الثلاثاء الماضى كانت مصر على موعد مع صدمة القضاء الإدارى بإحالة قضية حل الجمعية التأسيسية إلى المحكمة الدستورية. وتوقع قانونيون ان تشهد مصر صداما بين قضاة الدستورية والاخوان فى الفترة القادمة حيث ستقضى الدستورية بحل التأسيسية وفى هذه الحالة سيصف التيار الإسلامى الحكم بأنه سياسى فيما وصف آخرون الجمعية التأسيسية بأنها فقدت مشروعيتها وانها تسعى لسرقة الوطن. كان العديد من المحامين والناشطين قد اقاموا ما يزيد على 48 دعوى قضائية أمام القضاء الإدارى، طالبوا فيها بإلغاء قرار تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية، لمخالفتها للحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بإلغاء تشكيل الجمعية التأسيسية الأولى، لضمها عددًا من أعضاء مجلسى الشعب والشورى بالمخالفة للإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011. وكان المحامى «وائل حمدي» المحامى قد تقدم فى الجلسة السابقة للحكم بالعديد من المستندات تؤكد وجود أعضاء التأسيسية فى مناصب محافظين مثل محافظ المنوفية، فضلا عن تعيين 10 من اللجنة التأسيسية كمستشارين ومساعدين للرئيس مرسي. «صوت الأمة» استطلعت آراء قانونيين فانتقدوا الحكم الصادر وتوقعوا أن يكون هناك صدام آخر بين القضاة والتأسيسية. المستشار «محمد حامد الجمل» رئيس مجلس الدولة الأسبق أكد أنه تم الدفع أمام محكمة القضاء الإدارى بعدم دستورية القانون والقرار الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية ثم أحالت الإدارية العليا القرار إلى المحكمة المختصة، مضيفا أن القضية التى ستثار فى الأيام المقبلة أن الدستورية هى وكل القضاء محل هجوم من التيار السلفى والإخوان والجمعية التأسيسية لوضع الدستور. «الجمل» توقع أن تقضى المحكمة الدستورية بحل الجمعية التأسيسية، قائلا: «الدستورية سترفض المواد الخاصة بتشكيل التأسيسية وفى الغالب سوف يتهم الإخوان والسلفيون المحكمة بأنها تصدر أحكامًا سياسية وكل هذا المقصود به تعطيل حل الجمعية،لكن الحقيقة أن الدستورية ستطبق أحكام الدستور والقانون والقانون الخاص بتشكيل الجمعية باطل ومخالف. كما أضاف أن المادة 60 من الدستور المؤقت الصادر فى 30 مارس 2011 تضمنت النص على أن المنتخبين فى مجلسى الشعب والشورى ينتخبون أعضاء للجمعية التأسيسية لتضع هذا الدستور وتتضمن هذه المادة تحديدًا كيفية اختيار هؤلاء الأعضاء ونوعيتهم والإجراءات الخاصة بانتخابهم او أغلبية القرارات التى تصدر عنهم وبناء على ذلك كانت هذه المادة غير قابلة للتطبيق إلا بعد إقرار مجلس الشعب قانون خاص بها، كما ان القانون الذى أقره مجلس الشعب المنحل لاختيار أعضاء التأسيسية هو قانون غير دستورى وباطل..على حد قوله.. فيما أعرب الفقيه الدستورى «ثروت بدوي» عن سعادته لحكم محكمة القضاء الإدارى فى هذه القضية، مضيفا أن المدة التى كانت سوف تستغرقها محكمة القضاء الإدارى فى هذه الدعوى لا تكفى للأخذ فى الاعتبار الجوانب الدستورية والقانونية والسياسية والاجتماعية وكون مصر تعيش بلا دستور وفى ظل ظروف استثنائية خطيرة جعل فى ذلك كله ما يجعل المحكمة تصدر حكمها بما يتفق مع كل هذه الاعتبارات ودون تأثر بما شاب العلاقة بين المحكمة والجمعية التأسيسية من شوائب اصطنعها الإعلام. أما حافظ أبو سعدة المحامى مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فأكد عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى تويتر أن الجمعية التأسيسية فقدت مشروعيتها شعبيا قبل أن يكون قانونيا، مضيفا انه بكل التأكيد لم تعد التأسيسية تصلح أن يصدر عنها دستور ومن يحاول البقاء على هذه الجمعية كأنما يسعى لسرقة الوطن، وقد طالب «أبو سعدة» بوقف