رغم أنها تحمل اسم دولة كبيرة مساحة، وقيمة، فإن ذلك ليس الشيء اللافت، أو حتى المهم في قرية "الجزائر"، بمحافظة الفيوم، فأمام ما يعانيه أهلها بعد أن استعمر الفقر والإجرام، كل شيء حولهم، لم يعد للاسم، أو حتى الحياة ذاتها، أي معاني تذكر. يعيش أهالي قرية "الجزائر"، في مستعمرة حقيقية للقمامة، التي تجذب عشرات، وربما مئات الملايين من أسراب الذباب التي تغطي كل شيء تقريبا، حتى الأثاث داخل المنازل، وسط عشرات الأطنان من القمامة التي تنتشر أيضا في كل جانب من جوانب القرية. و"الجزائر" بلد الهنجرانية، ومرتع العشرات من الخارجين على القانون، والمعتدين على حقوق وحياة البشر. ويعمل معظم أهالي "جزائر الفيوم"، في مقالب القمامة، لفرز وتخزين المخلفات، والنفايات، وعلى كسارات تدوير البلاستيك، والمعادن؛ لإعادة بيعها. ويعمل في هذه المقالب جميع أطفال القرية تقريبا، إذ إن الأسر المقيمة في هذه القرية لا تلحق أبناءها بالتعليم، وتكتفي بإرسالهم للعمل في مقالب القمامة، مقابل 50 جنيها يوميا. أحد أبناء القرية، ويدعى "محمد"، قال ل"صوت الأمة" إنه اضطر للعمل في هذه المهنة منذ الصغر لغياب فرص إيجاد عمل آخر، خاصة أنه لم يتجاوز المرحلة الابتدائية في التعليم.
وأبدى محمد مخاوفه، من أن يؤدي حديثه معنا إلى انتباه الأمن لهم، ومداهمة منطقة عملهم، وإزالتها، مطالبا بتخصيص أماكن لهم للعمل، أو توفير مهن بديلة، يرتزقون منها. وأتم بالقول: "حاولنا الحصول على معاش التضامن، لكن لم يهتم أحد بإنهاء إجراءاته لنا، وتعلقت آمالنا بأحبال الحكومة الوهمية". وقبل مغادرتنا القرية بلحظات، حضرت إلينا طفلة لا يتعدى عمرها السنوات ال7، وقالت: "أنا بروح المدرسة، وبذاكر عشان أبقى شاطرة، وماشتغلش في الزبالة زي أبويا، وأمي". وتضم قرية الجزائر، مصانع للطوب اليدوي، ويعمل بها عدد قليل من أبناء القرية، مقابل 70 حنيها، إلا أنها لا تستقطب أعدادا كبيرة من العمال؛ نظرا للصعوبة البالغة لهذه المهنة. ويبقى أن نكشف سر تسمية هذه القرية بالجزائر، وهو أن تضاريسها تشمل مرتفعات، ومنخفضات متتالية تجعلها مشابهة للجزر، ومنها جاء هذا الاسم. ويشترك معظم الخارجين على القانون في قرية "الجزائر"، وعدد من القرى المجاورة، في نشاط واحد تقريبا، هو سرقة كابلات الكهرباء، بالإضافة إلى النشل، والسرقة بالإكراه. غياب الخدمات عن هذه القرية، دفع أهلها للاستسلام التام، للفقر، والإجرام، والإرهاب إيضا؛ إذ إن قرية الجزائر، لا تخلو من العناصر المتطرفة، التي تسيطر على الكثير من قرى الفيوم.
أقرأ أيضا:
«صوت الأمة» تواصل كشف المستور بالمحافظات.. قرى الفيوم «تورا بورا» مصر الفيوم.. «تورا بورا» مصر.. «صوت الأمة» في معاقل الإرهاب على ضفاف بحر يوسف (الحلقة 1) الإيقاع بالضحايا يبدأ ب SMS.. قصص وحكايات عصابات الآثار في «كفور النيل» استجابة ل «صوت الأمة».. قوات الأمن تداهم البؤر الصحراوية بين الجيزةوالفيوم تأكيدا ل«صوت الأمة».. محافظ الفيوم يعترف بوجود بعض بؤر التطرف بالمحافظة شاهد الإهمال بمبنى الإداري لمحمية وادي الريان في الفيوم (فيديو) شاهد.. محمية وادي الحيتان بالفيوم أهم مناطق التراث الطبيعي في العالم