جامعة عين شمس تفتتح فعاليات مبادرة "تمكين" لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة    مصر وطن السلام    هل تزيد أسعار السجائر في نوفمبر المقبل؟ شبعة الدخان تكشف الحقيقة |خاص    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    إسرائيل ... ومبادرة السلام (2/2)    بيراميدز يسقط في فخ التأمين الأثيوبي في ذهاب دوري الأبطال    الوزير وأبوريدة معًا فى حب مصر الكروية    إخماد حريق اندلع في مخزن ل قطع غيار السيارات بالإسكندرية    الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس وفرص الأمطار المتوقعة غدا بمحافظات الجمهورية    «ترندي» يسلط الضوء على عودة محمد سلام بأداء مؤثر في احتفالية «مصر وطن السلام»    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    كيف يفكر الأغنياء؟    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    الحكومة الإسرائيلية: سنحتفظ بالسيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    مصر وفلسطين والشعر    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة يبحث مع جمعية أطباء الباثولوجيا المصريين في أمريكا تعزيز التعاون في التعليم الطبي والبحث العلمي    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    أستون فيلا ضد مان سيتي.. السيتيزنز يتأخر 1-0 فى الشوط الأول.. فيديو    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقي طلبات الأعضاء الراغبين في أداء فريضة الحج لعام 2026    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    سلوت: تدربنا لتفادي هدف برينتفورد.. واستقبلناه بعد 5 دقائق    ترتيبات خاصة لاستقبال ذوي الهمم وكبار السن في انتخابات الأهلي    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    الأمن يكشف حقيقة فيديو فتاة «إشارة المترو» بالجيزة    وزير الصحة يتفقد مجمع السويس الطبي ويوجه بسرعة الاستجابة لطلبات المواطنين    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    مهرجان القاهرة يهنئ أحمد مالك بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في «الجونة السينمائي»    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مايوركا وليفانتي بالدوري الإسباني    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    اتحاد التأمين يوصى بارساء معايير موحدة لمعالجة الشكاوى تضمن العدالة والشفافية    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سرطان في الزيت الدوار
نشر في صوت الأمة يوم 06 - 02 - 2021

«صوت الأمة» تكشف شبكات سماسرة يجمعون زيوت الطعام المستعملة لصالح شركات ومطاعم تعيد استخدامه ومصانع صابون تحت بير السلم

«فيس بوك» طريقة التواصل مع ربات البيوت والكيلو ب5 جنيهات.. وأطباء يحذرون: استخدامه قاتل ويصيب المواطنين بأمراض سرطانية

8 من كل 10 سيدات يجمعن «زيت القلية» لبيعه وحالات أصيبت بأمراض خطيرة

برلمانيون وخبراء: على الأجهزة المعنية التدخل فورا ومطاردة الظاهرة الكارثية لإنقاذ المجتمع وتفعيل استخدامه في إنتاج الوقود الحيوي

مر عامان على معاناة السيدة آمال حفني من التهابات شديدة وتشققات في كلتا يديها، تعاقبت فيهما على زيارة أطباء الجلدية لمعرفة السبب، وكل شيخ بطريقته أعطى لها تشخيصا مختلفا، كلفها آلاف الجنيهات وقرحة في ميزانية البيت والمعدة من كثرة الأدوية وأنواع الدهانات.

وجدت آمال، ربة منزل ولديها 3 أبناء من الذكور، ضالتها للهروب من نار أسعار الأدوية وارتفاع فيزيتا الأطباء، والتخفيف عن جيب زوجها الموظف بهيئة البريد، لعلاج التهابات اليد، التي فسرها الأطباء مؤخرا بنوع من البكتريا الضارة، في إحدى الصفحات باسم منطقتها «نبض بولاق الدكرور»، بعدما رفعت سيدة إعلانا تبشر ربات البيوت بشراء «زيت القلية» الكيلو ب5 جنيهات.

كتبت الصفحة تحت اسم «خديجة لشراء الزيت المستعمل»: "ليه ترمي زيت القلية في البلاعة يا ست الكل لما ممكن يعملك دخل لأسرتك، جمعيه في قزايز وجمعي من جيرانك، وشركة أويل كايرو هتجيلك لحد باب البيت، جمعي 10 أو 20 كيلو، وكلمينا فورا»، وكان ذلك ممهورا برقم هاتف للتواصل مع وعود بسعر مغرٍ مقابل كل كيلو زيت مستعمل".



