حفصة بنت عُمر بن الخطاب هي أمّ المؤمنين وأُمّها هي زينب بنت مظعون؛ أُخت عثمان بن مظعون، وهي من السابقين إلى الإسلام في مكّة. تزوّجت حفصة من خُنيس بن حُذافة بن قيس السهميّ، وبقيت معه حتى مات عنها بعد هجرتهما إلى المدينة، وكان ذلك عند عودة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من غزوة بدروكان خُنيس الرجل الوحيد من قبيلة بني سهم الذي حضر مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- غزوة بدر، كما أنّه كان من أصحاب الهجرتَين.
حفصة زوجة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
ترمّلت حفصة بعد موت زوجها خنيس، وعرض عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- زواجها على كلٍّ من أبي بكر، وعُثمان، فرفضا الزواج بها، وشكا -رضي الله عنه- ذلك للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فأخبره النبيّ بأنّ حفصة سيتزوّجها من هو خيرٌ من عثمان، ويتزوّج عثمان من هي خيرٌ منها، وكان زواجها منه -عليه الصلاة السلام، وعندما التقى أبو بكر وعُمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- بعد ذلك، أخبره أبو بكر أنّ النبيّ كان قد ذكرَ زواجها أمامه، فخشي أن يُفشي سِرّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولو تركها الرسول -عليه الصلاة والسلام- لكان تزوّجها، وأصدقَها أربعمئة درهم.
أم المؤمنين
وقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عادلاً بين زوجاته، حتّى أنّه إذا أراد الخروج في غزوة، أو سفر، كان يجري قُرعة بين زوجاته، والتي تقع عليها القرعة تخرج معه، وفي إحدى الغزوات خرج اسم حفصة في القرعة، فخرجت معه، وكانت في خيمتها أثناء المعركة، انتظارا لانتهائها لتسقي العطشى، وتداوي الجرحى، وتُخفّف من ألم المُصابين، فلمّا رأى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذلك، أعطاها ثمانين وسقاً من القمح؛ إكراماً لها، واعترافاً بفَضلها.
حياة حفصة كانت حفصة -رضي الله عنها- تعيش في حياة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كما تحبّ وتتمنّى، وقد حفظت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعض الأحاديث، والأقوال التي كان يُوجّهها لها ولأُمّته، وكانت تتّبعها كما هي ، وعندما تُوفّي النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بَكت عليه بُكاءً شديداً، ولَزِمت بيتها، وكانت لا تخرج منه إلّا إلى الحجّ، والتزمت بطاعة الله وبالعبادة، والصدقة على الفقراء والمساكين.
وفي عهد الخليفتَين أبي بكر، وأبيها عُمر بن الخطاب بقيت حفصة -رضي الله عنها- موضع احترام وتقديرإكراماً لها، ووفاءً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- ، فكانت حرمتُها واحترامها من حُرمة واحترام بيت النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كما أنّ حجرتها كانت مكاناً لحِفظ الرقاع والألواح التي كُتِب عليها القُرآن الكريم؛ تُحافظ عليها وتحميها. وعندما جُمِع القرآن في عهد الخليفة أبي بكر بعد إصرار عمر بن الخطّاب على ذلك، اعتمد الصحابة على النُّسَخ التي عندها في ضَبط المصحف الكريم، ومراجعته.
وقد رَوت حفصة -رضي الله عنها- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عدداً من الأحاديث التي بلغ عددها في الكُتب الستّة ثمانية وعشرين حديثاً؛ فاتّفق البخاريّ ومُسلم على رواية أربعة أحاديث عنها، وانفرد الإمام مُسلم برواية ستّة أحاديث عنها، ولها في كتاب بقيّ بن مخلد مُسند باسمها يحتوي على ستّين حديثاً ، وقد جاءت روايات حفصة رضي الله عنها في بعض الأحاديث في عدد من الأبواب، منها الطهارة والصيام و المناسك والزينة والشمائل و الآداب والطب والفتن إذ رَوت الحديث الذي يتحدّث فيه النبيّ عن ابن الصائد وخروج الدجّال من غضبة يغضبها، وهذا أشهر ما رَوَته.
ويُلاحَظ أنّ أغلب ما رَوته السيّدة حفصة -رضي الله عنها- كان في وصفها لأفعال النبيّ، والتي اشتركت في نَقلها نساء النبيّ -رضي الله عنهنّ-، وكانت لها مجموعة من الأحاديث التي اختصّت بروايتها دون باقي نساء المؤمنين، كحديث ابن الصائد، وخروج الدجّال، ورُقية النملة، والدوابّ التي يُباح قتلها.
وفاة حفصة رضي الله عنها تُوفِّيت السيّدة حفصة -رضي الله عنها- في شهر شعبان من السنة الخامسة والأربعين للهجرة، في عهد معاوية بن أبي سُفيان -رضي الله عنه-، وكان تبلغ من العمر حين وفاتها ستّين عاماً.