إقبال متزايد فى الأقصر |ناخبو «العشى» يرفعون شعار «لجنة واحدة لا تكفى»    "مجتمع المصير المشترك".. الصين وأفريقيا تعززان شراكتهما بأدوات قانونية متطورة    واشنطن تطلب من إسرائيل حلًا سريعا لأزمة مقاتلي حماس في رفح    الصين: نتوقع من أمريكا الحماية المشتركة للمنافسة النزيهة في قطاعي النقل البحري وبناء السفن    3 منتخبات عربية تتأهل لدور ال32 في كأس العالم للناشئين    هشام نصر: تصرف زيزو غير جيد ويستوجب الإحالة للانضباط    نجم الزمالك يزين قائمة منتخب فلسطين ب معسكر نوفمبر    مسعف يعيد ذهبًا ب750 ألف جنيه عثر عليه في موقع حادث انقلاب سيارة بالمنيا    دار الكتب تحتفي ب"أنغام التاريخ" في ندوة تجمع بين التراث والفن التشكيلي    القاهرة السينمائي يعلن القائمة النهائية لبرنامج الكلاسيكيات المصرية المرممة    مستشار البنك الدولى ل كلمة أخيرة: احتياطى النقد الأجنبى تجاوز الحد الآمن    مهرجان القاهرة الدولي لمسرح الطفل العربي يكرّم نخبة من نجوم الفن والمسرح العربي    9 أصناف من الخضروات تساعد على تهدئة الأعصاب وتحسين النوم    المصل واللقاح: انخفاض الحرارة بيئة خصبة لانتشار الفيروس المخلوي    كشف حساب صفقات الزمالك 2025 بعد خسارة السوبر.. ثنائى ينجو من الانتقادات    وزارة الداخلية السعودية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    الداخلية تكشف حقيقة «بوست» يدعي دهس قوة أمنية شخصين بالدقهلية    مراسل إكسترا نيوز ل كلمة أخيرة: لجان المنيا شهت إقبالا كبيرا حتى ميعاد الغلق    استجابة سريعة من الداخلية بعد فيديو تعدي سائق على والدته بكفر الشيخ    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات 2020    فيديو.. سيد علي نقلا عن الفنان محمد صبحي: حالته الصحية تشهد تحسنا معقولا    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    وزارة السياحة والآثار تُلزم المدارس والحجوزات المسبقة لزيارة المتحف المصري بالقاهرة    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    وزير الصحة يستقبل نظيره اللاتفي لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية    منتخب الكاس شرفنا يا ناس    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    كرة سلة - الكشف عن مواعيد قبل نهائي دوري المرتبط رجال    تأجيل محاكمة 23 متهمًا ب خلية اللجان النوعية بمدينة نصر لجلسة 26 يناير    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    محافظ المنوفية يزور مصابى حريق مصنع السادات للاطمئنان على حالتهم الصحية    مصابان وتحطيم محل.. ماذا حدث في سموحة؟| فيديو    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رِدّةَ القرني
نشر في صوت الأمة يوم 12 - 05 - 2019

في أحد البرامج الحوارية التي بثت مؤخراً على إحدى القنوات السعودية، شاهد المواطنون السعوديون أحد رموز ماعرف بحركة الصحوة في ثمانينات القرن الميلادي المنصرم، وهو الدكتور عائض القرني يقدم اعتذاره لمواطني بلده عن تلك المرحلة الجدلية التي كان لها تداعياتها الخطيرة على الساحة الداخلية السعودية، إذ تمخض عنها مقتل المئات من شبابنا المغرر به في أتون حروب أجنبية لم يكن لنا فيها ناقة ولاجمل، بالإضافة لتبني نهج تصادمي مع السلطة أدى لأن تشهد الساحة السعودية جملة من العمليات الإرهابية التي كان لها وقعها المر على قلوب الجميع.

اعتذار القرني الذي نظر إليه التيار الليبرالي في الداخل السعودي باعتباره انتصاراً لقضيته، قد أثار في ذات الوقت حفيظة جيل ما عرف بالصحوة الذين رأوا في فعل القرني هذا رِدّةً على كل ما آمنوا به لعقود، واعتقدوا فيه المخلص للشعب السعودي من براثن الكفر والوقوع في حبائل الشيطان على حد زعمهم، كما إن هذا الاعتذار فيما يبدو لم يكن كافيا لبعض رموز التيارين الليبرالي والعلماني في المملكة الذين تعالت أصوات بعضهم منددين بهذا الاعتذار، الذي جاء متأخرا على حد زعمهم ومطالبين في ذات الوقت بفعل إجرائي آخر من قبل القرني يمثل تقويضاً علنياً لباقي آثار الصحوة، وهذا الأمر في تقديري مرده حالة الاحتقان المزمنة التي ترسبت في نفوس اليمين السعودي لعقود، والتي لن يؤدي الاعتذار بأي حال لمحو آثارها المرة من وجدانهم.

وقد صادف أن كتبت منذ قرابة الستة أعوام مقالاً في صحيفة الشرق السعودية عنونته ب" شيوخ فتاوي الجهادي المضللة ...اعتذروا "، حيث طالبت فيه رموز التيار الصحوي الخمسة بوجوب الاعتذار العلني للشعب السعودي، خاصة أمهات الضحايا الذين قضوا في حروب ماعُرِفَ بالجهاد الأفغاني في ثمانينات القرن الماضي.