من وراء ذلك أصبحت آمال مشهورة في منطقتها وبين جيرانها ب«آمال بتاعت الزيت»، صارت تجمع في الأسبوع الواحد نحو 200 كيلو زيت طعام محروق قبل رميه في بلاعات البيوت، كانت كفيلة بسد احتياجات علاج يديها ووفرت منها جزءا لعلاج تصدعات ميزانية الأسرة ونفقات ديون متراكمة، ومقدمة غسالة أطباق بالتقسيط عملا بنصيحة أحد الأطباء الذي منعها من تعريض يديها إلى الماء وحذرها من الصابون السائل، وأكد لها أن الأخير سببا مباشرا فيما تعانيه يديها من تجلطات والتهابات، بسبب احتوائه على مواد سامة للغاية ومسرطنة.

ظل الحال على ما هو عليه لفترة كبيرة، حتى وقعت عين ربة المنزل على أحد الإعلانات الذي دوّن ناشره سبب تجميع زيت القلية المستعمل من البيوت، فكتب «بشتري زيت الطعام المستعمل الكيلو ب5 جنيه والمندوب بيجي لحد بيتك أي مكان داخل القاهرة أو الجيزة، لاستخدامه في صناعة الصابون».
لم تكن آمال قبل قراءة هذا الإعلان على علم بسبب تجميع هذه الصفحات والشركات لزيت القلية: «أنا اتصدمت، يعني بنجمع زيت القلية المليان أضرار، واللي هو أصلا بنرميه في البلاعة، علشان نبيعه لمصانع الصابون تحت بير السلم، علشان أصلا يجبلنا أمراض وبلاوي، أهم حاجة كان المبلغ اللي بيدخلي وعمري ما سألت هم بيعملوا إيه بالزيت المستعمل».

منذ وقتها توقفت آمال عن تجميع زيت القلية المستعمل من البيوت ونصحت المتعاملات معها بالتخلص منه فور استعماله، حتى لا يكن سبباً في مساعدة مصانع بير السلم في استخدامه، ومن ثم تعريض حياتهم وأسرهن لأمراض خطيرة، على حد قولها.


قصة السيدة آمال فتحت أمامنا طريقا لتتبع الكارثة، عن طريق أحد المحلات الشهيرة لبيع المنظفات في منطقة أرض اللواء، حصلنا على رقم صاحب مصنع غير مرخص «بير سلم» لصناعة المنظفات وتعبئتها، تواصلنا معه على أساس أننا نملك محالا جديدا ونريد عرض أسعار للتعامل معه.

بعد مشاورات كثيرة ومزيد من كسب ثقته مع تدخل معارف، دعانا صاحب المصنع إلى المكان بمحيط الطريق الأبيض قرب الطريق الدائري بمنطقة أرض اللواء، وفي خلال الحديث معه أخذنا لقطات لبراميل وزجاجات كبيرة مليئة بزيت الطعام المستعمل، وعند استفسارنا منه عن الأمر أكد أنه يستخدمه في صناعة الصابون السائل عن طريق آلة الخلط أو الإذابة مع مواد أخرى بديلا للمواد عالية التكلفة.





خلال ذلك تحدثنا مع الدكتور سعد حلابو، أستاذ الصناعات الغذائية بجامعة القاهرة، الذي حذر من استخدام زيت القلي في أي شيء غير التخلص منه، لأنه يحتوي على مركبات هيدروكربونية، وهي مركبات خطيرة للغاية وتؤدي للإصابة ببعض الأمراض السرطانية.

وأضاف: «ربات البيوت يستخدمن زيت الطعام أكثر من مرة إلى أن يتأكد ويكون ذرات هيدروجين وهي من الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى السرطان».
استشاري الأمراض الجلدية ورئيس المجلس القومي للبحوث الأسبق، الدكتور هاني الناظر، أكد أن هناك آثارًا جانبية لاستخدام السيدات للصابون السائل؛ منها الإصابة بالحساسية الموضوعية في الجلد، وظهور التهابات جلدية مؤلمة جدًّا، وكذلك حدوث تشققات دامية في الجلد، ما ينتج عنها كثرة البكتيريا والفطريات التي تسبب الصديد.


