· مصطفي بكري: هناك جهات معينة وضغوط تمارس لتنفيذ ما هو معترض عليه والأجهزة أصبح دورها روتينيا · عبدالعزيز خلف: 37 جهة رقابية علي التغذية والدواء قراراتها متضاربة وكل جهة تتنصل من مسئوليتها الأجهزة الرقابية علي السلع المستوردة من الخارج ما فائدتها.. وما هو الدور الذي تلعبه؟ سؤال فرض نفسه بعد تعدد اكتشاف دخول سلع مستوردة فاسدة إلي السوق المصري مما يعني أنها تخرج من تحت أيدي الرقابة علي أنها سلع سليمة وأن الأجهزة لا تعمل أو لا تعرف طبيعة وظيفتها أو أنها متواطئة مع المستوردين الفاسدين وليذهب الشعب إلي الجحيم . بداية ..صدر القانون رقم 1186 لسنة 2003 لتنظيم إجراءات الرقابة علي السلع المستوردة والذي حدد أن تكون وزارة الصحة مسئولة عن كل ما يتعلق بصحة الإنسان ووزارة الزراعة مسئولة عن كل ما يتعلق بصحة الحيوان والصحة النباتية وتكون الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة هي مظلة للجهات المعنية في الوزارات المختصة المنوط بها الإجراء الرقابي بهدف التنسيق دون أي تدخل في الأمور الفنية التي تدخل في اختصاص كل وزارة والغذاء مسئولية تضامنية للوزارات الثلاث «التجارة والصناعة والصحة والزراعة» وأن هناك لجانا للتظلمات مقرها وزارة التجارة والصناعة بها ممثلون من وزارات الصحة والزراعة والمالية والطاقة النووية والتجارة والصناعة ورئيس اتحاد الغرف التجارية، يستطيع أي مستورد أن يلجأ لها وتنظر لتظلمه من خلال القرارات التي تصدرها الجهات المعنية بالرقابة إلا أن القرار النهائي يكون للوزارة المختصة. كما أن الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات لن تصدر قرارا بالإفراج عن أي شحنة غذائية إلا بموافقة كل الوزارات المعنية. وطبقا للمادة الأولي من القانون رقم 155 لسنة 2002، فإن هناك خمس جهات رقابية تشترك في الرقابة علي الصادرات والواردات وهي المسئولة عن فحص الإشعاع والحجر الزراعي والبيطري والصحي والرقابة علي المصنفات الفنية والمطبوعات. وبالرغم من كل هذه الأجهزة الرقابية فإن الفساد للركب وسنذكر بعض الأمثلة علي سبيل المثال وليس الحصر ولنكشف كيف تؤدي هذه الأجهزة الدور المنوط بها. تم استيراد مليون طن قمح روسي وأوكراني في 54 شاحنة عبر موانئ الإسكندرية والدخيلة ودمياط وبورسعيد لصالح هيئة السلع التموينية من أكتوبر إلي نوفمبر 2008، ذلك القمح الذي يستخدم كعلف حيواني في بلاده، وبناء عليه تقدم أعضاء مجلس الشعب بسبب هذه الكارثة باستجوابات وطلبات إحاطة وصلت ل 104 طلبات وتناول المستجوبون فشل الحكومة في توفير الأمن الغذائي للمواطن المصري. وفي عام 2007 استوردت إحدي الشركات الخاصة 15 ألف طن قمح لصالح هيئة السلع التموينية بالإسكندرية وبعد أن تم اكتشاف أنه قمح فاسد تم التحفظ عليه بشركة الصوامع بميناء الإسكندرية. وفي نفس العام أمر النائب العام بإعدام 12 ألف طن و600 كيلو قمح فاسد مستورد بمبلغ 25 مليون جنيه، بعد أن تلقي اللواء محمد أبوشادي مدير الإدارة العامة لمباحث التموين معلومات سرية تفيد قيام المسئولين عن شونة السلام التابعة للشركة العامة للصوامع والتخزين بحيازة كميات ضخمة من