ولو تأملنا اعتذار القرني الآن فإنني أجده دالاً على شجاعة أدبية منه وإن جاء متأخراً كثيراً أو حتى لو لم يرضي هذا الاعتذار خصومه من أنصار التيارات الأخرى، أو أغضب مريديه ورفقاءه من الصحويين القدامى الذين رأوا في اعتذاره هذا رِدّةً عن ما آمنوا به لعقود، وتبنوه كمنهج تصحيحي للمسار التديني السعودي الذين كانوا يرونه ضالاً وعلى غير هدى وفقاً لوجهة نظرهم الصحوية الخاصة آنذاك.

كما أن هذا الاعتذار في رأيي هو أمرٌ يحسب له لا عليه، فهو- أي القرني - قد تحمل في شجاعة أدبية أخطاء وكوارث مجايليه من الصحويين، بالإضافة لذنب إصدار العديد من الفتاوي المضللة في حين التزم رفقاءه الصحويين الصمت، ولكون نظرية التاريخ تقول بأن كل ثيولوجيا دينية أو أيديولوجية سياسية كانت أم دينية مسارها للتفكك والانحسار، لتنبني على آثارها أيديولوجية أخرى قد تكون أشد تطرفاً منها وأشد فتكاً بالمكون البنيوي التصالحي للمجتمع، أي بمعنى أن التقويض وإعادة التّوَلُد الفكري هي سنة كونية.

لذا فقد كان السقوط المدوي للصحوة يمثل حتمية لاسبيل لدفعها، خاصة بعد إنقلابها على السلطة السعودية وتبني نهج تصادمي كان يمثل محاولة انقلابية هدفت للإطاحة بكياننا السعودي المسلم المسالم، من أجل إقامة وهمهم المتشكل على فكرة إعادة متتالية الزمن الوجودي إلى فترة ما قبل الأربعة عشر قرنا الماضية، ولقد كان هذا السقوط مدعاة لكي تقوم على انقاضه القاعدة كما كان في ذات الوقت إيذاناً بولادة حركة داعش الإرهابية.

بقي أن أوضح أمراً قد يجهله الكثير، نظراً لكوني كنت أحد شهود تلك المرحلة الحرجة والجدلية من تاريخنا السعودي المعاصر، تحديداً حينما كنت طالباً في السنة النهائية بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع مدينة أبها، و كان القرني حينها محاضراً في ذات الجامعة حين تم تكفيري وآخرين ومن ثم اضطرارنا للخروج من سكن "بدر" الذي كان مأوى لغالبية الطلبة الصحويين، جراء رفضنا متابعة هؤلاء الراديكاليين في نهجهم الصحوي التكفيري المأفون.

إذ إن ما أرغب في إيضاحه، هو أن الكثير من رموز وأتباع تيار الصحوة قد غيروا جلودهم لاحقاً، وهذا الأمر ليس باعثة قناعة منهم بخطأهم التاريخي وبعدم صوابية أيديولوجيتهم الحركية التكفيرية المتطرفة، لكن من باب "التقية" الدينية ليس إلا.

في حين أنه وعلى الجانب الآخر، فإن الكثير من أتباع التيار الليبرالي والعلماني في الداخل السعودي بل وأكثرهم تطرفاً في ليبراليته، قد كانوا في مرحلة ما من صباهم وصدر شبابهم من المغرر بهم من قبل رموز الصحوة، جراء ضعف شخصياتهم وخوائهم الفكري ، وهو ما دفعهم لمتابعة رموز الصحوة في توجهاتهم والسير في ركابهم. إلا إن صدمتهم الفكرية في الصحوة وتبينهم لأهدافها الخفية لاحقاً قد دفعهم لتبني نظرة شوفونية وموقف عدائي من كل ماهو لاهوتي على المطلق.

وختاما ، أجدني أقول بأني لا أهدف من كتابة مقالتي هذه للدعوة لتطبيق "مكارثية"، على مختلف التيارات والمناهج والأيديولوجيات في الداخل السعودي، فالجميع يعلم بأني لم أكن يوماً تحريضيا وإنما كاتب ومفكر توافقي، لكني هدفت للتوعية ليس إلا.

وعليه ومن مكاني هذا فإنني ادعوا كافة الأسر السعودية للحرص ومتابعة الأبناء والبنات كي لايقعوا في براثن التيارات التكفيرية على مختلف أشكالها وأنواعياتها والتي تعد داعش مرحليا إحداها، كما أني أطالب في ذات الوقت المؤسسة التعليمية وكذلك الإعلامية باختلاف أيقوناتها التعبيرية وقبل ذلك المؤسسة الدينية ممثلة بمساجدها ومراكز الوعظ لديها في القيام بأدوارهم المفترضة والمتمثلة في توعية الأجيال بخطر الراديكاليات ونهج الحركيين، سعياً للحيلولة دون وقوع أبناءنا وبناتنا في حبائل التيارات التكفيرية مجدداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.