في أواخر 2019، كان هناك طلب إحاطة في البرلمان موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزيري الصحة والتموين، بشأن انتشار مصانع منظفات صناعية لا تلتزم بالموصفات القياسية ومنتجاتها مغشوشة تسبب أضرارا صحية.

وأفاد طلب الإحاطة، الذي كان مقدما وقتها من النائب محمد المسعود، أن هناك انتشارا للصابون السائل المغشوش، وغير مطابق للمواصفات، وله أضرار خطيرة خاصة على السيدات، حيث يصيبهن بأمراض جلدية قد تصل إلى السرطان الجلدي، مضيفًا: "ملايين النساء المصريات معرضات للإصابة بأمراض جلدية خطيرة، لا سيما ربات البيوت اللائي يقضين أطول وقت ممكن في أعمال المنزل، والذي يتطلب استخدام الصابون السائل بكثرة في هذه الأعمال"، لافتاً إلى أن المركز القومي للبحوث حذر من انتشار الصابون السائل المغشوش، لكونه أحد أهم مسببات سرطان الجلد، لدى السيدات المصريات، مشددًا على ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة عند استخدامه، وتابع: "ليس السيدات فقط، ولكن حين يتم استخدام الصابون السائل في غسل المواعين، فإن الماء لا ينقي الأدوات بشكل نهائي، ولكن يظل الصابون السائل عالقًا بها لفترات طويلة، ويتناوله مستخدمو تلك الأداة"، مشيرًا إلى أنه وفق أطباء متخصصين، فإن الصابون السائل هو أهم مسببات السرطان منها الجلد والقولون والمعدة.

ليس في صناعة الصابون فقط
في أثناء رحلة تتبعنا لكارثة إعادة استخدام زيت القلية المستعمل، كشف لنا أحد عمال مطعم شهير للمأكولات في منطقة المهندسين، تحفظنا على اسمه بناء على رغبته، أن هناك سيارات شركات زيوت طعام شهيرة تأتي كل أسبوع وتحمل كمية كبيرة من الزيت المستعمل مقابل مبالغ كبيرة لإعادة إنتاجه مرة أخرى.
بعد حديث قرابة الساعة مع عامل المطعم، حصلنا منه على رقم ادعى بأنه صاحب مصنع لإنتاج زيوت الطعام في منطقة شبرا الخيمة، على الفور تواصلنا معه بزعم أن لدينا كمية كبيرة من زيت الطعام المستعمل والذي جمعناه من ربات البيوت وعلى الاستعداد للتفاوض من أجل سعر مناسب.

التقط «صاحب مصنع إنتاج زيت الطعام» الطُعم وبدأ في السؤال عن الأسماء والكمية والمكان الذي سيحمِّل منه، حتى وصلنا معه إلى نقطة الاستفسار عن الهدف من تجميع الزيت المستعمل، وبعد تردد كبير، اعترف بأنه يعيد تدويره مرة أخرى وتعبئته ومن هنا يحصل على مكاسب كبيرة «هي سبوبة وكله بيُرزق منها يا باشا، انت بتلم الزيت المستعمل من البيوت وبتاخد حسنتك وأنا بعيد إنتاجه وباخد حسنتي ولو عندك أي كمية مستعد أشيل".


خلال ذلك وردنا اتصال من إحدى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لشراء زيت الطعام المستعمل، كنا قد تواصلنا مع رقم الهاتف في وقت سابق دون رد، وخلال حديث مطول بيننا أقر صاحب الصفحة بأن شركات زيوت وأطعمة كبرى وصابون تشتري منهم شهريا كميات كبيرة لتعيد إنتاجه مرة أخرى وتطرحه في السوق، لكنه رفض الإفصاح عن أسماء الشركات وأغلق الهاتف فورًا عند شعوره بتتبعنا للأمر ولسنا مجرد زبائن.


في استبيان أجريناه بمنطقة أرض اللواء مع ربات البيوت، اكتشفنا أن ثمانية من كل عشر سيدات يجمعن زيت الطعام المستعمل داخل زجاجات في انتظار التواصل مع أحد السماسرة للحصول على الكيلو بسعر يبدأ من 5 جنيهات وصولا إلى 7 جنيهات.