أعمال الجمعية التأسيسية لحين الفصل فى دستورية القانون، قائلا: «لم يتم نشر قرار تكوين الجمعية التأسيسية فى الجريدة الرسمية منذ إنشائها وحتى الآن وهذا مخالف للإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011». «أبو سعدة» أضاف أن الحل هو أن يدعو رئيس الجمهورية لحوار مع القوى السياسية والحزبية لمناقشة جمعية تأسيسية متفق عليها، موضحا أن يوافق على حكم محكمة القضاء الإدارى بإحالة الدعاوى المطالبة لحل التأسيسية إلى المحكمة الدستورية العليا، لأنه حسب رأيه يؤكد أن الجمعية التأسيسية مشكوك فيها قانونيا وإحالتها للدستورية تؤكد أن بها شوائب دستورية فى تكوينها. وفى هذا الصدد أكد المستشار «احمد عبد الفتاح» نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية أنه بعد حكم الإدارية العليا أصبح من الواضح أن هناك لعبة سياسية بين القضاة والجمعية التأسيسية، قائلا: «القضايا الخاصة بحل التأسيسية لم تعد تعتمد على كونها قضايا ينظرها القضاء فقط، فالأمر الآن أصبح موضوعات سياسية بين القضاة والتأسيسية، والوضع ده واضح تماما ، كما أن الموضوع الآن واضح انه مسيس بين القضاء والتأسيسية فلماذا حفظت هذه القضية طوال هذه المدة ثم حكمت الإدارية العليا فيها فجأة وقت الأزمة الحادثة بين المحكمة الدستورية والتأسيسية، ثم تقرر فجأة إحالتها للمحكمة الدستورية العليا التى هى فى خصومة مع الجمعية التأسيسية للدستور، الموضوع الآن تشوبه رائحة ليست فى صالح مصر، ولا تعبر عن استقلال القضاء». وخالفه الرأى المستشار «أشرف زهران» نائب رئيس محكمة الاستئناف، حيث أوضح أن حكم محكمة القضاء الإدارى لابد أن يحترمه الجميع لأنه حكم قضائي، مضيفا أن الأحكام القضائية لا تعلل إلا لأسبابها المدونة فى الأوراق المرفقة بالقضية،مبديا رفضه أن ينتقد أى شخص الأحكام القضائية التى يصدرها القضاء لأنه يرى أن التعليق على الأحكام القضائية هو الذى يوجه الرأى العام إلى أن هناك أحكامًا معينة تتجه طبقا لسياسة جماعة أو حزب.. على حد قوله.. فيما اعترض الناشط الحقوقى «جمال عيد» على قرار المحكمة، قائلا: إن مصر مقبلة على أزمة جديدة بين القضاة والجمعية التأسيسية لوضع الدستور إضافة للأزمة التى لم تحل بعد، مضيفا أن إحالة موضوع الجمعية التأسيسية لوضع الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا يعنى أن المحكمة الدستورية العليا سترى مدى توافق تشكيل الجمعية التأسيسة مع الإعلان والمواد الدستورية التى توضح وضع «المحكمة الدستورية العليا» فى الدستور الجديد، موضحا انه أيا كان حكم المحكمة الدستورية القادم سيصنع أزمة جديدة فى مصر بين سلطات الدولة. من جانبه قال الدكتور حسن نافعة يبدو أن هناك إتجاهًا لإعطاء الجمعية التأسيسية بتشكيلها الحالى الفرصة للانتهاء من مهمتها إذا استطاعت ان تتوصل لدستور توافقى ولكن إحالة الأمر للمحكمة الدستورية العليا كان امرا متوقعا أى كان من ضمن الاحتمالات القائمة من الناحية القانونية لان التشكيل الحالى للجمعية تم وفق ضوابط ومعايير نص عليها قانون صدر عن مجلس الشعب قبل حله وهذا هو القانون المطعون فى دستوريته والذى احالته المحكمة الدستورية العليا للنظر فى دستوريته. واضاف انه بناء على ذلك سيتعين على المحكمة الدستورية العليا ان تنظر اولا فى مدى دستورية هذا القانون وتحكم بدستوريته او عدم دستوريته ثم تحيل حكمها للمحكمة الادارية والاخيرة سيتعين عليها ان تعقد جلسة بعد ذلك للنظر فى أمر الحل وسيكون واضحًا جدا اذا حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا القانون فمن المؤكد ان المحكمة الادارية ستحكم بعدم شرعية التشكيل الحالى نشر بالعدد 620 تاريخ 29/10/2012