يبدو أن روسيا أصبحت مؤهله لتلقى مذيدًا من الضرابات المتتالية من العقوبات التي تفرضها الحكومة الأمريكية بشكل متعاقب على موسكو، حيث لم تكن العقوبات التي فرضها الكونجرس مؤخراً هي الأولي من نوعها، اليوم الأحد. ففي يونيو الماضي، شرعت شركة «دايملر»، وهي شركة صناعة سيارات ألمانية، في تدشين مصنع مرسيدس- بنز الجديد شمال غرب موسكو، حيث قال «ماركوس شافر»، عضو مجلس الإدارة فى مراسم الاحتفال، أن الشركة واثقة من امكانيات روسيا على المدى الطويل، وكان المصنع الذي تبلغ قيمته 250 مليون يورو (296 مليون دولار) أول استثمار من قبل صانع سيارات غربي منذ فرضت أمريكا والاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا، كعقوبة على عدوانها في أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.
وجاءت العقوبات الأولى، ردًا على الاستيلاء على شبه جزيرة القرم في مارس 2014، واستهدفت الأفراد حظر السفر وتجميد الأصول، وفي يوليو من ذلك العام، في أعقاب اندالع الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا، اتبعت «الجزاءات القطاعية»، مما أدى إلى تقييد الائتمان أمام مجموعة من شركات الطاقة والبنوك الروسية والبنوك. وتمت معايرة التدابير لتجنب هز الأسواق العالمية وكسب الدعم من الاتحاد الأوروبي، الذي فرض عقوبات من تلقاء نفسها. وقال مسؤول أمريكي سابق: «لم يكن الهدف من ذلك هو تقليص الاقتصاد الروسي». بعد انهيار سعر النفط في أواخر عام 2014، واجه الاقتصاد الروسي أزمة، فالعقوبات جعلت الأمور أسوأ وأدت أزمة الائتمان إلى تراجع الحكومة في الاحيتاطيات لإنقاذ البنوك والشركات، حيث جعل عدم يقين الأجانب حذرا فى التعامل مع أي شخص في روسيا، وليس فقط تلك الموجودة على القوائم، وقال ناتاليا أورلوفا، كبير الاقتصاديين في بنك ألفا-بنك، أكبر بنك روسي خاص، إن هذه «العقوبات الصامتة»، أدت إلى تبريد مناخ الأعمال، وانخفض الاستثمار الأجنبي المباشر من 69 مليار دولار في عام 2013 إلى 6.8 مليار دولار فقط في عام 2015. واستولى المسؤولون الأمريكيون على ذلك كدليل على أن الجزاءات تعمل، وقال الرئيس باراك أوباما في يناير 2015 روسيا معزولة مع اقتصادها، وفي الوقت الذي شعر فيه القادة الغربيون بالقلق من أن روسيا قد تدفع أعمق إلى أوكرانيا، ويدعي مؤيدو الجزاءات أنهم ساعدوا على منع ذلك، وهو ما يدعم توقيع اتفاقات مينسك للسلام في فبراير 2015.
ومع ذلك، فإن العقوبات لم تغير استراتيجية بوتين وتواصل روسيا دعم الجمهوريات الانفصالية في أوكرانيا، وأصبح ضم القرم أمرا واقعًا، يقول إيفلين فاركاس، الشخص السابق في روسيا في نقطة البنتاغون: «الحقيقة الصادقة هي أن العقوبات لم تغير سياساتها بعد، ذهبت روسيا للتدخل في سوريا، وفي عام 2016، التدخل في انتخابات أمريكا». واستخدمت الحكومة العقوبات لإلقاء اللوم على الانكماش الاقتصادي على الأجانب، يعتبر خفض العقوبات المفروضة على بوتين من الأسواق العالمية، جعلها عن غير قصد أكثر اعتمادًا على الكرملين، وأصبحت الجزاءات هدفًا للسخرية العامة. وحذر مسؤولو خزانة الولاياتالمتحدة الشركات الأمريكية من حضور المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبرج، ما يعادل روسيا من دافوس، وبحلول عام 2016 عاد العديد من المديرين التنفيذيين، وقد وضعت روسيا بنجاح سندات «يوروبوند» سيادية بقيمة 1.25 مليار دولار في سبتمبر 2016، حيث اشترى الأمريكيون أكثر من نصفهم. وتقدر الأممالمتحدة أن 280 مشروعًا استثماريًا جديدًا في روسيا في عام 2016، أي أقل من ذروة السنوات العشر من 596 التي أعلنت في عام 2008، ولكن تحسنا على نظير 194 في عام 2014. وقد تسمح العقوبات الجديدة بإيقاف المستثمرين الأجانب، والذي يقلق الكرملين، كما يتطلع بوتين نحو ولايته الرابعة «ومن المتوقع أن يفوز في انتخابات العام المقبل)، الروس أكثر اهتماما بمحافظهم مع شبه جزيرة القرم، ومن المتوقع أن يكون النمو هذا العام 2٪ أو أقل، وبالنسبة للنخبة، فإن احتمال الركود طويل الأمد والمواجهة التي لا نهاية لها مع الغرب يثير تساؤلات حول اتجاه البلاد.