت الدولة مع المزارعين واتاحت لهم الاحتفاظ بقطع اراض صغيرة بأفنية ذات ملكية خاصة مقتطعة من المزارع الحكومية حيث يزرعون محاصيل الحبوب والخضروات بدرجة أكبر من الكفاءة عن المزارع الجماعية المترامية الاطراف وبوسع المزارعين استهلاك الناتج أو بيعه. يعني ذلك أنه فيما لا تزال الدولة تطبق منظومة "القبضة العسكرية" -حيث تعطى الاولوية للقوات المسلحة القوية للحصول على الغذاء والكهرباء- فليس من المرجح أن يعاني السكان المدنيون كثيرا. قال أحد العاملين في قطاع المنظمات غير الحكومية نقلا عن عالم زراعي من كوريا الشمالية تقديره أن المزارعين يقضون 30 في المئة في المتوسط من وقتهم في زراعة محاصيلهم الخاصة. بات من الشائع رؤية حقول الذرة والمحاصيل الاخرى منزرعة في الحدائق بالمناطق الريفية. وفي بعض المزارع الجماعية يجري عزل رقعة محدودة من الحقول وتخصيصها للمزارع الخاصة التي تديرها العائلات. قال موقع إلكتروني في سول يحتفظ ببيانات عن الأسواق في البلاد إنه تمت تعبئة الكوريين الشماليين ليعملوا أوقاتا إضافية لمكافحة الجفاف هذا العام كما تمت مضاعفة جهود العمل بالمزارع الخاصة. قال سوكيل بارك وهو من منظمة غير حكومية تؤيد المنشقين عن بيونجيانج "اقتصاد كوريا الشمالية اليوم راسمالية مقنعة أساسا أي انشطة تجارية تمارس في الخفاء في ظل قطاع الأعمال الخاص الذي يرتدي أقتعة الاشتراكية". قالت وكالة الأنباء المركزية في كوريا الشمالية الأسبوع الماضي إن مزارع الارز في البلاد بدأت تجف بسبب ندرة الامطار. قالت منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة في الآونة الأخيرة إن إنتاج البلاد من المنطقة الرئيسية للزراعة قد ينخفض إلى النصف. تراجع حجم المعونات الدولية لكوريا الشمالية في السنوات الأخيرة ويرجع ذلك جزئيا إلى القيود التي تفرضها بيونجيانج على العاملين في مجال المعونة الإنسانية وعدم سماحها بالرقابة على توزيع الاغذية فيما تعاني البلاد من عقوبات الاممالمتحدة لانتهاجها برنامجا نوويا.