تصريح شجاع للفنانة رانيا فريد شوقى لفت نظرى، حول حجاب الفنانات، أجابت قبل أيام، حينما سئلت عن إمكانية جمعها بين التمثيل والحجاب مثل بعض الفنانات، قائلة: لا يمكن أن نضع الدين فى مواجهة مع الفن لأنها مقارنة باطلة، والحجاب يقيد الفنان ويلزمه باختيار أدوار معينة أحياناً لا تتناسب مع الالتزام الدينى مثل الماكياج والملابس وغيرهما، كل ممثلة محجبة تخسر الإبداع فى مقابل الدين وهو اختيار يخصها، أما أنا فلم أفكر يوماً فى ارتداء الحجاب، وانتظر الهداية من عند الله لتتطهر نفسى وتحدث ثورة داخلى تجعلنى أكثر اعتدالاً، لأن الموضوع ليس مجرد «غطاء رأس»، فالمسألة اكبر من ذلك بكثير» (المصرى اليوم 17 سبتمبر الماضى). ومما لفت نظرى أن معظم الفنانات حينما يسئلن نفس السؤال، يقلن هذا الشق من كلام رانيا: «أنتظر الهداية من الله» لكن يضفن عدم استبعاد أن يرتدين الحجاب ذات يوم، وبعضهن يضيف: أعرف أن الحجاب فريضة، لكن كل شىء بأوان.. قد أرتديه فى أى وقت!. أما مفاجأة «رانيا فريد شوقى»، فهى إضافتها المختلفة، وإجابتها النادرة، موضحة أنها تنتظر الهداية من الله، ليس بارتداء الحجاب، لكن: «لتتطهر نفسى وتحدث ثورة داخلى تجعلنى اكثر اعتدالاً»، فهى تفهم الإسلام فهماً صحيحاً، بأنه دين الوسطية والاعتدال، كما هو دين النفس الإنسانية الساعية إلى التطهر والرقى على الدوام، فإنها عملية مستمرة، ومجاهدة النفس هى الجهاد الأكبر فى الإسلام، وما أنبل «النفس اللوامة» فى الإسلام أى النفس الباحثة عن الأطهر والأجمل والأصح باستمرار. وأخيراً فإنها تختم كلماتها بهذه الذروة وعياً من جهة، وشجاعة من جهة: لأن الموضوع ليس مجرد «غطاء رأس» فالمسألة أكبر من ذلك بكثير»!. فالحجاب، فى زمن الإرهاب الفكرى باسم الدين وهو زمن لم يبدأ بحكم مرسى وإنما من خلال حكم السادات فى السبعينيات الماضية، هذا الحجاب روجوا له باعتباره عنوان العفة والفضائل، بل عنوان الإيمان والفرائض!. وأرهبوا المرأة والمجتمع كله بهذا الشعار، تماماً مثل ترويج شعار «الإسلام هو الحل»، وشعار «تطبيق الشريعة» يعنون به «الحدود» أو بعضها!. لكن لم يكن الهدف من كل ذلك سوى الهدف السياسى، للانتشار، ثم الهيمنة والاستحواذ، عبر التركيز على شعارات بسيطة مختارة بعناية، يمكن أن ينفذوا بها فى أجيال انخفض وعيها بإعلام وتعليم السادات ومبارك، أو انهار هذا الوعى لديها تماماً فيما يخص الذين سافروا واحتكوا «بالوهابية السعودية»، حيث التدين الشكلى، والقشرة وليس الجوهر، والنقل عن السلف سواء كان هذا السلف صالحاً أو مسطحاً، وليس العقل والمعرفة فى «دين بدأ ب «اقرأ»!. تحية للفنانة رانيا فريد شوقى، التى أكدت وعيها الفكرى والدينى، بقدر ما أكدت فى هذه المرحلة من رحلتها الفنية بلوغها نضجاً فنياً كبيراً، وأسلوباً فى الأداء التمثيلى وصفناه فى حديثنا عن حصاد دراما رمضان هذا العام بأنه بحق سهل ممتنع وممتع، كما ظهر جلياً فى ادائها لمسلسل «بنات فى بنات»، ومن قبل فى مسلسل «خاتم سليمان»، وفى أداء شخصية زوجة إسماعيل ياسين فى مسلسل «أبوضحكة جنان»، وغيرها من أعمال. إنها الجديرة حقاً بأن تكون ابنة فنان الشعب فريد شوقى، وسليلة الفنانين الجادين الصادقين، والمعبرة بحق عن وعى فكرى دقيق، تواكبه شجاعة حقيقية جلية تنقص الكثيرين نشر بالعدد 617 بتاريخ 8/10/2012