وفي رحلة بحثنا عن سماسرة تجميع الزيوت المستعملة على الإنترنت، تعثرنا بإحدى الصفحات التي تعرض على المواطنين الحصول على زيت الطعام المستعمل من البيوت واستبداله بسلع أخرى وأهمها زيت نظيف للاستخدام «ست الكل ليه ترمي زيت القلية بعد ما تستعمليه، تواصلي معنا واحنا هنشتريه بأعلى سعر، وكمان ممكن نديلك بداله زيت نظيف، أو أدوات مطبخ، أو صابون سائل، وممكن ملابس، على حسب ما انتي بتحددي، كدة انتي ضربتي عصفورين بحجر، اتخلصتي من الزيت المستعمل واخدتي مكانه سلعة تانية توصلك لحد باب البيت».

تواصلنا مع الصفحة المزعومة والتي أكدت لنا ما اكتشفناه سابقا، بأنهم يجمعون زيوت الطعام المستعملة من البيوت لبيعها إلى مصانع إنتاج زيوت طعام ومنظفات ومطاعم شهيرة أيضا لتعيد استخدامها مرة أخرى وتقديمها للمواطنين، دون الاكتراث بالمواد الخطرة المسرطنة التي تشوب العملية بأكملها، وتحقيق ربح حرام من وراء ذلك.

وعلى مدار السنوات الماضية، ضبطت مباحث التموين في المحافظات المختلفة، العديد من الشبكات التي تعمل في تجميع الزيت المتهالك، وإعادة تعبئته مرة أخرى تحت أسماء تجارية، قبل ضخه في الأسواق.

إعادة تدوير الزيت كارثة صحية
الدكتورة فريال زاهر، الأستاذ المتفرغ بالمركز القومي للبحوث، قالت إن الزيت المستعمل في البيوت يوجد به مواد كيميائية تنتج عن غليه أثناء "القلي"، تسبب السرطان في حالة تكرار استخدامه، وهو ما يجب التنبه له من قبل الأسر أولا، وذلك لعدم استخدامه مرة أخرى، أو بيعه لإعادة تدويره في أماكن غير صحية.

وأضافت زاهر في تصريحات خاصة ل«صوت الأمة» أن الذين يعملون على تنقية الزيت المستعمل يستطيعون تنقيته من الشوائب أو إعادة لونه مرة أخرى، إلا أنهم لن يستطيعوا إزالة المواد الكيميائية التي تسبب السرطان، والتي تنتج عن استخدامه في "القلي"، وتابعت أن استخدام هذه الزيوت في إنتاج الصابون السائل أو غيره، أو الوقود الحيوي لا يوجد به مشكلة، ولكن بشروط تضمن سلامته تماما على الصحة، إلا أنها أكدت أن المشكلة الحقيقية هي استخدامه مرة أخرى في المواد الغذائية عن طريق إعادة بيعه للمواطنين على أنه زيت جديد، وذلك بعد إعادة لونه مرة أخرى، أو استخدامه في المطاعم والمحلات، وكذا شركات تصنيع المواد الغذائية دون رقابة.

وأوضحت أن زيت التموين- وبغض النظر عن لونه أو شكله- يخضع لرقابة الدولة، وهو ما يجب تعميمه على كل الزيوت التي تباع في المحلات للحفاظ على صحة المواطنين.

وهو ما يكشف أنه بالتوازي مع الكيانات الصناعية التي تأسست للعمل في مجال تجميع الزيوت المستعملة، وإعادة تدويرها في استخدامات مختلفة، وتقوم بشراء زيوت الطعام المستهلكة بأنواعها وبأي جودة وبأي كمية من المنازل والمصانع والشركات والمطاعم، وتحولها إلى منتجات يتم استخدامها ظاهريًا مثل "الصابون والجلسرين"، أو الشحم والوقود الحيوي، ظهرت ورش مجهولة تعمل على تنقية الزيوت المستعملة من الشوائب باستخدام مواد معينة، ومن ثم بيعها مرة أخرى إلى المطاعم والمحلات ومصانع لتصنيع "الشيبسي والكاراتيه" غير المطابق للمواصفات، كما صرحت الدكتورة فريال زاهر.

