خفت حدة تركيز الفضائيات الغربية علي أحداث إيران بعد الوفاة المفاجئة لملك موسيقي البوب مايكل جاكسون و انتقل الاهتمام من مظاهرات إيران علي فيس بوك و تويتر و اليوتيوب إلي بث مباشر متواصل حول غياب جاكسون فنان الشباب الجدلي عن مسرح الحياة. ووصل حد التركيز علي جاكسون التساؤل لماذا لم يظهر تصريح للرئيس أوباما مباشرة بعد الإعلان عن وفاة جاكسون و انشغلت وسائل الاعلام بهذا السؤال لمدة عدة ساعات شغلتهم عن إيران. و كان لغياب جاكسون تأثير علي الساحة الموسيقية العالمية و دائرة الفنون و محبيه في كل أنحاء العالم إلا أن وفاته رفعت الضغط الإعلامي علي الأقل لنحو 36 ساعة عن إيران وأحداثها. و رغم توقف الضغط الإعلامي بسبب وفاة جاكسون المفاجيء ألا أنه لابد من رفض اعتقال الصحفيين وسط المظاهرات المناهضة لنتيجة انتخابات الرئاسة الإيرانية. فلقد دعت و مازالت تدعو الحملة الدولية لحماية الصحفي بتوفير معاهدة جديدة لحماية الصحفيين. و هناك مشروع معاهدة علي المائدة وزع في 7 ديسمبر 2007 علي كل دول العالم في مقر الحملة الدولية في جنيف. و يتناول مشروع المعاهدة الدفاع عن الصحفيين في أوقات الحرب و السلم و في التوتر الداخلي و غيرها من الظروف الخطرة. و امتدت الهجمة الشرسة ضد الصحفيين من إيران إلي فلسطين حيث أكد المركز الفلسطيني لتنمية و تطوير الحريات الإعلامية إن الجيش الإسرائيلي قد هاجم مصور رويترز نايف الهيشلمون و عدد من الصحفيين الفلسطينيين في إحدي مدن الخليل. و كانت مجموعة من الصحفيين من بينهم مصور رويترز يقومون بتغطية أحداث سلمية في هذه القرية فتقدم جندي إسرائيلي و قام بمهاجمة مصور رويترز و قام بضربه بضراوة و سقطت إحدي كاميراته و انكسرت، و حين طلبت سيارة إسعاف لمعالجة آثار الضرب منع الجيش الإسرائيلي دخول سيارة الإسعاف. و هذا الحديث يجرنا إلي حملة دولية واسعة للتحقيق في جرائم الحرب في غزة بداية ببعثة جون دوجارد و مرورا ببعثة اللجنة الدولية لحقوق الإنسان و جهود اللجنة الدولية لكي يقدم مجرمو الحرب إلي المحاكمة، و مع جهود اللجنة المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان برئاسة القاضي ريتشارد جولدستون. و هنا لابد من كلمة تحية لجون دوجارد الذي ظل لسنوات سبع يقدم تقريرا عن حالة حقوق الانسان في الاراضي الفلسطينيةالمحتله و اتسم تقريره بالشجاعة الفائقة و النزاهة و كانت كل تقاريره تقوم علي اساس صلب من معرفته العميقة غير المنازع عليها بالقانون الدولي. و من أهم نتائج بعثة اللجنة الدولية التي ضمت هيثم مناع، المنسق الدولي للتحالف من أجل تقديم مرتكبي جرائم غزة للعدالة، و المتحدث باسم اللجنة، ولأنه طبيب فإنه بحث و درس علميا آثار الإصابات و التي أكدت مما لا يمكن الشك فيه استخدام أسلحة محرمة دولياً في حرب غزة و استخدمت للمرة الأولي. و بعثة جولدستون عملت علي عقد جلسات استماع للشهود عن هذه الجرائم في غزة و تنتقل جلسات الاستماع إلي جنيف يومي 6 و 7 يوليو الحالي. و لو تابعنا عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر فأنه دائما يتسم بخيار الحياد و يثير ذلك أي صحفي متابع حيث يشاهد الجمهور الانتهاكات و تتحفظ اللجنة الدولية تحت ذريعة أنها ترغب في الحفاظ علي علاقاتها مع كافة الأطراف من أجل صالح ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. إلا أن اللجنة الدولية نشرت يوم 29 يونيو تقريراً عن حالة الشعب الفلسطيني في غزة يعد أبلغ شهادة دولية ليس فيها لبس و تعزز بقية الجهود الدولية الدائرة حاليا لتضييق الخناق علي مرتكبي جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني في غزة. فقد أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لا يعني أن 1,5 مليون شخص من سكان غزة ليس لهم الحق في العيش حياة طبيعية؟ و أضافت اللجنة الدولية، في تقرير لها، انه بعد ستة أشهر مرت علي انتهاء العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل علي غزة ولا يزال السكان غير قادرين علي العيش حياة طبيعية بل أنهم ينزلقون في حفرة اليأس. ويبين التقرير أيضا أن آلاف سكان غزة الذين دمرت بيوتهم وضاعت ممتلكاتهم منذ نصف سنة لا يزالون حتي الآن دون مأوي مناسب يحتمون فيه. ويصف التقرير القيود الصارمة المفروضة علي مدي السنتين الماضيتين علي حركة الأشخاص والسلع داخل غزة وخارجها، بأنها أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلي تأزم الوضع في القطاع موضحا أن المبلغ الذي تعهدت البلدان المانحة بتخصيصه لعملية إعادة الأعمار وقدره حوالي 4,5 مليار دولار، لن يجدي نفعا ما دامت مواد البناء وغيرها من المواد الأساسية لا تدخل إلي قطاع غزة. و قال انطوان جراند، رئيس البعثة الفرعية للجنة الدولية في القطاع: "أن أفقر السكان بوجه خاص استنفدوا آليات مواجهة الصعاب وصاروا يضطرون في اغلب الأحيان إلي بيع ممتلكاتهم من اجل شراء ما يكفيهم من القوت". ودعت اللجنة الدولية في تقريرها إلي رفع القيود المفروضة علي حركة السكان والسلع، فقال "جراند": "من حق إسرائيل حماية سكانها من الهجمات. لكن هل يعني ذلك أن 1,5 مليون شخص من سكان غزة ليس لهم الحق في العيش حياة طبيعية؟" و شهادة اللجنة الدولية أبلغ من كل حديث أو كلام.