القمح المستورد الفاسد والذي يباع بالهيئة العامة للسلع التموينية. ورصد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات مخالفات في أداء الهيئة العامة للسلع التموينية فيما يخص استيراد القمح من الخارج الذي تم التعاقد عليه في النصف الثاني من عام 2007 حتي يناير 2008 فأكد التقرير الصادر عن إدارة مراقبة حسابات السلع التموينية والغذائية والاستهلاكية بجهاز المحاسبات عدم ورود شهادات بنتائج الفحص النهائي لهيئة الرقابة علي الصادرات والواردات لجميع البواخر التي وصلت في هذه الفترة عدا 3 بواخر فقط. وناقش مجلس الشعب في السنوات الماضية القضية الشهيرة بوجود 170 طنا من اللحوم الفاسدة تم تسريبها للأسواق المصرية وأمرت النيابة بتقييدها ضد مجهول بعد عدم معرفة المستورد. وأخيرا وليس بآخر قضية القمح الروسي الأخيرة التي بلغت 52 ألف طن و501 كيلو قمح فاسد مستورد كان بها حشرات ميتة وحشائش سامة وبالرغم من مرورها عبر الأجهزة الرقابية إلي أنها تم الإفراج عنها.. ولولا تقديم بلاغ في هذه الشحنة لكانت ملأت بطون الشعب المصري. والسؤال هنا بالرغم من وجود كل هذه الأجهزة الرقابية الضخمة وآليات التطبيق المعقدة تجاه كل شحنة.. فكيف تمر كل هذه الأغذية واللحوم والألبان والدواجن الفاسدة عبر هذه الأجهزة مرور الكرام؟! بداية أكد د. عبدالعزيز خلف عضو لجنة الصحة بمجلس الشعب أن هناك 37 جهة رقابية علي التغذية والدواء تكون قراراتها متضاربة لذا طالبنا بإنشاء لجنة عليا للتغذية والدواء مثل لجنةCDA الأمريكية وتكون جهة واحدة للرقابة لأنه في حال حدوث مشكلة تجد كل جهة رقابية تتنصل من المسئولية وهو ما يفقدها دورها الرقابي. وأضاف أن المشكلة الرئيسية أن وزارة الصناعة والتجارة انتزعت اختصاصات وزارة الصحة والزراعة لصالح خدمة المصدرين والموردين ورجال الأعمال لأنها اعتبرت وزارتي الصحة والزراعة حجر عثرة بالنسبة لها. فقامت بغلق المعمل المركزي لوزارة الزراعة الذي كان يقوم بتحليل شحنات القمح والأغذية واللحوم والتحليل يتم في معاملها ووزارة الصناعة والتجارة لايهمها إلا دفع الجمارك والتعامل مع رجال الأعمال. وأضاف النائب مصطفي بكري أن هناك جهات معنية تتدخل في أعمال الرقابة وتُملي عليها قراراتها لتقول لهم «افرجوا عن هذه الشحنة، لا تقولوا لا لهذه الشحنة»، فأصبح دور الرقابة روتينيا غير فعال، مما يؤكد أن كثيرا من الصفقات تخضع لقرارات سياسية. وأن هناك ضغوطا تُمارس لتنفيذ ما هو معترض عليه وأوضح بكري أن صفقة القمح الفاسد الأخيرة أكدت حقيقة ما تقوم به الأجهزة الرقابية، فلولا تدخل النائب العام بقرار تحفظ علي الشحنة لكانت الآن في جوف المصريين. ويقول النائب سعد عبود إنه لو كانت هناك رقابة تؤدي دورها ما كانت السلع تدخل وتخرج غير صالحة للاستهلاك الآدمي وبها حشرات ومواد سامة خاصة أن هيئة الصادرات والواردات تأخذ عينات ووزارة الصحة تأخذ عينات من الموانئ قبل دخول الشحنة ولكنها أجهزة رقابية شكلية، فلا دور للجمارك أو الحجر الصحي أو البيطري، فإن دخلت سلع غير صالحة وخرجت فلابد أن يكون هناك شك في أن هناك مبالغ ضخمة تدفع للتستر علي هذه العمليات!