«أكبر لغزين في الحياة هما قطعًا الموت والحبّ، كلاهما ضربة قدر صاعقة، ذلك أنّ لا أحد يدري لماذا يأتي الموت في هذا المكان دون غيره، ليأخذ هذا الشخص دون سواه، بهذه الطريقة لا بأخرى، ولا لماذا نقع في حبّ شخص بالذات، لماذا هو؟ لماذا نحن؟ لماذا هنا؟ لماذا الآن؟، لا أحد عاد من الموت ليخبرنا ماذا بعد الموت، لكن الذين عادوا من الحبّ الكبير ناجين أو مدمّرين، في إمكانهم أن يقصّوا علينا عجائبه، ويصفوا لنا سحره وأهواله، وأن ينبّهونا إلى مخاطره ومصائبه، لوجه الله، أو لوجه الأدب»، هذه الكلمات التأملية وردت في إحدى كتب «أحلام المستغانمي»، التي يصادف اليوم الذكري ال(64) لميلادها. «أحلام المستغانمي» تعد من أشهر الكتاب الجزائريين والعرب حيث تباع كتبها بمئات الآلاف وقد حققت أفضل المبيعات طوال سنوات بلبنان والأردن وسوريا وتونس والإمارات العربية المتحدة. وأعلنت مجلة «سيدتي» الشهيرة عن قائمة النساء المميزات لسنة 2014، حيث ضمت ثلاثين سيدة عربية، كانت هي رأس القائمة. كما تعد «المستغانمي» أول امرأة تنشر مجموعة أدبية باللغة العربية في الجزائر، كما ساهمت الكاتبة في إثراء الأدب العربي بأعمال عاطفية وشعرية، وشاركت في توعية القراء بمواضيع متنوعة مثل الفساد والظلم ومناصرة حقوق المرأة، وتعتبر من أكثر النساء شهرة في المشهد الجماهيري، ونالت جائزة نجيب محفوظ عام 1998، ودرع بيروت عام 2008.
اختارتها منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو»، «المستغانمي» لتصبح «فنانة اليونسكو من أجل السلام» لمدة سنتين، باعتبارها إحدى الكاتبات العربيات الأكثر تأثيرًا، ومؤلفاتها من بين الأعمال الأكثر رواجًا في العالم.
ولها خمسة أعمال حققت مبيعات كبيرة وهي: «ذاكرة جسد، وفوضى الحواس، وعابر سرير، ونسيان، والأسود يليق بك».
قال الشاعر الكبير نزار قباني عن كتابها «ذاكرة الجسد»: «دوختني، وأنا نادراً ما أدوخ أمام رواية من الروايات، وسبب الدوخة أن النص الذي قرأته يشبهني إلى درجة التطابق فهو مجنون ومتوتر واقتحامي ومتوحش وإنساني وشهواني وخارج على القانون مثلي. ولو ان أحدا طلب مني أن أوقع اسمي تحت هذه الرواية الاستثنائية المغتسلة بأمطار الشعر.. لما ترددت لحظة واحدة».
ويتابع نزار قباني: «هل كانت في روايتها (تكتبني) دون أن تدري لقد كانت مثلي تهجم على الورقة البيضاء بجمالية لا حد لها وشراسة لا حد لها.. وجنون لا حد له.. الرواية قصيدة مكتوبة على كل البحور بحر الحب وبحر الجنس وبحر الايدولوجيا وبحر الثورة الجزائرية بمناضليها، ومرتزقيها وأبطالها وقاتليها وسارقيها، هذه الرواية لا تختصر (ذاكرة الجسد) فحسب ولكنها تختصر تاريخ الوجع الجزائري والحزن الجزائري والجاهلية الجزائرية التي آن لها أن تنتهي».
يذكر أن «مستغانمى» ولدت في 13 إبريل عام 1953م، كان والدها محمد الشريف مشاركا في الثورة الجزائرية، عرف السجون الفرنسية بسبب مشاركته في مظاهرات (8 مايو 1945)، وبعد أن أطلق سراحه سنة 1947 كان قد فقد عمله بالبلدية.