رغم المشاكل التى تحيط بالأمة العربية والتى يجتمع مجلس وزراء الخارجية العرب لرأب الصدع بين الدول الأعضاء وبعضها إلى أن آخر المشاكل التى تفجرت هذا الاسبوع كانت حول عمليات الاهدار الواسعة للمال العام على رواتب ومكافآت ومصروفات بالعملة الصعبة تذهب لجيوب عدد من كبار موظفى الجامعة الذين تتلخص كل أعمالهم فى مراسم البروتوكول والأمور الشكلية. ولهذا أصدر مجلس وزراء الخارجية العرب فى جلسته المنعقدة يوم 9 مارس «الدورة العادية رقم 143» قرارا بتخفيض مكافأة نهاية الخدمة لتصبح راتب شهر عن كل سنة خدمة بدلا من راتب ثلاثة شهور عن آخر راتب يتقاضاه الموظف فقامت الدنيا ولم تقعد فى الجامعة وهدد الموظفون بالاضراب فكان لابد ل«صوت الأمة» من معرفة حقيقة الأمر وما الذى دار فى الاجتماع بعد ما نشرته بعض الصحف المصرية عن خلافات حادة وترددت أنباء عن توجه سعودى لترشيد الانفاق فى الجامعة. وعلمت من مصادر موثقة ما أذهلنى حيث اكتشفت أن ما يصرف لموظف الجامعة العربية بدرجة مستشار أمين عام خدمة ثلاثين سنة بموجب النظام القديم ما يوازى 574 ألفاً و290 دولاراً «خمسة ملايين جنيه مصرى». أما النظام الجديد الذى أقره وزراء الخارجية العرب بالاجماع سوف تصبح مكافأة نهاية الخدمة 191 ألفا و430 دولارا أى مليون ونصف المليون جنيه هل هذه نعمة تستحق الحمد من هؤلاء الموظفين أما تستحق البلطجة والتظاهر. السفراء العرب فى الدول الخليجية يتقاضون مكافأة نهاية الخدمة من 30 إلى 50 ألف دولار وراتب تقاعدى سدد منه 90٪ طوال حياته أما السفير المصرى يحصل بعد التقاعد على 130 ألف دولار سدد منها بالفعل 103 آلاف دولار. وقد تأكدنا من مصادرنا الموثوق بها أن الهدف مما قامت به المملكة العربية السعودية ليس توفيرا للنفقات ولكن لتتوافق مكافأة نهاية الخدمة مع المنطق والعقل وتأكدنا أيضا أنه ليس هناك أى دولة خليجية هددت بوقف حصتها فى موازنة الجامعة العربية وننشر مع هذا التحقيق مستنداً بجدول الرواتب والعلاوات والبدلات بالدولار لموظفى الأمانة العامة حيث إن الموظف الصغير حديث التخرج ملحق أول.. أول راتب له 3501 دولار أى أكثر من 28 ألف جنيه مصرى فى حين أن راتب الطبيب حديث التخرج لا يتعدى 1000 جنيه أى نحو 120 دولار وليس 3501 دولار وقد علمت أن هناك لجنة قد تم تشكيلها لمراجعة رواتب موظفى جامعة الدول العربية التى بلغت حدود السفه والتبذير، كما تم بحث تقليص عدد بعثات جامعة الدول العربية فى الخارج حيث إن هناك مكاتب أصبح لا داع لوجودها فى ظل وجود سفارات عربية فى 21 دولة وأصبحت هذه المكاتب التى لا تعمل تستنزف ما يقارب من 22 مليون دولار سنويا دون أى مردود إيجابى يعود بالنفع على القضايا العربية. الجامعة العربية تشهد اضطرابات يقوم بها هؤلاء الموظفون بإيعاز من السفير نبيل العربى الأمين العام يتزعم هؤلاء السيد سمير حسن وعبدالحميد حمزة ومعهم ضابط بأمن الجامعة حيث يحثون الموظفون على التظاهر. ورغم أن هذا التوجه لترشيد النفقات، جاء بقرار جماعى إلا أن المتربحين من هذه التكية أرادوها حربا على المنظمة والحكومات، وراحوا يهددون بالويل والثبور وعظائم الامور وإثارة زوبعة تسىء الى الجامعة والدول العربية فى وقت حساس تواجه فيه مزيدا من الازمات السياسية والمالية وتحتاج فيه الى الالتفات بعيدا عن هذا كله والى مزيد من العمل الجدى والتضامن. وأقول للقائمين على عملية المراجعة وترشيد النفقات، امضوا فى طريقكم، واشد على اياديكم، فالتطهير يبدأ من القمة، ولا تتراجعوا أمام حفنة العاملين بالبطالة المقنعة، الذين لا يفيدون القضايا العربية شيئا، ويتساوى انجازهم مع العدم.. ابدأوا ثورة تغيير الوضع العربى من الداخل.. حتى يتغير واقع العرب المؤسف. وللأسف الشديد قد علمنا قبل الطبع مباشرة أن معالى الأمين العام سوف يخاطب بعضا من القادة العرب خطيا لإلغاء هذا القرار