وأوضحت أن صناعة الوقود الحيوي أو الصابون باستخدام الزيت، بحاجة لضمانات لعدم تسريب الزيت المعاد للأغراض المنزلية مرة أخرى من خلال ورش "بير السلم"، التي تقوم بتعبئته مرة أخرى بعد تدويره داخل عبوات جديدة للمستهلك، مشددة مرة أخرى على أن زيت الطعام المستعمل يحمل مواد كيميائية تؤذي الجسم والجهاز المناعي والكبد والدم، لذلك لا يكون صالحا للاستهلاك الغذائي مرة أخرى.

وطالبت زاهر الدولة بالاهتمام باستخدام الزيت المستعمل، وإنشاء كيانات قانونية تعمل في هذا الملف، وتعمل على إنتاج الوقود الحيوي (وهو أحد مصادر الطاقة المتجددة) وذلك لتضييق الخناق على المتاجرين بصحة المواطنين.

من ناحيته قال الدكتور إبراهيم أحمد، دكتوراه الكيمياء الحيوية، إن عملية غلي الزيت والتي تتم عند درجة حرارة 186، ينتج عنها موادًا كيميائية تتسبب في السرطان في حالة استخدامها بشكل غير صحي، مشيرًا إلى أن عمليات تجميع الزيوت والتي يتم استخدامها في إنتاج الصابون وخلافه لا تشكل خطرًا.
وأضاف أحمد، أن إعادة تدوير هذه الزيوت بعد إعادة تنقيتها، وبيعها للمواطنين عن طريق المحلات، أو المطاعم، تعد جريمة تستوجب المحاسبة والعقاب، مشيرًا إلى أن للزيت الفاسد والذي لا يجب استخدامه علامات محددة، وهي التغير في اللون أو الريحة، أو القوام. مؤكدا على ضرورة الدور الرقابي في ضبط المخالفين للمحافظة على صحة المواطنين.
مجلس النواب يهدد
من ناحيته قال الدكتور محمود أبو الخير، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، إن إعادة تدوير الزيوت المستعملة يسبب أضرارًا كبيرة بالنسبة لصحة المواطنين تصل إلى السرطان، وهو الأمر الذي يجب التوقف أمامه لمنع انتشار الشبكات التي تستغل حاجة المواطنين.

وأضاف في تصريح خاص ل«صوت الأمة» أن إعادة بيع الزيت المستعمل مسؤولية وزارات عدة، مثل الصحة والتموين التي يتمثل دورها في ضبط المواد الغذائية المغشوشة، مؤكدًا أن مجلس النواب سيفتح هذا الملف للوقوف على تفاصيل هذه القضية، ومحاولة تفعيل الدور الرقابي الذي يساهم في الحفاظ على صحة المواطنين.
البيئة تطلق مبادرة لحث المواطنين على عدم التخلص من زيت الطعام المستعمل بعد القلي

وفي وقت سابق، وتأكيدًا على رؤية الدولة لخطورة الأمر، أطلقت وزارة البيئة، مبادرة لحث المواطنين على عدم التخلص من زيت الطعام المستعمل بعد القلي، عن طريق إلقائه في مواسير الصرف الصحي.

وقالت الوزارة وفق المبادرة: "الزيت المستعمل اللي بتقرري تتخلصي منه في الحوض بعد القلي بيتراكم في المواسير وبيسدها ومع الوقت هتلاقي نفسك مضطرة تدفعي تمن تصليح المواسير، يعني كل لتر بترميه بيخسرك فلوس".

وتابعت الوزارة: "جمعي الزيت المستعمل وبدلي كل 5 لتر زيت مستعمل بزجاجة زيت لترين إلا ربع وكده تبقى وفرتي مرتين.. خدي القرار الصح؛ لأن قرارك بيغير حياتك:
وناشدت وزارة البيئة، المواطنين الراغبين في التغيير الاتصال على رقم الخط الساخن 19481.

المبادرة تم تدشينها قبل أربعة سنوات، وجاءت فكرتها بهدف القضاء على أَضرار التخلص من زيت الطعام المحروق، والتي تجعل عملية فصل المياه وإعادة استخدامها في الري عملية صعبة ومكلفة.

المبادرة التي دعمتها الوزارة لم تتطرق إلى إعادة تدوير الزيت المستعمل، وإعادة بيعه للمواطنين تحت علامات تجارية مغشوشة، أو بيعه للمحلات والمطاعم التي ترغب في التوفير، وهو الأمر الذي يجب أن تتبناه الوزارة لتوعية المواطنين بشأن الجهات الآمنة لاستبدال الزيت المستعمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.