لم تتوقف قطر عن محاولات بث الفوضى، ونشر العنف في دول قارة أفريقيا، مستغلة هشاشة الوضع الأمني والسياسي لبعض الدول للسيطرة على ثرواتها وتوسيع النفوذ الإخواني بها، فمن الجنوب إلى الشمال تعقد الدوحة صفقات، وتوقع على اتفاقيات كثيرة، والهدف واضح هو استمالة أنظمة هذه الدول من أجل الخضوع لسياستها التي لا تسمن ولا تغني من جوع، في وقت تتحرك فيه الدولة المصرية على جميع الأصعدة من أجل الدفاع عن أفريقيا وحل النزاعات بداخلها. تقارير عديدة سابقة، كشفت عن تحركات قطرية تتضمن دعم للجماعات المتطرفة داخل الدول الأفريقية من أجل إثارة النعرات بها، ورغم محاولات الساسة داخل هذه الدول الانتفاضة ضد تلك التحركات القطرية، إلا أن النظام القطري استمر في عبثه بأمن هذه الدول وهو ما ظهر جليا في التوتر المتصاعد الواقع في منطقة البحيرات العظمى، الواقعة شرقي قارة أفريقيا، حيث تعيش هذه المنطقة في وقتنا الراهن على وقع خلاف دبلوماسي آخذ في التصاعد بين كل من رواندا وأوغندا. واستغلت قطر هشاشة البيئة الإقليمية المضطربة في منطقة البحيرات، لتضخ أموالًا طائلة فيها ليس بغية الاستثمار بل لاستمالة مواقف هذه الدول، حيث كان صندوق قطر السيادي من أول الصناديق التي بادرت بالاستثمار في هذه المنطقة رغم الاضطرابات الأمنية، وهو طرح أسئلة كثيرة حول أهداف ذلك. الأمير القطري والرئيس الرواندي
وفي أوج الأزمة الحالية، أجرى وفد قطري رفيع المستوى، برئاسة عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في 23 مارس الجاري، زيارة رسمية للعاصمة الرواندية كيغالي، كما زار رئيس رواندا بول كاغامي الدوحة، في منتصف نوفمبر الماضي، وعقد مباحثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ويبدو أن أهداف التحركات القطرية في هذا التوقيت، واضحة للعيان، ففي وقت تحاول فيه الدولة المصرية أن تعقد تفاهمات عديدة تمنح المنطقة هدوءًا واستقرارًا بالفترة المقبلة، في ظل استلام مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي، باعتبارها حاضنة للكثير من المبادرات الساعية إلى انفراجة الوضع في مناطق النزاع، يظهر للعلن الدور القطري في خلق بيئة خصبة للأزمات والمشاكل، فبعد أيام قليلة من لقاء نائب وزير الخارجية القطري ونظيره الراوندي إدوارد نيجرينتي، اشتعلت الأوضاع، لينتقل الخلاف الدبلوماسي إلى حد الملاسنات بين الرئيسين، الأوغندي يوري موسفيني، والرواندي بول كاغامي؛ لتبدأ على أثر ذلك مخاوف من انزلاق إقليم البحيرات، إلى نزاع إقليمي واسع النطاق. ويتشدد كل جانب في موقفه، مستمرًا التصعيد الإعلامي المتبادل في توهجه، ما زاد من المخاوف الدولية أن ينتقل الصراع إلى عسكري، حيث تشير الكثير من التقارير الإعلامية أن الطرفين( رواندا وأوغندا) باتا في أهبة الاستعداد لاحتمال وقوع مواجهة بينهما، ولكن برزت الأزمة على السطح بين الجارتين عندما عقد وزير خارجية رواندا، ريتشارد سيزبيرا، مؤتمراً صحفياً أعلن فيه غلق الحدود مع أوغندا، ودعا الروانديين إلى مغادرة الأراضي الأوغندية فوراً، في حين خرجت رواندا، لتؤكد أن جارتها الأوغندية تقديم الدعم لفصيلين معارضين واللذين يسعيان إلى الإطاحة بحكم الرئيس الحالي بول كاغامي.